< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التوریة

و منها: [1] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ[2] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِيِّ[3] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَ لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ». قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَحْلَفَهُ السُّلْطَانُ بِالطَّلَاقِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَحَلَفَ؟ قَالَ: «لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ» وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يَخَافُ عَلَى مَالِهِ مِنَ السُّلْطَانِ فَيَحْلِفُ لِيَنْجُوَ بِهِ مِنْهُ؟ قَالَ(ص): «لَا جُنَاحَ» عَلَيْهِ وَ سَأَلْتُهُ هَلْ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى مَالِ أَخِيهِ كَمَا عَلَى مَالِهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». [4]

و منها: قَالَ الصَّادِقُ (ع):«الْيَمِينُ عَلَى وَجْهَيْنِ ... فَأَمَّا الَّتِي يُؤْجَرُ عَلَيْهَا الرَّجُلُ إِذَا حَلَف‌ كَاذِباً وَ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ فِي خَلَاصِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَوْ خَلَاصِ مَالِهِ مِنْ مُتَعَدٍّ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ مِنْ لِصٍّ أَوْ غَيْرِهِ ...» [5]

إستدلّ الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله) بهذه الروایات الثلاث لجواز الکذب في المقام. [6]

أقول: الاستدلال بالروایات الصحیحة- سنداً و دلالةً- متین جدّاً و لو وجبت التوریة فکان علی الإمام (ع) بیانه و إلّا یلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة.

الإشکال الثاني

هذا الوجه ضعيف؛ فإنّه لو صدق الإكراه على الكذب مع القدرة على التفصّي بالتورية أو بذكر الألفاظ بلا قصد للمعنى، شمله حديث رفع الإكراه و لم يبق لهذا الوجه مجال و لو لم يصدق الإكراه، فلم يشمل حديث رفع الإكراه، كانت إطلاقات حرمة الكذب محكّمة بلا حاجة إلى هذا الوجه‌. [7]

أقول: الظاهر أنّه یصدق الإکراه علی الکذب حتّی مع التمکّن من التوریة عرفاً. و هکذا في موارد تحقّق الاضطرار، بل في موارد وجود المصلحة المهمّة؛ مثل: خلاص ماله أو مال امرء مسلم و لو لم یکن إکراه أو اضطرار في البین. و الجمع بین الروایات یقتضي الحکم برجحان التوریة لو علمها و لا دلیل علی وجوبها.

الإشکال الثالث

إنّ المرجع في تحقّق الاضطرار إلى الكذب هو العرف و هو يحكم بثبوت الاضطرار مطلقاً حتّى مع القدرة على التورية؛ لفرض تحقّق الاضطرار إلى عنوان الكذب من حيث هو و الشكّ في وجوب التورية عليه حينئذٍ يكفي في عدم الوجوب. نعم لو أمكن التفصّي بغير التورية، فالظاهر عدم صدق الاضطرار إلى الكذب حينئذٍ عرفاً، فيكون المقام كالإكراه في البيع (مثلاً) بحسب الأنظار العرفيّة و إن أمكن الفرق بينهما بالدقّة العقليّة و لكنّها ليست مناط الأحكام، كما هو معلوم. [8]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الثاني: القاعدة العقلیّة

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «إنّ قبح الكذب عقلي، فلا يسوغ إلّا مع تحقّق عنوان حسن في ضمنه يغلب حسنه على قبحه و يتوقّف تحقّقه[9] على تحقّقه[10] و لا يكون التوقّف[11] إلّا مع العجز عن التورية»‌. [12]

أقول: إنّ قبح الکذب لیس من المستقلّات العقلیّة؛ مثل: قبح الظلم و حسن العدل، بل له اقتضاء القبح. و لذا یتغیّر بعروض المصالح و المفاسد، بخلاف الظلم و العدل. و لعلّ مقصوده قبحه في حدّ نفسه مع قطع النظر عن عروض المصالح و المفاسد، فالتعبیر غیر وجیه.

 


[1] محمّد بن یحیی العطّار: إماميّ ثقة.
[2] أحمد بن محمّد بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة.
[3] إماميّ ثقة.
[5] . من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص366. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة).
[9] عنوان الحسن.
[10] الکذب.
[11] توقّف حسن الکذب علی تحقّق العنوان الحسن.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo