< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

41/06/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المکاسب المحرمه/القیافة /حکم القیافة تکلیفاً

 

و منها: [[1] بِإِسْنَادِهِ[2] ] رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ[3] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ[4] (ع) قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(ع) يَقُولُ: «لَاآخُذُ بِقَوْلِ عَرَّافٍ وَ لَا قَائِفٍ وَ لَا لِصٍّ وَ لاأقْبَلُ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ»[5] .

إستدلّ بها بعض الفقهاء[6] [7] .

أقول، أوّلاً: أنّ لفظة «لانأخذ» أو «لاآخذ» لاتدلّ عل الحرمة؛ بل ظاهرة في الکراهة فقط.

و ثانیاً: ظاهرة في کراهة الأخذ بقولهم أو حرمة الأخذ مع ترتیب الأثر بقولهم، لا مجرّد الرجوع إلیهم أو سماع کلماتهم.

و ثالثاً: ظاهرها عدم حجیّة قولهم ـ مثل قول الفاسق ـ لا حرمة الرجوع إلیهم و سماع کلماتهم بدون ترتیب الأثر.

قال بعض الفقهاء: «دلالة هذه [الرواية] على الحرمة - لو صحّ إسنادها - منصرفة إلى ما إذا رتّب عليها الأثر المخالف لمقتضى القواعد»[8] .

الإشکالان علی الاستدلال بالروایتینالإشکال الأوّل

و إن كان المنهيّ فيها[9] إتيان القائف و الأخذ بقوله، إلّا أنّ المعلوم في الخارج أنّه لا وجه لحرمة إتيانه و الأخذ بقوله إلّا حرمة نفس القيافة، كما لا وجه لحرمة استماع الغناء و الغيبة إلّا حرمة نفس الغناء و الغيبة. فالاستدلال بتلك الأخبار أدلّ على خلاف المدّعى منه على المدّعى[10] .

أقول: لا دلیل علی حرمة استماع قول القائف؛ فإنّ الأخذ بقوله ظاهر في ترتیب الأثر ـ مثل استماع قول الفاسق ـ حیث لا حرمة فیه إلّا من حیث ترتیب آثار الحجّیّة، مع ترتیب الأثر الفقهي؛ فالقیاس مع الفارق.

الإشکال الثاني

سلّمنا عدم دلالة النهي عن إتيانه و الأخذ بقوله على حرمته نفساً، إلّا أنّ إطلاق معقد سائر النواهي و الإجماع كافٍ في حرمته النفسيّة؛ مضافاً إلى الظاهر [ظاهر] سياقها و عدّها في عداد المكاسب المحرّمة نفساً لا غيراً؛ كالكهانة و القمار و الغيبة و الكذب[11] .

أقول: فهذه الروایة الثانیة لاتدلّ علی الحرمة أصلاً. و أمّا سائر الأدلّة، فسیأتي البحث عنها.

أقول: في قوله(ع) «لاآخذ بقول عرّاف و لا قائف» احتمالان:

الاحتمال الأوّل: أنّ العرّاف و القائف لاتقبل شهادتهما، لفسقهما. و قوله(ع): «لاأقبل شهادة الفاسق إلّا علی نفسه» من باب ذکر العامّ بعد الخاص. فعلی هذا الاحتمال تستفاد من الروایة حرمة فعل القائف و یمکن أن تستفاد بالملازمة حرمة الرجوع إلی القائف؛ لأنّ الرجوع إلیه تشویق إلی الحرام و موجب للفسق.

الاحتمال الثاني: لایقبل قول العرّاف و القائف، لعدم اعتبار کلامهما و عدم ترتّب الأثر علی کلامهما. فعلی الاحتمال الثاني لاتدلّ الروایة علی حرمة القیافة و تدلّ علی عدم حجّیّة قول القائف في القیافة فقط و لکن یقبل قوله في أمور أخری إن کان عادلاً.

فلاتدلّ الروایة علی حرمة القیافة؛ لأنّه إذا جاء الاحتمال، بطل الاستدلال.

 

و منها:[12] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[13] عَنْ أَبِيهِ[14] و عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ[15] جَمِيعاً عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ الصَّيْرَفِيِ[16] [17] [18] ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ جَعْفَرٍ[19] يُحَدِّثُ الْحَسَنَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ نَصَرَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا(ع)، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: إِي و اللَّهِ، جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ بَغَى عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: إِي و اللَّهِ و نَحْنُ عُمُومَتُهُ[20] بَغَيْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ صَنَعْتُمْ، فَإِنِّي لم‌أَحْضُرْكُمْ؟ قَالَ: قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ[21] و نَحْنُ أَيْضاً: مَا كَانَ فِينَا إِمَامٌ قَطُّ حَائِلَ[22] [23] [24] اللَّوْنِ. فَقَالَ لَهُمُ الرِّضَا(ع): «هُوَ ابْنِي». قَالُوا: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) قَدْ قَضى بِالْقَافَةِ، فَبَيْنَنَا و بَيْنَكَ الْقَافَةُ. قَالَ: «ابْعَثُوا أَنْتُمْ إِلَيْهِمْ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا[25] و لَاتُعْلِمُوهُمْ لِمَا دَعَوْتُمُوهُمْ[26] و لْتَكُونُوا فِي بُيُوتِكُمْ[27] . فَلَمَّا جَاءُوا أَقْعَدُونَا فِي الْبُسْتَانِ[28] وَ اصْطَفَّ[29] عُمُومَتُهُ وَ إِخْوَتُهُ وَ أَخَوَاتُهُ وَ أَخَذُوا الرِّضَا(ع) وَ أَلْبَسُوهُ جُبَّةَ صُوفٍ وَ قَلَنْسُوَةً مِنْهَا وَ وَضَعُوا عَلَى عُنُقِهِ مِسْحَاةً[30] وَ قَالُوا لَهُ ادْخُلِ الْبُسْتَانَ كَأَنَّكَ تَعْمَلُ فِيهِ؛ ثُمَّ جَاءُوا بِأَبِي جَعْفَرٍ(ع) فَقَالُوا[31] أَلْحِقُوا هَذَا الْغُلَامَ بِأَبِيهِ؛ فَقَالُوا لَيْسَ لَهُ هَاهُنَا أَبٌ وَ لَكِنَّ هَذَا عَمُّ أَبِيهِ وَ هَذَا عَمُّ أَبِيهِ وَ هَذَا عَمُّهُ وَ هَذِهِ عَمَّتُهُ وَ إِنْ يَكُنْ لَهُ هَاهُنَا أَبٌ فَهُوَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ فَإِنَّ قَدَمَيْهِ وَ قَدَمَيْهِ وَاحِدَةٌ؛ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو الْحَسَنِ(ع) قَالُوا: هَذَا أَبُوهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: فَقُمْتُ فَمَصَصْتُ[32] رِيقَ[33] أَبِي جَعْفَرٍ(ع) ثُمَّ قُلْتُ لَهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامِي عِنْدَ اللَّهِ ...»[34] .

إستشهد بها بعض الفقهاء[35] [36] .

 


[1] . محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي: إماميّ ثقة.
[2] . أبي(ره) [عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي: إماميّ ثقة] عن سعد بن عبد الله [القمّي: إماميّ ثقة] عن إبراهيم بن هاشم [القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عن عبد الرحمن بن أبي نجران [إماميّ ثقة] عن عاصم بن حميد [الحنّاط: إماميّ ثقة].
[3] . محمّد بن قيس أبو عبد الله البجلي: إماميّ ثقة.
[4] . الإمام الباقر(ع).
[5] . من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص50. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[9] . الروایة الثانیة.
[10] . التعليقة على المكاسب، اللاری، عبد الحسین، ج1، ص191 (التلخیص).
[11] . التعليقة على المكاسب، اللاری، عبد الحسین، ج1، ص191 - 192.
[12] . محمّد بن یعقوب الکلیني: إماميّ ثقة.
[13] . عليّ بن إبراهیم بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة.
[14] . إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[15] . عليّ بن محمّد بن شیرة القاساني.: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً
[16] . مهمل.
[17] و قال المازندراني في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص194.: فى بعض النسخ المصرىّ و الرجل مجهول الحال.
[18] في مرآة العقول، العلامة المجلسي، ج3، ص378. الحديث الرابع عشر: مجهول.
[19] . العریضي: إماميّ ثقة. هو ابن الإمام الصادق(ع) و عمّ الإمام الجواد(ع) و الذي عنده روايات كثيرة في الفقه.
[20] . قال المجلسيّ(ره) في مرآة العقول، العلامة المجلسي، ج3، ص379.: «نحن عمومته» لعلّه أدخل نفسه؛ لأنّه كان بينهم، لا أنّه كان شريكاً في هذا القول.
[21] . في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص194. الضميران راجعان إلى الإمام الرضا(ع) .
[22] . في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص194.: «كلّ حائل متغيّر، سمّى به؛ لأنّه يحول من حال إلى حال. و المقصود أنّ لونه ليس مثل لونك و لون آبائك الطاهرين؛ لأنّ لونه(ع) كان أسمر. و كان غرضهم من ذلك سلب نسبه(ع) لسلب إمامته؛ طمعاً فيها - نعوذ باللّه من ذلك».
[23] و في مرآة العقول، العلامة المجلسي، ج3، ص379.: «الحائل: المتغيّر، إشارة إلى سمرته [قهوه‌ای](ع)».
[24] کأنّ لون أبي جعفر(ع) مائلاً إلی السواد؛ إذ کانت أمّه حبشیّةً. راجع: الوافي، الفيض الكاشاني، ج2، ص380.
[25] . قال المجلسيّ(ره) في مرآة العقول، العلامة المجلسي، ج3، ص380. : قال: «إبعثوا أنتم إليه، فأمّا أنا فلا» أي فلاأبعث، إنّما قال ذلك؛ لعدم اعتقاده بقول القافة؛ لابتناء قولهم على الظنّ و الاستنباط بالعلامات و المشابهات التي يتطرّق إليها الغلط و لكنّ الخصوم لمّا اعتقدوا به، ألزمهم بما اعتقدوه.
[26] . في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص196.: أمرهم بذلك؛ لأنّه أدخل لقبولهم قول القائف و أبعد عن تطرّق التهمة و دخول الشبهة عليهم.
[27] . في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص196.: أمرهم بذلك ليحصل له الشهود بقول القائف، لسماع جميعهم قوله.
[28] . في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص196.: الظاهر أنّ هذا من كلام الرضا(ع) و إن أقعدونا على صيغة الأمر و أنّ الخطاب للعمومة و الإخوة و إنّما أمرهم به ليظهر للقافة أنّه(ع) من عبيدهم و خدمهم ليبعد احتمال إلحاق الولد به و يكمل الحجّة عليهم بعده.
[29] . أي: به صف ایستادند.
[30] . أي: بیل.
[31] . في شرح الكافي، المازندراني، الملا صالح‌، ج6، ص196.: ضمير قالوا راجع إلى الإخوة و الأخوات و العمومة.
[32] . أي: مکیدم.
[33] . أي: آب دهان.
[34] . الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج1، ص322. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود زكريّا بن يحيى بن النعمان الصيرفيّ في سندها و هو مهمل).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo