< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

41/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المکاسب المحرمه/القیافه /حکم القیافة تکلیفاً

 

المقام الثاني: حکم القیافة تکلیفاً.

إختلف الفقهاء في حکم القیافة؛ فذهب بعض إلی حرمتها مطلقاً و ذهب بعض آخر إلی حرمتها إذا ترتّب علیها حرام و ذهب بعض إلی حرمتها إذا رتّب عليه محرّماً أو جزم بها و ذهب بعض آخر إلی حرمتها إلّا في الضرورة و بعض الفقهاء قائل بترك القیافة مطلقاً علی الأحوط الاستحبابيّ و بعض الفقهاء قائل بترك القیافة مطلقاً علی الأحوط الوجوبي.

هنا أقوال:

القول الأوّل: حرمة القیافة مطلقاً[1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] .

أقول: لا دلیل علی حرمة القیافة إذا لم‌یترتّب علیها حرام و سیأتي وجوه لایصحّ الاستدلال بها و إن کانت مؤیّدات.

تنبیه

لایخفی عليك أنّ مراد القائلین بالقول الأوّل هو کون حرمة القیافة نفسیّةً، لا غیریّةً؛ کما صرّح بعضهم بالحرمة النفسیّة[19] .

أقول: المناسب هو عدم شرعیّة القیافة و ذلك لما يلي:

الوجه الأوّل: قاعدة الفراش، حيث ورد عن النبيّ(ص) أنّه قال: «الولد للفراش و للعاهر الحجر»[20] و هذه قاعدة مسلّمة سنداً و واضحة دلالةً و ألفاظها تدلّ على أنّها صادرة من معدن العصمة و الطهارة.

و هذه القاعدة تدلّ على أنّه في حالة الشكّ ينتسب الولد دائماً للفراش؛ فإذا حصل زنا و شككنا أنّ الولد للزاني أو للزوج، فنقول هو لصاحب الفراش و هو الزوج، اللهمّ إلّا أن يحصل يقين بخلاف ذلك و لكن هذه قضيّة ثانية، أمّا هذه القاعدة فهي واردة في مورد الشك، فإنّ هذا هو مدلولها المطابقيّ و هي بالالتزام تدلّ على عدم شرعيّة ما سوى ذلك، إلّا أن يقوم دليل، فيصير مخصّصاً لقاعدة الفراش.

فقاعدة الفراش بمدلولها المطابقيّ تلحق الولد المشكوك بصاحب الفراش و بالالتزام تدلّ على نفي شرعيّة ما سوى ذلك. و من جملة ما سوى ذلك القيافة.

الوجه الثاني: اللعان[21] ، فنحن قرأنا في الفقه أنّه إذا قال الزوج إنّ هذا الولد ليس لي، ففي مثل هذه الحالة يبقى الولد ملحقاً به، إلّا أن يلاعن زوجته؛ فإذا لاعنها يدرأ بذلك الحدّ عن نفسه و ينتفي الولد عنه. هذا ما نستفيده من دليل تشريع اللعان بالدلالة المطابقة. و بالدلالة الالتزاميّة نستفيد أنّ ما سوى ذلك لايمكن الاستناد إليه، فلايمكن من خلاله نفي الولد. و من جملة ما سوى ذلك هو القيافة؛ فإذا كانت قواعد القافة تقول إنّ هذا الولد ليس لك فسوف ترفض مقالتهم و هذا مدلول التزاميّ لدليل تشريع اللعان.

الوجه الثالث: الآيات الناهية عن اتّباع الظن، فإنّها تدلّ على أنّ الظنّ ليس بحجّة، فالأدلّة الناهية عن اتّباع الظنّ هي إرشاد إلى عدم حجّيّة الظن. و من الواضح أنّ قواعد القافة و قولهم أقصى ما يورث لنا الظنّ دون اليقين. و معه فلايكون ذلك حجّةً بمقتضى هذه الآيات الناهية عن اتّباع الظن.

هذه وجوه ثلاثة يمكن التمسّك بها لنفي شرعيّة القيافة، إلّا أن یدلّ دلیل بالخصوص علی شرعیّتها.

 


[17] التعليقة على المكاسب، اللاری، عبد الحسین، ج1، ص190 - 192.
[18] التعليقة على المكاسب، اللاری، عبد الحسین، ج1، ص190 - 192.
[19] . التعليقة على المكاسب، اللاری، عبد الحسین، ج1، ص191 - 192.
[20] . الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص491.: أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ [أحمد بن إدریس القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ [القمّي: إماميّ ثقة] وَ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ [الکوفي: واقفيّ ثقة] عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ [الحسن بن محمّد بن سماعة: واقفيّ ثقة] جَمِيعاً عَنْ صَفْوَانَ [صفوان بن يحيى البجلي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ [السمّان: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: ... لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّه(ص) ... . (هذه الروایة مسندة و موثّقة).
[21] . اللعن في اللغة السبّ و الطرد و اللعان مصدر باب المفاعلة يقال لاعنه لعاناً، لعن كلّ واحد منهما صاحبه و في المجمع [مجمع البحرين، الطريحي النجفي، فخر الدين، ج4، ص125.] و اللعان في اللغة الطرد و البعد و شرعاً المباهلة بين الزوجين في إزاحة حدّ أو ولد بلفظ مخصوص انتهى. و كيف كان، فاللعان في مصطلح الفقهاء عبارة عن تلاعن الزوجين بألفاظ خاصّة. و مورد ذلك ما إذا رمى الرجل زوجته بالزنا أو نفى عنه من ولد في فراشه، مع إمكان لحوقه به. و لابدّ أن يكون ذلك عن علم به و إلّا حرم الرمي و النفي. و مع العلم جاز له إسقاط حدّ القذف عن نفسه، أو إثبات عدم كون الولد منه باللعان. و قد ذكر الأصحاب في بيان شروطه و أحكامه أموراً؛ نظير: أنّه يشترط في لعان الرمي بالزنا، دعوى المشاهدة و عدم وجود البيّنة له و كون الزوجة دائمةً مدخولاً بها، غير مشهورة بالزنا و كونها سليمةً عن الصمّ و الخرس؛ فلا لعان مع عدم المشاهدة و مع وجود البيّنة و مع كونها منقطعةً - على اختلاف فيها - و مع كونها غير مدخول بها، أو مشهورةً بالزنا، أو كونها صمّاءً أو خرساءً؛ فيترتّب عليه حينئذٍ حكم القذف. و يشترط في لعان نفي الولد كون الزوجة دائمةً و لحوقه به من جهة الدخول و نحوه. و مضيّ ستّة أشهر من زمان الدخول و عدم مضيّ أقصى الحمل من ذلك. و يشترط أيضاً وقوع اللعان عند الحاكم و بتلقينه ألفاظ اللعان. و طريق ذلك: أنّه يبدأ الرجل بعد رميها بالزنا أو نفي ولدها، فيقول أشهد باللّه أنّي لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها، يقول ذلك أربع مرّات، ثمّ يقول مرّةً واحدةً: لعنة اللّه عليّ إن كنت من الكاذبين، ثمّ تقول المرأة بعد ذلك أربع مرّات: أشهد باللّه أنّه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد، ثمّ تقول مرّةً واحدةً أنّ غضب اللّه عليّ إن كان من الصادقين و لو لم‌يتمكّنا من التلفّظ بالعربّية لقّنهما الحاكم ترجمتها بغير العربيّة. ثمّ إنّ الشارع جعل اللعان طريقاً قاطعاً للزوج فيما قد يتّفق له من علمه بالحال و عدم تمكّنه من إقامة الشهود العدول و عدم قدرته على الإظهار خوفاً من حدّ القذف.و أمّا ما يترتّب عليه بعد تحقّقه بشروطه، فهو أحكام أربعة. الأوّل: إنفساخ عقد النكاح و حصول الفرقة بينهما، كالطلاق. الثاني: حدوث الحرمة الأبديّة بينهما، فلاتحلّ له أبداً. الثالث: سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه و سقوط حدّ الزنا عن الزوجة بلعانها. و لو اتّفق أنّها أبت عن اللعان، ثبت حدّ الزنا عليها؛ لأنّ لعان الرجل بمنزلة بيّنته. الرابع: إنتفاء الولد عن الرجل إذا كان اللعان على نفيه، دون المرأة، فهو لاينتسب بالأب و لا بأرحامه و لا توارث بينه و بينهم و لايترتّب سائر آثار القرابة أيضاً و ينتسب بالأمّ و أرحامها و يترتّب بينه و بينهم آثار الرحم، فهو كمن ولد من غير أب. راجع: مصطلحات الفقه، المشكيني، الشيخ علي، ج1، ص558.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo