< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ النجش/ تعریف النجش

تتمّة

قال الشيخ المامقانيّ(رحمه الله): «الزيادة على القيمة اللائقة بالمبيع من الناجش يتصوّر على وجهين، أحدهما: أن يكون ذلك في بيع من يزيد. و ثانيهما: أن يكون ذلك في غيره بأن يساوم الناجش البائع في السلعة بأزيد من قيمتها بمرأى من الطالب لها ليغرّه فيوقعه في شرائها و يستفاد الشمول للقسمين ممّا ذكرناه من تعاريف أهل اللغة».[1]

أقول: النجش یأتي في المعاوضات و غیرها، مثل النکاح و غیره؛ فلا بدّ من تعریف عامّ شامل للجمیع، کما یستفاد من کتب اللغة، مثل لسان العرب و المصباح المنیر و غیرهما بحیث یشمل المزایدات و المناقصات و المزارعة و المساقاة و المضاربة و أمثالها بأنواعها و حتّی النکاح و أمثاله من الأمور التي في الفضاء المجازيّ من المدائح الکاذبة للمعاوضات أو غیرها التي تحصل فیها الخدعة أو الإضرار أو الإغراء بالجهل أو الکذب أو مدح ما یستحقّ الذم، فإنّ فعل الناجش و سکوت المنجوش له حرام و ما یؤخذ بإزائه حرام مع التوافق و عدمه و الحرمة للقابض و المعطي. و الدلیل علی ذلك ما سیأتي من الأدلّة العقلیّة و النقلیّة.

التعريف الثاني

قال ابن جنید الإسکافيّ(رحمه الله): «هو أن يزيد لزيادة من واطأه البائع».[2] [3] [4]

و قال العلاّمة الحلّيّ(رحمه الله): «أن يزيد الرجل في ثمن سلعة لا يريد شراءها ليقتدي به المشترون بمواطاة البائع».[5]

قال الشیخ الأنصاريّ(رحمه الله): «الظاهر أنّ المراد بزيادة الناجش مؤاطاة البائع المنجوش له»‌.[6]

قال الشيخ المامقانيّ(رحمه الله): «لمّا كان التفسير الذي حكاه عن الصدوق النجش غير مشتمل على المواطاة و كان ذلك التفسير بإطلاقه غير صالح لتوجيه الحديث المشتمل على لعن المنجوش له؛ فلذلك فسّره بالمعنى المقيّد الذي يلزمه صحّة لعن المنجوش له و هو الزيادة مع مواطاة المنجوش له‌».[7]

و قال المحقّق الإيروانيّ(رحمه الله): «قوله[8] (قدس سره) (و هو لا يريد شراءها)‌ يحتمل أن يكون المراد عدم إرادة الشراء أصلاً بحيث لو لم يزد عليه أحد تخلّص عن ذلك بالمواطاة الحاصلة بينه و بين المالك أو بغير ذلك من الحيل. و يحتمل أن يكون المراد عدم كون الزيادة في الثمن بداعي الرغبة في شراء العين، بل لأغراض أخر من إيصال النفع إلى البائع أو إضرار المشتري أو عناداً لمن يزيد أو إظهاراً للتموّل و الثروة أو إظهاراً لعدم الاعتناء بالمال أو نحو ذلك، لكن بحيث لو لم يزد عليه أحد التزم بالشراء كما هو الغالب في صورة عدم المواطاة مع البائع»‌. [9]

و قال(رحمه الله) أیضاً: «يمكن الاستشهاد بالنبوي (لا تناجشوا) على أنّ معنى النجش هو الأوّل على أن يكون المبعوث من قبل البائع للزيادة اثنين إلّا أن يراد من التناجش مدح أحدهما للسلعة و الآخر للثمن و هو بعيد كما يمكن الاستشهاد بالنبويّ الأوّل على اعتبار المواطاة مع البائع و إلّا لم يلعن المنجوش له، ثمّ إذا لم يعلم معنى النجش على وجه التعيين، وجب من باب المقدّمة العلميّة الاجتناب عنهما‌». [10] [11]

أقول: إنّه لا یصدق الناجش و المنجوش له فیما إذا لم تتحقّق هناك معاملة و إن یصدقا فهما منصرفان.

إشکالان في التعريف الثاني

الإشکال الأوّل

قال المحقّق الثاني(رحمه الله): «ليس هذا التعريف بجيّد؛ لأن النجش هو الفعل الذي تحصل به الزيادة في المثمن لا نفس الزيادة، فإنّها لا تحرم قطعاً». [12]

و قال الشهيد الثاني(رحمه الله): «ما عرّفه به المصنّف غير جيّد؛ لأنّ الزيادة لزيادة من واطأه البائع يكون من المشتري المخدوع و هو لا يتعلّق به تحريم و لا كراهة إجماعاً. و إنّما المحرّم نفس تلك الزيادة من الخارج التي أوجبت انخداع المشتري». [13]

و قال الشيخ المامقانيّ(رحمه الله): «لو ساوم في السلعة بما لا يزيد على قيمتها اللائقة أو زاد في بيع من يزيد بما لا يزيد عليها، لم يكن من النجش موضوعاً و لا حكماً».[14]

قال المحقّق الأردبيليّ(رحمه الله): «المراد أنّه يكره أن يزيد شخص على ثمن بذل لمبيع ليرغّب الناس في بيع ذلك المبيع، من غير قصد للشراء و هو المراد بقوله: (و هو الزيادة لمن واطأه البائع) أي وافقه على أنّه لا يبيع عليه و لا هو يشتري، بل يزيد لترغيب الناس في بيع متاعه (فالزيادة) في كلامه مصدر، لا المزيد، فلا اعتراض عليه بأنّ تلك الزيادة من المشتري، فلا يكره و لا يحرم بلا خلاف؛ لأنّ المراد بالزيادة التي فعلها من واطأه البائع».[15]

و زاد الشیخ النجفيّ(رحمه الله) مستشکلاً في الوجه الأخير: «فيه أنّه لا وجه لحرمة الثمن بعد صحّة البيع».[16]

الاشکال الثاني

قال الشيخ المامقانيّ(رحمه الله): «لا يخفى عليك أنّه ليس في شي‌ء من التعاريف أهل اللغة المتقدّم ذكرها التقييد بكون الزيادة مبنيّةً على المواطاة بين الناجش و البائع. و على هذا فيدخل في النجش كلّ من القسمين المبنيّ على المواطاة و غيره. و لعلّ تقييد العلّامة(رحمه الله) و غيره بالمواطاة مبنيّ على الغالب و إشارة إلى أنّه ليس النجش من الأمور التي من قبيل اللغو و العبث، بل هو مبنيّ على تحصيل التعطّف بالبائع و الموّدة له».[17]

أقول: یرد علی التعریف الثاني- مضافاً إلی ما ذکرناه- أنِّه أخصّ ممّا هو المقصود من النجش؛ فلا بدّ من تعریف عام، کما سبق في الملاحظة السابقة.

التعريف الثالث

قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «فسّر أیضاً بأن يمدح السلعة في البيع لينفقها و يروّجها لمواطأة بينه و بين البائع أو بدونها». [18] [19]

أقول: یرد علی التعریف الثالث، ما أوردناه علی التعریف الأوّل و الثاني و التعریف الصحیح هو أنّ النجش ما یوجب الخدعة أو الإضرار بالغیر أو الإغراء بالجهل أو الکذب أو مدح ما یستحقّ الذمّ في المعاوضات و غیرها؛ مثل النکاح و أمثاله، کما سبق.

قال الإمام الخامنئيّ(حفظه الله): قوام النجش في باب المعاملات، بالخداع و التغریر، فإن لم تکن هناك خدعة فلا یصدق النجش؛ أي: إنّ مدح المتاع المقصود لغرض إیجاد الجوّ و إکراه المشتري بالعزم علی المعاملة في هذه الفضاء بقصد اغتراره، أو إذ أظهر أحد أنّه المشتري و یقول: «إشتریت هذه السلعة بمأة واحد» بینما أنّ قیمتها خسمون واحداً (مثلاً) فإنّ لهذا الشخص، قصد الخداع و التغریر. و لا یلزم في تحقّق النجش اشتراط المواطئة و لو أنّ بحثنا في باب المکاسب المحرّمة، هو صورة المواطئة؛ إذ الفرض أنّا أردنا أن نقول: حیث إنّ النجش حرام فالمعاملة الواقعة علیها حرام أیضاً. [20]

 


[8] الشیخ الأنصاري(رحمه الله).
[20] رساله آموزشی 2، الخامنه ای، السید علی، ج1، ص103.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo