< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التأمین/ ماهيّة التأمین/ کون التأمین صلحاً

خلاصة الجلسة السابقة: کان بحثنا في الفقه المعاصر حول «التأمین» و أنّه هل عقد التأمین ینطبق علی عقد الصلح أم لا؟

الإشکال الأوّل: لا یکون في عقد التأمین نزاع حتّی یقع عقد الصلح.

قیل إنّ في بحث الصلح ثلاثة مبانٍ:

یقع الصلح حیث النزاع موجود؛ قد وقعت الدعوی ابتداءً ثمّ یتصالح الطرفان. إن قُبِل هذا المبنی فلا ارتباط له بالصلح؛ إذ لیس بین المستأمن و المؤمِّن نزاع حتّی یحتاج إلی الصلح.

2- لا حاجة إلی نزاع فعلي، بل یکفي خوف النزاع للصلح. ﴿وَ إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يصْلِحَا بَينَهُمَا وَ الصُّلْحُ خَيرٌ﴾[1] . حیث یکون خوف النزاع موجوداً یتصالحون حتّی لا یکون بینهم نزاع في المستقبل. هل یکون في عقد التأمین خوف نزاع، هل یکون هناك خوف النزاع مع المؤمِّن حتّی نتصالح الآن؟ لیس عندنا خوف نزاع بالفعل و لا بالقوّة حتّی نتصالح. إن وقع تصادم أمکن أن یکون نزاع لشخص ثالث لکن مع الشرکة المؤمِّنة فلا.

سواء کان هناك نزاع أو خوف النزاع، یمکن للطرفین أن یتوافقا علی الصلح و الخیر. مع هذا المبنی یمکن أن ینطبق عقد التأمین علی عقد الصلح.

اعتقد آیةالله السبحانيّ (سلّمه‌الله) أنّ النزاع أو خوفه یُحتاج إلیهما لتحقّق عقد الصلح حیث قال: «و أمّا الصلح فالظاهر أنّ الصلح يختصّ بما إذا وجد تخاصم بين الطرفين و نزاع في مال أو دين أو غير ذلك فسيتصالحان بشيء و أمّا التصالح الإبتدائيّ من دون نزاع فهو أوّل الكلام، قال سبحانه: ﴿فَأَصْلِحُوا بَينَ أَخَوَيكُمْ﴾[2] ، فالظاهر منه هو دفع التخاصم بالتصالح نظراً إلى أنّ الطرفين إخوان».[3]

علی أساس هذا المرأی، لا یمکن تطبیق عقد التأمین علی الصلح، لکن إذا قلنا بالصلح الإبتدائي، أمکن التطبیق.

الإشکال الثاني: لا یکون من قصد المتعاقدین الصلح و العقد تابع قصد الطرفین «أنّ كثيراً من المحلّلين يُدخلون عقد التأمين تحت عنوان المضاربة الشرعيّة أو الجعالة أو الصلح أو غير ذلك، ممّا ليس منه أثر بين الناس، لا في فكر المؤمِّن و لا في تفكّر المؤمَّن‌له فهذا النوع من التحليل ليس بصحيح؛ لأنّ العقود تابعة للقصود، فإذا قصد المتعاقدان ما هو المفهوم الرائج، فلا ينفعه إدخال التأمين تحت سائر العقود المشروعة».[4]

کلام السیّد محمّدکاظم الیزديّ (رحمه‌الله)

هناك بعض التجّار قد قصدوا سفراً إلی الهند و لکن لم یکن المسیر أمناً و کان ینهب قطّاع الطریق أموالهم، فیعقد التجّار مع شرکة في الهند عقداً مفاده أنّه إن تلفت أموالنا فاضمني لنا تدارك الخسارة. و الشرکة تتعاهد تدارك الخسارة مقابل نسبة من المال ثمّ أتی التجّار محضر السیّد و استفتوه صحّة هذا العمل.

«في أُناس يمضون إلى الهند و يشترون أجناساً و بها أُناس يضمنون لهم سلامة أموالهم إلى أوطانهم بأُجرة معلومة مثلاً من المائة لهم اثنان أو ثلاثة، فإن أصاب أموالهم تلف يُسلّمون لهم قيمة الأموال، هل يجوز هذا العمل؟ و هل فيه ترك الاتّكال على الله و الاعتماد على المخلوق لحفظ المال؟ أفدنا ممّا علّمك الله و لك الأجر، و العمل المذكور باصطلاحهم يسمّونه «بيمه».

فأجاب: المعاملة المذكورة ليست شرعيّةً و إذا أُريد تطبيقها على الوجه الشرعيّ، له أن يصالح ماله لصاحب البيمة بالقيمة المعيّنة و يشترط عليه أن يكون له خيار الفسخ[5] إذا أعطى- مثلاً- مائة درهم[6] إلى زمان معيّن و حينئذٍ فإن تلف المال فله[7] القيمة [أخذاً بالضابطة: كلّ بيع قد تلف في زمن الخيار فهو ممّن لا خيار له و هو المؤمِّن] وإن سلم[8] يُسلّم إليه مائة درهم و يفسخ المعاملة. هذا و يجوز أن يتصرّف في المال الذي يأخذه من صاحب البيمة، على فرض التلف، من جهة رضاه بذلك و لو مع فساد المعاملة، كما أنّه أيضاً يعطيه المائة درهم برضاه و لو مع فساد المعاملة في صورة السلامة. هذا و لو كان صاحب البيمة من الكفّار الحربيّين فالأمر سهل؛ لأنّ ماله فيء للمسلمين و لو كانت المعاملة فاسدةً».[9]

فلأجل فهم کلام السیّد نذکر مثالاً:

یقول مالك السیّارة- مثلاً- لشرکة التأمین: صالحتك هذه السیّارة بأربع مائة ملیون تومان إلی سنة و أزید خمسة ملایین أیضاً. و هذه الزیادة هي لأن یمکن لي فسخ المعاملة إن أردت فسخها و السیّارة تحت یدي طوال مدّة الخیار. لا یمکنك الفسخ و لکنّي أستطیع ذلك. إن تلفت السیّارة في طول السنة فسآخذ منك الأربع مائة ملیون تومان التي هي قیمة السیّارة المبتاعة بدلیل قولهم «التلف في زمن الخیار ممّن لا خیار له» و إلّا فسأفسخ في نهایة السنة المعاملة و قد أعطیتك خمس مائة ملیون بإزاء جعل حقّ الفسخ.

النقطة الثانية التي ذكرها صاحب عروة (رحمه‌الله) هي أنّ هناك تراضیاً و هذا يعني أنّ كلّاً من المالك و الشركة راضیان. و حیث وجدت التراضي فلا یوجد أيّ مشکلة أیضاً.

 


[5] و لیس للمؤمِّن خیار.
[6] أعطاها المؤمِّن.
[7] أي للمؤمِّن أخذ القیمة التي صالحها مع المستأمن.
[8] في المدّة المعیّنة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo