بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی
45/04/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: التأمین/ ماهيّة التأمین/ کون التأمین جعالةً؛ کونه صلحاً
قال آیةالله السبحاني (سلّمهالله): «و الفرق بين التأمين و المضاربة واضح، لأنّ المال في المضاربة ملك المضارب و لا يخرج عن ملكه، بخلاف الأقساط الّتي يدفعها المستأمِن فهي تدخل في ملك المؤمِّن، غاية الأمر يلتزم بجبر الخطر إذا توجّه إلى نفس المستأمن و ماله».[2]
قال آیةالله السبحاني (سلّمهالله): «أنّ كثيراً من المحلّلين يُدخلون عقد التأمين تحت عنوان المضاربة الشرعيّة أو الجعالة أو الصلح أو غير ذلك، ممّا ليس منه أثر بين الناس، لا في فكر المؤمِّن و لا في تفكّر المؤمَّنله فهذا النوع من التحليل ليس بصحيح، لأنّ العقود تابعة للقصود، فإذا قصد المتعاقدان ما هو المفهوم الرائج فلا ينفعه إدخال التأمين تحت سائر العقود المشروعة».[3]
یکون عقد الصلح، أشبه شيء بالتأمین من سائر العقود و قد رأی آیةالله الحکیم (رحمهالله) التأمین قریباً من الصلح أیضاً حیث قال: «كانت أقرب إلى الصلح منها إلى الهبة المشروطة».[4]
عقد التأمین مصالحة؛ بصورة یصالح المستأمِن مع المؤمِّن أن یعطيه شيئاً من النقود و یتعهّد المؤمِّن أن یتدارك الخسارة إن حدثت.
قال المحقّق الحلّيّ (رحمهالله): «الصلح و هو عقد شرّع لقطع التجاذب و ليس فرعاً على غيره و لو أفاد فائدته».[5]
قال بعض: «عقد شرّع لقطع التنازع بين المختلفين».[6]
تشریع عقد الصلح لرفع النزاع و لا نزاع في عقد التأمین. نعم یمکن أنّه سیحدث في المستقبل نزاع و لکن حین العقد فلا نزا
ثمّ إنّ هناك رأیین في مورد عقد الصلح:
ذهب بعض إلی أنّه کالبیع و المضاربة عقد مستقلّ له أحکام خاصّة.
ذهب بعض إلی أنّه لیس عقداً مستقلّاً بل هو فرع العقود الأخری. یمکن أن یعطي الإنسان مثلاً مبلغاً معلوماً لشراء البیضة (تملیك عین بعوض معلوم). الطریق الآخر هو أن یصالح. علی سبیل المثال: لا یعلم المشتري کیفيّة المبیع و جنسه و من جانب آخر لیس معلوماً ثمنه، ثمّ أدخل یده في کیسه و یخرج نقوداً و یقول: هذه النقود لك أیّاً ما کانت و هذه السلعة لي أیّاً ما کانت. لا یضرّ هذا المقدار من الجهالة في عقد الصلح. من لم یؤدّ خمس ماله سنین و لم یعلم مقداره فیصالح مع مرجع التقلید. فالحاصل أنّه من الممکن في کلّ العقود الشرعيّة إن کانت هناك جهالة أن یصالح و لیس الصلح عقداً مستقلّاً.
کان الشیخ الطوسي (رحمهالله) معتقداً بأنّ الصلح لیس عقداً مستقلّاً حیث قال: «فالصلح ليس بأصل في نفسه و إنّما هو فرع لغيره»[7] و لکن مشهور الفقهاء فهم معتقدون بأنّه عقد مستقل.
قال آیةالله الحکیم (رحمهالله): «و كذا إذا كان بعنوان المصالحة... على أن يدفع المراجع مالاً بنهج خاصّ [و تدفع له الشرکة بنهج خاص] و لعلّ هذا الأخير هو المتعارف في هذا العصر».[8] یعطي المستأمِن مالاً المؤمِّنَ و یصالح علی أنّي أعطيك هذا المال علی أنّك تدفع إليّ الخسارة إن حدثت فیأخذ المؤمِّن ذاك المال و یصالح الخسارة إلی حدّ خاص فیتعهّدها.
قال الشیخ حسین الحلّي (رحمهالله): «و من جملة ما نعرض عليه معاملة التأمين هو باب الصلح حيث يتصالح الطرفان على أن يتحمّل أحدهما، و هو الشركة الخسارة التي تحلّ بالطرف الآخر بشرط أن يدفع الطرف الآخر المقدار المعيّن من المال».[9]
قال آیةالله الگلبایگاني (رحمهالله) في رسالة توضیح المسائل الفارسيّة ما حاصله: «لو تعاقد شخص مع شرکة علی أن یعطیها مبلغاً سنویّاً بلا عوض و یشترط في مقابله علی أنّه إن وقعت آفة في متجره أو سیّارته أو بیته أو نفسه، لزم علی الشرکة أن یتدارك خسارته أو یدفع هذا الآفة أو یعالج هذا المرض، فإنّ العمل بهذا العقد جائز للطرفین مع تراضیهما و في صورة عدم الرضا و الإکراه، فآخذ المبلغ ضامن. نعم إن شرط في ضمن عقد الصلح هکذا فلا تبعد صحّة هذا الصلح فیصیر مُلزِماً».[10]