< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

45/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس مائة وأربعة وخمسون: الوجه الثاني الذي برهن به الشهيد الصدر على الاستحالة

 

الوجه الثاني الذي برهن به الشهيد الصدر على استحالة أخذ قصد امتثال الأمر قيداً في متعلق الأمر، ويمكن اعتبار هذا الوجه الثاني تنقيحان للبيان الأول من البيانات الأربعة التي أقيمت على الاستحالة وأشكل عليها الشهيد الصدر.

وكان حاصل الوجه الأول وهو لصاحب الكفاية[1] إنه لا يعقل أن يؤخذ في متعلق الأمر ومعروضه ما لا يتأتى إلا من قبل الأمر على حدّ تعبير صاحب الكفاية لأنه يلزم من ذلك التهافت في الرتب.

توضيح ذلك:

إن قصد امتثال الأمر بحيث يكون امتثال الأمر في طول الأمر ولا يكاد يتأتى إلا بلحاظ الأمر إذا يكون قصد امتثال الأمر في مرتبة متأخرة عن نفس الأمر، وحيث إن قصد امتثال الأمر قد أخذ في متعلق الأمر ومعروضه والمعروض أسبق رتبةً من العارض إذا يكون قصد امتثال الأمر متقدماً على الأمر وهذا هو معنى التهافت في حيث يكون الشيء الواحد متقدماً ومتأخراً.

وبعبارة موجزة:

قصد امتثال الأمر يتوقف على أسبقية الأمر لكي يقصد امتثاله والأمر قد أخذ في متعلقه قصد امتثال الأمر فأصبح قصد امتثال الأمر متقدماً على الأمر تقدم الموضوع على الحكم، فيتوقف قصد امتثال الأمر على قصد امتثال الأمر، وأصبح قصد امتثال الأمر متقدماً لأنه أخذ في متعلق الأمر ومتأخراً لأنه لا يتحقق إلا بعد تحقق الأمر.

وقد أشكل على هذا الوجه الأول بأن الدور غير متحقق لأن المتأخر غير المتقدم إذ أن المتأخر هو امتثال الأمر بوجوده الخارجي بينما المتقدم هو قصد امتثال الأمر بوجوده الذهني والعنواني، فالمتوقف غير المتوقف عليه، فلا يلزم الدور.

ومن هنا يأتي الشهيد الصدر في هذا الوجه الثاني، ويحاول دفع هذا الإشكال، وهذا الجواب عن الوجه الأول، ويحاول تصحيح الوجه الأول.

إذا أيها الإخوة الوجه الأول للشهيد الصدر هو عبارة عن تصحيح للبيان الرابع، والوجه الثاني للشهيد الصدر هو عبارة عن تصحيح للبيان الأول المتقدم، والوجه الثالث للشهيد الصدر هو عبارة عن محاولة تصحيح البيان الثالث، والوجه الرابع للشهيد الصدر هو عبارة عن محاولة توسعة وتحقيق كلام المحقق الأصفهاني ـ رحمه الله ـ في نهاية الدراية، وكلامنا فعلاً الآن في الوجه الثاني للشهيد الصدر الذي هو تصحيح للوجه الأول البيان الأول وإثبات أن متحقق وأن قصد امتثال الأمر الخارجي وأنه غير قصد امتثال الأمر الذهني هذا الجواب لا يفيد في دفع إشكال الدور الذي ذكر في البيان الأول.

بيان ذلك:

إن الأمر في أفق نفس الحاكم وإن كان حاكماً على الوجود العنواني لا على الوجود الخارجي الحقيقي فيكون الأمر متأخراً عن الوجود العنواني بحيث أن الحاكم بنظره التشريعي يرى أن الوجود العنواني له ثبوتٌ وتقررٌ في مرتبة سابقة على الأمر ثم يطرأ عليه الأمر على حدّ طروء العارض على المعروض هذا هو سنخ نظر المولى التشريعي في مقام جعل أمره وجعل حكمه.

فالمولى يرى شيئين مترتبين:

الأول بالنسبة إلى الآخر بمثابة العرض مع المعروض، العرض هو الأمر الذي يعرض والمعروض هو الوجود العنوان لمتعلق الأمر.

إذاً هذان أمران مترتبان في الواقع أيضاً ترتب العارض على معروضه وليس مترتبين بالنظر التشريعي التصوري اللحاظي فقط.

إلى هنا واضح أكرر باختصار لاحظ النكتة:

هذا المولى وهذا الجاعل والمشرع يوجد أمران: أمر واقعي وأمر لحاظي الأمر اللحاظي قبل أن يأمر يلحظ متعلق الأمر ويلحظ ما سيعرض عليه الأمر فالمشرع أولاً يلحظ المعروض الذي هو متعلق الأمر وثانياً يلحظ الأمر الذي هو عارض هذا في عالم اللحاظ في أفق ذهن الحاكم والمشرع هذا تقدم لحاظي اعتباري.

وهناك أيضاً تقدم واقعي ففي الواقع قبل أن يأتي الأمر يسبقه الشيء الذي تعلق به الأمر هذا أيضاً ماذا هذا تقدم واقعي.

وهنا يضيف الشهيد الصدر نكتة ويقول:

هذا الوجود العنواني الذي هو بحسب لحاظ المولى يرى أنه قبل الأمر، وفي مرتبة سابقة على الأمر، كما أنه في الواقع أسبق، إذاً الوجود العنواني الذي يسبق الأمر له سبقان: سبق لحاظي في ذهن المولى، وسبق واقعي أي أنه في الواقع يتقدم المعروض على أمر العارض، وبحثنا في الوجود اللحاظي للمولى، فالمولى حينما يلحظ الوجود العنواني المتقدم على الأمر هل يلحظ الوجود العنواني بما هو صورة ذهنية فقط أو يلحظ الوجود العنواني بما هو فانٍ في معنونه وبما هو كاشف عن معنونه أي أن المولى يرى العنوان كأنه المعنون تماماً كاندكاك الصورة في المرآة فحينما تنظر إلى المرآة كانك تنظر إلى الشيء الذي انطبع في المرآة.

ومن الواضح أن هذا الوجود العنواني بنظر المولى التصوري حينما يجعل الحكم فإنه لا يتصور الوجود العنواني بما هو صورة ذهنية فقط في مقابل المعنون الخارجي، فالمولى لا ينظر إلى الوجود العنواني كصورة ذهنية في مقابل الحقيقة الخارجية، إذ المولى لو لاحظ الوجود العنواني بما هو صورة ذهنية لما أمر به لأن المولى لا يريد الصورة الذهنية بل المولى يريد تحقق العنوان في الخارج.

فالمولى حينما يتصور ويلحظ الوجود العنواني فإنما يتصور الوجود العنواني المندك في المعنوان يعني يرى الوجود العنواني بما هو فانٍ في المعنون.

إذاً المولى بالنظر التصوري يرى بالعنوان المعنون، ولذلك يعلق الأمر على العنوان.

إذاً المولى في شخص هذه الرؤية يرى المتعلق وهو المعنون ويراه أسبق رتبة من الأمر بحيث يكون للمعنون نحو من التقرر والثبوت بقطع النظر عن الأمر ومن ثم يطرأ عليه الأمر.

إذاً هناك مطلبان:

أحدهما واقعي والآخر غير واقعي وإنما هو لحاظي بلحاظ المولى.

المطلب الأول الواقعي هو أن المولى يرى أن معروض أمره أسبق رتبة من أمرع ومفروغ عنه بقطع النظر عن أمره، وهذه الرؤية مطابقة للواقع فإنه بحسب الواقع أولاً يتقدم المعروض رتبةً ثم يأتي العارض وهو الأمر بعد ذلك فبحسب الواقع يوجد تقدم للوجود العنواني الذي معروض ويوجد تأخر للأمر الذي هو عارضٌ فالمعروض يتقدم على العارض واقعاً وبقطع النظر عن لحاظ المولى هذا أمر واقعي هذا مطلب واقعي.

المطلب الثاني هو هذا رؤية للمولى يعني هناك تقدم للعنوان على الأمر واقعاً ولحاظاً بالنسبة إلى نظر المولى.

المطلب الثاني غير واقعي وهو أن المولى يرى أن هذا الوجود العنواني المتقدم هو عين المعنون المتأخر لأن المولى يرى العنوان لا بما هو صور ذهنية ولا بما هو عنوان فقط بل يرى العنوان بما هو فانٍ في المعنون وبما هو مرآة لمعنونه.

ومن الواضح أن هذه الرؤية خلاف الواقع لأنه بحسب الواقع العنوان شيء وهو صورة ذهنية والمعنون شيء آخر وهو وجود خارجي لأنه بحسب الواقع العنوان غير المعنوان ونفس المولى لو دقق وتأمل لالتفت أن العنوان غير المعنون، لكن المولى حينما ينظر ونلحظ شخص وجزئي نظرة المولى فإن المولى في شخص وجزئي رؤيته لا ينظر إلى العنوان بما هو هو كصورة ذهنية بل يلحظ العنوان كأنه عين المعنون ففي شخص نظرة الأمر التي بها قوام حكم الآمر لابد وأن يكون الوجود العنوان المتقدم على الأمر ملحوظا بما هو فانٍ في المعنون وبما هو ملحق مرآة له ولو لاحظ العنوان بما هو صورة لما طلبه.

النتيجة من مجموع هاتين الرؤيتين للمولى عنده رؤية واقعية وعنده رؤية غير واقعية يتحصل أنه يستحيل أخذ قصد الأمر قيداً في متعلق شخص ذلك الأمر.

لماذا قلنا شخص؟

لأن النظرة شخصية جزئية لأن قصد امتثال الأمر يصبح حينئذ متعلقاً للأمر فيكون الأمر متقدماً ومتأخراً عن الوجود العنوان لقصد وهذا أمر يراه المولى مطابقاً للواقع يعني صار المعنون متقدم ومتأخر على الأمر لأن الوجود العنواني المتقدم على الأمر لم يلحظ بما هو عنوان وصورة ذهنية فقط بل لوحظ بما هو مندك في المعنون صار المعنون متقدم على الأمر من خلال العنوان الذي اندك فيه وصار أيضاً متأخراً عن الأمر فيلزم الدور.

فالمولى في شخص لحاظه المقوم لجعله للحكم لن يرى هذا الوجود العنواني بقصد الامتثال بما هو عنوان في مقابل المعنوان بل يراه بما هو عيني المعنون بالفناء والمرآتية.

إذاً المولى يرى التقدم والمفروغية عن المتعلق وطروء الأمر عليه بعد المفروغية عنه بما هو ملحوظ فان في متعلقه، مع أنه إذا لوحظ قصد امتثال الأمر بما هو فان في معنونه إذا لا يعقل المفروغية عنه قبل الأمر بحيث يكون له هناك نحو تقرر وتعقل بقطع النظر عن طروء الأمر عليه بل هو متقوم بالأمر.

وبهذا الوجه اعتمد المحقق العراقي[2] ـ رحمه الله ـ وبذلك يتم برهان الوجه الأول على الاستحالة.

زبدة ما أخذنا بشكل سلس:

الآمر حينما يأمر يلحظ العنوان الذي تعلق به الآمر، وحينما يلحظ العنوان لا يلحظ العنوان المجرد وهو الصورة الذهنية الخالصة بل يلحظ العنوان المندك في المعنون، وبالتالي صار المعنون متقدم على ماذا؟ على الأمر لأن الوجود العنواني الذي يسبق الأمر أخذ فيه أنه مندكٌ في المعنون، وهذا الاستدلال كله مبني على لحاظ الصورة الشخصية الجزئية في ذهن الآمر والحاكم يعني الحاكم حينما يحكم لا يلحظ طبيعي المتعلق ولا يلحظ طبيعي العنوان وإنما يلحظ شخص العنوان والصورة الشخصية للعنوان التي هي مندكة في المعنون.

ولكن ما أفاده الشهيد الصدر ـ رحمه الله ـ قابل للمناقشة بل إن جميع الوجوه الأربعة التي ذكرها الشهيد الصدر لإثبات استحالة أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر قابل للمناقشة، ولقد أجاد وأفاد سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ في مناقشة أستاذه الشهيد الصدر في هذه الوجوه الأربعة في حاشيته على تقرير بحث أستاذه الشهيد الصدر[3] ، ولنتطرق إلى بعض ما ذكره في مناقشة الوجه الثاني.

وفيه إن ما أفاده الشهيد الصدر إنما يتم إذا أريد أخذ قصد شخص هذا الأمر الجزئي كما هو المفروض في كلام الشهيد الصدر، لكون الجزئية في المفاهيم متقومة بالتشخص والإشارة إلى الخارج فيلزم التهافت في اللحاظ ويكون كلام الشهيد الصدر صحيح.

لكن نفس الشهيد ـ رضوان الله عليه ـ يعني سيأتي في كلامه أن المأخوذ قصد طبيعي الأمر وليس شخص الأمر، والوجه الثاني الذي جاء به مبني على شخص الأمر لا على طبيعي الأمر.

يقول السيد محمود الهاشمي[4] ـ رحمه الله ـ : فالجواب إن الجاعل في طرف المتعلق يأخذ قصد طبيعي الأمر بنحو المعنى الاسمي لا شخص الذي يجعله بهذا الجعل بنحو المعنى الحرفي، وإن كان هذا الطبيعي سوف يتحقق مصداقه في الخارج بنفس هذا الأمر الشخصي.

والخلاصة:

كلام الشهيد الصدر مبني على أخذ شخص الأمر والحال إن الواضع يلحظ طبيعي الأمر لا شخص الأمر فلا يتم الوجه الثاني.

كما أن الوجه الأول الذي تقدم في الدرس الماضي ليس بتام، وناقشه سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي بنقاش مفصل في حاشيته صفحة ثمانين من الجزء الثاني من بحوث في علم الأصول وناقشه بنقاش نقضي وحلي ومفاد الحل هو أننا نلتزم بإطلاق التكاليف ولا نشترط وصول التكليف إذ أن الشهيد الصدر يشترط وصول التكليف ولو بنحو احتمالي ووصول التكليف خارج عن قدرة.

فنقول في مقام الجواب: لا نشترط وصول التكليف إذ أن العقل يرى منجزية احتمال تفويت تكليف يتعذر عليه نتيجة جهله وعدم تعلمه له، فحتى لو لم يصل إليه تكليف لكن إذا نظر إلى مورد واحتمل أنه قد يجهله وإذا لم يقتحمه نتيجة جهله قد يعاقب عليه فإن هذا المكلف يحكم عليه العقل ماذا؟ بالمنجزية، وهذا الكلام ينسجم مع منجزية الاحتمال التي يقول بها الشهيد الصدر ويرى أنها هي حكم العقل الأولي وأن حكم العقل الأولي هو ماذا؟ منجزية الاحتمال ويرى أصالة الاشتغال العقلي في مقابل المشهور الذين ذهبوا إلى قبح العقاب بلا بيان.

وبالتالي حتى لو لم يصل إليه التكليف تكفي منجزية الاحتمال بناءً على مبنى الشهيد الصدر والوجه الأول مبني على اشتراط وصول التكليف فإذا أنكرنه اشتراط وصول التكليف انتهى الوجه الأول.

ولا داعي بذكر الوجه الثالث ورد السيد محمود الهاشمي عليه، وذكر الوجه الرابع الذي هو للمحقق الأصفهاني وتوسعة وتنقيح وتحقيق الشهيد الصدر ورد الشهيد الصدر إذ أننا نرى أن هذا المبحث أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر من الأمور الواضحة والبديهية عند العوام والمناقشة فيها قد يكون شبهة في مقابل بديهة.

فلو سألت حجي: يا حجي يصير تصلي بقصد امتثال أمر الله، يقول: هذا الذي نسويه، لكن الشهيد الصدر بهذه الوجوه الأربعة ذهب إلى استحالة أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر.

ولقد صال وجال العلمان المعاصران سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي[5] ـ رحمه الله ـ وإمام أساتذتنا الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني[6] ـ رضوان الله عليهما ـ ، وذكر جميع الأدلة التي استدل بها على استحالة أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر وردوها بأجمعها.

ومن أراد التفصيل فليرجع إلى هذه المطولات.

إذا الشهيد يرى استحالة أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر، والسيد الإمام الخميني والسيد أبو القاسم الخوئي يريان إمكان أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر، ونحن نرى أن هذا المطلب نتيجة التدقيق الزائد فيه قد أوجب الالتباس على الكثيرين حتى عبر الشهيد الصدر بنفسه بأنه زوبعة في فنجان، الحال أنه أشبه بالأمر البديهي الذي وقعت فيه شبهة، والله العالم، والهادي إلى الصواب وإلى سواء السبيل.

هذا تمام الكلام في القسم الأول أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر واتضح أنه ممكن ثبوتاً، وبذلك يتم الكلام في المرحلة الأولى.

المرحلة الثانية أنه هل يمكن أخذ غيره كقصد القربى أو لا يمكن؟

يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


[1] كفاية الأصول، حاشية المشكيني، ج1، ص109.
[2] بدائع الأفكار، تقرير الميرزا هاشم الآملي لبحث المحقق العراقي، ج1، ص224.
[3] بحوث في علم الأصول، مباحث الدليل اللفظي، ج2، من ص80 إلى ص84.
[4] ج2، ص84.
[5] محاضرات في أصول الفقه، تقرير الشيخ الفياض، لبحث السيد الخوئي، ج43 من موسوعة الإمام الخوئي، من ص509 مبدأ هذا البحث إلى ص527، وهناك يثبت السيد الخوئي أنه ثبوتاً يعقل أخذ قصد امتثال الأمر فيما يتعلق.
[6] جواهر الأصول، تقرير اللنگرودي، لبحث الإمام الخميني، ج2، ص200، وما قبل 200، قد تطرق الخميني إلى هذه الاقوال وردها باجمعها واثبت امكان قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo