< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

45/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: محاولة إبطال المسلك الثالث

 

محل البحث: الأوامر-الفصل الأول فيما يتعلق بمادة الأمر- والكلام في مادته يقع في عدة جهات-الجهة الثالثة دلالة مادة الأمر على الوجوب وملاكه- المقام الثاني ملاك استفادة الوجوب من الأمر- فيه ثلاثة مسالك-محاولة إبطال المسلك الثالث

ما هو المسلك الثالث

المسلك الثالث يرى أن دلالة الأمر على الوجوب إنما هو بالإطلاق ومقدمات الحكمة خلافاً للمسلك الأول الذي ذهب إليه المشهور الذي يرى أن دلالة الأمر على الوجوب إنما هي بسبب الوضع اللغوي وخلافاً للمسلك الثاني الذي ذهب إليه الميرزا النائيني والسيد الخوئي من أن دلالة الأمر على الوجوب إنما هي بسبب حكم العقل.

التقريبان لمسلك الثالث

وهذا المسلك الثالث فيه تقريبان:

التقريب الأول للمحقق العراقي[1] .

التقريب الثاني للشهيد الصدر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ [2] .

وسيتضح إن شاء الله تعالى أن كلا التقريبين ليس بتام، وبذلك يكون المسلك الثالث كالمسلك الثاني ليس بتام فيكون المسلك الصحيح عندنا هو مسلك المشهور المنصور من أن دلالة الأمر مادة وصيغةً على الوجوب إنما هو ببركة الوضع اللغوي لا الإطلاق ومقدمات الحكمة أو حكم العقل.

بيان تقريب الأول

ولنشرح في بيان التقريب الأول التقريب الأول للمحقق العراقي وخلاصته:

إن الأمر مادة وصيغة يكون دالاً بلحاظ المدلول التصديقي على الإرادة المولوية القائمة في نفس المولى فكان لفظ الأمر قالب لإبراز إرادة المولى وطلبه وهذه الإرادة مرددة بين أن تكون شديدة وهي الوجوب وبين أن تكون ضعيفة وهي الاستحباب.

والمراد بمقدمات الحكمة والإطلاق إثبات أن هذه الإرادة المدلول عليها بالأمر هي إرادة قوية وليست ضعيفة.

مقدمة فلسفية في بيان النور وتفاوته

وقبل أن نشرع فيه ما أفاده المحقق العراقي نقدم مقدمة فلسفية في بيان النور وتفاوت النور، فالنور منه ما هو شديد ومنه ما هو ضعيف.

سؤال يطرح نفسه: بما يمتاز النور الشديد عن النور الضعيف؟

الجواب: بنفس النور إذا ما به الاشتراك بين النورين هو النور وما به تفاوت النور الشديد عن النور الضعيف هو أيضاً نفس النور، إذا في النور الشديد ما به الاشتراك هو عين ما به الامتياز والافتراق بخلاف النور الضعيف فإنما به الاشتراك بين النور الضعيف والنور القوي هو نفس النور.

ولكن ما به امتياز النور الضعيف عن النور القوي هو عدم النور وفقدان النور وهو أمر عدمي وليس أمراً إثباتياً.

هكذا نقول في مقام بحثنا إذ عند إرادة شديدة وإرادة ضعيفة، الإرادة الشديدة في الوجوب والإرادة الضعيفة في الاستحباب وكل منهما طلب وإرادة.

سؤال: ما الذي يشترك فيه الإرادة الشديدة والإرادة الضعيفة؟

الجواب: نفس الإرادة والطلب.

سؤال ثاني: ما الذي تمتاز به الإرادة الشديدة على الإرادة الضعيفة؟

الجواب: نفس الإرادة والطلب فما به الاشتراك هو عين ما به الامتياز في وجوب والإرادة الشديدة والطلب الوجوبي المؤكد، وما به الافتراق والامتياز في الاستحباب والإرادة الضعيفة مغاير لما به الاشتراك، إذ أن ما به الاشتراك في الإرادة الضعيفة هو نفس الإرادة والطلب، لكن ما به الافتراق في الإرادة الضعيفة هو فقدان الإرادة وعدم الإرادة الزائدة وعدم الطلب الزائد وعدم الطلب الشديد.

إذاً ما به الامتياز في الإرادة الشديدة والوجوب هو من نفس سنخ الإرادة وما به الامتياز والافتراق في الإرادة الضعيفة والاستحباب مغاير لسنخ الإرادة التي هي حالة مشتركة وجامع مشترك.

سؤال آخر: ما الذي يحتاج إلى مؤونة الذي هو من نفس السنخ أو المغاير للسنخ؟

الجواب: المغاير للسنخ، فإذا أطلق المولى لفظاً فيه طلب وإرادة فهنا لا يحتاج أن ينص على الإرادة الشديدة والإرادة القوية والإرادة اللازمة والطلب اللزومي لأن الطلب اللزومي اللزوم فيه والشدة فيه مسانخ لنفس الطلب والإرادة بخلاف الطلب الاستحبابي الذي إرادته ضعيفة فلو أراد ضعف الإرادة وجب أن ينص على فقد الإرادة وضعف الإرادة.

فإذا جاءنا لفظ وهذا اللفظ مرددٌ بين الطلب الوجوب والطلب الاستحبابي ولم ينص ولم يقيد على أنه طلب وجوبي أو طلب استحبابي، والحال أن المتكلم في مقام البيان وقد أطلق ولم يبين فنحمل هذا اللفظ على الوجوب لأن ما به الامتياز في الوجوب مسانخ لنفس الطلب والإرادة ولا نحمله على الاستحباب لأن الإرادة الضعيفة في الاستحباب مغايرة لنفس الإرادة والطلاق.

إشكال بيان المحقق العراقي

هكذا أفاد المحقق العراقي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ وهذا البيان وإن كان صناعياً في نفسه عليه الكثير من الإشكالات التي أوردت عليه لكن هذا البيان ليس بتام لأن مقدمات الحكمة والإطلاق هي قرينة عرفية تجري في المحاورات العرفية وليست دلالة برهانية عقلية فلسفية مبنية على التأمل الفلسفي والتدقيق العقلي.

وما أفاده المحقق العراقي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ إنما هو تدقيق فلسفي كما دقق في النور الشديد والنور الضعيف وهذا تدقيق فلسفي وليس تدقيقاً عرفياً، فإذا عرضت الوجوب والاستحباب على العرف فإنه لا يدقق هكذا ويقول ما به الاشتراك هو الطلب والإرادة وما به الامتياز في الوجوب الإرادة الشديدة وما به الامتياز الاستحباب عدم الوجوب وعدم الزيادة هذا تدقيق فلسفي.

لذلك ذكر المحقق العراقي قال: إن العرف ليس ملتفتاً إلى هذا التفصيل لكن هذا التفصيل مركوز في أذهان العرف فالعرف ليس ملتفتاً إلى هذا التفصيل ولو ذكر العرف بهذا التفصيل لالتفت إليه.

جواب الشهيد الصدر للمحقق العراقي

وأجابه المحقق المدقق الشهيد الصدر يقول: العرف لا يلتفت إلى هذا التدقيق، ولو شرح له هذا المطلب فالعرف لا يرى وجود مؤونة ولا يصدق أن الفرد الشديد فرد بلا مؤونة وأن الفرد المستحب فرد مع المؤونة فالعرف لا يرى هذا التدقيق.

أي أن هذه العناية من وجود مؤونة زائدة في الاستحباب وهي فقدان الإرادة الشديدة وعدم وجود مؤونة زائدة في الوجوب وهو وجود الإرادة الشديدة العرف لا حتى لو التفت إليه هذا غير مركوز في ذهنه لا يرى هذا الفارق فارقاً ولا يرى هذا الفارق ملاكاً حتى نتمسك بالإطلاق وقرينة الحكمة في المقام.

إذا مقدمات الحكمة والإطلاق إنما تكون في الأفراد العرفية للأفراد التدقيقية هذا خلاصة وخلاصة جواب الشهيد الصدر عليه الحقّ والإنصاف هذا جواب تام.

تراجعون إن شاء الله أنا لضيق الوقت تكفي هذه عشر دقائق ربع ساعة في تقرير المطلب، تراجعون:

     تقرير الشيخ حسن عبد الساتر البحوث في علم الأصول، الجزء الثاني، من صفحة خمسة وثلاثين إلى صفحة ثمانية وثلاثين، أربع صفحات في عشر دقائق ربع ساعة كافي هذا المقدار.[3]

     تقرير بحث أستاذنا السيد كاظم الحائري، الجزء الثاني، صفحة خمسة وأربعين.[4]

     وكذلك أستاذنا السيد محمود الهاشمي السيد كاظم الجزء الثاني.[5]

فقد أجادا وأفادا في هذا المطلب.

هذا تمام الكلام في التقريب الأول للمسلك الثالث التقريب الأول للمسلك الثالث هو تقريب المحقق العراقي واتضح أنه ليس بتام.

التقريب الثاني للسيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo