< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإشتراك اللفظي- الوجه الثالث ما ذكره المحقق الخراساني أيضاً

 

مكان البحث: الدليل على وقوع الترادف وهو المعاني غير متناهية و الألفاظ متناهية -الجواب عن هذا الدليل- اجيب عنه بعدة وجوه، الوجه الثالث.

الوجه الثالث

المعاني متناهية

ما ذكره المحقق الخراساني أيضاً.

يراجع حقائق الأصول السيد محسن الحكيم الجزء الأول صفحة ثمانية وثمانين.[1]

ومفاد الوجه الثالث دعوى أن المعاني متناهية لأنه ليس المراد بالمعاني الجزئيات كزيد بل المراد بها الكليات والكليات متناهية إذاً فالألفاظ المتناهية بإزائها معانٍ متناهية.

ما قلناه-العودة الى شرح الإشكال

كان الكلام في الجهة الأولى من الاشتراك وهي بحث ضرورة الاشتراك فهل الاشتراك والألفاظ المشتركة أمر ضروري وواجب ولازم في اللغة أو لا؟

وقد أقيم البرهان على وجوب الاشتراك، ومفاده إن المعاني التي يتصورها ذهن الإنسان غير متناهية، لكن ألفاظ اللغات متناهية، فكيف تدل الألفاظ المتناهية على معاني لا متناهية؟!

وحينئذ يضطر الإنسان الاجتماعي لاستخدام لفظ واحد كلفظ العين لأكثر من معنى الاستيعاب جميع المعاني اللامتناهية وهذا معناه ضرورة الاشتراك وضرورة ووجوب ولزوم وضع الألفاظ المشتركة في اللغة.

الجواب عن هذا الإشكال بعدة وجوه

وقد أجبنا عن هذا البرهان بوجهين اليوم نكمل الوجه الثالث والوجه الرابع ولكن مفاد البرهان إن الألفاظ متناهية والمعاني لا متناهية مفاد الوجه الثالث إن المعاني متناهية وليست لا متناهية ومفاد الوجه الرابع للسيد الخوئي بالعكس إن الألفاظ لا متناهية لمعاني لا متناهية.

إذا في الوجه الثالث يريد صاحب الكفاية أن يثبت أن المعاني متناهية وليست لا متناهية فتصير ألفاظ متناهية لمعاني متناهية.

ومفاد الوجه الرابع الذي سيأتي للسيد الخوئي إن الألفاظ لا متناهية لمعاني لا متناهية.

شرح بيان المحقق الخراساني

فلنشرع في بيان الوجه الثالث للمحقق الخراساني فهو لا يسلم أن المعاني غير متناهية لأنه ليس المراد بالمعاني الجزئيات كزيد وعبيد وعطية وكاظم وقحطان بل المراد بالمعاني الكليات والمعاني الكلية والمعاني العامة متناهية.

إذاً ألفاظ اللغة متناهية تدل على معاني متناهية فلا ضرورة للاشتراك.

كلام في تناهي المعاني

وهذا الوجه تارة يراد به الصياغة البرهانية، وتارة يراد به النظرة وجداني، فلنناقشه بناء على الصياغة البرهانية وبالبرهاني يكون غير مقبول لأن المعاني على نحوين:

المعاني على نحوين

النحو الأول معاني بسيطة مثل الوجود والعدم، الوحدة، الشيء هذه كلها معاني بسيطة.

النحو الثاني معاني مركبة من قبيل الإنسان المؤلف من حيوان ناطق، من قريب الهواء والماء المؤلف من ذرتين هيدروجين وذرة أكسجين.

المعاني المركبة على نحوين

وهذه المعاني المركبة أيضاً على نحوين:

النحو الأول مركبات حقيقية مثل الإنسان والحيوان فالمعاني الحقيقية هي ما تألفت من جنس وفصل حقيقيين.

النحو الثاني مركبات اعتبارية مثل البيت السيارة السوق.

فإذا فرضنا أن المركبات الاعتبارية داخلة في المعاني فمن الممكن جداً تصوير معاني ومركبات اعتبارية إلى ما لا نهاية إذ أن الاعتبار يخضع لاعتبار المعتبر وجعل الجاعل ووضع الوضع والاعتبار سهل المؤونة فإذا دخلت المعاني المركبة الاعتباري ضمن المعاني فحينئذ تكون المعاني لا متناهية إذ يمكن استخراج معاني مركبة من المعاني الكلية أيضاً.

فكل اثنين اثنين من المعاني الكلية يصير مركبا اعتباريا، وكل ثلاثة ثلاثة من المعاني الكلية يصير اعتباريا جديداً، وهكذا إلى ما لا نهاية.

إذاً فالمعاني مهما اختصرناها ووضعناها في عموم كلية ومعاني كلية لكنه يمكن التوفيق والتأليف بين هذه المعاني الكلية بالاعتبار واستخراج معاني جديدة لا متناهية بلحاظ المركبات الاعتبارية في المعاني.

إذا لو نظرنا إلى هذ الوجه بصياغته البرهانية فإنه ليس بتام.

كثير من المعاني خارج عن محل الإبتلاء

نعم، لو نظرنا إلى هذا الوجه بملاحظة وجدانية فإننا نقول أن هذه المعاني غير المتناهية كثير منها خارج عن محل الابتلاء لأننا ندرك بالوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان أن الإنسان لا يبتلي ولا إلى جميع الألفاظ ولا يحتاج إلى استخدام جميع المعاني فالمعاني وإن كانت لا متناهية لكنه لا يحتاج أن يستخدم جميع هذه المعاني الغير متناهية يحتاج أن يستخدم موضع حاجته من المعاني المتناهية وموضع حاجته متناهية فيأتي ببضعة ألفاظ للدلال على المعاني التي يريدها.

وبالتالي تكون هذه الألفاظ متناهية فلا يتم المطلوب.

الألفاظ غير متناهية

الوجه الرابع في الرد على دليل وقوع الترادف وهو المعاني غير متناهية و الألفاظ متناهية

ما ذكره سيد أساتذتنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

يراجع محاضرات في أصول الفقه تقرير الشيخ محمد إسحاق الفياض الجزء الأول الصفحة مئة وتسعة وتسعين ومئتين.[2]

ومفادة إن الألفاظ غير متناهية خلاف الذي يذكر أن الألفاظ ماذا متناهية فكما أن المعاني غير متناهية أيضاً الألفاظ غير متناهية.

والسر في ذلك: إن ألفاظ وحروف اللغة العربية وإن كانت ثمانية وعشرين حرفاً والانجليزي والأوردو كم حرف؟ اثنين وثلاثين حرف بالأوردو أربعة حروف زيادة على اللغة العربية فالحروف في اللغة العربية وإن كانت ثمانية وعشرين حرفاً لكن بتركيب هذه الحروف بعضها البعض يحصل عدد غير متناهي عادةً وتقريباً من الكلمات.

لأن كل حرف إما أن يكون مضموماً وإما أن يكون مفتوحة وإما أن يكون مكسوراً وعلى هذه التقادير الثلاثة أو الأربعة إذا نقول مجزوم أيضاً أربع حالات إما أن يكون في أول الكلمة أو في وسط أو في آخر الكلمة هذه ثلاثة في ثلاثة تسعة.

وعلى هذه التقادير كلها إما أن تكون الكلمة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية إلى آخر هذه التقسيمات التي تؤدي إلى حصول كلمات بعدد لا متناهي فتكون النتيجة تطابقت المعاني اللامتناهية مع ألفاظ لا متناهية.

هكذا قرر الشهيد الصدر ـ رحمه الله ـ رأي السيد الخوئي في المحاضرات، يراجع بحوث في علم الأصول تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثالث من المجلد الأول صفحة أربعة وتسعين.[3]

مناقشة الشهيد الصدر على غير متناهية الألفاظ

وناقش الشهيد الصدر أستاذه السيد الخوئي قائلاً إذا كان المقصود منه هو الصياغ البرهانية فهو أيضاً غير تام، وأقل ما يقال في عدم تماميته إن أي عدد نفرضه من الكلمات فهو بنفسه معنى من المعاني فإن كلمة أب هي بنفسها معنى من المعاني فكلما تكثرت الألفاظ والكلمات تكثرت المعاني.

المعاني دائما أكثر من الألفاظ

وعلى هذا لو قصدنا بالمعاني تمام ما يخطر على الذهن إذا فالمعاني دائماً تبقى أكثر من الألفاظ لأن كل كلمة هي بنفسها أيضاً معنى من المعاني مضافاً إلى سائر المعاني الأخرى ولا جواب على ذلك إلا الوجدان فإنه شاهد على عدم الحاجة إلى هذه المعاني الكثيرة، وإنما الحاجة تقتضي قدراً معقولاً من المعاني وهذا القدر يكفيه قدر معقول من الألفاظ.

هكذا أفاد الشهيد الصدر ـ قدس الله نفسه الزكية

وخلاصة جوابه أن المراد بالمعاني كل ما يخطر على الذهن من معنى، ومن الواضح أنها تكون غير متناهية بهذا المعنى لأن ما يخطر على الذهن لا متناهي فتكون المعاني لا متناهية.

لكن الكلمات المتعددة أيضاً تشير إلى معاني فكل كلمة تشير إلى معنى إذا صار عدنا مجموعة المعاني المؤلفة من المعاني المستفادة من الألفاظ والمعاني التي تخطر على ذهن الإنسان.

قد يخطر على ذهن الإنسان شيء لم يوضع له لفظ، أنت الآن يخطر على ذهنك شيء لا يوضع له لفظ لذلك الآن عندنا مجمع اللغة العربية في مصر مع اللغة العربية في دمشق وظيفته وضع اللفظ للأشياء الحديثة مثلاً التلفزيون وضعوه له لفظ تلفاز الراديو وضعوا له لفظ مذياع لأنها معاني جديدة فليس بالضرورة أنه كل ما خطر على الذهن وضعوا له لفظة.

الآن ما يصير أحيانا باللهجة العامية نقول هذا يسمونه تقول ما أدري ما عدنا إليه كلمة بينما في لهجة منطقة أخرى أو دولة أخرى يوضع له إذا ما يخطر على الذهن ليس بالضرورة يوضع له لفظ، فإذا المعاني المستقاة من الألفاظ أقل من المعاني التي تخطر على الذهن فالمعاني المستقاة من الألفاظ متناهية بخلاف ما يخطر إلى الذهن من معاني فهو غير متناهية.

النظر في الكلمات المستخدمة والمهملة

أقول كان ينبغي للشهيد الصدر أن يقيد لأن اللفظ إما أن يكون مهملاً وإما أن يكون مستعملاً فكلمة زيد مستعملة في علم من الأعلام ومقلوبها ديز ليست مستعملة في معنى من المعاني فدعوا أن كل كلمة لها معنى هذا غير صحيح، ولكن لعله لوضوح هذا المطلب لم يشر إليه فمن الواضح أن مراده الكلمات المستعملة دون الكلمات المهملة.

الركون إلى الوجدان

والصحيح في جميع ما تقدم هو الركون إلى الوجدان لا البرهان، فالصحيح في مقام دفع ضرورة الاشتراك هو شهادة الوجدان فإنه يقضي أن المعاني كثيرة ولا متناهية فما يخطر على الذهن لا متناهي وهي حتماً أكثر من الألفاظ فمهما تصاعدت دائرة الألفاظ فهي داخلة في المعاني ومع ذلك لا حاجة لوضع ألفاظ لجميع المعاني المتصورة أو التي تخطر على الذهن لأن الكثير من المعاني اللامتناهية خارجٌ عن محل الابتلاء وخارج عن المعرضية وعن إمكان الاحتياج العرفي لتفهيمه وتفهمه وما كان من المعاني داخلاً تحت دائرة الإمكان فهو كمية محدودة بالوجدان فلا ضرورة إلى الاشتراك.

كما أن الصحيح في مناقشة السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ هو دعوة أن الألفاظ متناهية وليست غير متناهية فمهما شققنا وعرضنا وقلنا أن حروف اللغة العربية ثمانية وعشرين حرفاً وبعضها مضموم وبعضها مفتوح وبعضها مكسور وبعضها مجزوم، ومن جهة أخرى الكلمة إما ثلاثية أو رباعية أو فمهما شققنا وعرضنا ستبقى الحروف متناهية لا أنها تصل إلى ما لا نهاية.

وبالتالي حتى المعاني تكون متناهية والشهيد الصدر ركز على أن معاني الحروف متناهية والمعاني التي تخطر على الذهن لا متناهية.

أقول كان ينبغي للشهيد الصدر أن يركز على أن نفس الحروف تبقى متناهية وبالتالي معاني الحروف أيضاً متناهية.

لذلك هذا نصّ تعبيره:

(لكن بالتركيب يحصل عدد غير متناهي تقريباً) فهو يسلم أنه هذا شيء متناهي تقريباً لا حقيقة ولا بحسب الحقيقة هو متناهي.

هذا تمام الكلام.

توضيح حول تناهي المعاني والألفاظ

لا المعاني غير متناهية ذهنية ذهنية الإنسان خلاقة وولادة قد يمزج بين صور كثيرة ومعاني كثيرة.

بهذا يتم صحيح إذا المراد أنه لا متناهي تقريباً، وبالتالي يكون كلام السيد الخوئي أنه الألفاظ لا متناهية تقريبا كما أن المعاني لا متناهية تقريباً.

لكن نقول حتى الألفاظ من قال أنها لا متناهية تقريبا هذا أول الكلام لا متناهية تقريباً يعني يصل إلى رقم لا يحتفظ به الذهن البشري صحيح المعاني تصل إلى رقم لا يحتفظ به الذهن البشري فهي وإن كانت متناهية حقيقة لكنها غير متناهية تقريباً لكن الألفاظ أنى لنا أن ندعي أنها تصل إلى كلمات لا متناهية تقريباً، قد يقال نعم تكون متناهية تقريباً.

وهناك وجه رابع أشار له سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في بحوث ويصير يعني وجه رابع إلى صاحب الكفاية لأن الوجه الأول والثاني والثالث لصاحب الكفاية السيد محمود الهاشمي أشار إلى وجه رابع لصاحب الكفاية فيصير وجه السيد الخوئي هو الخامس ذكره في بحوث في علم الأصول الجزء الأول صفحة مئة وأربعة عشر، وأجاب عنه وأشار لهذا الوجه أستاذنا السيد كاظم الحائري في مباحث الأصول الجزء الأول صفحة ثلاث مئة وتسعة وسبعين في الحاشية رقم واحد.

لكن لا داعي لإطالة البحث والتطرق إليه.

نتيجة البحث اتضح في الجهة الأولى أنه لم يقم البرهان على ضرورة ولزوم ووجوب الاشتراك في اللغة بل ثبت بالوجدان أن الاشتراك ليس ضرورياً وإن احتاج إليه الإنسان المتكلم.

الجهة الثانية بالعكس دعوة استحالة الاشتراك مقابل ضرورة الاشتراك يأتي عليها الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo