< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

45/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جلسة97. يمكن التمسك بالإطلاق لنفي جزئية شيء أو شرطيته

 

التمسك بالإطلاق نفي الجزئية أو الشرطية على الأعمي

الجهة الثالثة يمكن التمسك بالإطلاق لنفي جزئية شيء أو شرطيته إذا شككنا فيه بناء على الأعمي ولا يمكن التمسك بالإطلاق بناء على الصحيحي.

تقدم هذا البحث في العبادات كالصلاة مثلاً وقلنا أنه لو شككنا في جزئية جزء للصلاة أو شرطية شرط للصلاة فهل يمكن التمسك بإطلاق قوله عزّ وجل: ﴿أقيموا الصلاة﴾[1] أو إطلاق <صلي> لنفي جزئية ذلك الجزء أو شرطية ذلك الشرط أو لا يمكن؟

قلنا فيما سبق أنه بناءً على الصحيحي والالتزام بأن لفظ العبادة كالصلاة قد وضع لخصوص الصحيح منها فإنه لا يمكن التمسك بالإطلاق.

والسرّ في ذلك:

إن الخطاب يكون مجملاً فلو شككنا في وجوب الذكر أو وجوب الطمأنينة في الصلاة فهل يمكن أن أن نتمسك بإطلاق قوله تعالى: ﴿أقيموا الصلاة﴾ لنفي الطمأنينة أو الذكر من الصلاة أو لا؟

الجواب: لا يمكن بناءً على الصحيح لأن لفظ أقيموا الصلاة يكون مجملاً بالنسبة إلى جزئية الطمأنينة أو جزئية الذكر إذ أنه يحتمل أن عنوان الصلاة لا ينطبق على الصلاة الفاقدة للطمأنينة أو الذكر إذ أن الصحيحي يلتزم بأن عنوان الصلاة ينطبق على تمام الأجزاء والشرائط المعتبر في الصلاة الصحيحة.

فإذا شككنا في جزئية جزء أو شرطية شرط فحينئذ لا يمكن للصحيحي أن يتمسك بالإطلاق نظراً لكون الخطاب مجملاً بخلاف الأعمي فإن الأعمي يلتزم بأن عنوان الصلاة ينطبق على الصلاة التي تتوفر فيها الأركان الأربعة أو الخمسة فالصلاة التي تشتمل على الركوع والسجود والطهور وتكبيرة الإحرام هذه الأركان الأربعة يصدق عليها عنوان الصلاة فلفظ الصلاة ينطبق على الجامع بين الصلاة الصحيحة والصلاة الفاسدة.

فإذا شككنا في جزئيات الطمأنينة أو وجوب السورة بعد الفاتحة أمكننا في وجوب السورة ببركة الإطلاق فنتمسك بإطلاق قوله عزّ وجل: ﴿أقيموا الصلاة﴾ إطلاق لفظ صلّ ولفظ الصلاة ينطبق على الجامع بين الصلاة الصحيحة والصلاة الفاسدة فيصدق عليها عنوان الصلاة فننفي جزئية الشيء أو شرطية الشيء.

هذا تمام الكلام في العبادات واتضح أنه يمكن للأعمي أن يتمسك بالإطلاق لنفي جزئية أو شرطية شيء لكن الأخصي والصحيحي لا يمكن أن يتمسك بالإطلاق لنفي جزئية أو شرطية شيء.

التمسك بالإطلاق في المعاملات

والكلام هو الكلام بالنسبة إلى المعاملات فإن الصحيحي لا يمكن أن يتمسك بإطلاق لفظ البيع الوارد في قوله عزّ وجل: ﴿أحل الله البيع﴾[2] لنفي جزئية جزء أو شرطية شرط فلو أوقع البيع صبي ليس ببالغ أو وقع البيع بالمعاطات والفعل دون التلفظ، وشككنا في اشتراط التلفظ بالصيغة في عقد البيع أو شككنا في اشتراط البلوغ بالنسبة إلى عقد البيع، فهل تتحقق النتيجة؟ تمليك مال بعين هذا العنوان المعتبر فيه البيع أو تمليك بمال بمال أو مبادلة مال بمال؟

أما الأعمي في هذه الحالة الأعمي يمكن أن يتمسك بإطلاق قوله عزّ وجل: ﴿أحل الله البيع﴾ لنفي اشتراط التلفظ بالصيغة أو اشتراط البلوغ إذ أن عنوان البيع يصدق على المعاملة التي تتوفر فيها أركان البيع مبادلة ثمن بمثمن والبيع كما يصدق على البيع الصحيح يصدق أيضاً على البيع الفاسد.

وأما الصحيحي فلا يمكن أن يتمسك بالإطلاق لنفي جزئية جزء أو شرطية شرط في عقد البيع لأن عنوان لا يصدق إلا على خصوص البيع الصحيحي دون البيع الفاسد وهذا الشيء الذي نشك في جزئيته أو شرطيته قد يكون مكوناً لصحة البيع شرعاً أو عقلائياً فعند الشكّ في ذلك لا يمكن التمسك.

إذاً إن قيل بأن أسماء المعاملات موضوعه لخصوص الصحيح دون الفاسد فهنا يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول أن يراد بالصحة الصحة الشرعية.

الاحتمال الثاني أن يراد بالصحة الصحة العقلائية.

أما الاحتمال الأول وهو أن يراد بلفظ البيع خصوص الصحة الشرعية فيقال إن لفظ قد جعله الشارع موضوعاً للإنشاء المستجمع لتمام الأجزاء والشرائط الدخيلة في ترتب الأثر شرعاً.

فعلى هذا يكون الخطاب مجملاً.

فإذا شككنا في اشتراط التلفظ بالعربية أو الصيغة أو اشتراط البلوغ أو اشتراط تعقب القبول للإيجاب فحينئذ لا يمكن التمسك بإطلاق دليل أحل الله البيع فهذا دليل الإمضاء الشرعي لا ينهض لإثبات صحة هذا البيع.

وإذا لم يحرز انطباق العنوان عنوان البيع الصحيح شرعاً على فاقد الخصوصية فحينئذ لا يمكن التمسك بالإطلاق لنفي الشرطية أو الجزئية.

هذا بناءً على الاحتمال الأول الصحيح الشرعي.

وأما بناء على الاحتمال الثاني وهو الالتزام بالصحيح العقلاء فحينئذ إن الذي يشك في كالتلفظ بالصيغة قد يشك في دخله في الصحة العقلائية رأساً يعني أصلاً العقلاء لا يرون البيع صحيحاً إذا صدر من صبي أو صدر من متعاط لم يتلفظ بالصيغة، فإذا شككنا في دخالة قيد التلفظ أو قيد البلوغ في صدق الصحة العقلائية للبيع فمن الواضح أن عنوان البيع لا ينطبق ولا يصدق على هذه المعاملة عقلائياً، فلا يصح التمسك بقوله: ﴿أحل الله البيع﴾ لنفي اشتراط البلوغ أو لنفي اشتراط التلفظ بالصيغة.

هذا تمام الكلام بناء على حمل المعاملة على خصوص الصحيح منها.

توضيح التمسك بالإطلاق عند الأعمي

وأما إذا التزمنا بأن المعاملة موضوعة لمطلق الصحيح والفاسد وأن لفظ البيع مثلاً موضوع لمطلق الإنشاء سواء كان لفظياً أو كان وسواء كان صحيحاً شرعياً أو كان صحيحاً عقلائياً وسواء لم يكن صحيحاً شرعياً أو لم يكن صحيحاً عقلائياً، فمن الواضح عنوان البيع يصدق وينطبق في جميع هذه الصور المختلفة.

فإذا شككنا في اشتراط البلوغ أو تعاقب الصيغة أو التلفظ بالصيغة أمكن نفي الشرطية أو الجزئية ببركة التمسك بالإطلاق.

هذا تمام الكلام في التمسك بالإطلاق اللفظي دون الإطلاق المقامي وصاحب الكفاية ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ .

أين مدفون صاحب الكفاية؟

حرم أمير المؤمنين إذا تدخل من الباب الرئيسي والمقابل لديوان الذهب مدفون على يدك اليمين السيد محمد سعيد الحكيم ـ الله يرحمه ـ وعلى يدك اليسار المحقق الرشتي صاحب بدائع الأفكار والآخوند الخراساني صاحب كفاية الأصول، هذا الباب باب الرضا مقابل ضريح أمير المؤمنين ـ سلام الله عليه ـ .

الإطلاق المقامي

صاحب الكفاية يقول يمكن التمسك هنا بالإطلاق المقامي وهذا بحث آخر وبحثنا في الجهة الثالثة عن التمسك بالإطلاق اللفظي لا الإطلاق المقامي الذي سنتطرق إليه إن شاء الله تعالى في الجهة الخامسة[3] .

الجهة الرابعة هذه الجهة معقودة لبيان أن التمسك بإطلاق دليل الإمضاء هل يصلح التمسك به بالنسبة إلى إمضاء السبب والمسبب معاً في المعاملات أم أن التمسك به يختص بخصوص إمضاء الأسباب دون إمضاء المسببات؟ وهذا بحث مهم.

هذا الكلام مشهور ذكره الأعاظم ومنهم المحقق المدقق الميرزا الشيخ محمد حسين النائيني[4] فقد ذكروا أنه بناءً على الأعمي عند الشك في الجزئية أو الشرطية إنما يمكن التمسك بإطلاق دليل الإمضاء لنفي هذه الجزئية والشرطية فيما إذا كان موضوع البيع هو السبب لا المسبب.

وأما إذا كان موضوع الإمضاء هو المسبب فلا يمكن التمسك بإطلاق هذا الدليل لإثبات أن السبب واسع بحيث ينطبق على فاقد الخصوصية أيضاً.

ومن الواضح أن الجهة الرابعة تتفرع على الجهة الثالثة في طولها فإذا التزمناه في الجهة الثالثة بأن الأعمي يمكن أن يتمسك بالإطلاق لنفي الجزئية دون الصحيحي فإنه لا يمكن أن يتمسك بالإطلاق لنفي الجزئية يأتي هذا الكلام هذا الأعمي الذي يمكن أن يتمسك بالإطلاق هذا الإطلاق أي إطلاق هل الإطلاق الناظر إلى السبب أو الإطلاق الناظر إلى المسبب؟ فدليل الإمضاء كالبيع ﴿أحل الله البيع﴾ قد يكون ناظراً إلى السبب كالانشاء اللفظي الذي هو سبب أو الإنشاء الفعلي كالمعاطاة الذي هو سبب لإيجاد البيع.

وقد يكون دليل الإمضاء ناظراً إلى المسبب الذي هو نتيجة المعاملة نتيجة معاملة البيع انتقال الثمن من المشتري إلى البائع وانتقال المثمن من ذمة البائع إلى ذمة المشتري.

إذاً في الجهة الرابعة نبحث عن دليل الإمضاء الذي يمكن أن نتمسك فيه بالإطلاق فأي دليل إمضاء يمكن أن نتمسك فيه بالإطلاق لنفي الجزئية أو الشرطية هل دليل الإمضاء الناظر إلى السبب أو دليل الإمضاء الناظر إلى المسبب؟

فالمولى الشرعي أو العرفي في مقام إمضاء المعاملة كالبيع أو الرهن أو الإيجار قد يكون في مقام إمضاء السبب وهو الإنشاء، وقد يكون في مقام إمضاء المسبب وهو النتيجة أي نتيجة المعاملة، فإذا كان المشرع العقلائي أو الشرعي في المقام الأول وهو في مقام إمضاء السبب فحينئذ يمكن للأعمي أن يتمسك بإطلاق دليل الإمضاء لإثبات أن كل سبب صحيح وكل إنشاء صحيح لأن لفظ البيع موضوع بناء على الأعمي لمطلق الإنشاء سواء كان لفظياً أو كان فعلياً فيشمله عموم أحل البيع فقد أحل الله مطلق الإنشاء المحقق والمسبب للبيع فيمكن التمسك بإطلاق أحل الله البيع لإثبات نفوذ تمام الأسباب.

وأما إذا كان المولى في مقام إمضاء المسببات لا الأسباب فحينئذ يكون دليل الإمضاء أحل الله البيع غير ناظر إلى الأسباب وأنه بأي شيء تتحقق الأشياء ويتحقق البيع وأن البيع هل يتحقق بالمعاطاة أو باللفظ أو بالإكراه أو بطيب النفس؟ يكون دليل الإمضاء غير ناظر أصلاً إلى الأسباب بل دليل الإمضاء ناظرٌ إلى النتيجة وأصل النتيجة يعني إمضاء تمليك المال بعوض المال في مقابل إمضاء تمليك البضع بالمال كما في النكاح.

فدليل الإمضاء أحل الله البيع ناظر إلى إمضاء النتيجة مقابلة مال بعوض مالي في مقابل بقية المعاملات كعقد النكاح مقابلة بضع بمال، فيكون دليل الإمضاء ليس ناظراً إلى الأسباب حتى إذا شككت في اشتراط الصيغة أو اشتراط الاختيار وعدم الإكراه أو اشتراط البلوغ و و إلى آخره فحينئذ لا يمكن أن تتمسك بإطلاق أحل الله البيع لإثبات صحة هذا البيع الفاقد لهذه الخصوصية التي نشك في اشتراطها أو نشك في جزئيتها.

إلى هنا أخذنا في الجهة الرابعة ما ذهب إليه مشهور الأصوليين ومعهم شيخنا المحقق هكذا يعبر عنا السيد الخوئي شيخنا الأستاذ يعبر عنه وعن المحقق الأصفهاني شيخنا المحقق.

الميرزا النائيني هكذا يقول تبعاً للمشهور:

التمسك بإطلاق لفظ المعاملة لنفي جزئية جزء أو شرطية شرط إنما ينفع في خصوص ما إذا كان دليل إمضاء المعاملة ناظراً إلى السبب ولا يفيد فيما إذا كان دليل إمضاء المعاملة ناظراً إلى المسبب إذ أن دليل إمضاء المعاملة الناظر إلى المسبب لا نظر له إلى الأسباب لكي ننفي الجزئية أو الشرطية لشيء قد يكون داخلاً في السبب لا المسبب.

هذا تمام الكلام في بيان الجهة الرابعة.

يبقى مناقشة السيد الخوئي لكلام المشهور ثم مناقشة تلميذه الوفي الشهيد السيد محمد باقر الصدر للسيد الخوئي وانتصاره للمشهور.

تتمة الكلام يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo