< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع:المقدمة-الوضع-كبرى الإطلاق الإيجادي

 

المقام الثاني

البحث في كبرى الإطلاق الإيجادي يقع في جهتين:

الجهة
الأولى
في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله.

الجهة الثانية
في إطلاق اللفظ وإرادة شخصه.

 

أما الجهة الأولى إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله، فقد ذهب بعض الأصوليين إلى أن إطلاق اللفظ وإرادة النوع أو الصنف هذا بعضه من باب الإيجاد وليس من باب الحكاية بل ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى أن إطلاق اللفظ وإرادة المثل من باب الإيجاد أيضاً وليس من باب الحكاية.

يراجع محاضرات في أصول الفقه تقرير الشيخ محمد إسحاق الفياض، الجزء الأول صفحة خمسة وتسعين،[1] ودراسات في علم الأصول تقرير السيد علي الهاشمي الجزء الأول صفحة ستين.[2]

وقالوا في تقريب ذلك
إن الوسيلة الحكائية إنما نلجأ إليها وإنما تعتمد فيما إذا تعذر إيجاد الموضوع خارجاً وأما إذا كان بالإمكان إيجاد نفس الموضوع في الخارج فلا معنى لتبعيد المسافة وإيجاد أمر حاكم عن الموجود الخارجي ما دام يمكن أن توجد نفس الموجود خارجاً.

اطلاق اللفظ و إرادة نوعه

وفي المقام إن كان الموضوع هو النوع فيمكن إيجاد النوع لأن النوع كلي والكلي يوجد بوجود فرده وكذلك الحال فيما إذا كان الموضوع هو الصنف أو المثل غاية ما في الأمر أن الموضوع بحاجة إلى تقييد الموضوع الذي هو الجامع يقيد بالمثل أو يقيد بالصنف فعندنا جامع مثل جامع الضرب مطلق الضرب هذا كليٌ وعندنا (ضرب زيد) هذا صنفٌ من أصناف الضرب وعندنا (مثل ضرب زيد) هذا أيضاً تقييد لجامع مقيد بزيد.

إذا عندنا جامع كجامع الضرب وهذا الجامع يقيد بالصنف كضرب زيد أو يقيد بالمثل تقول (مثل ضرب زيد) هذه المثلية أو هذه الصنفية يدل عليها الحرف، فتقول (ضرب في ضرب زيد) يعني نريد الضرب ولكن ليس مطلق الضرب في خصوص ضرب زيد الذي هو صنف من أصناف الضرب (ضرب في ضرب زيد) يعني نريد الضرب لكن ليس مطلق الضرب في خصوص مثل ضرب زيد.

فحرف (في) الدال على الظرفية هو الدال على إيجاد المثلية أو إيجاد الصنفية فهنا إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله يعني تطلق لفظ زيد وتريد الإنسان أنت تريد توجد النوع وهو الإنسان تطلق لفظ زيد فبإيجادك للفظ زيد تكون قد أوجدت النوع أيضاً وهو الإنسان الذي هو كلي منطبق على زيد.

إذا الإطلاق الإيجادي معقول في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله أما إرادة شخصه فسيأتي في الجهة الثانية.

إلى هنا واضح إن شاء الله

ولكن اتضح عندما بينا الفارق بين الوسيلة الإيجادية والوسيلة الحكائية اتضح عند بيان الفارق الأول أن هذا الكلام غير معقول لأننا حينما نوجد النوع في قولنا (ضربَ) فعل ماض مثلاً فقد أوجدنا النوع بإيجاد فرده لكن ليس مطلق النوع بل أوجدنا خصوص النوع المقيد بهذا الفرد الخاص.

وفرق بين الماهية بشرط شيء والماهية لا بشرط فرق بين الكلي المقيد بالحصة الخاصة وبالفرد الخاص فرق بين النوع المقيد بفرد خاص ومصداق خاص وبين مطلق النوع ومطلق الكلي يعني النوع لا بشرط الكلي لا بشرط.

إذا لا يمكن بهذا أن نحصل على الصورة الذهنية للكلي في ذهن السامع إلا بنحو مطابق لما أوجدناه خارجاً والحال إن الموجود في الخارج مقيد بالفرد الخاص وبالمصداق الخاص وبالحصة الخاصة،

إذاً الصورة الذهنية للشيء الخارجي أيضاً موجودة ضمن فرد خاص وحصة مخصوصة فيكون وجود الطبيعة في الصورة الذهنية وجوداً تحليلاً ضمنياً على نحو وجود الطبيعة في الفرد الذي أوجدناه خارجاً.

يعني في الخارج موجود طبيعة الإنسان الموجودة في زيد يعني في الخارج طبيعة الإنسان مقيدة بزيد أيضاً في الذهن توجد صورة كلي الإنسان المقيد بزيد، وبالتالي لم نحصل على موضوع القضية موضوع القضية كلي الإنسان لا بشرط وليس كلية الإنسان بشرط شيء لأننا نريد تشكيل قضية موضوعها هو الكلي والطبيعي لا بشرط، وهذا مستحيل بالوسيلة الإيجادية، فالوسيلة الإيجادية توجد الكلي بشرط شيء.

نعم لو جعلنا الصور الذهنية للكلي المقيد مقدمة إعدادية للكلي غير المشروط وغير المقيد يعني الكلي بحده وسعته هذا معقول لكن هذا من باب الحكاية والاستعمال لا من باب الإيجاد يعني حكاية صورة عن صورة يعني يوجد حاكي ويوجد محكي والحاكي هو الكلي بشرط شيء النوع بقيد الفرد والمحكي الكلي لا بشرط النوع لا بشرط الفرد.

إذاً هذه المقدمة الإعدادية الماهية بشرط الكلي بشرط شيء والمحكي الذي هو الماهية الكلية الكلي لا بشرط هذا من باب حكاية صورة عن صورة لا من باب الإيجاد.

الخلاصة إطلاق اللفظ وإرادة نوعه لا يعقل أن يكون من باب الإيجاد يعقل أن يكون من باب الحكاية والاستعمال،

إذاً إطلاق اللفظ وإرادة نوعه لا تتأتى فيه إلا الوسيلة الحكائية ولا تتأتى فيه ولا تعقل الوسيلة الإيجادية.

اطلاق اللفظ و إرادة شخصه أو مثله

يبقى الكلام في إطلاق اللفظ وإرادة شخصه أو إطلاق اللفظ وإرادة مثله يعني الجامع مثل جامع الضرب يقيد بالمثل (مثل هذا الضرب) أو يقيد بالصنف (ضرب زيد) والدال على هذا التقييد تقييد الجامع تقيد الجامع بالمثل أو الصنف هو الحرف ضرب في ضرب زيد يعني ضرب في مثل ضرب زيد ضرب في صنف ضرب زيد.

هنا نسأل هذا الحرف دلّ على تقييد على أي شيء تقييد أي شيء؟

يوجد احتمالان:

احتمال الأول
أن نقول دلّ على تقييد الوجود الخارجي وهذا مستحيل لأن الوجود الخارجي جزئي والجزئي لا يقبل الإطلاق والتقييد.

الاحتمال الثاني أن نقول إن الحرف دلّ على تقييد وتخصيص الصورة الذهنية.

قلنا التحصيص والتقييد إنما يكون للمفهوم والنظر إلى المفهوم يرجع إلى باب الاستعمال لا إلى باب إيجاد هذا معنى أن هذا الوجود الخارجي وهو الضرب المقيد بمثل زيد أو بصنف زيد في الخارج أردنا به شيئاً وراء حده الخارجي يعني أردنا به صورة ذهنية مقيدة بصنف زيد أو مقيدة بمثل زيد هذا تقييد الصورة بالمثل أو تقييد مفهوم الصورة بالصنف مرجعه إلى باب الاستعمال وليس مرجعه إلى باب الإيجاد.

إذاً الصحيح إن إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله إنما يكون من باب الاستعمال ولا يكون من باب الإيجاد والمصحح لهذا الاستعمال هو العلاقة الطبيعية بين الفرد ونوعه أو بين الفرد وصنفه أو بين الفرد ومثله.

البحث في كبرى الإيجاد الإطلاقي-أما الجهة الثانية

إطلاق الفرد وإرادة شخصه كما لو قلت (زيدٌ لفظٌ) فالموضوع هو لفظ زيد الذي أوجدته والمحمول لفظٌ إذا هذه القضية (زيدٌ لفظٌ) لها موضوع ومحمول فالمحمول وهو لفظ معنى حكائي والموضوع زيد أنت أوردت لفظ زيد ولم تقصد الحكاية عن زيد بل قصدت إيجاد لفظ زيد لما أوجدت شخص لفظ زيد قلت هذا لفظ.

التفتوا جيداً إلى المطلب أحياناً تحكي تقول (زيدٌ جميل) أنت تحكي عن زيد في الخارج أنه جميل أحيانا توجد لفظه تقول (خرابيط) أنت تلتفت خرابيط يعني ماذا؟ تقول لفظٌ.

فهنا لاحظوا خرابيط ولفظ بلاليط لفظ إيجادي معنى إيجادي يعني أنت أوجدت اللفظ بنفسه لا أنه حكى عن معنى غيره وهذا لفظ شخصي زيد أنت لم تأتي بلفظ كلي مثل إنسان حيوان إذا هذه القضية ملفقة من موضوع شخصي إيجادي ومحمول حكائي وأراد المتكلم أن يحضر هذه القضية في ذهن السامع يعني يوجد لفظ زيد في ذهن السامع ويحمل على اللفظ الذي أوجده وهو زيد يحمل عليه الخبر المحمول وهو لفظٌ.

فهل تصح النسبة أو لا؟ لأن القضية مؤلفة من ثلاثة أشياء: موضوع ومحمول وهيئة النسبة.

شرائط صحة النسبة

اتضح مما بيناه في الكبرى في المقام الأول إن صحة نسبة يتوقف على شرطين:

الشرط الأول
أن يكون موضوع القضية جزئياً خاصاً لا كلياً لاستحالة إيجاد الكلي فالوسيلة الإيجادية لا تقع إلا في الجزئي ولا تقع في الكلي.

ومن الواضح أن هذا الشرط متحقق في قولنا (زيدٌ لفظٌ) فلفظ زيد جزئي إذا الشرط الأول متحقق أن يكون الموضوع معنى جزئياً.

الشرط الثاني هو أن تكون الهيئة يعني هيئة النسبة موضوعه لإفادة النسبة.

سؤال فهل هيئة النسبة إذا كان الموضوع إيجادياً والمحمول حكائياً، هل هيئة النسبة تفيد النسبة لو ما تفيد؟

الجواب
توجد صورتان ـ التفتوا جيداً إلى هذه الصورة ـ :

الصورة الأولى
أن يكون الدالان لفظان.

الصورة الثانية أن يكون أحدهما فعل والآخر لفظ.

وبعبارة أخرى:

الوسيلة الإيجادية إما أن تكون لفظاً كما في مثالنا (زيد لفظ) فلفظ زيد معنى إيجادي وهو لفظ، وأحيانا لا يكون المعنى الإيجادي لفظ بالفعل تفتح الكتاب أشير لكلمة أقول (لفظ) يعني هذا لفظ أو أحمل كتاب الطبري أو كتاب الأصول ارفعه أقول كتابٌ.

صار الموضوع فعل والمحمول لفظ وهو لفظ كتاب إذاً المعنى الإيجادي إما أن يكون لفظاً وإما أن يكون ليس بلفظ كما لو كان فعلاً.

انحاء التلفيق بين الوسائل الحكائية و الإيجادية

إذا التلفيق بين الوسيلة الحكائية والوسيلة الإيجادية على نحوين:

النحو الأول
أن تكون الوسيلة الإيجادية لفظاً والوسيلة الحكائية لفظاً.

النحو الثاني
أن تكون الوسيلة الإيجادية فعلاً وأن تكون الوسيلة الحكائية لفظاً.

والصحيح أنه إذا كانت الوسيلة الإيجادية لفظاً من الألفاظ دلت هيئة النسبة على وجود النسبة لكن إذا كانت الوسيلة الإيجادية فعلاً من الأفعال فإن هيئة النسبة لا تدل على الشدّ والربط، فمثلاً فيما نحن فيه وهو مثال (زيدٌ لفظٌ) يعني أوجدت لك لفظ زيد الذي هو لفظ،

الأركان الثلاثة في (زيد لفظ)

هنا توفرت الأركان الثلاثة:

الركن الأول الوسيلة الإيجادية بإيراد الموضوع الجزئي الشخصي وهو زيد.

الركن الثاني الوسيلة الحكائية في قوله لفظ.

الركن الثالث هيئة النسبة التي شدت بين لفظين بين الموضوع الذي هو إيجادي وهو لفظ وبين المحمول الذي هو حكائي وهو لفظ.

إذا المبتدأ والخبر الموضوع والمحمول كلاهما لفظان هذا أمر وضعي الواضع اللغوي يضع هيئة النسبة للشدّ بين اللفظين بخلاف ما في الصورة الثانية وهو أنه إذا كان الموضوع فعل من الأفعال رفعت الكتاب حملته وقلت كتابٌ أو أشرت إلى الألفاظ والحروف وقلت لفظٌ فإن الموضوع معنى إيجادي لكنه فعل من الأفعال والمحمول وهو لفظ هذا معنى حكائي ووسيلة حكائية لكن الوضع اللغوي لم يضع هيئة النسبة بين المعنى إيجادي الفعلي وبين المعنى الحكائي اللفظي.

النتيجة النهائية
لاحظ معي جيداً المعنى الإيجادي غير متعقل في الجهة الأولى وهي إيجاد اللفظ وإرادة نوعه أو صنف أو مثله لكن في الجهة الثانية إطلاق اللفظ وإرادة شخصه فإن المعنى الإيجادي معقولٌ لأن الواضع اللغوي قد وضع هيئة النسبة للشدّ بين الطرفين إذا كانا لفظين فإذا أطلق اللفظ وأريد شخصه يتحقق المعنى الإيجادي إذا المعنى الإيجادي في إطلاق اللفظ وإرادة شخصه معقولٌ عدم التعقل فيما إذا كان الموضوع معنى إيجادي فعلي وليس معنى إيجادياً لفظياً.

ومن هنا يتضح بطلان ما أورده المحقق الأصفهاني نهاية الدراية الجزء الأول صفحة اثنين وثلاثين من طبعة قم وطبعة مؤسسة آل البيت لإحياء التراث نهاية الدراية الجزء الأول صفحة سبعة وستين قال:

لو كان يصح إطلاق اللفظ وإرادة شخصه وتشكيل قضية معنونة بالتلفيق بين الوسيلة الحكائية للمحمول والوسيلة الإيجادية للموضوع لصح أن نضرب شخصاً ثم نقول (ضرب) ونشكل بذلك قضية معنوية موضوعها احضر بالوسيلة الإيجادية وهو الضرب خارجاً ومحمولها احضر بالوسيلة الحكائية مع أن هذا غير صحيح عرفاً.

وذلك يكشف عن نكتة توجب عدم صحة إطلاق اللفظ وإرادة شخصه بنحو الإيجاد.

ولكن هذا النقد لا المساعدة عليه لأنه ناظر إلى الموضوع الإيجادي الذي هو فعل وليس لفظاً والعرف لا يرى صحة ذلك لأن الواضع اللغوي لم يضع هيئة للربط بين المعنى الحكائي اللفظي وبين المعنى الإيجادي الفعلي بل الواضع اللغوي وضع هيئة النسبة للربط والشدّ بين وسيلتين لفظيتين الأولى إيجادية تتمثل في الموضوع الشخصي الذي هو لفظ والثانية حكائية تتمثل في المحمول الذي هو لفظ.

النتيجة النهائية وصلنا إلى هكذا في المقام الثاني الصغريات في الجهة الأولى لم تتم الصغرى في الجهة الثانية تمت الصغرى.

الجهة الأولى إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو شخصه أو صنفه غير معقول في المعاني الإيجادية،

الجهة الثانية إطلاق اللفظ وإرادة شخصه معقولون لأن الواضع اللغوي وضع هيئة النسبة للربط والشد بين وسيلتين مختلفتين الأولى إيجادية تتمثل في الموضوع الشخصي الذي هو والثانية وسيلة حكائية تتمثل في اللفظ الذي هو محمول،

إذا تصح الوسيلة الإيجادية عند إطلاق اللفظ وإرادة شخصه.

سؤال هل تصح أيضاً الوسيلة الحكائية؟ إلى هنا وصلنا إطلاق اللفظ وإرادة شخصه يصح بالوسيلة إيجادية فهل يصح أيضاً بالوسيلة الحكائية أو لا؟

يعني نقدر نستخدم كلتا الوسيلتين: الوسيلة الإيجادية والحكائية عند إطلاق اللفظ وإرادة شخصه أو لا؟

الجواب ذهب بعض الأعلام إلى استحالة الوسيلة الحكائية في إطلاق اللفظ وإرادة شخصه فينحصر إطلاق اللفظ وإرادة شخصه في خصوص الوسيلة الإيجادية دون الوسيلة الحكائية، وذكروا وجهين:

الوجه الأول لزوم اتحاد الدال والمدلول، يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo