< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

•┈┈┈••●◆❁✿❁◆●••┈┈┈•

موضوع: جلسه 054 - الاعتراض الرابع الذي ذكره السيد الشهيد الصدر في بحثه

 

الاعتراض الرابع وهو أوجه الاعتراضات وأقواها وإن لم يذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في كتاباته ولكن ذكره السيد الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ في بحثه وذكر في تقريراته الأربعة.

التقرير الأول مباحث الأصول تقرير السيد كاظم الحائري ـ حفظه الله ـ الجزء الأول صفحة مئة واثنين وسبعين.

التقرير الثاني تقرير الشيخ حسن عبد الساتر بحوث في علم الأصول الجزء الثاني صفحة مئة واثنين وأربعين.

التقرير الثالث السيد محمود الهاشمي الشاهرودي بحوث في علم الأصول الجزء الأول صفحة مئتين وثمانية وستين.

التقرير الرابع تقرير محاضرات في علم أصول الفقه تقرير الشهيد الصدر الثاني السيد محمد محمد صادق الصدر الجزء الأول صفحة مئتين وتسعة وسبعين.

وقد نصّ السيد الشهيد الصدر على أن في تقريراته الأربعة على أن السيد الخوئي لم يذكر هذا الاعتراض في كتاباته فهو غير موجود في كتابات السيد الخوئي والتقريرات.

حاصل الاعتراض الرابع أن المشهور يبنون على أن الجملة موضوعةٌ للنسبة.

يراجع كفاية الأصول للمحقق الخراساني صفحة ثمانية عشر المقدمة الأمر السادس وضع المركبات، نهاية الدراية للمحقق الأصفهاني الجزء الأول صفحة أربعة وعشرين إلى ثمانية وأربعين، نهاية الأفكار للمحقق العراقي الجزء الأول صفحة أربعة وخمسين، دراسات في علم الأصول للسيد الخوئي تقرير السيد علي الهاشمي الشاهرودي الجزء الأول صفحة ستة وأربعين.

فقد ذهب المشهور إلى أن الجملة موضوعة للنسبة وفرقوا بين الجملة التامة وبين الجملة الناقصة وقالوا بأن الجملة التامة كـ قولنا (زيدٌ عالمٌ) موضوعة للنسبة التامة وأن النسبة الجملة الناقصة كقولنا (زيدٌ العالم) موضوعة للنسبة الناقصة.

ففرق المشهور بين الجملة التامة والجملة الناقصة الناقصة في أن الجملة التامة موضوعة للنسبة التامة والجملة الناقصة موضوعة للنسبة الناقصة والحال إن النسبة أمرٌ بسيط لا نتصور فيه النقصان والتمام.

فالمشهور يقولون إن لدينا نسبتين:

الأولى نسبة تامة بين زيد والعلم وهي التي تدل عليها جملة (زيدٌ عالم).

النسبة الثانية نسبة ناقصة تدل عليها جملة (زيد العالم) أو (علم زيد).

والسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ يقول:

وضع الجملة للنسبة غير متعقلٍ إذ أن النسبة أمرٌ بسيط وليس شيء يزيد وينقص فالأمر البسيط غير قابل للزيادة والنقصان ومعه لا نتصور نحوين من النسبة حتى نتصور فرقاً بين هاتين الجملتين.

إذاً المشهور عاجزٌ عن التفريق بين الجملة التامة والجملة الناقصة إذ أن المشهور لا يستطيع أن يبين سرّ تمامية النسبة وسرّ نقصانها والسيد الخوئي يقول النسبة غير قابلة للزيادة والنقصان لأنها أمر بسيط هذا بخلاف ما إذا بنينا على مسلك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ الذي يرى أن الجملة التامة موضوعةٌ لقصد الحكاية فمدلولها مدلولٌ تصديقي بخلاف الجملة الناقصة التي وضعت للتخصيص والتحصيص فيكون مدلولها مدلولٌ تصوري و ليس مدلولاً تصديقياً.

وهذا هو الفارق والسرّ والأساس والسرّ في التمامية والنقصان إذ أن الجملة التامة تامةٌ لأن مدلولها تصديقي لذلك يحسن السكوت عليها بخلاف الجملة الناقصة فمدلولها التحصيص والتخصيص فهذا مدلولٌ تصوري والمدلول التصوري لا يحسن السكوت عليه.

إذاً سرّ تمامية الجملة التامة أن مدلولها تصديقي وهو قصد الحكاية وسرّ نقصان الجملة الناقصة أن مدلولها تصوري وهو تخصيص وتحصيص المعنى الاسمي وتقييده.

هذا تمام الكلام فيما قرر السيد الشهيد الصدر لرأي أستاذه السيد الخوئي وقد ذكره في التقريرات الأربعة لـلشهيد الصدر.

لكن سيدنا الأستاذ السيد كاظم الحائري لديه حاشية في مباحث الأصول صفحة مئة وثلاثة وسبعين مهم يقول في الحاشية رقم واحد:

هذا التعبير لا ينسجم مع ما مضى عن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في حقيقة الدلالة الوضعية من أنها دلالة تصديقية وكان بالإمكان تتميم المطلب مع حذف فرضية كون دلالة المركب الناقص تصورياً.

انتهت الحاشية ونعم ما أفاد وأجاد إذ أن السيد الخوئي مسلكه في الوضع هو التعهد ووفقاً لمسلك التعهد يكون الوضع مدلولاً تصديقياً وليس مدلولاً تصورياً فكيف تفرق بين الجملة التامة بأن مدلولها تصديقي والجملة الناقصة بأن مدلولها تصوري الفرض أن المدلول التصوري لا ينسجم مع مبنى السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

التحقيق تحقيق الشهيد الصدر في تصوير الفارق بين النسبتين النسبة التامة والنسبة الناقصة.

يرى الشهيد الصدر أن التمامية والنقصان من شؤون النسبة بما هي هي أي في مرتبة المرحلة التصورية والمدلول التصوري لا بالمرتبة اللاحقة للمدلول التصوري وهو المدلول التصديقي إذاً نفس النسبة بما هي هي إما أن تكون تامة وإما أن تكون ناقصة ولا دخل للمدلول التصديقي في ذلك كما يقول السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

ويشهد لذلك أن الاستفهام والسؤال إنما يكون في مرحلة المدلول التصوري لا المدلول التصديقي تقول (هل جاء زيد؟ هل حضر الدرس؟ هل أكل الطعام؟) السؤال بـ هل هذا مدلوله تصوري وليس مدلوله تصديقي لأنه لا يعلم هل أكل أم لم يأكل؟! حضر الدرس أم لم يحضر؟!

مدلول الاستفهام تصوريٌ وهذا الاستفهام قد يدخل على الجملة التامة وقد يدخل على الجملة الناقصة ففي مثالنا (زيدٌ عالمٌ زيدٌ العالم) يمكن أن تقول هل زيدٌ عالمٌ فهنا دخل الاستفهام بأداة هل على جملة تامة وهي (زيدٌ عالمٌ) وهنا يحسن السكوت.

وقد تدخل (هل) على جملة ناقصة فتقول (هل زيدٌ العالم..؟) وتسكت فهنا جملة ناقصة ينبغي إتمامها بأن تقول (هل زيدٌ العالم يدرس؟) (هل زيدٌ العالم يؤلف؟) (هل زيدٌ العالم حاضر؟).

إذاً الاستفهام وأدوات الاستفهام لا تدخل إلا على المدلول التصوري والاستفهام يكون بمعزلٍ عن المدلول التصديقي ويوجد استفهامان:

استفهام تام يحسن السكوت عليه واستفهام ناقص لا يحسن السكوت عليه.

فإذا قلت (هل زيدٌ عالمٌ؟) يحسن السكوت على هذا الاستفهام والسؤال وإذا (قلت زيدٌ العالم) لا يحسن السكوت عند هذا الاستفهام.

إذاً بما أن الاستفهام دائماً مدلوله تصوري وأمكن أن نتصور في الاستفهام الجملة التامة التي يحسن السكوت عليها وأمكن أن نتصور في الاستفهام الجملة الناقصة التي لا يحسن السكوت عليها إذاً يتضح أن التمامية والنقصان من شؤون المدلول التصوري لا من شؤون المدلول التصديقي.

إذاً في المرتبة الأولى أثبتنا أن التمامية والنقصان إنما تكون في مرتبة ومرحلة المدلول التصوري لا في مرتبة ومرحلة المدلول التصديقي كما يقول السيد الخوئي من أنه لا بدّ أن تلتزموا بمسلكنا للتفرقة بين التمامية والنقصان فالتمامية مدلول تصديقي ناشىء من قصد الحكاية والنقصان مدلول تصوري ناشىء من التخصيص والتقييد والتحصيص للمعنى الاسمي.

إذاً تمامية ونقصان النسبة تكون في مرحلة النسبة بما هي هي أي في مرتبة المدلول التصوري.

يبقى الكلام في سرّ التمامية والنقصان ما هو السبب الذي أوجب التمامية؟ وما هو السبب الذي أوجب النقصان؟

يقول الشهيد الصدر:

إذا أطلعت على كلمات المشهور ستجد أنها لا تفي بذلك.

وقام بتحقيق المسألة وقال:

إن النسبة الناقصة هي النسبة التحليلية والنسبة التامة هي النسبة الواقعية، فقد سبق الكلام في تقسيم النسبة إلى قسمين:

القسم الأول النسب التحليلية كـ نسبة (في) في قولنا (النار في الموقد) إذ يرد إلى ذهنك صورة واحدة لكن هذه الصورة أنت تركبها من نار وموقد وظرفية الموقد للنار ولكن الصورة الموجودة في الذهن صورة واحدة بسيطة أنت تحلل نسبة الظرفية.

فالنسب الناقصة موضوعة للنسب التحليلية بينما الجمل التامة موضوعة للنسب التامة أي النسب الواقعية.

القسم الثاني النسب الحقيقة كـ النسب الإضرابية في قولنا (ضرب زيدٌ بل عمرٌ) فهنا في الواقع إن الضارب هو (عمر) المضرب إليه وليس زيد المضرب عنه.

إذاً نأتي إلى المثال الذي مثلنا به (زيدٌ عالم) (زيدٌ العالم) في قولنا (زيدٌ عالمٌ) توجد نسبة واقعية يعني يوجد عندنا زيد ويوجد عندنا العلم ويوجد عندنا النسبة بينهما بخلاف (زيدٌ العالم) فإنه يوجد في الذهن صورة ذهنية واحدة ولا توجد اثنينه بين زيد وبين العالم هذه الصورة الوحدانية يمكن أن يركبها الذهن فيقول (زيد العالم) متركب من ذات زيد وصفة العالم وتحصيص وتخصيص وتقييد زيد بالعالمية.

إذاً قولنا (زيد العالم) (علم زيدٍ) هذه نسبة ناقصة لا يصح السكوت عليها ومرجع النقصان إلى النسبة التحليلة فإنه في عالم الذهن لا توجد إلا صورة واحدة والذهن يستخرج هذه النسبة التحليلة بخلاف الجمل التامة (زيدٌ عالمٌ) فهي في صقع الذهن نسبة واقعية بحيث يرى شيئان بينهما نسبة الذهن كما في النسبة الإضرابية تقول (ضرب زيدٌ بل عمرٌ) الذهن يتصور زيد ويتصور عمر ويسند الضرب إلى عمر المضرب إليه وينفيها عن زيد المضرب عنه.

إذاً توجد نسبة واقعية بحيث يرى الذهن الشيئين كـ شيء واحد بينهما نسبةٌ تصاديقية يعني هذا زيد يصدق عليه عالم وهذا العالم يصدق عليه أنه زيد ويضرب مثال عرفي لو عندنا شخص مثل زيد وعندنا مرآة أو مرآتان أو ثلاثة مرايا هنا عندنا عالم المرايا وعندنا عالم ذي المرايا وذي المرآة.

أما بالنسبة إلى عالم المرايا فهنا الصورة واحدة أم متعددة؟

الصورة متعددة المرآة الأولى تعكس زيد والمرآة الثانية تعكس زيد والمرآة الثالثة تعكس زيد.

إذاً يوجد ماذا؟

يوجد تغاير لكن توجد نسبة تصادق نسبة التصادق غير التشابه.

أحياناً يوجد تشابه ولا يوجد تصادق كيف؟

عندنا توأمين نفس الشيء شكل واحد إذا البويضة واحدة وانقسمت نصفين المرآة الأولى تعكس التوأم الأول والمرآة الثانية تعكس التوأم الثاني.

سؤال هل يوجد تشابه بين صورتي المرآتين أم لا؟

الجواب نعم يوجد تشابه.

السؤال الثاني هل يوجد تصادق بين صورتي المرآتين أم لا؟

الجواب لا المرآة الأولى تصدق على التوأم الأول المرآة الثانية تصدق على التوأم الثاني إذا هنا يوجد تشابه ولا يوجد تصادق لكن التوأم الواحد كالتوأم الأول لو وضعنا له مرآتان فإن الصورة في المرآة الأولى تصادق ما نقول تشابه لا نقول تشابه فالتشابه فرع شيء آخر نقول تصادق فرع التصادق بين المرآة الأولى وبين المرآة الثانية لأنهما يعكسان مرئي واحد وهو التوأم الأول.

كذلك حينما نقول (زيدٌ عالمٌ) هذا زيد هو العالم وهذا العالم هو زيد جيد.

العالم الثاني عالم ذي المرآة وهو زيد وهو التوأم عالم ذي المرآة واحد أم متعدد؟

واحد، زيد يبقى زيد والتوأم الأول يبقى التوأم الأول مهما تعددت المرايا.

إذاً عالم ذي المرآة هو النسبة الحقيقة الواقعية وعالم المرايا هو عبارة النسبة التحليلية.

نأتي الآن إلى الأمثلة:

المثال الأول (علم زيد) (زيد العالم) هذه نسبة تحليلية الذهن يحلل يوجد اثنينه بين زيد وبين عالم ويوجد بينهما تصادق نسبة تصاديقيه وأما النسبة الواقعية الموجودة في الجملة التامة مثالها النسبة الإضرابية (جاء زيدٌ بل عمرٌ) الذهن يرى اثنينه بين زيد وبين عمر وينشأ نسبة واقعية يقول في الواقع الذي جاء هو عمر المضرب عنه وليس زيد.

إذاً هكذا بالنسبة إلى الجملة التامة تقول (زيدٌ عالمٌ) في عالم الذهن يوجد شيئان حاكيان:

مفهوم زيد ومفهوم عالم وتنشأ بينهما نسبة واقعية في عالم الوجود الذهني غاية ما في الأمر حينما تلحظهما تلحظهما بنحو الفناء في العالم الواحد نتيجة النسبة التصادقية بين زيد وبين عالم هذا مفاد قولنا (زيدٌ عالم) الجملة التامة.

الخلاصة بنظر الشهيد الصدر النسبة إن كانت تامة فهي تامة لأنها نسبة واقعية في عالم الذهن وإن كانت الجملة ناقصة فهذا منشأه النسبة الناقصة لأنها نسبة تحليلة لا يرى فيها الذهن إلا شيء واحد وكلتا النسبتين التامة والناقصة تقع في عالم الذهن في مرحلة المدلول التصوري لا في مرحلة المدلول التصديقي.

إذاً اتضح أن الاعتراض الرابع من السيد الخوئي ليس بتام وأمكن تصور وجه التمام والنقصان من دون الحاجة إلى الوجه الذي ذكره من أن المدلول التصديقي هو ملاك التمامية فلذلك قال الجملة التامة موضوعة لقصد الحكاية وإن المدلول التصوري هو ملاك النسبة الناقصة لذلك وضعت النسبة الناقصة لتحصيص والتقييد والتخصيص.

الجواب التمامية والنقصان من شؤون مرحلة المدلول التصوري لا المدلول التصديقي منشأ تمامية الجملة التامة هو أن النسبة التامة موضوعة للنسبة الواقعية ومنشأ نقصان الجملة الناقصة هو أنها موضوعة للنسبة الناقصة التي هي موضوعة للنسبة التحليلية.

إذاً الاعتراضات الأربعة التي وجهها السيد الخوئي إلى مسلك المشهور ليست تامة ومطلب المشهور مسلكهم معقول في حدّ نفسه فهو المتعين بل إن مسلك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ غير معقول في نفسه لأنه مبتلى بإشكالين يأتي عليهما الكلام.

وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo