< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الاعتراض الثاني للسيد الخوئي - ره - على مسلك المشهور

الاعتراض الثاني للسيد الخوئي، رحمه الله، على مسلك المشهور

وهو مبني على مسلك السيد الخوئي في الوضع إذ أن السيدة الخوئي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ يرى مسلك التعهد وهو أن التعهد لا يتعلق إلا بما يدخل تحت الاختيار في قولنا (زيد عالمٌ) لا تكون النسبة بين زيد وعالم تحت اختيار الواضع أو المستعمل حتى كون متعهداً بها فالواضع أو المستعمل لا يستطيع أن يجعل زيداً عالماً.

فلا يمكن أن يقول: إنني متى ما قلت (زيد عالم) فأنا متعهد بأن النسبة واقعة بين زيد والعالمية.

فالذي يكون تحت اختيار المتكلم هو قصد الحكاية عن علم زيد هذا هو مقام الجملة التامة وليس مفاد الجملة التامة التعهد بتحقق عالمية زين.

يمكن مراجعة اعتراض السيد الخوئي في محاضرات في أصول الفقه تقرير الشيخ محمد إسحاق الفياض الجزء الأول صفحة خمسة وثمانين إلى ستة وثمانين بحسب طبعة دار الهادي للمطبوعات بـ قم وحسب طبعة موسوعة الإمام الخوئي جزء ثلاثة وأربعين صفحة خمسة وتسعين.

أيضاً يمكن مراجعة التقريرات الأخرى للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في هذا المبحث دراسات في علم الأصول الجزء الأول صفحة سبعة وأربعين تقرير السيد علي الهاشمي.

وأيضاً الهداية في علم الأصول الجزء الأول صفحة خمسين تقرير الشيخ حسن الصافي الأصفهاني.

إذا خلاصة هذا الاعتراض أن السيدة الخوئي يرى في الوضع أن الواضع يتعهد بإيراد المعنى الذي قصده من اللفظ وهذا التعهد إنما يكون بما تحت الاختيار فالإنسان لا يتعهد بشيء ليس تحت اختياره.

ومن الواضح أن قصد الحكاية يدخل تحت دائرة الاختيار، وأما تحقق وقوع النسبة خارجاً وتحقق العالمية لزيد خارجاً فهذا لا يدخل تحت اختيار المتكلم.

واضح الاعتراض الثاني؟!

يقول الشهيد الصدر يبدو هذا نصّ كلامه لأنه موجود في التقريرات الثلاثة يقول:

وهذا الاعتراض أغرب من الاعتراض السابق:

يراجع مباحث الأصول السيد كاظم الحائري الجزء الأول صفحة مئة وسبعين وأيضاً يراجع تقرير هذا هنا عبر أقرب في تقرير الشهيد الصدر الثاني محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول صفحة مئتين وخمسة وسبعين قال:

وهذا الاعتراض أعجب من الاعتراض السابق:

ومثل هذه العبارة أيضاً موجودة في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر.

وذلك لأننا إذا جارينا هذا الطرز التعبير حتى الطرز من التعبير موجودة في التقريرات الثلاثة فإنه يمكن أن ننقض على السيد الخوئي بمبناه في المعاني الحرفية.

إذ بنا السيد السيد الخوئي على أن المعاني الحرفية هي عبارة عن تخصيص وتحصيص للمفاهيم الاسمية كما بنى أيضاً على أن الواضع هو عبارة عن التعهد فإذا جمعنا بين هذين الأمرين في قولنا الإنسان في السماء ممكن، فهل تحت اختيار المتكلم تحقق الإنسان في السماء؟! إذ أن وصول الإنسان الآخر في السماء ليس تحت اختيار المكلف.

وهكذا في المفردات فحينما نقول (زيدٌ) وهو اسم لابن خالد مثلاً فهل هذا يعني أننا نتعهد بإيجاد زيد الذي هو ابن خالد أم أن إيجاد زيد ليس تحت اختيارنا.

إذا حل هذه المغالطة في بيان ما يلي:

أولاً بناء على مسلك السيد الخوئي نقول لا شكّ ولا ريب أن المتعهد به أمر نفساني وهو قصد إخطار صورة زيد في ذهن السامع فليس المتعهد به أمرٌ خارجي حتى يعترض السيد الخوئي ويقول أنى للمتكلم أن يجعل زيداً عالماً في الخارج؟! فالمتعهد به ليس هو وقوع النسبة في الخارج بل المتعهد به هو أمر نفساني.

ويقع الخلاف في متعلق الأمر النفساني فالمشهور يقولون إن التعهد النفساني يتعلق بقصد إيراد النسبة التامة في الجملة الخبرية وقصد إخطار النسبة الناقصة في الجملة الناقصة والسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ يقول:

إن متعلق الأمر النفساني هو قصد الحكاية.

إذا ليس مراد المشهور من أن الجملة الخبرية موضوعة لنسبة التام الجملة التامة موضوعة للنسبة التامة هو تحقق النسبة التامة في الخارج وإنما المراد قصد إخطار النسبة التامة.

إذا حتى لو بنينا على مسلك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من أن الوضع هو عبارة عن التعهد والإنسان لا يتعهد إلا بما يكون تحت اختياره وتحت دائرته فإن الالتزام بأن الوضع عبارة عن التعهد لا ينافي ما ذهب إليه المشهور فيمكن أن يقال:

إن الوضع عبارة عن التعهد وهذا الإشكال الاعتراض الثاني لا ينفي المسلك الأول للمشهور ولا يثبت المسلك الثاني للسيد الخوئي، هذا الاعتراض غاية ما يثبته أن متعهد به أمرٌ نفساني لا خارجي.

وهناك خلاف في المتعلق هذا التعهد النفساني تعلق بماذا؟

فقد ذهب المشهور إلى أن متعلق الأمر النفساني هو عبارة عن قصد إخطار صورة النسبة وليس قصد تحقق النسبة في الخارج.

وقد ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى أن المتعلق هو عبارة عن قصد الحكاية فهذا الاختلاف لا ربط له بمسألة التعهد.

إذا الاعتراض الثاني ليس بتام.

الاعتراض الثالث للسيد الخوئي وكأنه مبني على أصلٍ موضوعي وحاصل هذا الأصل الموضوعي أن الجمل التامة تختلف عن الكلمات الأفرادية فالجمل التامة فيها دلالة تصديقية فلو قلت (زيدٌ عالمٌ) فلها دلالة تصديقية أي توجب ولو اقتضاء ولو شأناً التصديق بأن (زيداً عالمٌ) بخلاف الكلمات الأفرادية مثل زيد وعبيد وحجر وشجر ومدر ففيها دلالةٌ تصورية فقط وليس فيها دلالة تصديقة.

إذا الاعتراض الثالث مبني على التسليم بهذا الأصل الموضوعي وهو أن الجملة فيها دلالة تصديقية بخلاف الأفراد والكلمات الأفرادية فليس فيها دلال تصديقي وإنما فيها دلالة تصورية فقط.

وبعد التسليم بهذا الأصل الموضوعي نقول إنه إن كان مفاد الجملة هو النسبة كما يقول المشهور لزم عدم وجود الدلالة التصديقية إذ مجرد صدور هذا الكلام وكونه موضوعاً للنسبة لا يقتضي كون المتكلم صادقاً ولا يقتضي تحقق هذه النسبة.

إذا إذا بنينا على هذا الأصل الموضوعي وهو أن الوضع عبارة عن التعهد وبنينا أيضاً على أن الدلالة التصديقية موجودة في الجمل ولا توجد في الكلمات الأفرادية فحينئذ يوجد احتمالان لقول المشهور من أن الجملة موضوعة للنسبة.

الاحتمال الأول ما ذهب إليه المشهور.

الاحتمال الثاني ما ذهب إليه السيد الخوئي.

الأول ما ذهب إليه المشهور مدلول الجملة هو النسبة فهنا يلزم أن لا يكون لهذا دلالة تصديقية إذ من الواضح أنه بمجرد سماع الجملة من فمّ إنسان كقولنا (سقط الثلج) ـ كما سقط الثلج اليوم في قم مبارك عليكم ـ فهل مجرد سماع الجملة يكفي للتصديق بوقوع النسبة في الخارج؟

الجواب مجرد السماع لا يكفي ما لم يكن القائل ثقة عندنا فكثيراً ما نسمع الجمل ونحن نقطع بعدم صحتها، فيلزم من ذلك أن تكون الجملة ليس فيها دلالة تصديقية والحال إن الأصل الموضوعي يقول:

إن الدلالة التصديقية موجودة في الجمل وغير موجودة في الكلمات الإفرادية.

الاحتمال الثاني إذا كان مفاد الجملة هو قصد الحكاية كما عليه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ فحينئذ تتحقق الدلال التصديقية لأننا إذا سمعنا كلمة (سقط الثلج) من المتكلم فإننا نظن أن المتكلم يقصد الحكاية سواء كان صادقاً أو كاذباً.

إذاً قصد الحكاية متحققٌ والدلالة التصديقية قد تحققت في الاحتمال الثاني دون الاحتمال الأول واضح الإشكال أو لا؟!

أعيد واكرر من جديد الخلاصة والزبدة:

يوجد أصل موضوعي قصد الحكاية لابد أن يتحقق في الجمل وأما ليس قصد الحكاية؟ الدلالة التصديقية..

الجمل فيها دلالة تصديقية ولا يمكن التفكيك بينهما بخلاف الكلمات المفردة ففيها دلالة تصورية دون دلالة تصديقية فإذا التزمنا بمسلك المشهور وهو أن الجملة موضوعة للنسبة فإذا تكلم المتكلم فإننا لا نجزم بوقوع النسبة خارجاً فحينئذ لا توجد دلالة تصديقية أي أنه فككنا بين الجملة التامة وبين الدلالة التصديقية.

بخلاف ما لو التزمنا بمسلك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ وهو أن الجملة موضوع قصد الحكاية جملة تامة موضوعة لقصد الحكاية فإذا تكلم المتكلم فإننا نجزم ونصدق بأنه يقصد الحكاية سواء كان صادقاً أو كاذباً.

فعلى مسلك السيد الخوئي من أن الجملة التامة موضوعة لقصد الحكاية تتحقق الدلالة التصديقية في الجملة التامة وأما بناءً على مسلك المشهور من أن الجملة التامة موضوعة للنسبة فإن الدلالة التصديقية تنفعك عن الجملة التامة.

مداخلة...

على مسلك السيد الخوئي لو سمعها من غير متكلم الجملة...

نأتي له إن شاء الله اصبر نحن نقول كلام نحن ننقل كلام الشهيد الصدر عن السيد الخوئي وإلى الآن لم نبحث هل السيد الخوئي قال أم لا؟ وهل هذا صحيح أم لا؟ إلى الآن دعنا نتصور هذا الكلام هل هو واضح أم لا؟!

هذا تقرير الشهيد الصدر لكلام السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ لكن من قال أن السيد الخوئي يلتزم بأن الدلالة التصديقية موجودة في خصوص الجمل التامة وليست موجودة في الكلمات الإفرادية بل إن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ صرح في تقرير مصابيح الأصول صفحة تسعة وخمسين.

تقرير من هذا مصابيح الأصول؟

السيد علاء الدين بحر العلوم ـ رحمه الله ـ .

صرح بثبوت الدلالة التصديقية في المفردات أيضاً.

إذاً هذا الأصل الموضوعي لم يصرح به السيد الخوئي وإنما افترضه السيد الشهيد لكي يتم الاعتراض الثالث للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

وقد أشار أستاذنا السيد كاظم الحائري إلى هذه النكتة في كتابه مباحث الأصول الجزء الأول صفحة مئة وواحد وسبعين الحاشية رقم واحد قال:

وهذا الأصل الموضوعي الذي افترضه أستاذنا الشهيد ـ قدس سره ـ لهذا الاعتراض وهو تخصيص الدلالة التصديقية بالجمل التامة دون المفردات كأنه مستنبط من عدم إمكان توجيه هذا الاعتراض إلا بتفسير الدلالة التصديقية بوجهٍ لا يأتي في المفردات، وهو الوجه المذكور هنا في المتن في بيان هذا الاعتراض.

لا أن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ يؤمن حقاً باختصاص الدلالة التصديقية بالجملة.

إذا السيد الخوئي يرى أن الجملة أن الدلالة التصديقية بناءً على مسلك التعهد كما هي موجودة في الجملة التامة أيضاً موجودة في المفردات.

يراجع هذا الاعتراض للسيد الخوئي في أجود التقريرات الجزء الأول صفحة أربعة وخمسين وخمسة وعشرين وأيضاً محاضرات في أصول الفقه تقرير الفياض الجزء الأول صفحة خمسة وثمانين حسب طبعة دار الهادي للمطبوعات بقم حسب طبعة موسوعة الإمام الخوئي جزء ثلاثة وأربعين صفحة خمسة وتسعين.

أيضاً هذا يراجع فيه تقريرات أخرى للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ الهداية في علم الأصول الشيخ حسن الصاف الجزء الأول صفحة واحد وخمسين.

وفيه الآن بينا الاعتراض الثالث

يقول الشهيد الصدر ـ رحمه الله:

هذا الاعتراض لا يمكن المساعدة عليه فلو التزمنا بغير مسلك التعهد كمسلك الاعتبار الذي قال به المشهور ومن الواضح أن الدلالة الوضعية بناءً على مسلك الاعتبار وبناء على مسلك القرن الأكيد للشهيد الصدر إنما تكون دلالة تصورية تنشأ من الوضع وإن سمع من اصططكاك الحجر ولا توجد دلالة تصديقية بالوضع لا في المفرد ولا في الجملة الناقصة ولا في الجملة التامة.

فكما أن كلمة (نار) وهي كلمة مفردة لا تدل بالوضع إلا على صورة النار لا التصديق بها كذلك كلمة (زيد عالم) في الجملة التامة وكذلك كلمة (زيد العالم) في الجملة الناقصة لا تدل إلا على الدلالة التصورية ولا تدل على الدلالة التصديقية.

ولا نتعقل على أي مسلك من المسالك وجود دلالة تصديقية فجميع الدلالات تكون تصورية في الوضع في المفرد والجملة التامة والجملة الناقصة على جميع المسالك عدا مسلك التعهد للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ وإنما الدلالة التصديقية تنشأ من الظهور الحالي والسياقي والأمارات النوعية.

فلو قلت (سقط الثلج) وجئت وعليك الثلج أو هذا الذي يتكلم كان يرتعد من شدة البرودة فهنا نصدق به وقوع الثلج من الظهورات الحالية والسياقية.

إذاً التصديق يحصل من الظهورات الحالية والسياقية والأمارات النوعية وهذا باب غير باب الوضع، هذا إذا قلنا بمسلك غير مسلك التعهد كمسلك المشهور وهو الاعتبار.

وأما إذا التزمنا بمسلك التعهد الذي قال به السيد الخوئي فإن الدلالة التصديقية تثبت حتى في المفردات بالرغم من عدم وجود قصد الحكاية.

فحينما يقول (زيد) فإنه يقصد إخطار معناه وحينما يقول (زيد عالمٌ) فإنه يقصد التعهد بقصد النفساني أن العالمية ثابتةٌ لزيدٍ.

إذا لا دخل للدلالة التصديقية في تعيين مفاد الجملة أنها ثابتة الجملة التامة ثابتة للنسبة أو ثابتة لقصد الحكاية.

لو التزمنا بمسلك التعهد الدلالة التصديقية كما تثبت في الجملة التامة أيضاً تثبت في الكلمات الإفرادية وإذا التزمنا بمسلك المشهور وهو الاعتبار فإن الدلالة التصديقية غير موجودة لا في الجملة التامة ولا الناقصة ولا المفردات وإنما يستفاد ذلك من السياق.

إذاً سيدنا الخوئي بناء على مسلكك وهو أن الوضع عبارة عن التعهد والتعهد يرجع إلى قصد نفساني نسأل ما هو متعلق هذا القصد؟

هل هو قصد إخطار النسبة كما يقول به المشهور؟

أو هو قصد الحكاية كما يقول به السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ؟

إذا الاعتراض الثالث لا يمكن المساعدة عليه.

الاعتراض الرابع يأتي عليه الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo