< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/06/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: المرحلة الرابعة المفاهيم الحرفية

المرحلة الرابعة المفاهيم الحرفية ليس لها تقررٌ ماهوية في المرتبة السابقة على الوجود بخلاف المفاهيم الاسمية فلها تقرر ماهوي في المرتبة السابقة على الوجود.

بيان ذلك:

إنه بالإمكان عقد قضية موضوعها الماهية كالنار ومحمولها الوجود فتقول:

النار وجدت في ذهن المتكلم فهنا وإن كانت النار والوجود بحسب الخارج شيءٌ واحد فماهية النار ووجود النار في الخارج شيء واحد لكن بالنظر التحليلة الذهنية نحلل النار الموجودة في الخارج إلى شيئين: ماهية النار ووجود النار ونشكل قضية تحليلية موضوعها النار ومحمولها موجودٌ.

إذاً قبل مرتبة ومرحلة الوجود يوجد تقرر ماهوي لمفهوم النار، فتقول: النار موجودة أو النار غير موجودة، وهذا ما نقصده بالتقرر الماهوي للمفاهيم الاسمية أي إمكان عقد قضية تحليلية بالنظر التحليلي بحيث يكون موضوعوها الماهية ومحمولها الوجود.

الخلاصة بالنسبة إلى المفاهيم الاسمية في الخارج ماهية النار هي وجود النار ولا اثنينه بينهما ولكن في الذهن مرحلة مفهوم وماهية النار قبل مرحلة إثبات الوجود لها أو نفي الوجود عنها فأولاً يوجد تقرر ماهوية لمفهوم النار ومفهوم الموقد ثم يحمل الوجود أو عدم الوجود على المفهوم الاسمي كالنار أو الموقد.

هذا التقرر الماهوي للمفاهيم الاسمية الذي يسبق مرحلة حمل الوجود عليها في الذهن غير موجود في المفاهيم الحرفية لأن النسبة الذهنية في ذهن المتكلم متقومة بشخص وجود طرفيها ففي المرتبة السابقة على الوجود ليس للنسبة الذهنية تقررٌ ماهوي وذاتي فالتقرر الماهوي للنسبة الذهنية في طول وجود النسبة الذهنية يعني فرع وجود النسبة الذهنية أولاً توجد النسبة في الذهن ثم تنتزع الماهية فلا يوجد تقرر ماهوي للنسبة الذهنية يسبق مرحلة إثبات الوجود للنسبة الذهنية.

فبالنسبة للمفاهيم الاسمية كالنار والموقد يوجد تقرر ماهوي لمفهوم النار والموقد في الذهن ثم بعد ذلك يمكن أن تحمل عليها الوجود أو تنفيه فتقول (النار موجودة) (النار غير موجودة) (الموقد موجود) (الموقد غير موجود).

إذاً يوجد تقرر ماهوي ذهني يسبق مرحلة حمل الوجود على المفاهيم الاسمية في الذهن.

وأما بالنسبة إلى مفهوم النسبة والمفاهيم الحرفية فقبل وجودها في الذهن ليس لها ماهية إذ أن المعنى الحرفي والنسبة لا يوجد لها تقرر ماهوي في الذهن بمعزلٍ عن طرفيها إذ النسبة تتقوم بطرفيها فإذا عدم الطرفان انتفت النسبة، فالنسبة الذهنية لا تسبق الوجود الذهني وإنما النسبة الذهنية في طول الوجود الذهني.

أعيد وأكرر باختصار حتى يرسخ المطلب..

عندنا نار وموقد في الخارج وعندنا نار وموقد في الذهن هذا بالنسبة إلى المفاهيم الاسمية، وعندنا نسبة النار إلى الموقد في الخارج وعندنا نسبة النار إلى الموقد في الذهن.

أما في عالم الخارج فلا توجد اثنينه لا يوجد عندنا اثنان مفهوم النار ووجود النار مفهوم الموقد ووجود الموقد مفهوم النسبة ووجود النسبة بل يوجد شيء واحد في الخارج ولكن هذه المفاهيم الاسمية والحرفية إذا وردت إلى الذهن يحللها الذهن وتحصل الاثنينه.

أما بالنسبة إلى المفاهيم الاسمية مثل النار والموقد فالتقرر الماهوي أي استقرار مفهوم النار وماهية النار وماهية الموقد هذه المرحلة سابقة على مرحلة الوجود أولاً يثبت مفهوم النار والموقد الذهني ثم تحمل عليه الوجود أو تفني عنه الوجود ذهناً يعني يوجد تقرر ماهوي للمفاهيم الاسمية يسبق مرحلة حمل الوجود عليها أو نفي الوجود عنها بخلاف المفاهيم الحرفية كمفهوم النسبة فقوام النسبة بطرفيها ومع عدم وجود الطرفين لا يوجد مفهوم للنسبة فضلاً عن وجود النسبة.

نعم إذا وجد الطرفان في الذهن كالنار والموقد وجدت النسبة بينهما ويتفرع على وجود النسبة بينهما مفهوم النسبة وماهية النسبة.

إذاً الماهية في المفهوم الاسمي تسبق مرحلة الوجود ذهناً لا خارجاً بينما الماهية في المفهوم الحرفي تلحق الوجود فهي في طول الوجود وتتفرع على الوجود الذهني للنسبة.

ومن هنا يتضح أن المرحلة الرابعة فرع المرحلة الثالثة لأنه في المرحلة الثالثة قلنا لا يوجد جامع ذاتي بين النسب ولأنه لا يوجد جامع ذاتي بين النسب لا يوجد لها تقرر ماهوي.

لاحظ الدقة.. فالمرحلة الرابعة تتفرع على المرحلة الثالثة والمرحلة الثالثة تتفرع على المرحلة الثانية والمرحلة الثانية تتفرع على المرحلة الأولى والمرحلة الخامسة تتفرع على المرحلة الرابعة والثالثة كما سيأتي إن شاء الله.

هذا الكلام من أنه الآن... خلاصة المرحلة الرابعة لا يوجد تقرر ماهوية للمعاني الحرفية ويوجد تقرر ماهوي للمعاني الاسمية هذا من نتائج عدم إمكان تصور الجامع الذاتي النوعي بين النسب الثلاث الذي أخذناه في المرحلة الثالثة.

وهذا معنى آخر لما ذهب إليه المحقق النائيني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ في التفرقة بين المعاني الاسمية أنها إخطارية وبين المعاني الحرفية بأنها إيجادية.

فالمعاني الاسمية إخطارية باعتبار أنها مفاهيم لها تقرر ماهوي مقوماتها الذاتية مفهومية مثل مفهوم الإنسان له مقومات ذاتية وهي الحيوانية الناطقية والنار لها مقومات ذاتية فالمراد بإخطارية المعاني الاسمية أن لها تقرر ماهوي في المرحلة السابقة على مرحلة الوجود وحينما يوردها المتكلم فإنما يخطر التقرر الماهوي السابق لمرحلة الوجود الذهني.

بخلاف المعاني الحرفية فإنها إيجادية إذ أن المعنى الحرفي قوامه بأطرافه ومع عدم وجود أطرافه لا ماهية له فإذا وجدت الأطراف وجدت النسبة وإذا وجدت النسبة وجد مفهوم النسبة.

إذاً المراد بأن المعاني الحرفية معاني إيجادية أنه لا تقرر ماهوي لها في المرحلة السابقة وبوجد الأطراف توجد النسبة فيحصل التقرر الماهوي لمفهوم النسبة الذهنية.

هذا تمام الكلام في المرحلة الرابعة.

المرحلة الخامسة إن نسبة المعنى الحرفي في الذهن إلى المعنى الحرفي في الخارج هي نسبة المماثل إلى المماثل والجزئي إلى الجزئي بخلاف المعنى الاسمي ففي بعض موارده تكون نسبة المماثل إلى المماثل وفي بعض موارده الأخرى تكون النسبة هي نسبة الكلي إلى الفرد الكلي إلى المصداق الجامع إلى الفرد.

بيان ذلك:

مفهوم النار ومفهوم الموقد هذا معنى اسمي هذا المعنى الاسمي يلحظ في الذهن بأحد لحاظين:

اللحاظ الأول لحاظ النار والموقد بقيد وجودها الذهني أي بالنظر التصديقي، وبالتالي نقول عندنا نار ذهنية وعندنا نارٌ خارجية فتكون النسبة بينهما نسبة الجزئي إلى الجزئي والمماثل إلى المماثل فعندنا فردٌ ذهني وهو النار الذهنية وعندنا فردٌ خارجي وهو النار الخارجية.

القيد اللحاظ الثاني أن تلحظ النار من دون تقييدها بالقيد الذهني أي تلحظ النار بالنظر التصوري يعني تلحظ مجرد مفهوم النار من دون أن تقييدها بالوجود الذهني فتكون النار الذهنية كلي والنار الخارجية مصداق وتكون النار الذهنية عنوان وتكون النار الخارجية معنوناً وتكون الذهنية جامعاً وتكون النار الخارجية مصداقاً.

أعيد وأكرر في مثال آخر حتى يتضح المطلب...

الموقد عندنا موقد خارجي وعندنا موقد ذهني هذا الموقد الذهني يلحظ بأحد لحاظين:

اللحاظ الأول لحاظ الموقد بقيد وجوده في الذهن أي تلحظ الموقد بالنظر التصديقي فيكون عندنا فردان موقد ذهني في مقابل الموقد الخارجي فتكون النسبة بينهما نسبة المماثل إلى المماثل فالموقد الذهني يماثل الموقد الخارجي والموقد الذهني جزئي والموقد الخارجي جزئي أيضاً.

هذا بالنظر التصديقي أي تقييد الموقد بالقييد الذهني وبلحاظ وجوده في الذهن.

اللحاظ الثاني لحاظ الموقد في الذهن من دون تقييد بوجوده في الذهن أي لحاظ مفهوم الموقد بالنظر التصوري لا النظر التصديقي كما في اللحاظ الأول فتكون النسبة بين الموقد الذهني والموقد الخارج نسبة الكلي إلى فرده ومصداقه في الخارج فالنار والموقد الذهنيان من دون التقييد بالذهن هما كلي وجامع وعنوان والنار الخارجية هي معنون وفرد مصداق فالنسبة بين النار الذهنية والموقد الذهني الذي لم يقيد بقيد ذهني مع النار والموقد الخارجي هي نسبة الكلي إلى المصداق ونسبة الجامع إلى الفرد.

سؤال: المفاهيم الحرفية مثل مفهوم النسبة عندنا نسبة خارجية وعندنا نسبة ذهنية سؤال: النسبة بين النسبة الذهنية والنسبة الخارجية هل هي من قبيل الكلي إلى الفرد والجامع إلى الفرد والمصداق أو هي من قبيل نسبة المماثل إلى المماثل؟

الجواب يلا لاحظ معي حتى تعرف كيف أن المرحلة الخامس من متفرعات المرحلة الرابعة الجواب المعنى الحرفي ليس له تقرر ماهوي فقبل وجود الأطراف لا ماهية له ولا هوية فكيف يكون مفهوماً كلياً والنسبة في الخارج مصداق له وفرد له؟! فقبل وجود الأطراف لا يوجد تقرر ماهوي للنسبة الذهنية وبعد وجود الأطراف تتحقق النسبة الذهنية بلحاظ كونها في الذهن فتكون نسبة النسبة الذهنية إلى النسبة الخارجية هي نسبة المماثل إلى المماثل والجزئي إلى الجزئي.

يعني يوجد عندنا فردان من النسبة فردٌ وهو النسبة الذهنية وفردٌ آخر وهو النسبة الخارجية.

إذاً النسبة لها فردان نسبة ذهنية ونسبة خارجية.

لأن النسبة إذا أخذت بما هي موجودة في لوح الوجود إذاً هي فرد والنسبة الخارجية فرد آخر وإذا التفت إلى النسبة الذهنية بقطع النظر عن الوجود فهذا خلفٌ لأنه ليس لها تقرر ماهوي.

إذاً متى يحصل التقرر الماهوي للنسبة الذهنية إذا وجدت الأطراف ووجدت النسبة الذهنية، إذا النسبة بين النسبة الذهنية والنسبة الخارجية هي نسبة المماثل إلى المماثل والجزئي إلى الجزئي وهذا معنى ثالث من معنى المحقق النائيني حينما فرق بين إيجادية الحروف وبين إخطارية الأسماء فالمعنى الاسمي يكون منطبقاً على الخارج انطباق الكلي على الفرد والعنوان على المعنون والجامع على الفرد هذا إذا أخذ المعنى الاسمي من دون قيد اللحاظ الذهني.

وأما المعنى الحرفي فهو لا يعقل انطباقه على الخارج بل هو فرد مماثل للخارج.

ومن هنا يرد هذا الإشكال إذا كان المعنى الحرفي لا ينطبق على الخارج ليس المعنى الحرفي كلياً وجامعاً والنسبة الخارجية مصداق للنسبة الذهنية، إذاً كيف النسبة الذهنية تكشف عن النسبة الخارجية؟ مع أن النسبة الذهنية جزئي وفرد ذهني للنسبة والنسبة الخارجية فرد آخر وجزئي آخر خارجي فكيف تكشف النسبة الذهنية عن النسبة الخارجية وكيف تحكي النسبة الذهنية عن النسبة الخارجية.

والجواب حكاية النسبة الذهنية تبعٌ لحكاية المفاهيم الاسمية يعني حكاية النسبة الذهنية حكاية تبعيه لا أصلية فالنسبة الذهنية متقومة بالطرفين بمفهوم النار والموقد الذهنيين وبما أن مفهوم النار الذهنية تكشف عن النار الخارجية ومفهوم الموقد الذهني يحكي ويكشف عن الموقد الخارجي وتوجد نسبة في الخارج بين النار والموقد فكذلك النسبة بين النار والموقد في الذهن هذه النسبة الذهنية بتبع طرفيها يعني كيف أن النار الذهنية تحكي عن النار الخارجية؟! والموقد الذهني يحكي عن الموقد الخارجي؟! بتبع هذه الحكاية تكون النسبة الذهنية حاكية عن النسبة الخارجية وكاشفة عن النسبة الخارجية.

إذا النسبة الذهنية بما هي هي ليست كاشفة هي كاشفة وحاكية تبعاً لكشف وحكاية طرفيها إذ بدون طرفيها لا تقرر ماهوي لها فكيف تكشف وكيف تحكي؟!

أهم شيء تفهمون العلم لا تحفظونه أهم شيء تفهمون المطلب.

والخلاصة كما يقول شيخنا الأستاذ الداوري اتضح أن الإيجادية التي إدعاها المحقق النائيني لها ثلاثة أركان:

الركن الأول إن المعنى الحرفي إيجادي من حيث إن الغرض منه لا يتأتى إلا بأن يكون عين الحقيقة بالنظر التصديقي وهذا ما أخذناه في المرحلة الأولى.

الركن الثاني إن المعنى الحرفي سنخ معنى ليس له تقرر ماهوي وذاتي بقطع النظر عن الوجود الذهني بخلاف المعنى الاسمي فله تقرر ماهوي يسبق مرحلة الوجود في الذهن وهذا ما أخذناه في المرحلة الرابعة التي تفرعت عن المرحلة الثالثة عدم وجود جامع ذاتي بين النسب الثلاث.

الركن الثالث إن المعنى الحرفي نسبته إلى الخارج هي نسبة المماثل إلى المماثل والجزئي إلى الجزئي ونسبة الوجود إلى الوجود وليست نسبة الكلي إلى الفرد والجامع إلى المصداق والعنوان إلى المعنون كما في المعاني الاسمية وهذا ما أخذناه في المرحلة الخامسة.

إلى هنا انتهينا بحمد الله عزّ وجل من خمس مراحل للمسلك الثالث.

السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ذكر كلام أستاذه الميرزا النائيني وناقشه، وذكر كلام المحقق الأصفهاني أستاذه وناقشه ثم جاء ببيان ثالث وإدعى السيد الخوئي أن كلامه يغاير كلام أستاذيه والشهيد الصدر التلميذ الوفي للسيد الخوئي يقول:

ببيان هذه المراحل الخمس سيتضح أن كلام السيد الخوئي وأستاذيه الميرزا النائيني والمحقق الأصفهاني واحد وإنما الصيغ مختلفة فببيان هذه المراحل الخمسة سيتضح أن كلمات الأعلام الثلاثة ليس بينها فارقٌ جوهري وإنما الفارق في الصياغة.

لذلك يقع الكلام في الدرس القادم إن شاء الله عن تقرير المشهور للمسلك الثالث يأتي عليه الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo