< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: تحقيق القول في المسلك الثاني

تحقيق القول في المسلك الثاني

المسلك الثاني في الوضع هو ما ذهب إليه صاحب الكفاية ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ ومفاده أن معنى الحرف والاسم واحد ذاتاً متباين عرضاً فمعنى الاسم والحرف واحد بحسب الذات وإنما الفارق بحسب اللحاظ فالاسم أخذ فيه المعنى باللحاظ الاستقلالي والحرف أخذ فيه نفس المعنى باللحاظ الآلي والتبعي.

وهذا اللحاظ سواء الآلي أو الاستقلالي لم يؤخذ كقيد في المعنى الموضوع له الاسم والحرف وإنما أخذ كقيد في نفس الوضع والعلاقة الوضعية، وقد ذكر السيد الشهيد خمسة اعتراضات:

الأول للمحقق الأصفهاني.

والثاني للميرز النائيني.

والثالث والرابع والخامس للسيد الخوئي.

وقد ذهب السيد الشهيد الصدر إلى عدم تمامية هذه الاعتراضات الخمسة بأجمعها وقد اتضح أن الاعتراض الأول والثاني تام عندنا دون الاعتراض الثالث والرابع والخامس.

وبالتالي يقول السيد الشهيد لابد من تحقيق المسلك الثاني بعد عدم تمامية الاعتراضات الخمسة عنده ويأتي بتحقيق أنيق ورشيق ودقيق ونحن نقبله فتكون الاعتراضات ثلاثة وهي تامة عندنا: الأول للمحقق الأصفهاني والثاني للميرزا النائيني والثالث للسيد الشهيد الصدر.

مفاد هذا الاعتراض السادس الذي هو مقتضى الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ ما نصّه كما ورد في تقرير الشهيد الصدر الثاني محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول من صفحة مئتين وثمانية وعشرين إلى صفحة مئتين واثنين وثلاثين.

وأيضا ورد في تقرير السيد كاظم الحائري مباحث الأصول الجزء الأول من صفحة مئة وخمسة وثلاثين إلى صفحة مئة وثمانية وثلاثين.

وأيضاً ورد في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني من صفحة مئة وخمسة إلى صفحة مئة وسبعة.

ومفاد هذا التحقيق ما يلي:

إن المسلك الثاني غير صحيح في نفسه، بيان ذلك:

إننا نواجه أمرين مختلفين:

الأمر الأول مفهوم الابتداء وهو مفهوم من المفاهيم الاستقلالية في ذاته وقابل لأن يوجد بوجود استقلالي في عالم الذهن فإن بإمكان كل فرد أن يتصور مفهوم الابتداء دون أن يتصور أطراف الابتداء وهذا المفهوم الاسمي بذاته يندرج في إحدى المقولات العشر العرضية وهي مقولة الإضافة كالأبوة والبنوة.

فنقول أيضاً يوجد مفهوم إضافي وهو مفهوم الابتداء الانتهاء الاستعلاء الظرفية فيكون المعنى الاسمي والمفهوم الاسمي للابتداء والانتهاء والظرفية والاستعلاء من المفاهيم الاسمية ذات الإضافة كالبنوة والأمومة والبنوة هذا الأمر الأول مفهوم الابتداء.

الأمر الثاني النسبة الواقعة بين السير والبصرة وهي ليست صالحة للوجود الاستقلالي في عالم الذهن لما سيأتي إن شاء الله في المسلك الثالث الذي يراه الشهيد الصدر والسيد الخوئي والسيد الإمام والأعلام الثلاثة ونحن نراه أيضاً من وجود تباين ذاتي بين معنى الحرف ومعنى الاسم إذ أن معنى الاسم أنه قائم بذاته ومعنى الحرب أنه غير قائم بذاته ولا يمكن الجمع بينهما، فهناك تغاير ماهوي حقيقي ذاتي وليس لحاظياً.

وسيأتي البرهان على أن النسب بذاتها متقومة بغيرها ومرتبطة بغيرها فالوجود الحرفي هو عين الوجود التعلقي والربطي فمعنى الحرف ومعنى النسبة هو عين الوجود التعلقي عين الوجود الربطي والتبعي والوجود الربطي والتبعي هو عين الفقر إلى الغير وعين الحاجة إلى الغير بخلاف المعنى الاسمي الذي هو عين الاستغناء عن الغير عين الاستغناء عن الغير وعين التقوم بالذات والاستغناء عن الغير.

فما كان بذاته فقيراً كالحرف يستحيل أن يكون غنياً بوجوده لأن الوجود ليس إلا وجود تلك الماهية التي هي مرتبطة بالغير.

إذا سيأتي إن شاء الله في المسلك الثالث أنه توجد عندنا ماهيتان الماهية الأولى قائمة بنفسها مستغنية عن غيرها فقوام الماهية بذاتها لا أنك تلحظها بذاتها هي قائمة بذاتها ومستغنية عن غيرها وقوام الحرف قيامه بغيره فالحرف والنسبة هي عين الاستغناء عن الغير.

هذا سيأتي في المسلك الثالث ولا نريد أن نصادر المطلب على صاحب الكفاية يلا يا حبيبي يا صاحب الكفاية إلى هنا عندنا أمران:

الأول مفهوم الابتداء مفهوم الانتهاء وندعي أنه قائم بذاته.

الأمر الثاني واقع النسبة واقع الربط يعني النسبة في الواقع الربط في الواقع هي عين الفقر إلى الغير، النسبة بما هي هي ليست قائمة بنفسها بل قائمة بطرفيها واضح إلى هنا؟

الآن نتكلم في احتمالين في شقين يلا لاحظ معي:

الاحتمال الأول إن كان مقصود صاحب الكفاية أن معنى الحرف والاسم واحد والاختلاف في اللحاظ أن معنى الاسم أن معناهما الواحد هو مفهوم الابتداء لا النسبة أي الأمر الأول مفهوم الابتداء مفهوم الانتهاء مفهوم الظرفية مفهوم الاستعلاء لا الأمر الثاني نسبة الابتداء الواقعية نسبة الانتهاء الواقعية نسبة الاستعلاء الواقعية نسبة الظرفية الواقعية، نتكلم في الاحتمال الأول.

إذا كان مقصودة من المعنى الواحد هو مفهوم الابتداء القابل للوجود الاستقلالي في عالم الذهن، فهنا يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول أن يلحظ مفهوم الابتداء بما هو هو أي بما عبر عنه بلفظ الابتداء فهذا معنى اسمي.

والاحتمال الثاني أن يلحظ مفهوم الابتداء بما هو حالة في غيره أي قائم بغيره، وقد عبر عنه بلفظ (من) وهكذا يلحظ مفهوم الانتهاء بما هو حال في غيره وقد عبر عنه بلفظ (إلى) أو يلحظ مفهوم الاستعلاء بما هو حاله في غيره وقد عبر عنه بلفظ (على).

فعندها يرد على صاحب الكفاية أن مفهوم الابتداء والانتهاء والاستعلاء والظرفية وإن كان قابلاً لكلا اللحاظين اللحاظ الاستقلالي واللحاظ الآلي لكن هذه المفاهيم الاسمية مفهوم الابتداء والانتهاء والاستعلاء والظرفية إن لوحظت بما هي حالة غيرها وقائمة وتابعة لغيرها فهي لا شك تشتمل على فرض نسبة في الواقع.

فهي تفرض نسبة بين المبتدأ وتفرض نسبة بين المنتهى وتفرض نسبة واقعية بين المستعلي وبين ما وقع ظرفاً.

إذا إن قلت إن هذه المفاهيم الاسمية لوحظت بما هي حالة في غيرها أي أن هذه المفاهيم الاسمية تفترض وجود نسبة في الواقع لأن مفهوم الابتداء والسير مفاهيم اسمية، مفهوم السير والانتهاء مفاهيم اسمية استقلالية، وإذا أردنا أن نربط بين مفهوم السير الاسمي الاستقلالي ومفهوم الابتداء الاستقلالي لابد من وجود نسبة رابطة تربط بينهما.

إذاً بحسب الدقة إذاً لاحظنا يوجد عندنا أمران:

الأول مفهوم الابتداء الآلي.

الثاني النسبة.

بعد في مثال آخر مفهوم الانتهاء الآلي يعني الذي أخذ باللحاظ الآلي ومفهوم النسبة مو مفهوم النسبة واقع النسبة النسبة التي تقوم بالربط واقعاً.

إذاً عندنا مفهوم الابتداء الاستقلالي الانتهاء الاستقلالي الظرفية الاستقلالية الاستعلاء الاستقلالي هذا قس.م

القسم ثاني بحسب مبنى صاحب الكفاية مفهوم الابتداء الآلي مفهوم الانتهاء الآلي مفهوم الآلية مفهوم الاستعلاء الآلي هذا كمفهوم لا يربط لأنه وإن لوحظ كآلة لكنه بما هو هو معنى اسمي لا يقوم بالربط، إذاً نحتاج إلى الأمر الثاني النسبة.

فإن ذهبوا إلى أن لفظ من موضوع للابتداء الآلي مفهوم إلى وضع للانتهاء الآلي فحينئذ نتساءل ما هو موضوع النسبة؟ فإنه ليس لدينا إلا الاسم أو الحرف والمقصود بالحرف الجامع بين الحروف والهيئات فلا بد من دلالة الحرف على النسبة وبذلك يحصل التغاير الماهوي بين الاسم والنسبة أو الحرف.

إذا يا صاحب الكفاية خلاصة المناقشة هكذا في الاحتمال الأول:

لو التزمنا بوجود مفهوم الابتداء الآلي مفهوم الابتداء الذي أخذ كآلة قائمة بالغير فإن نفس المفهوم الآلي لا يحقق الربط بين الأطراف بل الذي يحقق الربط بين الأطراف هو النسبة الواقعية وليس مفهوم الابتداء الآلي.

هذا إذا كان مقصود صاحب الكفاية من المعنى واحد مفهوم الابتداء الآلي لا النسبة مفهوم الانتهاء الآلي لا لنسبة هذا تمام الكلام في الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني إذا كان مقصود صاحب الكفاية من المعنى الواحد هو حاق النسبة الواقعية الابتدائية وليس مفهوم الابتداء الآلي ففي قولنا (سرت من البصرة) يكون المعنى هو حاق النسبة بين السير والبصرة لا بين الابتداء والسير فالموضوع لها موضوع لهذا هو الحرف ولا يعقل أن يكون الموضوع لهذه النسبة هو كلمة الابتداء لأن كلمة الابتداء تدل على معنى صالح للوجود الاستقلالي في الذهن، والحال إن لفظت من لا تدل على وجود معنى استقلالي في الذهن.

إذا يتعين أن تكون كلمة (الابتداء) لمفهوم الابتداء وكلمة (من) موضوعة لحاق النسبة وهذا معنى التغاير الماهوي بين مفهوم الابتداء الذي هو اسمي استقلالي وبين مفهوم (من) الذي هو معنى حرفي رابطي تبعي غير استقلالي.

النتيجة النهائية في الجهة الأولى التي قال بها صاحب الكفاية صاحب الكفاية كلامه في جهتين:

الجهة الأولى أنه لا يوجد تغاير ماهوي بين معنى الاسم والحرف وأن معنى الاسم والحرف واحدٌ ذاتاً هذا الجهة الأولى.

الجهة الثانية في كلام صاحب الكفاية والتي ركز عليها إن التغاير عرضي ولحاظي وهو أنه في المعنى لوحظ هذا المعنى الواحد بالاستقلال وفي المعنى الحرفي لوحظ هذا المعنى الواحد بالتبع.

يقول الشهيد الصدر في تقرير الشهيد الصدر الثاني الجزء الأول محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول صفحة مئتين وثلاثين:

وأما الجهة الثانية فلا يبقى موضوع لها والتي كان من المقرر أن نبحث فيها ما إذا كان اللحاظ الآلي قد أخذ قيداً في الوضع أم في المعنى الموضوع له ومعه فلا موجب للتعرض له.

فلم يتعرض الشهيد الصدر الأول في تقريرين للجهة الثانية:

التقرير الأول تقرير الشهيد الصدر الثاني الجزء الأول صفحة مئتين وثلاثين.

والتقرير الثاني تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني بحوث في علم الأصول صفحة مئة وسبعة.

الشيخ حسن عبد الساتر كتب ثلاث صفحات فقط هنا مختصر الذي طول السيد كاظم الحائري السيد كاظم الحائري في المتن تطرق إلى الجهة الثانية في المتن ويفهم من هذا إن هذا كلام الشهيد الصدر إلى أن وصل في المناقشة إلى... وثانياً هذا في مناقشات الشهيد الصدر يقول هكذا السيد كاظم الحائري في الجزء الأول صفحة مئة وسبعة وثلاثين في الحاشية يقول:

من هنا إلى أول المسلك الثالث ساقط لدينا من كتابتنا الأصلية ومن المناسب أن يكون المحذوف ما يلي فواضح أنه من المناسب يعني هذا صياغته هو.

وأما الشهيد الصدر الثاني فكتب في الحاشية حول الجهة الثانية ويفهم أن هذا كلامه هو وليس نصّ كلام الشهيد الصدر في الدرس، ولكن لعل هذا استفاده من الشهيد الصدر خارج الدرس نحن نذكره باختصار ولا حاجة للإطالة، يقول الشهيد الصدر الثاني صفحة مئتين وثلاثين الحاشية رقم واحد:

قال السيد ـ دام ظله ـ في الجهة الثانية التي تركها في البحث فواضح يعني أنه ينقل عنه خارج البحث إنه يوجد برهان ثبوتي يدل على بطلان قول الآخوند ـ قدس سره ـ بأن اللحاظ الآلي قيد في الوضع وذلك هو أنه أولاً وثانياً أنا أذكر أولاً وثانياً بشكل مقتضب ومختصر:

أولاً في المتفاهم العرفي بين الناس يتبادر إلى ذهن الناس القيد المأخوذ في المعنى الموضوع له ولا يتبادر إلى الناس القيد المأخوذ في نفس العلاقة الوضعية.

إذا القول بأن قيد اللحاظ الآلي أو الاستقلالي قد أخذ في نفس العلاقة الوضعية لا نفس المعنى الموضوع له لا يبقى تفسير له في ذهن السامع يعني ذهن سامع لا يستطيع أن يفسر هذا القيد المأخوذ في العلاقة.

الآن أقرأ نصّ كلامه حاولت أبسطه الآن نقرأ نصّ كلام:

أولاً لو كان اللحاظ الآلي قيداً في الوضع لما أمكن تفسير وجود هذا اللحاظ في ذهن السامع فإن السامع حين يسمع لفظ (من) إنما ينتقل إلى ذهنه الموضوع له خاصة دون قيود الوضع وخصائصه فإذا كان اللحاظ الآلي شرطاً في الوضع لم يمكن انتقاله إلى السامع بحال ومعه لا يبقى تفسير لوجود الارتباط في ذهن السامع.

المناقشة الثانية يا صاحب الكفاية أنت حصرت الأمر بين أمرين:

إما يؤخذ اللحاظ الآلي والاستقلالي كقيد في الموضوع المعنى الموضوع أو يؤخذ كقيد في نفس الوضع.

ونحن نقول يوجد شقّ ثالث لا مانع منه، ما هو هذا الشق الثالث؟

أن يؤخذ عدم اللحاظ الآلي في الاسم.

أنت الآن أخد اللحاظ الآلي واللحاظر الاستقلالي وقلت اللحافظ الآلي أو الاستقلالي إما يؤخذ كقيد في المعنى الموضوع له أو يؤخذ كقيد في العلاقة الوضعية، لماذا أنت حصرتنا في خصوص أخذ اللحاظ الآلي؟! يوجد احتمال ثالث عدم اللحاظ الآلي وعدم اللحاظ الاستقلالي وهذا لا مانعنا لاحظ التعبير.

ثانيا أنه لا يدور الأمر بين أخذ اللحاظ الآلي قيداً في الوضع أو قيداً في الموضوع له ليرد عليه إشكالات الكفاية بعد التنزل عن الوجه السابق بل هنا شق ثالث لا يرد عليه شيء من الإشكالات على أخذ اللحاظ قيداً في الموضوع له وهو أن يقيد الموضوع له في الحروف بعدم اللحاظ الاستقلالي والموضوع له في الأسماء بعدم اللحاظ الآلي فهذا وجه ممكن في نفسه ولا يرد عليه تلك الإشكالات فما هو المعين للمسلك الذي اخترته على تقدير التسليم بإمكانه؟!

يعني لو سلمنا أن أخذ اللحاظ الآلي في الحرف وأخذ اللحاظ الاستقلالي في الاسم يمكن أن يؤخذ في نفس العلاقة الوضعية ولا يمكن أن يؤخذ في المعنى الموضوع له هذا ممكن يوجد احتمال آخر أيضاً ممكن أن يؤخذ عدم اللحاظ الآلي في الاسم وأن يؤخذ عدم اللحاظ الاستقلالي في الحرف هذا ممكن وهذا ممكن فما هو المعين لاحتمالك يا صاحب الكفاية على هذا الاحتمال؟!

صاحب الكفاية قال يؤخذ اللحاظ الاستقلالي في العلاقة الوضعية في الاسم ويؤخذ اللحاظ التبعي والآلي في العلاقة الوضعية في الحرف هذا احتمال ممكن بنظره ويوجد احتمال آخر ممكن أن يؤخذ عدم اللحاظ الآلي في الاسم وأن يؤخذ عدم اللحاظ الاستقلالي في الحرف ولا معيناً لأحدهما على الآخر.

طبعاً سيدنا الأستاذ السيد كاظم الحائري فصل وذكر كلمات ثلاث وشقوق طويلة لا داعي للإطالة فيها.

هذا تمام الكلام في المسلك الثاني واتضح أن المسلك الأول ليس بتام كما أن المسلك الثاني ليس بتام يبقى الكلام في المسلك الثالث وهو مسلك مشهور الأصوليين المتأخرين وهو التباين الذاتي بين الاسم والحرف يأتي عليه الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo