< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جلسه 041 - الاعتراض الرابع على المسلك الثاني وهو للسيد الخوئي

 

الاعتراض الرابع وهو للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في تعليقة على أجود التقريرات وهو تقريره لبحث أستاذه الميرزا النائيني الجزء الأول صفحة ستة عشر.

ومفاد الاعتراض الرابع النقض بالمصادر وتوضيح ذلك:

أن الأصحاب ومنهم السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ قد ذكروه أن الفرق بين المصدر كالاغتسال والتوضؤ واسم المصدر كالغوص والوضوء ففرق بين المصدر كالتطهر وبين اسم المصدر كالطهارة.

والفرق بينهما أن اسم المصدر يدل على ذات الحدث بما هو هو من دون نسبته إلى فاعل أو مفعول معين بينما المصدر يدل على الحدث بما هو حاله في الفاعل أو المفعول.

وعليه يقال إنه يلزم أن يكون المصدر حرفاً لأنه يلحظ حالة في غيره وفانياً فيه.

يراجع تقرير السيد كاظم الحائري لبحث الشهيد الصدر الأول مباحث الأصول الجزء الأول صفحة مئة وواحد وثلاثين، وتقرير الشيخ حسن عبد الساتر بحوث في علم الأصول الجزء الثاني صفحة مئة، وتقرير الشهيد الصدر الثاني محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول صفحة مئتين وخمسة وعشرين.

وقد أجاب على نقض السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ تلميذه الصدر الأول بما مفاده:

إن المصدر قد وضعت مادته لمفهوم الحدث وهيئته للدلالة على كون الحدث حالة في الفاعل أو المفعول إذا توجد حيثيتان في المصدر حيثية المادة وهي معنى اسمي وحيثية الهيئة وهي معنى حرفي وفرق المصدر عن اسم المصدر أن اسم المصدر قد وضع بمادته لمفهوم الحدث من دون أن يكون لهيئته وضع مستقل يدل على صدوره من الفاعل أو وقوعه على المفعول وكونه حالة فيه.

فإن كان مراد السيد الخوئي من هذا الناقض أن مادة المصدر يلزم أن تكون حرفاً فللمحقق الخراساني صاحب الكفاية أن يقول:

إن مادة المصدر تدل على مفهوم الحدث وهو اسم وهيئة المصدر تدل على صدور الحدث لا بما هو هو بل بما هو حالة قائمة في الفاعل أو حالة في المفعول.

والهيئة معنى حرفي وليست معنى اسمي فإذا كان مراد السيد الخوئي من النقض بالمصدر مادة المصدر فمن المسلم أن مادة المصدر معنى اسمي وإن كان مراده أن هيئة المصدر صارت حرفاً فهذا لا بأس به ومداديل الهيئات دائماً معاني حرفية.

إذا الاعتراض الرابع على المسلك الثاني وهو مسلك صاحب الكفاية ليس بتام إذ أن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ نقض بالمصادر التي هي عبارة عن حدث أخذ فيها الفناء في الفاعل أو المفعول فيكون الجواب ماذا تريد من المصدر؟ هل تريد مادة المصدر أو هيئة المصدر؟!

مادة المصدر لم يؤخذ فيها الفناء في الفاعل أو المفعول لم يؤخذ فيها العنوان الآلي والفنائي بل أخذ فيها مفهوم الحدث وهو معنى اسمي وإن أردت الهيئة نعم فالهيئة أخذ فيها حلول الحدث في فاعل أو مفعول معين، ونحن نسلم أن الهيئة من المعاني الحرفية.

إذا الاعتراض الرابع للسيد الخوئي ليس بتام.

الاعتراض الخامس والأخير وهو أيضا للسيد الخوئي في حاشيته في أجود التقريرات الجزء الأول صفحة تسعة عشر وأيضاً ذكرها في محاضرات في علم الأصول تقرير الشيخ محمد إسحاق الفياض الجزء الأول صفحة ثمانية وخمسين.

ومفاد كلام سيد أساتذتنا الخوئي ـ رحمه الله ـ :

هو أن المعنى الحرفي قد يتعلق به النظر الاستقلالي وتقرير المطلب قبل أن أقرأ:

أنك يا صاحب الكفاية قلت: إن الحرفي والمعنى الاسمي واحد ذاتاً مختلف عرضاً ولحاظاً فما أخذ فيه لحاظ الاستقلال فهو معنى اسمي وما أخذ فيه لحاظ الغيرية والآلية فهو معنى حرفي إذاً المعنى الاسمي دائماً استقلالي والمعنى الحرفي دائماً تبعي مرآتي اندكاكي.

السيد الخوئي ينقض هذا النقض، يقول سآتي لك أيها الآخوند بمفهوم اسمي كالسفر لكنه في بعض الأحيان يلحظ باللحاظ المرآتي الاندكاكي، فهل ينقل المفهوم الاسمي كالسفر إلى مفهوم حرفي لأنه لوحظ باللحاظ آلي التبعي.

فلو كان أصل سفر زيد مسلماً ولكن هل سافر بالسيارة أو بالطائرة أو في القطار؟! فإن من يلحظ السفر وهو مفهوم اسمي لم يركز على أصل السفر لأنه مفروغ عنه فلم يلحظ السفر وإنما لحظ الظرفية سافر في السيارة أو في القطار وذهب على حمار أو على دراجة نارية فلاحظ الاستعلاء.

ومن الواضح أن الظرفية والاستعلاء والابتداء والانتهاء المأخوذ من في بي وإلى على هي معاني آلية حرفية فكيف انقلب المعنى الاسمي وهو السفر إلى معنى حرفي لوحظ في لفظت في وعلى وما شاكل ذلك؟! واضح إن شاء الله.

لاحظ نصّ عبارة الشهيد الصدر أوضحها في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر صفحة مئة وواحد الاعتراض الخامس:

وهذا الاعتراض أيضاً أفيد من التعليق للسيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ وحاصله إنكار أن يكون اللحاظ الاستقلالي من مميزات المعنى الاسمي ودعوى أن اللحاظ الاستقلالي كما قد يتعلق بالمعنى الاسمي كذلك قد يتعلق بالمعنى الحرفي.

إذا المعنى الاستقلالي لا يختص بالاسم، يقول الشهيد على ما في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر:

وأما ما هو مشهور وهو أن المعاني الحرفية يتعلق بها اللحاظ الآلي وأن المعاني الاسمية هي صاحبة اللحاظ الاستقلالي هذا من المشهورات التي لا أصل لها فإنه بحسب الحقيقة اللحاظ الاستقلالي كذلك يمكن أن يتعلق بالمعنى الحرفي بحيث يكون تمام التوجه إلى المعنى الحرفي.

وذلك كما لو فرض أن زيداً نعلم بأنه سافر من كربلاء إلى النجف ولكن لا ندري هل أنه سافر راكباً سيارة أو سافر ماشياً؟! فهنا السؤال عن ركوب زيد إنما هو عن المعنى الحرفي.

فتمام التوجه وتمام اللحاظ انصب على المعنى الحرفي وهو ارتباط سفر زيد بالسيارة أو بغيرها فالملحوظ استقلالاً للسائل إنما هو المعنى الحرفي وأما أصل سفره فهو معلوم ومفروغ عنه ومعه يكون اللحاظ استقلالياً ومعه لا يصح القول بأن اللحاظ الاستقلالي من مميزات المعنى الاسمي.

إشكال واضح صار أو لا قبل ما نجاوبه؟!

وتقرير هذا الإشكال بإيجاز حتى يتضح الإشكال حتى الجواب يصير أوضح ما في تقرير السيد كاظم الحائري صفحة مئة واثنين وثلاثين:

الإشكال الخامس ما ذكره السيد الأستاذ أيضا في التعليق من أن المعنى الحرفي قد يتعلق به النظر الاستقلالي وذلك من قبيل ما لو كان السائل يعرف أصل سفر زيد وإنما يشك في أن سفره كان في السيارة أو على السيارة؟ أو كان في السيارة أو في الطائرة؟ ونحو ذلك فهو ينصب رأساً سؤاله على معنى في وعلى في قوله هل سافر زيد في السيارة أو على السيارة؟ أو هل سافر في السيارة أو في الطائرة؟

ونظره الاستقلالي الاستفهامي إنما هو منصب على المعنى الحرف وأما أصل السفر فهو معلوم لديه.

هذا تمام الكلام في بيان الاعتراض والإشكال الخامس للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

ويرد عليه أن الصحيح كما قال المشهور أن المعنى الحرفي لا يمكن لحاظه مستقلاً وهو مبنى السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ أيضاً فإن السيد الخوئي وكذلك السيد الشهيد الصدر والسيد الإمام الخميني والأعلام الثلاثة النائيني والأصفهاني والعراقي قد ذهبوا إلى وجود الفرق الذاتي بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي وأن الحرف بذاته هو عبارة عن عين الفقر والاحتياج إلى الغير أي عين التبعية التي هي حق ماهيته كما أن المعنى الاسمي هي عين الاستغناء والاستقلال في ذاته.

إذا يوجد تغاير ذاتي بين المعنى المستغني عن غيره وبين المعنى المفتقر إلى غيره لذلك كل الممكنات بمثابة المعنى الحرفي والله تعالى بمثابة المعنى الاسمي (لبيك اللهم لبيك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك تستغني ويفتقر إليك لبيك) هكذا عن الخطباء والمرشدين.

إذا هناك تغاير ماهوي بين المعنى الاسمي الذي هو بذاته مستقل لا أنه بلحاظه مستقل فرق بين أن تقول تلحظ الاستقلال وبين أن تقول ذاته قائمة بنفسها هذا الاسم والحرف ذاته قائمة بغيرها.

إذا ما الجواب على إشكال السيد الخوئي؟! يوجد طريقان للإجابة على سؤال السيد الخوئي:

الطريق الأول أن يأخذ مفهوماً اسمياً إجمالياً مشيراً إلى المعنى الحرفي كمفهوم الكيفية، الخصوصية، الحيثية، فيقول أسأل عن كيفية سفر زيد، اسأل عن حيثية سفر زيد، هل هي بالطائرة؟ أو القطار؟ أو السفينة؟ ولا شك ولا ريب أن مفهوم الكيفية أو الحيثية أو الخصوصية هو مفهوم اسمي قائم ومتعقلٌ بنفسه، غاية ما في الأمر أنه مفهوم اسمي إجمالي يشير إلى المعنى الحرفي كـ في وعلى وغيرهما من الحروف.

إذا لم ينقلب السفر الذي هو معنى اسمي إلى معنى حرفي بل بقى السفر على اسميته لأن السائل سأل عن معنى اسمي إجمالي كالخصوصية والكيفية والحيثية واضح إن شاء الله الجواب الأول؟!

الجواب الثاني الطريقة الثانية أن يكون السائل قد سأل عن حصة من حصص المفهوم الاسمي فالسفر وهو مفهوم اسمي له حصص مختلفة حصة من السفر بالطائرة وحصة من السفر بالسفينة وحصة من السفرر بالسيارة فالسائل يعلم بأصل السفر لكن السفر له حصتان أو أكثر، والسائل لا يعلم الحصة.

إذا السائل يسأل عن القيد المقيد للمعنى الاسمي هذا القيد ما عبرته بالمعنى الحرفي على وفي في الطائرة وعلى القطار وفي القطار فالسائل يعلم بأصل السفر وهو الجامع بين الحصتين لكنه لا يعلم بإحدى الحصتين بالخصوص، فيقول هل سافر زيد في السيارة أو في الطائرة؟

واللحاظ الاستقلالي لم يتعلق أبداً بالمعنى الحرفي بل تعلق اللحاظ الاستقلالي بطرف المفهوم الاستقلالي المتخصص به.

فمفهوم السفر مفهوم اسمي له طرفٌ وله قيد فتعلق بالمعنى الحرفي بالتبع يعني تبعاً للتقييد والتخصيص فمعنى سؤاله هو إن أي الحصتين من السفر وجدت خارجاً؟ هل السفر المقيد بكونه في السيارة؟ أو السفر المقيد بكونه في الطائرة بعد العلم بالجامع بينهما؟

إذا الاعتراض الخامس للسيد الخوئي ليس بتام إنصافاً استظهار السيد الشهيد الصدر في الطريقتين عرفي جداً وبالتالي يرى الشهيد الصدر أن الاعتراضات الخمسة على المسلك الثاني لصاحب الكفاية في الفارق بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي يقول هذه الاعتراضات الخمسة ليست تامة.

وقد اتضح أن الاعتراض الأول للمحقق الأصفهاني والاعتراض الثاني للميرزا النائيني تام بنظرنا خلافاً للشهيد الصدر نعم الاعتراض الثالث والرابع والخامس ليس بتام عندنا وفاقاً للشهيد الصدر، وبما أن الشهيد الصدر لم تثبت عنده الاعتراضات الخمسة على مسلك صاحب الكفاية إذا لابد من الجواب على مبنى لابد من مناقشة صاحب الكفاية ومن هنا يتطرق الشهيد الصدر إلى مناقشة صاحب الكفاية.

تحقيق الشهيد الصدر في مناقشة مسلك صاحب الكفاية يأتي عليه الكلام صلى الله على محمد وآله الكرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo