< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/ الوضع/ جلسة 39 - الاعتراض الثاني على المسلك الثاني وهو للميرزا النائيني

 

الاعتراض الثاني على المسلك الثاني وهو للميرزا النائيني وتبعه السيد الخوئي وذكره أيضاً المحقق العراقي ـ أعلى الله وفي الخلد مقامه ـ .

فقد اعترض هؤلاء الأعلام الثلاثة على المحقق الآخوند الخراساني القائل المسلك الثاني وأنه لا يوجد فرق ذاتي بين الاسم والحرف وإنما الفارق بينهما في اللحاظ الاستقلالي في الاسم واللحاظ الآلي في الحرف وهذا اللحظ لا يؤخذ في المعنى الموضوع له بل يؤخذ في نفس العلاقة الوضعية وفقاً لمبنى صاحب الكفاية.

هذا المسلك الثاني في وضع الحروف اعترض عليه الميرزا النائيني ـ رحمه الله ـ .

ويمكن مراجعة فوائد الأصول للكاظمي الجزء الأول صفحة ثمانية وأربعين وتسعة وأربعين،[1] وأيضاً محاضرات في أصول الفقه الفياض الجزء الأول صفحة سبعة وخمسين، وأيضاً دراسات في علم الأصول للسيد علي الشاهرودي تقرير بحث السيد الخوئي الجزء الأول صفحة ثلاثة وخمسين، أجود التقريرات تقرير السيد الخوئي لبحث الجزء الأول صفحة وخمسة عشر.

مفاد الاعتراض الثاني

أنه لو لم يوجد فرق ذاتي بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفين وإنما كان الفارق بينهما باللحاظ للزم جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر ولو بنحو النجاة، وهنا مبنيان:

المبنى الأول

بناء على أن اللحاظ الآلي واللحاظ الاستقلالي قيدان في المعنى الموضوع له فيجوز استعمال الحرف في محل الاسم ويجوز استعمال الاسم في محل الحرف فيكون هذا من باب الاستعمال المجازي.

فالاستعمال الحقيقي هو عبارة عن استعمال اللفظ فيما وضع له كاستعمال لفظ الأسد في معنى الحيوان المفترس والاستعمال المجازي هو عبارة عن استعمال في غير ما وضع له كاستعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع.

فهنا نقول معنى الحرف ومعنى الاسم واحد ولكن اللحاظ مختلف فلحاظ المعنى الاستقلالي قد أخذ كجزء وكقيد في المعنى الموضوع له الاسم واللحاظي الآلي أخذ كجزء وكقيد في المعنى الموضوع له الحرف فإذا استخدمنا الحرف واستعملناه في نفس المعنى لكن باللحاظ الاستقلالي لزم أننا استعملنا لفظ الحرف في غير معناه الذي وضع له فيكون الاستعمار مجازياً.

وهكذا لو استعملنا الاسم في نفس المعنى لكن بقيد اللحاظ الآلي فحينئذ نكون قد استعملنا الاسم في غير معناه الذي وضع له لأنه قد وضع بلحاظ اللحاظ الاستقلالي لا الآلي فإذا استعملت الاسم في نفس المعنى المقيد باللحاظ الآلي فحينئذ يكون الاستعمال مجازياً إذ تكون قد استعملت اللفظ في غير معناه الذي وضع له.

وإن سألت عن وجه العلاقة المجازية فاستعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع بلحاظ علاقة المشابهة إذ أن الشجاع يشبه الأسد في شجاعته فهنا نقول وجه العلاقة المجازية هو قرب المعنى فمعنى الحرف والاسم واحد يفترقان في القيد هل هذا المعنى الواحد مقيد باللحاظ الآلي فيكون حرفاً؟ أو مقيد باللحاظ الاستقلالي فيكون اسماً؟

إذا هذان المعنيان قريبان إذ أنهما يشتركان في الجزء الأول وهو المعنى الواحد ويختلفان في الجزء الثاني وهو القيد إما اللحاظ الاستقلالي أو اللحاظ الآلي فبملاحظة قرب المعنيين يصحح الاستعمال المجازي لاشتراكهما في معنى الابتداء من وابتداء أو اشتراك إلى والانتهاء في معنى الانتهاء.

هذا تمام الكلام في المبنى الأول..

لو بنينا على أن اللحاظ الآلي أو الاستقلالي جزء المعنى الموضوع له فإنه يصح الاستعمال المجازي.

المبنى الثاني

لو بنينا على أن اللحاظ الآلي أو الاستقلال مأخوذان على نحو القيد في الوضع والعلاقة الوضعية كما يقول صاحب الكفاية لا في المعنى الموضوع له فالمجاز هنا أصح وأوضح كما يقول الشهيد الصدر.

يراجع تقرير الشهيد الصدر الثاني محاضرات في أصول الفقه الجزء الأول صفحة مئتين وعشرين وواحد وعشرين.

لأن الحرف قد استعمل في شخص معنى الاسم لكن مع التأويل فالمعنى الموضوع له الحرف نفس المعنى المعنى الموضوع له الاسم إذ أن اللحاظ الآلي أو الاستقلالي لم يؤخذ كقيد في المعنى الموضوع له الاسم أو الحرف وإنما أخذ كقيد في العلاقة الوضعية.

فإذا صح استعمال لفظ في الرجل الشجاع الذي يباين الحيوان المفترس وصح هذا المجاز تستعمل الموبايل في الموبايل فكيف لا يصح استعمال لفظ من في الابتداء مع أنه لا تباين بين ذات معنى من وذات معنى الابتداء فهنا يوجد تأويل.

أولنا الحاظ الآلي المأخوذ في العلاقة الوضعية في الحرف باللحاظ استقلالي المأخوذ في العلاقة الوضعية للاسم.

والحال أنه لا إشكال في عدم صحة مثل هذا الاستعمال العرف لا يرى صحة استعمال من مكان ابتداء أو الابتداء مكان من ولا يرى صحة استعمال إلى مكان انتهاء أو انتهاء مكان إلى، فإذا قلت سيرته من البصرة إلى الكوفة هل يصح أن تستبدلها بقولك سرت ابتداء البصرة انتهاء الكوفة، يقولون هذا أعجمي.

إذا عدم صحة الاستبدال يكشف عن تباين ذاتي بين معنى الحرف ومعنى الاسم خلافاً لصاحب الكفاية الذي قال إن معنى الحرف والاسم واحد والاختلاف في مجرد اللحاظ.

هذا إلى هنا عرض الشهيد الصدر وتقريره لإشكال الميرزا النائيني ثم يشكل الشهيد الصدر على ما قرره لإشكال النائيني وتلميذه الوفي السيد الخوئي وسيتضح إن شاء الله تعالى أن الكلام في الاعتراض الأول نفس الكلام في الاعتراض الثاني فما قرره الشهيد الصدر للاعتراض الأول للأصفهاني غير دقيق وكذلك ما قرره الشهيد الصدر للاعتراض الثاني للميرزا النائيني أيضاً غير دقيق وأن الصحيح أن الاعتراض الأول للمحقق الأصفهاني تام والاعتراض الثاني للميرزا النائيني أيضاً تام، الآن نتمم كلام الشهيد الصدر ـ أعلى الله في الخلد مقام ـ يقول الشهيد الصدر ببيان بديع:

لكننا إذا سرنا على مسلك المشهور في الوضع فمن الممكن حينئذٍ الذب عن صاحب الكفاية ـ قدس سره ـ وذلك بأن يقال إن صحة استعمال اللفظ مجازاً فرع أن يكون للفظ في نفس الوقت دلالة على المعنى الحقيقي، فإنه إذا كان للفظ دلالة على المعنى الحقيقي يصح أن نفرع عليه المعنى المجازي مثال ذلك:

أولا يدل لفظ الأسد على الحيوان المفترس فيصح استعمال الأسد استعمالاً حقيقياً في الحيوان المفترس ويتفرع على ذلك صحة استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع مجازاً، إذا الاستعمال المجازي في الأسد للرجل الشجاع فرع صحة الاستعمال الحقيقي للأسد في الحيوان المفترس، فإذا افترضنا النسخ وأن الواضع نسخ لفظة أسد عن الحيوان المفترس فحينئذ لا تبقى دلالة مجازية على الرجل الشجاع لأن دلالة لفظ الأسد على الرجل الشجاع مجازاً في طول وفرع دلالة لفظ الأسد على الحيوان المفترس.

إذا الاستعمال المجازي مترشح على الاستعمال الحقيقي فإذا لم يصح استعمال لفظة أسد في الحيوان المفترس فحينئذ لا يصح استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع ثبت العرش ثم النقش.

الكبرى الكلية

الكبرى الكلية مفادها هكذا الاستعمال الحقيقي أصل والاستعمال المجازي فرع فإذا سقط الأصل والعرش سقط الفرع والنقش ثبت العرش ثم النقش واضح أم لا؟

الآن الشهيد يريد أن ينتصر لصاحب الكفاية كيف ينتصر إليه؟ سيضرب الاستعمال الحقيقي إذا ضرب الاستعمال الحقيقي انضرب الاستعمال المجازي فلا تنقضوا على صاحب الكفاية هذا لبّ المطلوب يلا لاحظ الآن كيف النقد.

يقول الشهيد الصدر ـ رحمه الله ـ إذا ادعينا أن اللحاظ الاستقلالي واللحاظ المرآتي قد أخذا قيداً في الوضع نفسه هذا المبنى الأول وأن الواضع قد وضع لفظ من للابتداء مع تقييد الوضع نفسه باللحاظ الآلي فهذا يعني أنه عندما لا يكون اللحاظ آلياً بل يكون استقلالياً كما إذا استعمل في الأسماء ففي هذا الزمان لا تكون العلاقة الوضعية بين من والابتداء موجودة لأنها مشروطة باللحاظ الآلي واللحاظ الآلي غير موجود والمشروط عدم عند عدم شرطه فلا يكون لها في هذا الزمان معنى موضوع له وبالتالي لا يكون هناك معنى حقيقي وإذا انتفى المعنى الحقيقي انتفى المعنى المجازي.

أعطيكم مثال تقريبي لو قلنا هذا الحيوان المفترس في النهار أسميه أسداً وفي الليل أسميه سميدع وجئنا في الليل ونريد نستخدم لفظ الأسد في الرجل الشجاع.

سؤال هل في الليل وضع لفظ الأسد للحيوان المفترس؟

الجواب كلا لأن لفظ الأسد قد وضع للحيوان المفترس في خصوص النهار دون الليل فإذا استخدمت لفظ الأسد في الليل في الحيوان في في الرجل الشجاع لا يقال إن هذا مجاز لأنه في الليل لا توجد علاقة وضعية بين لفظ الأسد والحيوان المفترس لا يوجد استعمال حقيقي بين الأسد والحيوان المفترس فالعرش ساقط فالنقش أيضاً ساقط واضح المثال.

يلا يا أخي قولوا معي كما يقول شيخنا الأستاذ الإيرواني والشيخ صادق سيبويه يقول صاحب الكفاية هكذا معنى الاسم والحرف واحد اللحاظ مختلف جيد يعني هذا المعنى الواحد إذا لاحظته بالمعنى الاستقلالي فهو اسم وإذا لاحظته بالمعنى المرآتي فهو حرف.

الآن أنت جئت بالحرف مثل من واستعملته في نفس معنى من والابتداء نفس المعنى الواحد لكن لن تلحظ المعنى المرآتي والآلي بل لحظت المعنى الاستقلالي.

سؤال هل يطلق على هذا أنه استعمال مجازي أو لا؟

الجواب كلا وألف كلا، لماذا؟

لأنك إذا لم تستعمل معنى من والابتداء في اللحاظ الآلي والمرآتي لم تثبت العلقة الوضعية فلا يثبت الاستعمال الحقيقي وإذا لم يثبت الاستعمال الحقيقي لا يتفرع عليه الاستعمال المجازي.

إشكال دقيق وعميق واضح إن شاء الله.

لذلك يقول الشهيد الصدر يمكن لصاحب الكفاية أن يتفصى عن إشكال المجازية قائلاً ثبت العرش ثم النقش ثبت العلقة الوضعية المصححة للاستعمال الحقيقي ثم ثبت وفرع الاستعمال المجازي.

من هنا يقول الشهيد الصدر:

إذا الاعتراض الحالي أيضاً غير تام.

والصحيح أن الاعتراض الثاني للميرزا النائيني والمحقق العراقي والسيد الخوئي تام لا غبار عليه إذ أن الأعلام الثلاثة وغيرهم لم يركزوا على الاستعمال المجازي الذي أتعب السيد الشهيد نفسه الشريفة في إسقاطه بل ركزوا على الاستعمال الحقيقي بل ذكروا مطلق الاستعمال وهذا أمر عرفي.

قال نحن بحسب العرف عندما تقول سرت من البصرة إلى الكوفة، هل يصح أن تستبدل الحرف من وإلى بلفظ ابتداء وانتهاء فتقول سرت ابتداء البصرة انتهاء الكوفة.

يقول العرف اللغوي يرى هذا الاستعمال معوجاً ولا يراه لا استعمال حقيقي ولا استعمال مجازي بينما السيد الشهيد رضوان الله عليه ركز على دفع الاستعمال المجازي بدفع العلقة ونفي العلقة الوضعية الحقيقية وليس هذا هو مربط الفرس وبيت القصيد فلنرجع إلى كلمات الأعلام ـ قدس الله أسرارهم ـ ونبدأ بالميرزا النائيني ـ رحمه الله ـ .

يراجع أجود التقرير الجزء الأول صفحة اثنين وعشري[2] ن تحقيق ونشر مؤسسة صاحب الأمر الذي أسسها آية الله السيد حسن الصافي الأصفهاني صاحب تقرير السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ دراسات في علم شيسمونه سيأتي إن شاء الله بحثه.

قال صفحة ثلاثة وعشرين بعد أن عرف الأقوال الثلاثة والمباني الثلاثة فنقول أما القول الأول وهو قول صاحب الكفاية الذي جعله السيد الشهيد قول ثاني فيرد عليه أن لازمه جواز استعمال الحروف في موضوع الأسماء وبالعكس مع أنه من أفحش الأغلاط.

إذاً تطرق إلى الاستعمال لم ينص أنه حقيق أم مجازي لم يذكر المجازية ذكر المجازية في آخر كلامه كمندوحه ومخرج.

يقول هكذا في الأخير:

فكما أنه يصح الاستعمال في غير الموضوع له مجازاً فليكن استعمال الاسم في موضع استعمال الحرف وبالعكس كذلك هذا كمندوحة وكمخرج.

إذا كلام الميرزا النائيني لا يساعد على ما أفاده الشهيد الصدر.

الكلام الثاني المحقق العراقي نهاية الأفكار تقرير الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي طبع جماعة المدرسين الجزء الأول صفحة واحد وأربعين[3] يقول المحقق العراقي:

نعم على هذا القول لما كان يلزمه صيرورة لفظ من ولفظ الابتداء مثلاً من المترادفين كما في الإنسان والبشر فيلزمه صحة استعمال كل منهما مكان آخر مع أنه بديهي البطلان إذ لا يصح أن يقال بدل الابتداء خير من الانتهاء من خير من إلى وبدل سرت من البصرة إلى الكوفة صرت ابتداء البصرة انتهاء الكوفة.

إذا واضح كلام المحقق العراقي أنه ناظر إلى الاستعمال الحقيقي إذ نقض على الكفاية أنه يلزم من كلامك أن معنى الحرف ومعنى الاسم واحداً أن يكونا من قبيل المترادفين مثل إنسان وبشر ففي أي موضع تستبدل كلمة إنسان ببشر والعكس بالعكس.

المقطع الثالث لسيدي أساتذتنا السيد الخوئي في كتاب دراسات في علم الأصول الجزء الأول تقرير السيد علي الهاشمي الشاهرودي والد أستاذنا السيد محمود الهاشمي الجزء الأول صفحة ستة وثلاثين[4] قال:

هذا ويرد عليه أولاً أنه لو كان المعنى الحرفي متحد مع المعنى الاسمي وكان الموضوع له في الأسماء والحروف معنى واحد للزم صحة استعمال الحرف في موضع الاسم وبالعكس لأن شرط الواضع ليس لازم الإتباع حتى على نفسه إذ لم يكن في ضمن عقد لازم وليس له ولاية على غيره ليجب إتباعه.

وعلى تسليم ذلك فلتكن مخالفته موجباً للعقاب ومحرماً مع أنا نرى أن ذلك من أفحش الأغلاط.

مثلا لو يقال بدل سرت من البصرة إلى الكوفة سرت ابتداء التعريف الانتهاء التعريف الكوفة، يكون فساده من أوضح الواضحات.

وهكذا لو يقال بدل ابتداء البصرة من البصرة.

إذا كلام السيد الخوئي صفحة ستة وثلاثة وسبعة وثلاثين واضح.

أيضاً في تقرير الشيخ حسن الصافي الأصفهاني الجزء الأول أيضا صفحة ستة وثلاثين وأيضا في غاية المأمول تقرير بحث السيد الخوئي المقرر الشيخ محمد تقي الجواهري الجزء الأول صفحة مئة وتسعة عشر[5] وأيضاً محاضرات في علم أصول الفقه تقرير الفياض الجزء ثلاثة وأربعين[6] من دورة السيد الخوئي صفحة اثنين وستين كلام السيد الخوئي واضح في التقريرات الأربعة.

بعد يا أخي نختم بكلام التلميذ الوفي للشهيد الصدر وهو أستاذنا السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ إذ لم يقبل كلام السيد الشهيد في كتابه أضواء وآراء تعليقات على كتابنا بحوث في علم الأصول الجزء الأول صفح ستة وثمانين التعليق الحروف صفحة مئتين وخمسة وثلاثين قوله:

(وإذا تم هذا الجواب أمكن على ضوءه).

يقول تعلق السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ :[7]

بل لا يمكن لأن المناسبة المصححة للاستعمال يكفي فيها ما هو أقل من ذلك فحتى اللفظ المهمل يصح استعماله بمناسبة كاستعماله في نفسه في مثل ديز لفظ بينما في المقام لا يصح بل لا يمكن استعمال أحدهما مكان الآخر حيث تختل القضية المعقولة ولا تتشكل أصلاً وهذا يكشف عن تباين المعنى.

وهذا هو مقصود الميرزا ـ قدس سره ـ وهو برهان واضح في دفع مقالة الخراساني ـ قدس سره ـ .

وإن شئت قلت إن حاق إشكال الميرزا ـ قدس سره ـ ليس هو غلطية الاستعمال بمعنى عدم المجازية أو ركتها بل عدم إمكان استعمال الاسم مكان الحرف وبالعكس حتى بنحو ركيك، مما يعني أن الفرق بينهما ذاتي وأعمق من مسألة عدم المناسبة.

هذا تمام الكلام في الاعتراض الثاني واتضح أن الاعتراض الأول للميرزا النائيني على أستاذه صاحب الكفاية تام واعتراض الثاني للميرزا النائيني على ما يشبه أستاذه وهو صاحب الكفاية أيضاً تامٌ.

وإشكال الشهيد الصدر على المحقق الأصفهاني والمحقق النائيني ليس بتام.

قيل للميرزا النائيني لماذا لا تحضر دروس صاحب الكفاية؟

وذهبوا إلى صاحب الكفاية قالوا له ما بال الميرزا النائيني ما يحضر درسك؟ المحقق الأصفهاني يحضر درسك وآقا ضياء الدين العراقي يحضر درسك.

تعرفون الميرزا النائيني من تلامذة المجدد الشيرازيال مجدد الشيرازي هو أقدم تلامذة الشيخ الأعظم الأنصاري وصاحب الكفاية أحدث تلامذة الشيخ الأنصاري.

فالميرزا النائيني دارس عند القديمين المجدد الشيرازي والسيد محمد الفشاركي.

فجاؤوا لصاحب الكفاية وقالوا الميرزا النائيني ما يحضر بحثك؟!

فقال صاحب الكفاية هذا الشيخ أنا اعطيه مجموعة من الاستفتاءات في الصباح الليل يحضرها وقد أجاب عليها بشكل كامل لا حاجة له لحضور درسي، ولكن هو في رتبة تلامذة صاحب الكفاية وإن لم يحضر عنده مثل يعني الشيخ الأنصاري حضر تبركاً عند صاحب الجواهر.

يقولون حضر الشيخ الأنصاري فاحتار صاحب الجواهر في الجمع وكان الشيخ الأنصاري جالس إلى جانب المحقق الرشتي فقال قل له هذا يحل بالحكومة فقال المحقق الرشتي لصاحب الجواهر هذا يحل بالحكومة فقال صاحب الجواهر أحسنت من أين أخذت الجواب؟!

ثم قال المحقق الرشتي للشيخ الأنصاري ما معنى الحكومة؟!

قال يحتاج تحضر بحثي ستة شهور حتى تفهم معنى الحكومة.

ويقال إن المجدد الشيرازي ـ رحمه الله ـ السيد محمد حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك والمحقق الرشتي صاحب بدائع الأفكار وثالث قد حزموا أمتعتهم قاصدين الذهاب الرجوع إلى إيران الرجوع.

بعد فمر عليهم الشيخ مرتضى الأنصاري قال محزمين الأمتعة إلى أين؟!

قالوا نحن اكتفينا من العلم نريد أن نرجع.

قال جيد.

قالوا نحن الحمد لله وصلنا إلى درجة الاجتهاد نريد نرجع.

فسألهم مسألة ما هو مبناكم؟

قالوا كذا.

فناقشهم قال لعل المبنى الأول كذا المبنى الثاني كذا.

قالوا هذا أصح ثم عدل إلى الثالث.

قال اذهبوا وراجعوا وآخروا سفركم شهر كامل شيخ الأنصاري يقلبهم من مبنى إلى مبنى.

قالوا يبدو نحتاج ندرس عنده فدرسهم كتاب الرسائل فرائد الأصول ثلاث رسائل رسالة في القطع ورسالة في الظن ورسالة في الشك وكل رسالة فريدة من نوعها.

ودرس الميرزا الشيرازي اه شيسمونه؟ المحقق الرشتي.

وفي الختام يقول المحقق الرشتي صاحب بدائل الأفكار تميز أستاذنا الشيخ الأنصاري بثلاث خصال، وهي:

العلم والسياسة والزهد أما العلم فقد ورثته منه المحقق الرشتي يقول، وأما السياسة فقد ورثها المجدد الشيرازي وأما زهده فقد رحل معه في قبره.

جعلنا الله وإياكم من أهل العلم والسياسة والزهد إنه على كل شيء قدير الاعتراض الثالث يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo