< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/ الوضع/ جلسه 37 - اتحاد معاني الحروف مع معاني الأسماء ذاتاً وتغايرها عرضاً

 

المسلك الثاني اتحاد معاني الحروف مع معاني الأسماء ذاتاً وتغايرها عرضاً..

هذا هو المسلك المختار لصاحب الكفاية الآخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ يراجع حقائق الأصول السيد محسن الحكيم في الجزء الأول صفحة اثنين وعشرين. [1]

فقد ذهب الآخوند خراساني ـ رحمه الله ـ إلى أن الحرف موضوع لنفس المعنى الذي وضع له الاسم فمعنى الاسم ومعنى الحرف متحدٌ ذاتاً ولكنهما يختلفان في جهة عرضية، تحقيق كلام المحقق الخراساني ينحل إلى جهتين:

الجهة الأولى وهي أن المعنى الحرفي والمعنى الاسمي شيء واحد ولا يوجد فرق ذاتي بين معنى من والابتداء وبين معنى إلى والانتهاء فمعناهما واحد غاية ما في الأمر أنهما يختلفان في جهة عرضية وهذه الجهة العرضية هي أنه متى ما لوحظ الابتداء بما هو هو أو لوحظ الانتهاء بما هو هو أي باللحاظ الاستقلالي عبر عنه حينئذ بالاسم كـ كلمة الابتداء والانتهاء.

ومتى ما لوحظ الابتداء أو الانتهاء باللحاظ الآلي أي بما هو مرآة لغيره وحالة في غيره وطور من أطوار غيره فحينئذ يعبر عنه بالحرف من وإلى.

إذا من والابتداء معناهما واحد ذاتاً ومختلف عرضاً تبعا لاعتبار خصوصية اللحاظ الآلي أو استقلالي في مقام الاستعمال فإذا المستعمل لاحظ خصوصية اللحاظ الاستقلالي جاء بلفظة ابتداء أو انتهاء وإذا المستعمل لاحظ خصوصية اللحاظ الآلي والمرآة جاء بلفظ من وإلى.

إذا ذات معنى من هو عين ذات معنى ابتداء وذات معنى إلى هو عين وذات معنى انتهاء إلا أن الفرق بينهما نشأ من جهة عارضة وهي اللحاظ، هل لاحظ الابتداء باللحاظ الاستقلالي؟ فيكون اسماً أو باللحاظ الآلي المرآتي فيكون حرفاً هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.

الجهة الثانية وهي إن هذا الفارق العرضي الذي ذكر بين الاسم والحرف وهو خصوصية اللحاظ الآلي في الحرف وخصوصية اللحاظ الاستقلالي في الاسم هل هاتان الخصوصيتان أو هذان اللحاظان أخذا كقيدٍ في الوضع أو أخذ كقيد في المعنى الموضوع له.

لو قلنا إن اللحاظين قد أخذى في المعنى الموضوع له فيصير معنى من هو عبارة عن مفهوم الابتداء المقيد باللحاظ الآلي ويصير معنى إلى هو عبارة عن مفهوم الانتهاء بقيد اللحاظ الآلي المرآتي ويصير معنى على عبارة عن مفهوم الاستعلاء الذي أخذ فيه قيد المرآتية والعلمية.

فالمعنى الموضوع له مؤلف من جزئين:

الجزء الأول هو المقيد وهو مفهوم الابتداء الانتهاء الاستعلاء الظرفية.

الجزء الثاني من المعنى الموضوع له هو القيد وهو قيد اللحاظ الآلي.

وهكذا لفظ الابتداء الانتهاء الاستعلاء الظرفية موضوع للابتداء المقيد باللحاظ الاستقلالي فعندنا قيدان في المعنى الاسمي عندنا جزءان في المعنى الاسمي:

الجزء الأول مفهوم المقيد وهو مفهوم الانتهاء الاستعلاء الظرفية.

والجزء الثاني هو القيد وهو قيد اللحاظ الاستقلالي.

هذا لو قلناه إن اللحاظ الاستقلالي أو الآلي قد أخذ كقيد في المعنى الموضوع له اللفظ إلا أن صاحب الكفاية ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ قال نحن نسلم أن اللحاظ الآلي أو الاستقلالي لكننا لا نسلم أنه قيد في المعنى الموضوع له بل المعنى الموضوع له هو الابتداء والانتهاء ذات المفهوم هو المعنى الموضوع له في كلا المعنيين: المعنى الاسمي والمعنى الحرفي ذات المعنى لا يختلف ولكن قيد اللحاظ قد أخذ في الوضع نفسه.

إذا قيد اللحاظ الآلي أو قيد اللحاظ استقلالي لم يؤخذا في المعنى الموضوع له لفظ الاسم أو الحرف بل كلاهما موضوع لذات الابتداء أو الانتهاء أو الاستعلاء أو الظرفية.

ولكن نفس العلاقة الوضعية بين اللفظ والمعنى قيدت باللحاظ الآلي أو الاستقلالي عندنا لفظ من ومعنى الابتداء وعندنا لفظ الابتداء ومفهوم الابتداء، وهناك علاقة بين لفظ من ومعنى الابتداء في المعنى الحرفي وهذه العلاقة بين اللفظ والمعنى قد قيدت باللحاظ المرآتي الآلي.

وهكذا في الأسماء عندنا لفظ ابتداء وعندنا مفهوم ومعنى ابتداء وقد قيدت العلاقة بين لفظ ابتداء ومعنى ابتداء باللحاظ الاستقلالي.

إذا اللحاظ الآلي أو اللحاظ الاستقلالي قيدان للعلاقة الوضعية نفسها بين اللفظ والمعنى ولم يؤخذا كـ قيدين وجزئين ضمن المعنى الموضوع له اللفظ.

وكأن صاحب الكفاية حينما بحث الفرق بين المعاني الحرفية والمعاني الاسمية قد فرغ عن صحة الجهة الأولى وهي أن معنى الحرف والاسم واحد ذاتاً والاختلاف عرضي لا ذاتي.

ولذلك لم يتعب صاحب الكفاية نفسه الشريفة في توضيح كيف يكون ذات معنى الحرف هو ذات معنى ذات معنى الاسم وأن الاختلاف بينهما عرضي وليس ذاتياً وإنما كرس جهده في بيان أن قيد اللحاظ الاستقلالي أو الآلي هل هو قيد في الموضوع له أو قد نفس العلاقة الوضعية؟

وكأنه لا نزاع في الجهة الأولى وأن ذات مفهوم الاسم هو ذات مفهوم الحرف فمعنى الحرف معنى الحرف والاسم واحد ذاتاً والاختلاف لحاظاً وعرضاً كأنما صاحب الكفاية قد فرغ عنه وضوح الجهة الأولى وأنها مسلمة ولم يبرهن عليها وبحث مفصلاً الجهة الثانية.

فأقام البراهين الصورية على أن اللحاظ الآلي والاستقلالي لا يعقل أخذهما قيداً في المعنى الموضوع له بل لا بدّ أن يؤخذا كقيد في نفس الوضع والعلاقة الوضعية فصاحب الكفاية صار تمام همه إلى الجهة الثانية ولم يبين الجهة الأولى بل الجهة الأولى فهمت من كلامه.

إذا ينحل كلام صاحب الكفاية في المسلك الثاني أن معاني الحروف والأسماء واحدة ذاتاً مختلفة ومتمايزة عرضاً إلى هاتين الجهتين:

الجهة الأولى أن معنى الاسم والحرف واحد وليس بينهما فرق ذاتي مفهوم وإنما الفرق بينهما عرضي ينشأ بلحاظ عالم الاستعمال حيث أن المعنى الاسمي يتميز باللحاظ الاستقلال والمعنى الحرفي يتميز باللحاظ الآلي.

الجهة الثانية هذا اللحاظ الآلي أو الاستقلالي لم يؤخذ كقيد في المعنى الموضوع له اللفظ بل أخذ كقيد في نفس العلاقة الوضعية بين لفظ الحرف أو معنى الحرف أو لفظ الاسم ومعنى الاسم.

وسيتضح هذا الكلام أكثر في المناقشات التي ستأتي.

وقد ابتلي هذا المسلك الثاني بعدة اعتراضات فإن مشهور الأصوليين قد ذهبوا إلى المسلك الثالث أكثر الأصوليين كالميرزا النائيني والسيد الخوئي وغيرهما مشهور علماء الأصول ذهبوا إلى المسلك الثالث ولم يقبلوا المسلك الأول أو المسلك الثاني.

المسلك الأول للمحقق النهاوندي في تشريح الأصول ويستفاد من شرح الكافية وأيضاً هذا المسلك الثاني يستفاد أيضاً من شرح الكافية.

يمكن مراجعة مناقشات الأعلام المحقق العراقي في بدائع الأفكار تقرير الميرزا هاشم الآملي الجزء الأول صفحة خمسة وخمسين إلى سبعة وخمسين. [2]

فوائد الأصول للميرزا النائيني تقرير الكاظمي الجزء الأول صفحة إحدى عشر إلى ثلاثة عشر،[3] نهاية الدراية في شرح الكفاية للمحقق الأصفهاني الجزء الأول من صفحة ثلاثة وعشرين إلى صفحة خمسة وعشرين. [4]

المسلك الثاني ابتلي بعدة اعتراضات أهمها خمسة اعتراضات الاعتراض الأول للمحقق الأصفهاني في حاشيته على الكفاية نهاية الدراية الجزء الأول صفحة ثلاثة وعشرين وبما أن إشكال المحقق الأصفهاني يحتاج إلى تأمل وتروي ثم المناقشة فيه تحتاج أيضاً إلى تأمل نتركه إن شاء الله إلى الدرس القادم الاعتراض الأول على المسلك الثاني يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo