< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/جلسة35- التحقيق في إمكان القسم الثالث من الوضع وعدم إمكان القسم الرابع من الوضع

 

التحقيق في إمكان القسم الثالث من الوضع هو عدم إمكان القسم الرابع من الوضع.

ذكر المشهور أربعة أقسام للوضع:

القسم الأول الوضع عام والموضوع له عام.

القسم الثاني الوضع خاص والموضوع له خاص.

القسم الثالث الوضع عام والموضوع له خاص.

القسم الرابع الوضع خاص والموضوع له عام.

والمراد بالوضع العام الوضع للجامع والكلي والمراد بالوضع الخاص الوضع للجزء أو لأفراد ومصاديقه، وقد ذهب المشهور بل هناك إجماع على إمكان القسم الأول والثاني لوجود التطابق بين الوضع والموضوع له فإما أن يكون عاماً في كلا الطرفين وإما أن يكون خاصة في كلا الطرفين.

ووقع الاختلاف في إمكان القسم الثالث والرابع فذهب مشهور الأصوليين إلى إمكان القسم الثالث وذهب البعض إلى امتناعه كما ذهب مشهور الأصوليين إلى امتناع القسم الرابع وذهب البعض إلى إمكانه.

إذا هناك من قال بإمكان الأقسام الأربعة جميعاً ومن القائلين بذلك المحقق الرشتي في بدائع الأفكار صفحة أربعين السطر سبعة عشر إلى اثنين وعشرين من النسخة الحجرية[1] والمحقق الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية أستاذ الإمام الخميني في كتابه درر الفوائد ستة وثلاثين.[2]

وأما القائلون بإمكان القسم الثالث دون الرابع فهو المشهور وهم كثرهم ومنهم المحقق الآخوند الخراساني في كفاية الأصول صفحة أربعة وعشرين[3] والميرزا الشيخ محمد حسين النائيني في فوائد الأصول تقرير الكاظمي الجزء الأول صفحة واحد وثلاثين[4] والمحقق العراقي في نهاية الأفكار تقرير البروجردي الجزء الأول من صفحة اثنين وثلاثين[5] إلى صفحة ثمانية وثلاثين والمحقق الشيخ محمد تقي الأصفهاني في كتابه هداية المسترشدين في شرح معالم الدين صفحة ثلاثين سطر سبعة عشر من النسخة الحجرية. [6]

فهؤلاء الأعلام من القائلين بقول المشهور إمكان القسم الثالث وعدم إمكان القسم الرابع وبما أن بحثنا يلحظ كلمات أعلام العصر الثلاثة الإمام الخميني والسيد الخوئي والسيد الشهيد الصدر فلابد من النظر إلى كلماتهم جميعاً.

وقد اتضح أن الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ يرى ما يراه المشهور من إمكان القسم الثالث وعدم إمكان القسم الرابع فيمكن مراجعة تقريرات الأربعة مباحث الأصول السيد كاظم الحائري تقرير الدورة الأولى الجزء الأول صفحة مئة وخمسة عشر[7] ، بحوث في علم الأصول السيد محمود الهاشمي تقرير الدورة الثانية الجزء الأول صفحة تسعة وثمانين[8] ، بحوث في علم الأصول تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني صفحة سبعة وسبعين[9] وهو تقرير الدورة الثانية، التقرير الرابع محاضرات في علم أصول الفقه تقرير ملفق بين الدورة الأولى والثانية الشهيد الصدر الثاني الجزء الأول صفحة مئتين وسبعة ففي هذه التقريرات الأربعة ذهب الشهيد الصدر إلى إمكان القسم الثالث وعدم إمكان القسم الرابع وفاقاً لأستاذه السيد أبو القاسم الخوئي في محاضرات في أصول الفقه الجزء ثلاثة وأربعين من دورة السيد الخوئي محاضرات تقرير الشيخ محمد إسحاق الفياض صفحة ستة وخمسين. [10]

وهكذا أيضاً الشيخ محمد إسحاق الفياض في كتابه المباحث الأصولية الجزء الأول أيضاً ذهب إلى رأي أستاذه السيد الخوئي والمشهور نذهب إلى ما ذهب إليه المشهور المنصور.

وأما إمام الامة الإمام الخميني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ فقد راجعت تقريراته المختلف وأهمها ثلاثة تهذيب الأصول للشيخ جعفر السبحاني وجواهر الأصول للسيد محمد حسن المرتضى اللنكرودي و تنقيح الأصول للشيخ حسين التقوي الأشتهاردي.

وكلام الإمام الخميني تقريباً واحد في تقريراته الثلاثة مع اختلاف يسير وخلاصة ما أفاده ـ قدس الله نفسه الزكية ـ أن وزان القسم الثالث كوزان القسم الرابع فإن قلنا بالإمكان فإننا نلتزم بالإمكان فيهما وإن قلنا بامتناع والاستحالة فإننا نلتزم بالاستحالة فيهما أيضاً ولا معنى للتفرقة بينهما كما فرق المشهور فقالوا بإمكان القسم الثالث وامتناع واستحالة القسم الرابع.

والسر في ذلك:

أن إراءة العام للخاص أو إراءة الخاص للعام إما أن تكون تفصيلية وإما أن تكون إجمالية فإن اخترنا الشق الأول وقلنا أن الإراء تفصيلية فمن الواضح استحالتهما معاً لأن العام لا يري الخاص بكل تفاصيله والخاص لا يري العام بكل تفاصيله.

فإذا امتنعت الإراءة التفصيلية التزمنا باستحالة القسم الثالث والقسم الرابع القسم الرابع الثالث هو عبارة عن يكون الوضع عام والموضوع له خاص أي أن العام كاشف تفصيلي عن الخاص وهذا محال.

وهكذا في القسم الرابع الوضع خاص والموضوع له عام فهذا يعني أن الخاص كاشف تفصيلي عن العام وهذا محال.

وإن اخترنا الشق الثاني وهي الإراءة الإجمالية والكشف الإجمالي فمن الواضح في القسم الثالث أن العام والجامع والكلي كاشف إجمالي عن الخاص والأفراد والمصاديق.

ومن واضح أيضاً في القسم الرابع الوضع الوضع الخاص والموضوع له عام أن الخاص يكشف إجمالاً عن العام، فمثلاً:

لو رأينا شيئا من بعيد ولم نشخصه أنه طير أو عنزة فقلنا هذا شبح فهنا الموضوع يعني المعنى الذي يراد أن يوضع له الشيء هنا الوضع الوضع خاص وهو واقع الشيء الذي نراه هذا شيء خاص إما أن يكون عنزة وإما أن يكون طير لكن المعنى الموضوع له عام وهو عنوان الشبح فالشبح عام وواقع الطير أو العنزة خاصٌ.

ولكن هنا حصل كشف إجمالي فالوضع خاص يعني الوضع المعنى الذي لحظه معنى خاص وهو واقع الشيء الذي رآه الذي هو إما طير في الواقع وإما عنزة ولكن المعنى الذي ووضع له اللفظ عام وهو الشبح والشبح كاشف بنحو ما عن الواقع فتتم الإراءة الإجمالية.

خلاصة ما ذهب إليه إمام الأمة أبو الفتوح السيد روح الله الموسوي الخميني ـ قدس الله نفسه الزكية ـ أننا إما أن نبني على كفاية الكشف التفصيلي وإما أن نبني على كفاية الكشف إجمالي.

فإن قلنا بالكشف التفصيلي قلنا بالاستحالة في الثالث والرابع، وإن قلنا بالكشف الإجمالي قلنا بالإمكان في القسم الثالث والرابع معاً.

لكنه ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في تقرير الشيخ جعفر السبحاني قال تهذيب الأصول وفي تقرير الأشتهاردي تنقيح الأصول صرح بأن الاكتفاء الإجمالي ليس ببعيد مما يعني أنه يؤيد رأي أستاذه الشيخ عبد الكريم الحائري في درر الفوائد صفحة ستة وثلاثين وقد أورد مقطع أستاذه في كتابه تنقيح الأصول كما سنقرأه إن شاء الله.

إلا أن ما يلوح ويظهر من جواهر الأصول وهو الدورة الثالثة لسيد الإمام أنه قد يميل إلى القول باستحالة الثالث والرابع يعني الالتزام بالكشف التفصيلي وعدم الاكتفاء بالكشف الإجمالي وإن كان كلامه غير صريح.

ونحن نناقش إمام أساتذتنا بعد السيد الخوئي سيد أساتذتنا والإمام الخميني إمام أساتذتنا والشهيد الصدر شهيد أساتذتنا بعد صار عندنا شهيد وسيد وإمام الملفت في للانتباه يعني وفقني الله وعممت الكثير من الطلبة عند المراجع السيد القائد الخامنئي والشيخ جواد آملي والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي والسيد كاظم الحائري أنا لفتني السيد كاظم الحائري عند وضع العمامة وتفرد من بين البقية لما يضع العمامة يقول:

لباس العلم والتقوى والإيمان والشهادة ويضع العمامة.

يأتي بمفردة الشهادة المعروف لباس العلم والتقوى أي واحد يتعمم تقول لباس التقوى إن شاء الله هو ذكر أربع مفردات: لباس العلم والتقوى والإيمان والشهادة ويضع العمامة ـ حفظه الله وأعزه ـ هذا التفصيل قد يناقش بما ذكرناه في الدرس السابق من وجود مرحلتين أشار لهما الشهيد ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ :

المرحلة الأولى مرحلة إصدار الحكم وعقده.

المرحلة الثانية مرحلة ثبوت الحكم واقعاً.

وقد اتضح أن الواضع حينما يصدر الحكم فإنه يتصور الموضوع بالنظر التصوري الأولي أي أنه يلحظ صرف المفهوم من دون نظر إلى واقع تحققه في الخارج فحينما يقول المولى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) فإن الحاكم والواضع عندما يضع الحكم وهو وجوب الحج يلحظ مفهوم المستطيع لا الفرد المستطيع خارجاً.

بخلاف المرحلة الثانية وهي مرحلة ثبوت الحكم واقعاً أي ثبوت المحمول والمحكوم به على موضوع فإن الحاكم والواضع يلحظ فيها ماذا؟ يلحظ فيها النظر الثانوي التصديقي أي أنه يلحظ واقع المستطيع فمتى يكون وجوب الحج فعلياً في ذمة وعهدة المكلف؟

إذا كان المكلف وهو زيد قد توفر على الزاد والراحلة.

بناء على هذا التقرير يعقل القسم الثالث في بعض الجوامع لا جميع والجوامع وهي خصوص الجوامع التي توضع لحصص خاصة كمفهوم الفرد ومفهوم المصداق ومفهوم الحصة فالواضع أولاً يلحظ مفهوم الحصة مفهوم الفرد مفهوم المصداق ثم يضع الوجوب على ماذا؟ على واقع الفرد وواقع المصداق وواقع المثال.

وهذا لا يتأتى في القسم الرابع وهو الوضع خاص والموضوع له عام إذ أن الواضع إذا تصور الخاص لا يمكنه أن يضع الحكم على العام إذا نظر إلى الخاص.

وبالتالي يستحيل القسم الرابع ويمكن القسم الأول وقد تُشكل بما ذكره السيد الإمام ـ رحمه الله ـ وغيره من أن هذا الجامع كالفرد أو الحصة أو المصداق منتزع من المصاديق الخارجية والانتزاع فرع التقشير وإلغاء الخصوصيات.

هذا يمكن الإجابة عليه بما ذكره سيدنا المرحوم آية الله السيد محمود الهاشمي الشهرودي في بحوث في علم الأصول الجزء الأول صفحة تسعة وثمانين وأشار له سيدنا الأستاذ السيد كاظم الحائري في تقرير مباحث الأصول الجزء الأول صفحة مئة وخمسو عشر في الحاشية من أن المفاهيم العامة على قسمين:

القسم الأول المفهوم العام الذي ينتزع من المصاديق الخارجية مثل جامع الإنسان.

القسم الثاني المفهوم العام الذي ينتزع من المفاهيم الجزئية مثل مفهوم الجزئي المنتزع من مفهوم زيد.

ولكي يكون المطلب دقيقا أقرأ نصّ عبارة السيد كاظم الحائري فإن بيانه لكلام السيد محمود الهاشمي أوضح من نفس كلام السيد الهاشمي قال الصفحة مئة وخمسة عشر حاشية رقم واحد:

ورد في تقرير السيد الهاشمي ـ حفظه الله الجزء الأول صفحة تسعة وثمانين ـ [11] جواب على هذا الإشكال وهو أن المفاهيم العامة على قسمين:

أحدهما ما هو منتزع من المصاديق الخارجية كالإنسان وهذا هو الذي لا يمكن أن يكون الموضوع له فيه خاصة لأنه لا يفنى في مفهوم الجزئي بل هما مفهومان متباينان منتزعان عن الخارج في عرض واحد.

والثاني ما هو منتزع من المفاهيم الجزئية كمفهوم الجزئي المنتزع من مفهوم زيد وعمرو وبكر لا من المصاديق فهنا بما أنه ليس المفهوم العام في عرض المفهوم الخاص منتزع من الخارج بل هو منتزع من المفاهيم الجزئية فيكون وجهاً وعنوانا للمفاهيم الجزئية فبإمكان الوضع أن يضع اللفظ لتلك المفاهيم الجزئية التي تصورها إجمالا وبوجهها الذي هو المفهوم العام.

هذا تمام كلامه ـ أطال الله في عمره ـ ولنقرأ كلمات السيد الإمام ـ رضوان الله عليه ـ أوضحها وأصرحها ما ورد في تهذيب الأصول تقرير الشيخ جعفر السبحاني الجزء الأول صفحة خمسة وعشرين وستة وعشرين كلام صريح وواضح وهذا تقرير الدورة الأولى والثانية ملفق يقول ـ قدس سره ـ ما نصه:

وربما يسلم إمكان القسم الثالث دون الرابع بزعم أن العام يمكن أن يكون وجها للخاص وآلة للحاظ أفراده وأن معرفة وجه الشيء معرفته بوجه بخلاف فلا يقع مرآة للعام ولا لسائر الأفراد لمحدوديته[12] هذا كلام صاحب الكفاية صفحة صفحة أربعة وعشرين.

الحق أنهما مشتركان في الامتناع على وجه والإمكان على نحو آخر اذ كل مفهوم لا يحكي إلا عن ما هو بحذائه ويمتنع أن يكون حاكياً عن نفسه وغيره والخصوصيات وإن أتحدت مع العام وجوداً إلا أنها تغايره عنواناً وماهية.

فحينئذ إن كان المراد من لزوم لحاظ الموضوع له في الأقسام هو لحاظه بما هو حاك عنه ومرآة له فهما سيان في الامتناع إذ العنوان العام كالإنسان لا يحكي إلا عن حيثية الإنسانية دون ما يقارنها من العوارض والخصوصية لخروجها من حريم المعنى اللا بشرطي والحكاية فرع الدخول في الموضوع له وإن كان المراد من شرطية لحاظ هو وجود أمر يوجب الانتقال إليه فالانتقال من تصور العام إلى تصور مصاديقه أو بالعكس بمكان من الإمكان.

والظاهر كفاية الأخير بأن يؤخذ المشير الإجمالي آلة للوضع لأفراده ولا ولا يحتاج إلى تصورها تفصيلا بل ربما يمتنع لعدم تناهيها. [13]

انتهى كلامه ـ قدس سره ـ يعني ربما ينتهي يمتنع اعتبار الكشف التفصيلي لعدم تناهيه هذا كلام السيد ـ رحمه الله ـ في تقرير الدورة الأولى والثانية تهذيب الأصول.

تنقيح الأصول يبدو لعله أنه الدورة الثانية تنقيح الأصول للاشتهاردي الجزء الأول صفحة اثنين وثلاثين[14] يقول السيد الإمام الخميني:

وبالجملة كما أن العام وجه للخاص بالمعنى المتقدم لمكان اتحادهما في الخارج كذلك الخاص أيضاً وجه للعام لمكان هذا الاتحاد نعم مع العلم بالجامع تفصيلاً لا يكون الخاص وجهاً له لأن العام بنفسه متصور تفصيلاً وملحوظ بنفسه لا بوجهه.

هذا نص كلام أستاذة الشيخ عبد الكريم الحائري في دور الفوائد صفحة ستة وثلاثين، والسيد الإمام يعلق يقول:

نعم لو قلنا باعتبار حكاية الملحوظ عن الموضوع له بخصوصياته وعدم كفاية تصوره الإجمالي امتنع القسمان للوضع معاً أي الوضع العام والموضوع له الخاص وبالعكس ولكن قد عرفت عدم اعتباره[15] يعني عدم اعتبار الكاشف التفصيلي فيكفي الكشف الإجمالي فيثبت الإمكان في القسم الثالث والقسم الرابع، هذا في الدورة الأولى والثانية.

في الدورة الثالثة جواهر الأصول في عدة مواضع السيد الإمام يصرح الموضع الأول صفحة تسعة وثمانين[16] يقول:

وبالجملة وزان كون الوضع عاماً والموضوع له خاص وزان عكسه جوازاً ومنعاً فكما لا يحكي ولا يكون الخاص بما هو خاص مشوب بالخصوصيات مرآة للعام لاختلافهما مفهوماً فكذلك لا يحكي ولا يكون العام بما هو عام حاكياً ومرآة للخاص.

فإن كفى في لحاظ الخصوصيات في الوضع العام والموضوع له الخاص لحاظ ما يوجب الانتقال إليها فليكفي في لحاظ الجامع في الوضع الخاص والموضوع له العام لحاظ ما يوجب الانتقال إليه وهو الخاص.

فعلى هذا فما يمكن تصويره من الأقسام صورتان:

الأول كون الوضع والموضوع له عاماً.

اثنين كون الوضع والموضوع له خاصة. [17]

هنا لم يرجح أن كان قد يظهر منه أنه على هذا يكفي يعني يثبت الإمكان للأولين دون الاخرين.

وقال أيضاً في نفس جواهر الأصول الجزء الأول صفحة ثلاثة وتسعين:

فتحصل مما ذكرنا بطوله أن المشهور قائلون بإمكان تصوير الوضع العام والموضوع له الخاص هذا الثالث ودليلهم أن العامة وجه للخاص وتصوير الشيء بوجه يكفي لوضع اللفظ له.

وأشكل عليهم أنه غير تام ولو تم فليجز في عكسه وهو كون الوضع خاصاً والموضوع له عاماً وما تكلف به المحقق العراقي ـ قدس سره ـ لدفع الإشكال لا يسمن ولا يغني شيئاً. [18]

من هذه العبارة قد يفهم أن السيد الإمام يرجح إمكان الأول والثاني دون الثالث والرابع إلا أن يحمل كلامه على أنه في مقام دفع التفرقة بين إمكان الثالث والرابع بحيث يقول:

إنه قد يثبت الإمكان لهما أو الامتناع لهما.

المقطع الثالث والأخير صفحة خمسة وتسعين يقول:

وبالجملة الوضع العام والموضوع له الخاص وعكسه يشتركان في إمكان الوضع وامتناعه فالتفريق بينهما بإمكان أحدهما دون الآخر لا يرجع إلى محصل. [19]

هذه العبارة الأخيرة واضحة أنه في مقامنا في التفرقة بين إمكان واستحالة الثالث والرابع.

هذا تمام الكلام في الجهة الثالثة واتضح أن مذهب مشهور هو المنصور وهو القول بإمكان الأول والثاني والثالث واستحالة الرابع وهذا موافق لما ذهب إليه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ محاضرات في أصول الفقه جزء ثلاثة وأربعين صفحة ستة وخمسين. [20]

وقد دفع أيضاً إمكان القول بالشبح إمكان القسم الرابع يقول هذا الشبح إما هو الأول وضع عام وموضوع له عام وإما من الثاني وضع خاص وموضوع له خاص واما من الثالث وضع عام والموضوع له خاص وليس من القول من القسم الثالث، نقرأ كلامنا بأتمه لفائدته يقول صفحة ستة وخمسين:

وقد يتوهم إمكان ذلك أي الوضع الخاص والموضوع له العام فيما إذا رأى شبحاً من بعيد وتيقن أنه حيوان ولكن لم يعلم أنه من أي نوع من أنواعه أو أي صنف من أصنافه أن له حينئذ أن يتصور ذلك الشبح الذي هو جزئي حقيقي ويضع اللفظ بإزاء معنى كلي منطبق عليه وعلى غيره من الأفراد فهذا من الوضع الخاص والموضوع له العام. [21]

يقول حيوان يقول شبح ما يشخصه أنه أسد أو نمر يقول السيد الخوئي إلا أنه توهم فاسد وذلك لأنه قد يتصور ذلك الشبح بعنوان أنه جزئي ومعنى خاص فيضع اللفظ بإزاء واقعه الشبح وقد يتصور ذلك بعنوان الكلي المنطبق عليه وعلى غيره فيضع اللفظ بإزاء معنونه ولا ثالث له فهو على الأول من الوضع الخاص والموضوع له الخاص وعلى الثاني من الوضع العام والموضوع له العام أو الخاص كما لا يخفى.

فالنتيجة على ضوء ما ذكرناه لحد الآن هي أن الممكن من أقسام الوضع ثلاثة:

وهي الوضع العام والموضوع له العام.

الوضع الخاص والموضوع له الخاص.

الوضع العام والموضوع له الخاص.

وأما القسم الرابع منها وهو الوضع الخاص والموضوع له العام فقد عرفت أنه غير ممكن انتهى كلامه زيد في علو المقامة.

خلاصة الكلام في الجهة الثالثة أن الصحيح ما ذهب إليه المشهور من إمكان الأقسام الثلاث وامتناع القسم الرابع الجهة الرابعة الواقع من الممكن من الأقسام الثلاثة يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo