< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/الاعتراض الثاني على عدم إمكان الوضع العام والموضوع له الخاص

 

الاعتراض الثاني على عدم إمكان الوضع العام والموضوع له خاص.

بيانه إن العام والخاص متباينان مفهوماً فمفهوم الإنسان العام مباينٌ لمفهوم زيد الخاص وإن كان وجود زيد خارجاً وهو الخاص هو عين وجود العام وهو الإنسان.

لكن نقول كيف يُرِي المُبَيِنُ المباينة وكيف يرى المباين بالمباين؟ فكيف يرى مفهوم الخاص وهو زيد بمفهوم العام الجامع وهو الإنسان، فهذا الإشكال والاعتراض الثاني لا فرق في وروده بين الجامع من القسم الأول وهو الجامع التقشير وبين الجامع من القسم الثاني وهو الجامع الإنشائي الإلباسي.

جواب المحقق العراقي عن الإعتراض الأول

فقد فرق المحقق العراقي[1] [2] ـ رحمه الله ـ في جواب الاعتراض الأول وهو أن العام عبارة عن الجامع والجامع كيف يكشف عن الفرد والخاص؟ وكيف يري الخاص؟ مع أن الجامع لا يكون جامعاً إلا إذا جرد من خصوصياته فإذا جرد الجامع من الخصوصيات لا يمكن أن يري الفرد الذي هو متقوم بالخصوصيات.

فأجاب العراقي عن الاعتراض الأول بأننا نلتزم بأن الجامع الذي يري الفرد والخاص هو الجامع الإنشائي البعثي لا الجامع التقشير ولنعبر بمفردتين الجامع إما يُعطى وإما يُؤخذ إما الجامع يؤخذ من الفرد بتقشير الخصوصيات وإما الجامع ينشأ ويعطى للفرد يلبس ويلبس عليه ويخيط عليه فعندنا جامع إعطائي وجامع أخذي.

فالجامع الأخذي هو الجامع التقشيري المأخوذ من الأفراد والجامع الإعطائي هو الجامع الإنشائي الذي ينشأ أولاً ثم يعطى الفرد ويلبس على المصاديق والأفراد.

فإذا فأجاب المحقق العراقي عن الاعتراض الأول بما مفاده إن الخصوصيات تلغى من الجامع الأخذين لا الجامع الإعطائي في الجامع الإعطائي منطبق على أفراده من دون تقشير الخصوصيات هكذا أفاد في جواب الاعتراض الأول.

أما الإعتراض الثاني

لكن الاعتراض الثاني يقول إن الجامع كلي عام وإن الفرد جزئي خاص فهناك تباينن بين الجامع والفرد وهناك تباين بين الكلي والجزئي، فكيف يري المباين المباين وكيف يرى من المباين من المباين.

وهذا الاعتراض الثاني إن المباين لا يري المباين موجود سواء قلنا إن الجامع أخذي أو الجامع إعطائي سواء قلنا إن الجامع إنشائي إلباسي إعطائي كما في القسم الثاني أو قلنا أن الجامعة انتزاعي تقشيري أخذي فيثبت هذا الاعتراض الثاني.

إذا لا بد من دفع كلا الإشكالين ومن هنا نشرع فيما يندفع به كلا الاعتراضين.

وتحقيق الحال في حل هذا الإشكال بجواب ندفع به كلا الاعتراضين بأن نقول أننا حينما نريد أن نحكم على شيء من الأشياء فلا بد أن نستحضره حتى نحكم عليه لأن الحكم على الغائب غير معقول فكيف تحكم على المبهم؟! فلابد أن يكون الشيء واضحاً أولاً لكي تحكم عليه ثانياً.

من هنا يقع الكلام في كيفية استحضار الشيء فاستحضار الشيء يتحقق بأحد طريقتين:

الطريقة الأولى أن نستحضر موضوع الحكم بكنهه وحقيقته ونحكم عليه فإذا أردنا أن نحكم على الجزئي أنه يمتنع صدقه على كثيرين فلا بد أن نستحضر نفس واقع الجزئي وهو زيد ونحكم عليه هذه هي الطريقة الأولى استحضار نفس الشيء واقع الشيء حقيقة الشيء نفس الجزئي.

الطريقة الثانية أن لا نستحضر نفس الجزئي وإنما نستحضر شيئاً غير الجزئي ولكنه عين الجزئي بالحمل الأولي أي بلحاظ المفهوم لا بالحمل الشائع الصناعي أي من حيث المصدر فإذا احضرنا شيء هو من ناحية المصداق والحمل الشائع الصناعي ليس هو الموضوع لكنه من ناحية المفهوم هو عين الموضوع مفهوماً.

وذلك بأن نتصور مفهوم الجزئي ونحكم عليه فنحن لم نتصور جزئياً حقيقياً بل كليٌ يعني الجزئين بلحاظ مفهومه هو جزئي أو كلي هو كلي لأن الجزئي بلحاظ مفهومه هو ما يمتنع صدقه على كثيرين هذا عنوان عام مفهوم عام.

فلجزئي بلحاظ الحمل الأولي هو كليٌ ولكن مفهوم الجزئي بالحمل الأولي جزئي ومن هنا صح أن نعلق عليه أحكام الجزئي وبالتالي نحن لم نتصور حاق المفهوم حاق الموضوع ولكننا تصورنا شيئا يحمل عليه وهو عينه بالحمل الأولي هذه كضابطة كلية.

خلاصة الضابطة إما نتصور الشيء وإما نتصور شيء آخر غير هذا الشيء من ناحية المصداق لكنه عينه من ناحية المفهوم.

تطبيق ذلك على موطن بحثنا إذا كان لدينا حكم ونريد أن نعلق هذا الحكم على الأفراد فهنا طريقتان:

الطريقة الأولى أن نتصور واقع الأفراد حقيقة نتصور واقع زيد وواقع عبيد وحقيقة خالد وعمر ثم نطلق الحكم الكلي وهو الإنسان عليها هذا هو التصور الأول.

وبعبارة أخرى تتصور الجزئي مقيداً بعوارضه، ما هي عوارض زيد؟ متين طويل أبيض عويناته زرقان هذا تصور لواقع الشيء واقع زيد واقع الجزئي هنا هنا يصدق عليك أنك تصورت الفرد أو لا؟ نعم تصورت الفرد.

الطريقة الثانية أن تتصور شيئاً هو واقع الأفراد بالحمل الأولي لكنه مغاير لها بالحمل الشائع الصناعي، ما هو عين الأفراد بالحمل الأولي؟ نفس عنوان الفرد نفس عنوان المصداق نفس عنوان الحصة ونضع اللفظ لهذه الحصة فيكون الوضع لمعنون العنوان وهو الأفراد بحقائقهم حتى يصير المطلب أوضح ما هو معنى الحصة؟

لاحظ معاي الكلام دقيق جداً يوجد لحاظان للحصة:

اللحاظ الأول أن تلحظ الحصة مقيدة بعوارضها فتقول زيد حصة من الإنسانية لكنها مقيدة بعوارض وهو أن طوله كذا وعرضه كذا ووزنه كذا ولونه كذا هذه حصة أم لا؟ هذه حصة من الإنسانية حصة من العام هذه تحتاج إلى تقشير إذا بتستخرج الإنسانية من زيد تحتاج أن تجرد هذه الحصة من عوارضها وقيودها واضح الأمر الأول؟

اللحاظ الثاني أن تلحظ الحصة كفرد من أفراد الإنسانية فالإنسانية مفهوم كلي له حصص حصة من الإنسانية في زيد وحصة من الإنسان في عبيد وفرد من الإنسانية في كاظم وفرد من الإنسانية في جعفر،

سؤال هذه الأفراد وهذه الحصص هل هي مغايرة لكلي الإنسانية أو لا؟

الجواب من ناحية المفهوم هي عين الإنسانية لا يوجد تباين، الإنسانية المنطبقة على زيد هي نفس حصة الإنسانية المنطبقة على عمر هي نفس حصة الإنسانية المنطبقة على جعفر وكاظم ومعتوق وعطية لأن الحصة هنا ليست مقيدة بخصوصية مرزوق وعطية وإنما أخذت بما هي حصة وفرد من الإنسانية.

إذاً لاحظ جيداً من ناحية المفهوم حصة زيد وعبيد وكاظم وعطية هي نفس الإنسانية لكن من ناحية المصداق حصة زيد تختلف عن حصة عمر وحصة عمر تختلف عن حصة خالد إلى هنا واضح إن شاء الله مبحث دقيق وعميق.

وبالتالي اتضح وجود طريقتين لإحضار الشيء أي توجد طريقتان لتصور الفرد والحصة:

الطريقة الأولى إحضار واقع الحصة والجزئي بخصوصياته ومن الواضح أنه بحسب الطريقة الأولى إذا تحضر الشيء بخصوصياته هنا إذا أردت أن تستخرج الكلي وهو الإنسانية لا بد من إزالة هذه القيود والعوارض طوله كذا وعرضه كذا لابد من التقشير في الطريقة الأولى.

الطريقة الثانية وأما في الطريق الثانية أن لا تحضر واقع الجزئي ما تحضر واقع زيد وعبيد ما لك شغل بواقع عطية وكاظم ومرزوق شغلك مع حصة الإنسانية الموجودة في زيد وكاظم ومرزوق حصة الإنسانية فرد الإنسانية هذا كلي أم جزئي؟ خوب خاص أو عام الحصة خاص أو عام؟ خاص.

هذا الخاص متحد مفهوماً مع العام وهو الإنسان مختلفٌ مصداقاً فحصة الإنسانية في زيد هي غير حصة الإنسانية في عبيد يعني من ناحية المصداق لكن حصة الإنسانية في زيد هي نفس حصة الإنسانية في عبيد من ناحية المفهوم يعني من ناحية الكلي من ناحية جامع الإنسانية.

وبهذا يتضح أن الشرط العام في تصحيح عملية الوضع هو أن يكون المعنى الموضوع له متصوراً إما بنفسه حقيقة كما في القسم الأول والثاني الوضع العام والموضوع له عام والقسم الثاني الوضع الخاص والموضوع له خاص أي تتصور الشيء بنفسه بحقيقته.

وإما أن تتصور الشيء والمعنى الموضوع له بمباين له لكنه عينه بالحمل الأولي.

ومن هنا يتضح:

أولاً معقولية القسم الثالث الوضع العام والموضوع له خاص يعني تتصور الإنسان وتضع اللفظ لفرد الإنسان وحصة الإنسان ومصداق الإنسان هذا ممكن لأن فرد الإنسان يغاير مفهوم الإنسان مصداقاً لكنه متحد مع كلي الإنسان مفهوماً فهنا الشيء وإن كان مبيناً إلا أنه عينه مفهوماً وبالحمل الأولي.

فاتضح أن القسم الثالث الوضع العام والموضوع له خاص ممكن ثم يقع الكلام هل هو واقع وقع أو لم يقع؟

ثانيا الشيء الثاني الذي اتضح أن القسم الرابع غير معقول ما هو القسم الرابع؟ الوضع الخاص والموضوع له العام، والسر في ذلك أنه في الوضع الخاص والموضوع له عام مثل ماذا؟ مثل الشبح.

أنت تتصور الجزئي وهو هذا الشيء الذي يرى من بعيد وتضع له لفظاً عاماً وهو عنوان الشبح فإننا نقوم يوجد تباين في المفهوم والمصداق معاً فواقع الشبح غير واقع الشيء الذي رأيته كما أن مفهوم الشبح الكلي غير مفهوم الشيء الجزئي الذي رأيته فلم يثبت الملاك الذي أثبتناه في الطريقة الثانية إن الشيئين وإن اختلفا وتباينا من ناحية المصداق لكن تكفي الإراءة من ناحية الاتحاد في المفهوم.

وفي القسم الرابع وهو الوضع الخاص والموضوع له عام لا يوجد اتحاد بين العام والخاص لا في المصداق ولا في المفهوم إن شاء الله الكلام مفهوم اليوم كان مفروض نأخذ شيء أوسع لكن نتدرج شوي شوي حتى كان بعض أساتذتنا يقول هل هذا ينقع أول خله ينقع حتى بعد ذلك تناقش إلى هنا إلى هنا اتضح جواب الاعتراض الأول والاعتراض الثاني، ما هو الاعتراض الأول؟

الجامع كلي مقشر كيف يري الجزئي الذي فيه قشور؟ والإشكال الثاني الجامع مباين للفرد فالعام مباين للخاص فكيف يري المباين المباين؟

جواب كلا الاعتراضين المباين مباين لمباينه من ناحية لكنه متحد معه من ناحية المفهوم ويكفي الاتحاد مفهوماً لكي يري العام الخاص.

هذا الجواب يكفي الاتحاد مفهوماً بين العام والخاص لكي يري العام الخاص هذا يصلح لجواب الاعتراض الأول كيف الجامع يري الفرد والجامع هو تقشير الخصوصيات؟

صحيح تقشير للخصوصية لكنه يري المفهوم الذي اتحد فيه العام والخاص، فهما متباينان مصداقاً من ناحية الخصوصيات الحقيقية للجزئي زيد وعبيد لكنهما متحدان مفهوماً.

الخلاصة الطريقة الثانية هي التي تجيب على كلا الاعتراضين ملاك صحة عملية الوضع الاتحاد مفهوماً ولو بين المتباينين.

هذا تمام الكلام في جواب الاعتراضين تعميق المطلب أكثر تعميق الاعتراض الأول والثاني أكثر تعميق جواب المحقق العراقي والجواب عليه أكثر يأتي في الدرس القادم إن شاء الله صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo