< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/نقد نظرية القرن الأكيد وبيان المبنى المختار في الوضع

 

نقد نظرية القرن الأكيد وبيان المبنى المختار في الوضع

ذهب شهيد السيد محمد باقر الصدر ـ ـ رضوان الله عليه ـ ـ إلى نظرية القرن الأكيد وذكر ما محصله باختصار ثلاثة قوانين تكوينية:

القانون الأول إن الإحساس بالشيء يوجب الانتقال إلى معناه فالإحساس بالأسد مثلا يوجب الانتقال إلى معناه.

القانون الثاني إن إدراك المشابه يوجب إدراك المعنى المشابه فإدراك صورة الأسد أو رسم الأسد يوجب الانتقال إلى إدراك معنى الحيوان المفترس.

وهذا القانون الثاني حاكم على القانون الأول إذ يوسع من القانون الأول فالقانون الأول مختص بالإحساس إحساس نفس الشيء فيوسعه القانون الثاني ويقول الإحساس بالشيء أو الإحساس بمشابهه.

القانون الثالث هو إن إدراك المقارن أو المشروط يوجب الانتقال إلى فهم المعنى المقارن فإدراك صوت الزئير يوجب الانتقال إلى إدراك معنى الحيوان المفترس.

وهذا القانون الثالث أيضاً حاكم تكوينه على القانون الأول فيقول الإحساس بالشيء أو الإحساس بما يقارنه يوجب الانتقال إلى المعنى.

ثم جاء السيد الشهيد بتطبيقات وقال من تطبيقات القانون الثالث الوضع التعييني والوضع التعيني

أما الوضع التعيني فهو ما يحصل بكثرة الاستعمال فكثرة الاستعمال هي الصغرى وهي خارجية تكوينية وليست جعلية والكبرى هي القانون الثالث أيضاً هذا قانون تكويني.

إذا في الوضع التعييني تكون الصغرى والكبرى تكوينية فلا مجال لنظرية الاعتبار والتعهد.

وأما الكلام في الوضع التعييني وهو محل بحثنا ففيه حيثيتان:

الحيثية الأولى حيثية الجعل والإنشاء والاعتبار والإيجاد وهذا مسلم أنه أمر اعتباري عند السيد الشهيد الصدر لكنه ليس ملاك الانتقال من شيء إلى شيء فنفس هذا الإنشاء والاعتبار ليس هو النكتة الفنية لانتقال الذهن من اللفظ إلى المعنى.

الحيثية الثانية الملازمة بين اللفظ والمعنى الملازمة بين اللفظ المقارن للمعنى المقارن فإذا أدركت اللفظ أدركت المعنى المقارن له فلب الانتقال وسبب الانتقال هو الملازمة وهذه الملازمة ليست جعلية وليست تنزيلية وإنما هي أمر تكويني.

إذا حقيقة الوضع قانون تكويني وهو عملية القرن الأكيد هذا القرن الأكيد إما أن يحصل بعامل الكمي كما في الوضع التعيني الحاصل بسبب كثرة الاستعمال وإما بعامل كيفي وهو اقتران اللفظ بالمعنى في ظرف مؤثر.

إذا حقيقة الوضع هي عبارة عن عملية القرن الأكيد التي تحصل إما بفعل العامل الكمي كما في الوضع التعيني أو بفعل العامل الكيفي كما في الوضع التعييني وفي الوضع التعييني التعييني تكون الصغرى خارجية وهي كثرة الاستعمال وفي الوضع التعييني تكون الصغرى اعتبارية إنشائية لكن ليست هي ملاك الانتقال من اللفظ إلى المعنى ليست هي ملاك الوضع بل ملاك الوضع هو الملازم.

هذه خلاصة ما ذكره ـ قدس الله نفسه الزكية ـ وإن شاء الله سأقرأ نص كلامه في الحلقات ونشير إلى المصادر يعني نشير إلى التقريرات الأربعة وماذا قالت.

إشكالات نظرية القرن الأكيد

وفيه

أولانحن لا نسلم أن ملاك حقيقة الوضع هو الملازمة بين اللفظ والمعنى بل ملاك الوضع وحقيقته في الحيثية الأولى الإنشائية بحسب نص الشهيد الصدر لا الحيثية الثانية، والسر في ذلك:

إننا نبحث مباحث الألفاظ وبحثنا في الوضع أي الجعل والإيجاب فما هي حقيقة الوضع أي كيف تجعل الألفاظ للمعاني؟

فلب بحثنا في حقيقة الوضع لا في كيفية الانتقال من اللفظ إلى المعنى فالحيثية الثانية وهي الملازمة التكوينية التي إدعاها الشهيد الصدر ـ ـ رضوان الله عليه ـ ـ ناظرة إلى محل أجنبي عن موطن بحثنا فبحثنا في الجهة الأولى وهي حقيقة الوضع، ما هي ماهية وطبيعة وضع اللفظ للمعنى؟ وليس بحثنا هو عبارة عن كيفية الانتقال من اللفظ إلى المعنى.

فالحيثية الأولى وهي جعل اللفظ وإنشاء اللفظ هي التي ناظرة إلى موطن بحثنا البحث عن حقيقة الوضع بخلاف الحيثية التي هي تكوينية حسب مدعي الشهيد الصدر فهي ناظرة إلى شيء آخر وهي سبب الانتقال من اللفظ إلى المعنى هذا أولاً.

وثانياً نحن لا نسلم أن الحيثية الثانية تكوينية بل هي أيضاً جعلية واعتبارية وهذا بحسب المرتكز العرفي وهذه الدعوة منا موافقة لما هو المعروف في علم المنطق من تقسيم الدلالة إلى ثلاثة أقسام:

وهي الدلالة العقلية والطبعية الوضعية ثم تقسم الدلالة الوضعية إلى لفظية وغير لفظية فالدلالة الطبيعية كدلالة إحمرار الوجه على الخجل ودلالة إصفرار الوجه على الخوف والدلالة العقلية كدلالة وجود الدخان على وجود النار والانتقال من المعلول إلى العلة والدلالة الوضعية كدلالة لفظ اسم علي على ذات شخص علي صلوات الله وسلامه عليه.

ومنشأ التقسيم للدلالة في علم المنطق هو النظر إلى منشأ الانتقال فما الذي أوجب الانتقال؟ وما هو السبب؟ هل هو الطبع كما في الدلالة الطبعية؟ أو العقل كما في الدلالة العقلية؟ أو الوضع كما في الدلالة الوضعية؟

إذا الوضع سبب في مقابل العقل والطبع لا أن الوضع صغرى تندرج تحت كبرى عقلية وهكذا قسموا الدلالة الوضعية إلى قسمين:

الأول دلالة غير لفظية كدلالة الإشارة على معناها

الثاني دلالة لفظية كدلالة اللفظ على معناه كأسماء الأعلام.

إذا نحن نرى أن الحيثية الأولى إنشائية إيجادية اعتبارية هذا أولا.

وثانياً نحن نرى أن الحيثية الثانية وهي الملازمة أيضاً جعلية اعتبارية وضعية وليست تكوين وهذه الدعوة موافقة لما هو المشهور في علم المنطق.

وبالتالي نحن نلتزم أن كلتا الحيثيتين وضعيتان ولا دخل لعالم التكوين فيهما ودليلنا على ذلك الارتكاز العرفي والروايات واللغة هذه مؤيدات، لكن عمدة الدليل الارتكاز العرفي.

وبالتالي نحن نبني على نظرية الاعتبار للمشهور ونرى أن الوضع عبارة عن الاعتبار وأما الوجوه الخمسة التي ذهبوا إليها فهي ناظرة إلى المعتبر ولا كلام لنا في المعتبر نحن ننظر إلى نفس العملية وهي الجعل والإيجاد والإنشاء لا المجعول والمنشأ والموجد هل هذا المنشأ والموجد هو العلامة كما يقول السيد الإمام ـ رضوان الله عليه ـ.

أو هو المرآة كما يقول السيد البروجردي ـ رضوان الله عليه ـ .

أو هو الدليل كما عليه الوجه الثالث.

أو هو العينية أن يكون اللفظ عين اللفظ كما هو الثاني.

أو جعل اللفظ على المعنى كما يقول به المحقق الأصفهاني.

فهذه اختلافات في المعتبر في المنشأ ولا كلام لنا في ذلك.

وإذا أردنا أن نتجرد من التدقيقات الأصولية ونلجأ إلى الارتكازات العرفية ونقول إن شخص من الاشخاص أنجبوا له ولداً فقال أسميته محمد صلى الله عليه وآله.

فإذا قيل له ماذا تقصد من تسميتك ابنك بمحمد؟

يقول أردت أن اجعل هذا اللفظ دال وولدي مدلول.

إذا المراد بالوضع جعل الدلالة جعل الدال أما حقيقة هذا الدال ما هي؟ هل هي العلامة؟ هل هي المرآة؟ هل هي العينية؟ هذا بحث آخر.

الخلاصة حقيقة واضع هي عبارة عن جعل اللفظ دالاً على المعنى هذه هي حقيقة الوضع فنلتزم بنظرية الاعتبار اعتبار اللفظ المعين دالاً على معنى معين إنشاء لفظ معين لمعنى معين إيجاد معنى معين إيجاد لفظ مع لمعنى معين.

فحقيقة الوضع اللغوي هي جعل وإنشاء وإيجاد لفظ معين للدلالة على معنى معين فهنا إنشاءان:

الأول إنشاء واعتبار اللفظ وهو الحيثية الأولى وهذه حيثية اعتبارية.

الثاني إيجاد الملازمة ببركة الوضع إيجاد الملازمة بين لفظ علي ومعنى علي بين لفظ أسد ومعنى أسد هذه الملازمة أيضاً أوجدت بالاعتبار فالملازمة على نحوين:

ملازمة تكوينية كالملازمة بين النار والحرارة وملازمة اعتبارية وضعية كالملازمة بين لفظ علي ولفظ ومعنى علي هذي تتغير بالوضع اسمه علي غيرناه سميناه كاظم أوجدنا أيضاً الملازمة.

هذا تمام الكلام في مناقشتنا للسيد الشهيد الصدر واتضح أن ما أفاده ـ قدس الله نفسه الزكية ـ ليس بتام لا في الحيثية الأولى ولا في الحيثية الثانية ومن هنا يتضح أن الوضع لا يصدق إلا على خصوص الوضع التعييني ولا يشمل الوضع التعيني.

لأننا نبحث عن الوضع يعني الجعل ولا نبحث عن طريقة الارتباط وطريقة الاقتران، إذا بحثنا عن طريقة الاقتران فهنا نقول الاقتران إما بالتعيين أو بالتعين إذا بحثنا عن طريقة الارتباط بين اللفظ والمعنى فهنا نبحث ماذا؟ عن نقول هكذا اللفظ يرتبط ويقترن بالمعنى إما عن طريق الوضع والجعل وإما عن طريق كثرة التكرار.

وما ذكرناه موافق لما ذهب له أبو الفتوح السيد روح الله الموسوي الخميني في تقريراته المختلفة تهذيب الأصول تقرير الشيخ جعفر السبحاني تنقيح الأصول تقرير الآشتهاردي وجواهر الأصول لكنه في جواهر الأصول نص على العلامية.

ونحن لا نلتزم بالعلامية نحن نقول يكفي التعبير جعل اللفظ دالاً هذا اللفظ الدال إما بنحو العلامة إما بنحو المرآة إما بنحو الدليل ما شئت فعبر.

حقيقة الوضع جعل اللفظ دالاً على المعنى والسيد الإمام ـ رضوان الله عليه ـ ينكر أن الحيثية الأولى والحيثية الثانية تكوينيتين يرى أن الحيثية الأولى والثانية أيضاً اعتباريتين.

وأما السيد محمد الروحاني ـ رحمه الله ـ في منتقى الأصول فناقش المحقق العراقي فهو يرى أن الحيثية الأولى اعتبارية ويرى أن الوضع للاعتبار لكنه لم ينكر الحيثية التكوينية في الملازمة.

واضح إلى هنا إن شاء الله نقرأ كلام الشهيد الصدر قال ـ قدس سره ـ دروس في علم الأصول الحلقة الثالثة صفحة أربعة وثلاثين وخمسة وثلاثين يقول: [1]

هذه هي حقيقة الوضع يقول والإنسان في مجال تفهيم الآخرين يستخدم هذا القانون في الحقيقة فهو يجعل اللفظ مقترناً ومشروطاً بمعنى مخصوص اقتراناً أكيداً ناشئ من التكرار أو نتيجة عامل كيفي معين وبذلك نشأت العلقة الوضعية أعني السببية والملازمة بين ذلك اللفظ المخصوص والمعنى المخصوص هذه هي حقيقة الوضع.

فالواضع بحسب الحقيقة من خلال الوضع وتخصيص اللفظ بالمعنى يمارس عملية الاقتران المؤكد بين اللفظ والمعنى وهذا الاقتران المؤكد إذا كان على أساس العامل الكمي كثرة التكرار سمي سمي بالوضع التعيني وإذا كان على أساس العامل الكيفي سمي بالوضع التعييني وهذا يعني أن عملية الوضع تشتمل على جنبتين:

جنبة اعتبارية وضعية وجنبة تكوينية هي الاقتران المؤكد بين اللفظ والمعنى والدلالة أو التلازم التصوري إنما نشأ من الجنب الثانية.

سيدنا ليس الكلام في الدلالة ليس في الدلالة والمنشأ التصوري الكلام في حقيقة الوضع يقول:

والجنبة الأولى الاعتبارية ليست إلا وسيلة وطريقا إلى الجنب الثانية التكوينية ولهذا تحصل العلاقة والدلالة الوضعية أيضاً بالاقتران الحاصل على كثرة الاستعمال رغم عدم وجود الوضع والاعتبار فيه.

كلام السيد كاظم الحائري في التقرير الأول[2] أوضح شيء مباحث الأصول السيد كاظم الحائري الجزء صفحة مئة وثلاثة يقول:

إن الواضع ينشئ شيئاً من اعتبار أو نحوه فيقول بقصد الإنشاء سميت ابني علياً إلا أن هذه العملية لها جنبتان:

جنبة الإنشاء كان ينشئ وضع اللفظ فوق المعنى أو تحته أو نحو ذلك وجلبة إيجاد اقتران واقعي وحقيقي في الذهن بين اللفظ والمعنى بنحو مخصوص والجنبة الثانية هي الوضع والدلالة دون الأولى.

ولذا قد تتم الدلالة على أساس الجنبة الثانية مع فقدان الجنبة الأولى.

نحن ليس كلامنا عن سر الوضع كلامنا حقيقة الوضع كيف يحصل الوضع؟ بجعل اللفظ على المعنى وقال في تقرير السيد محمود بحوث في علم الأصول الجزء الأول صفحة اثنين وثمانين:

إن الوضع ليس من ليس مجعولاً من المجعولات الإنشائية والاعتبارية كالتمليك بعوض المجعول في باب البيع مثلاً وانما هو أمر تكويني يتمثل في إشراط مخصوص بين اللفظ والمعنى المحقق لصورة قانون الاستجابة الشرطية الذي هو قانون طبيعي يقول:

وقد يستخدم الإنشاء لإيجاد هذا الشهر كما في الوضع التعييني ولكن هذا لا يعني أن الإشراط هو المنشئ بل نفس الإنشاء هو عملية تكوينية تصدر خارجاً يحقق الإشراط المطلوب.

وقال في تقرير الشهيد الصدر الثاني محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول صفحة مئة وتسعة وثمانين يقول:

وأما في الوضع التعييني بمعنى حصول الارتباط الأكيد بعملية واحدة فقد يصدر إنشاء من الواضع فيقول سميت ولدي علياً ولكن لهذا الإنشاء حيثيتان:

الحيثية الأولى حيثية كون إيجاداً إنشائياً لمعنى اعتباري خيالي وهو أن هذا اللفظ عين ذلك المعنى وهو بهذه الحيثية لا يكون ميزانا للدلالة بين اللفظ والمعنى.

الحيثية الثانية أن نفس هذا الإنشاء يوجب نحو اقتران ذهني بين اللفظ والمعنى وهو الذي يكون ميزاناً للدلالة لصيرورته صغرى لذلك القانون الثانوي التكويني.

قد تقول ما هو السر والنكتة؟ هذا كان إشكال السيد الصدر على نظرية الاعتبار، يعني هل بمجرد جعل اللفظ تحقق؟ نقول:

نعم بشرطين:

الأول أن تكون له صلاحية.

الثاني أن يكون جاداً.

هذا الأب عنده صلاحية يسمي ابنه ثانياً جاداً كان جاداً حينما سمى ابنه هذا يكفي لتحقيق العلقة الوضعية، وهذا ما أشار له الشيخ محمد إسحاق الفياض.

نحن كلامنا موافق تماماً لما ذهب له الشيخ محمد إسحاق الفياض ـ حفظه الله ـ حينما تكلم عن بعد داخلي وبعد خارجي العنصر الداخلي وصفحة مئة لو المباحث الأصولية الجزء الأول صفحة مئة وثلاثين[3] يقول:

والصحيح في المسألة أن يقال أن حقيقة الوضع حقيقة إنشائية بعنصرين:

الأول العنصر الداخلي وهو أن الواضع الذي يكون أمر الوضع بيده إذا كان في مقام الوضع وكان جاداً فيه فلا محالة يتصور لفظاً خاصاً ومعنى مخصوصاً وبعد ذلك يعتبر هذا اللفظ الخاص اسماً لذلك المعنى المخصوص في الاعتبار والذهن ويجعل القران بينهما في هذا العالم مؤكدة مؤكداً ومتعهدا بذلك.

الثاني العنصر الخارجي وهو إبراز ذلك القران الاعتباري بالقران الخارجي بقوله سميت المولود الفلاني زيداً مثلا وهكذا.

كلامنا موافق للشيخ محمد إسحاق الفياض وإلى السيد الإمام الخميني جواهر الأصول الجزء الأول صفحة أربعة وثمانين يقول السيد الإمام ـ رضوان الله عليه ـ :[4]

لأن الوضع كما أشرنا عبارة عن تعيين اللفظ للمعنى وجعله علامة لها من دون أن يتحقق في الخارج شيء من ربط وعلاقة واقعية بينهما حتى العلاقة اعتبارية وليست واقعية بل حال اللفظ والمعنى بعد الوضع حالهما قبل الوضع نعم يوجد بينهما ربط اعتباري.

ثم يقول صفحة خمسة وثمانين: [5]

ثم إنه بعدما أحط خبراً بما ذكرنا من أن الوضع عبارة عن جعل اللفظ علامة للمعنى يظهر لك أنه لا معنى لتقسيم الوضع إلى التعييني والتعيني بل له قسم واحد وهو الذي جعله الوضع علامة لدوران الوضع مدار الجعل وهو مفقود في الوضع التعيني.

تراجعون المصادر التالية تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني صفحة ستة وخمسين ببيان هذه الحيثية. [6]

السيد محمود الهاشمي الله خالف أستاذه في القرن الأكيد قال:

يوجد شيء تكويني يضاف إليه شيء لغوي أيضاً مزيج بين المحاورات العرفية وبين ماذا؟ وبين القرن يقول في كتابه أضواء وآراء الجزء الأول صفحة واحد وثلاثين يقول هكذا وأيضاً صفحة اثنين وثلاثين يقول: [7]

فالحاصل لابد زائداً من حصول الاقتران الأكيد بين اللفظ والمعنى من المقبولية النوعية اللغوية.

يقول أيضاً:

فالوضع مزيج من القرن الأكيد وقبول أهل اللغة الواحدة بذلك ولو ضمنا ومن خلال الاستعمال باستخدام ذلك اللفظ لإفهام ذلك معنا

هذا المبنى أيضاً ما نقبله نقول هي عملية وضعية اعتبارية بحتة.

السيد الروحاني ـ رحمه الله ـ في منتقى الأصول ناقش في الأولى الثانية البعد التكويني ما ناقش فيه ولكن تعبيره دقيق جداً منتقى الأصول الجزء الأول صفحة ستة وستين يقول:

ونتيجة بطلان ما ذكر من الوجوه لحقيقة الوضع يتعين الالتزام بأن حقيقة الوضع هي جعل العلقة واعتبار الارتباط بين اللفظ والمعنى فإنه معنى معقول لا محظور في الالتزام به ثبوتا ولا إثباتا.

وأيضاً يقول صفحة سبعة وستين آخر سطر:

والذي يتحصل بأيدينا أن الوضع عبارة عن جعل الربط والملازمة والعلقة بين اللفظ والمعنى وينشأ من هذا اعتبار مصداق حقيقي للملازمة كما هو واضح.

وهذا أيضاً موافق لرأي شيخنا الأستاذ الميرزا جواد التبريزي الذي ذهب إلى مبنى العلامة وأيضاً رأي شيخنا الأستاذ الشيخ الوحيد الخراساني.

الميرزا جواد التبريزي دروس في مسائل علم الأصول الجزء الأول صفحة اثنين وثلاثين يقول:

والصحيح إن الوضع في الألفاظ عبارة عن جعلها معاني عبارة عن جعلها علامات للمعاني والغرض من جعل العلامة تفهميمها بها فالمعنى هو الموضوع له ومسمى اللفظ، لا أن إرادة المعنى نفسها مسمى اللفظ. [8]

الشيخ الوحيد الخراساني أبدع في ذكر الشواهد القرآنية والروائية واللغوية على نظرية الاعتبار تحقيق الأصول الجزء الأول السيد علي الميلاني صفحة ستة وسبعين: [9]

مختار شيخنا الأستاذ وذهب شيخنا ـ دام بقاؤه ـ في الدورتين إلى أن حقيقة الوضع هي العلامية والدليلية قال بأن الإنسان في بادئ الأمر كان يبرز مقاصده النفسانية وأغراضيه القلبية والباطنية بواسطة الإشارة إلى أن يقول بعد ذلك أخذ يضع ماذا؟ أخذ يضع الاسم.

يقول فحقيقة الوضع صفحة سبعة وسبعين:

جعل العلامة والاسم الوضع يعني التسمية والعلامية.[10]

هذا تمام الكلام في المبحث الأول حقيقة الوضع واتضح أن حقيقة الوضع هي عبارة عن جعل اللفظ دالاً على المعنى المدلول.

فحقيقة الوضع هو جعل الدليلية في عالم الألفاظ اي اعتبار وإنشاء وإيجاد لفظ معين للدلالة على معنى معين فنفس جعل اللفظ أمر إيجادي إنشائي جعلي ونفس الملازمة بين اللفظ والمعنى أيضاً إيجادية إنشائية خلافاً للمحقق العراقي الذي ذهب إلى السببية الواقعية.

فنحن نلتزم بالسببية الظاهرية جعلت هذا اللفظ ظاهراً دالاً على هذا المعنى الظاهري.

إذا الصحيح هو نظرية الاعتبار خلافاً لنظرية التعهد للسيد الخوئي ونظريته القرن الأكيد للشهيد الصدر ونظرية السببية الواقعية للمحقق العراقي وبهذا نكمل البحث في الجهة الأولى حقيقة الوضع يقع الكلام في الجهة الثانية وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo