< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/ المسلك الثاني الاعتبار

المسلك الثاني في الوضع مسلك الاعتبار.

 

انتهينا بحمد الله عز وجل من بيان مسلك التعهد للسيد واتضح أنه ليس بتام ونشرع في بيان مسلك مشهور وهو مسلك الاعتبار.

ويدعي أصحاب مسلك الاعتبار أن الواضع يقوم باعتبار مخصوص هذا الاعتبار يحقق دلالة اللفظ على المعنى.

وقد اختلف أصحاب مسلك الاعتبار في تصوير هوية هذا الاعتبار.

والسر في ذلك:

الاختلاف في متعلق الاعتبار.

وجوه المعتبر

فالاعتبار يقع على ماذا؟ فاختلاف المشهور في تصوير الاعتبار بحسب المعتبر أي ما يعتبره المعتبر أدى إلى بروز عدة وجوه:

الوجه الأول أن المعتبر هو وضع اللفظ على المعنى.

والأساس في ذلك أن يكون متعلق الاعتبار هو الخارج توضيح ذلك:

إن أحد الأساليب في جعل شيء يدل على شيء وضع عليه، فمثلاً قد يضع الإنسان علم على رأس فرسخ أو على بئر لكي يكون هذا العلم دليلا على ذلك الفرسخ أو ذلك البئر.

فوضع شيء على شيء طريق متعارف في جعل الشيء الموضوع دالاً والشيء الموضوع عليه مدلولاً.

هذا الوجه الأول للمحقق الأصفهاني الكمباني ـ رضوان الله عليه ـ يمكن مراجعة كتابه الأصول على المنهج الحديث صفحة سبعة وكتابه الآخر نهاية الدراية في شرح الكفاية الجزء الأول صفحة عشرين وثلاثة وعشرين في تعريف الواضع.

وفي نسخة أخرى ونهاية الدراية في شرح الكفاية تحقيق مؤسسات آل البيت لإحياء التراث الجزء الأول صفحة سبعة وأربعين. [1]

تفصيل هذا الوجه:

الوضع يكون على نحوين:

النحو الأول الوضع الحقيقي.

النحو الثاني الوضع الاعتباري.

الوضع الحقيقي هو الوضع الخارجي كما لو وضعنا علماً على بئر أو على رأس فرسخ فهذا وضع حقيقي خارجي إشاري يشار إليه في الخارج.

الوضع الاعتباري أي يعتبر كون اللفظي دالاً على المعنى دون أن يكون اللفظ موضوعاً على المعنى حقيقة.

وهذا هو معنى الوضع عند صاحب هذا الوجه.

فكما أن الوضع الحقيقي الخارجي الإشاري يكون منشأ للدلالة كذلك يكون وضع اللفظ الاعتباري على المعنى يكون منشأ لدلالة اللفظ على المعنى.

وقد اعترض على ذلك سيدنا الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ يمكن مراجعة محاضرات في أصول الفقه تقرير الشيخ محمد إسحاق الفياض لبحث السيد الخوئي الجزء الأول صفحة اثنين وأربعين وأربعة وأربعين تمهيد الأمر الرابع في الوضع الجهة الثانية في حقيقة الوضع. [2]

ويمكن أيضاً مراجعة أجود التقريرات للسيد الخوئي تقرير السيد الخوئي لبحث الميرزا النائيني صفحة الحادي عشر في الحاشية.

ويمكن مراجعة بدائع الأفكار تقرير البروجردي لبحث المحقق العراقي صفحة ثلاثة.

إذا خلاصة هذا الوجه الأول أن نعبر بهذا التعبير طبعا يمكن مراجعة هذا البحث في مسلك الاعتبار محاضرات في علم أصول الفقه تقرير الشهيد الصدر الثاني الجزء الأول صفحة مئة واثنين وسبعين وتقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني صفحة تسعة وعشرين هكذا قال في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر:

أن الوضع عبارة عن الاعتبار وهو وضع اللفظ على المعنى.[3]

الإشكالين للسيد الخوئي

السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ أشكل بإشكالين والإشكال مترتب على الإشكال الأول أي بينهما طولية وترتب.

الإشكال الأول أن وضع اللفظ للمعنى ليس كوضع العلامة ما على الأرض خارجاً لأنه في وضع العلم على رأس الفرسخ توجد ثلاثة عناصر:

الأول الموضوع وهو العلم.

الثاني الموضوع عليه وهو المكان.

الثالث الموضوع له وما هو دال عليه، وهو عبارة عن كونه رأس الفرسة.

فلو قيل إن وضع اللفظ للمعنى عبارة عن إيجاد لذلك المعنى إيجاداً اعتبارياً وأن هذا الإيجاد الاعتباري كالإيجاد الحقيقي الخارجي الإشاري فنحن إذا نحتاج إلى وجود ثلاثة عناصر في النحو الاعتباري والوضع الاعتباري.

لأن الوضع الحقيقي فيه ثلاث ثلاثة أمور:

الموضوع والموضوع عليه والموضوع له.

والحال أننا لا نملك إلا عنصرين في الوضع الاعتباري وهما الموضوع وهو اللفظ والموضوع عليه وهو المعنى وأما العنصر الثالث وهو الموضوع له فليس بموجود فتكون عملية وضع اللفظ للمعنى مختلفت عن عملية وضع العلم على رأس الفرسخ بهذا الاعتبار.

طبعا هذا الإشكال يرد لأن مناط الوجه الأول أن متعلق الاعتبار هو الخارج فنقيس وضع اللفظ على المعنى على وضع الإشارة والعلم على الأرض خارجاً.

الإشكال الثاني للسيد الخوئي وهو ناشئ من الاعتراض الأول ومفاده أنه اتضح أن الوضع الاعتباري متقوم بالموضوع والموضوع عليه لا الموضوع له والحال أننا عادة في مباحث الألفاظ وفي اللغة نقول الموضوع وهو اللفظ والموضوع له وهو المعنى ولا نقول الموضوع عليه.

إذا يوجد في الوضع الاعتباري موضوع وموضوع عليه، والحال إننا عادة نعبر بالموضوع والموضوع له.

ثم يناقش السيد الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ ويقول نحن لا نقبل أصل مبنى الاعتبار ولا نقبل كلا الاعتراضين اللذين أوردهما السيد الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ على هذا المسلك.

وبالتالي نحن إذا ناقشنا هذين الإشكالين فهذا لا يعني أننا نقبل بأصل هذا الوجه من مسلك الاعتبار إنما نناقش الإشكالين ثم بعد ذلك أيضاً نناقش أصل هذا الوجه.

يقول السيد الصدر في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجز الثاني صفحة واحد وثلاثين وكلا الاعتراضين مع أصل الوجه مما لا يمكن المساعدة عليه فإذا ما بقينا مع هذين الاعتراضين فقط فبإمكان صاحب الوجه هذا الوجه دفع كليهما. [4]

نقض الوجه الأول إن الوجه الأول غير صحيح في نفسه لطيف يقول الشهيد الصدر هذه العبارة يبدو تكررت في التقريرات يقول وهو يرجع إلى التلاعب بالألفاظ لأنه يريد أن يجعل وضع اللفظ للمعنى اعتباراً للوضع الخارجي هذا تقرير الشيخ الشهيد الصدر الثاني الجزء الأول صفحة مئة وخمسة وسبعين.

في تقرير حسن عبد الساتر توجد زيادة وتعبير أقصى تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني الصفحة ثلاثة وثلاثين نقض الوجه الأول يقول وهذا الوجه غير صحيح ولا ينفع إلا للتلاعب بالألفاظ ولقلقة اللسان وذلك لأن هذا الوجه يريد أن يجعل وضع اللفظ للمعنى اعتباراً للوضع الخارجي.

وهذا الكلام أيضاً موجود التلاعب بالألفاظ موجود أيضاً في تقرير السيد كاظم الحائري والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي جيد.

خلاصة مناقشة الوجه الأول نحن نسلم بوجود ثلاثة أمور في الوضع الخارجي وهي الموضوع وهو العلم في مثالنا والموضوع عليه وهو الأرض والموضوع له وهو رأس الفرسخ.

هذا في الوضع الخارجي الحقيقي الإشاري كذلك توجد الأمور الثلاثة في الوضع اللفظي الاعتبارة التحليلي.

لاحظوا معي دقة السيد الشهيد فمثلاً إطلاق لفظ الأسد على الحيوان المفترس توجد فيه ثلاثة أمور:

الأول الموضوع وهو لفظ الأسد.

الثاني الموضوع عليه وهو المعنى المستعمل فيه لفظ الأسد على إجماله أي إن لفظ الأسد قد استعمل في حيوان ما.

الثالث المعنى الموضوع له وهو الحيوان المفترس أي كون المعنى المستعمل فيه لفظ الأسد بالإجمال هو عنوان الحيوان المفترس فهذه ثلاثة أمور:

أولا الموضوع وهو لفظ الأسد.

ثانياً الموضوع عليه وهو المعنى المستعمل فيه اللفظ على إجماله وهو معنى حيوان ما.

الثالث المعنى الموضوع له وهو كون ذلك المعنى المستعمل فيه هو خصوص عنوان الحيوان المفترس.

نعم بحسب الخارج يوجد شيء واحد كما هو الحال في الوضع الخارجي، في الخارج يوجد موضوع وهو العلم ويوجد موضوع عليه وهو الأرض ولا يوجد في الخارج عنوان الفرسخ.

المعنى الموضوع له وهو عنوان الفرسخ هذا عنوان تحليلي انتزاعي فكما أن العنوان التحليلي والانتزاع موجود في الوضع الحقيقي الخارجي الإشاري عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير.

إذا كما يوجد في الوضع الحقيقي الإشاري الخارجي في الخارج شيئان فقط وهما الموضوع والموضوع عليه فقط ثم ننتزع الموضوع له كذلك الوضع الاعتباري يوجد موضوع وهو اللفظ وموضوع عليه وهو المعنى المستعمل فيه اللفظ إجمالاً ويوجد موضوع له تحليلي انتزاعي وهو عنوان الحيوان المفترس.

إذا يا سيدنا الخوئي لا تشكل علينا بإشكالك الثاني أنه المتعارف التعبير بأن هناك موضوع وموضوع له فإننا نقول أن الموضوع له هو عين الموضوع عليه والفارق أمر تحليلي أنت لا خارجي.

وأما المناقشة الأولى وهي بيت القصيد بعد ناقشنا الآن جاوبنا المناقشة الأولى الوجه الأول والثاني جاوبناها بعد.

اتضح إذا أنه كما المناقشة الأولى هكذا أنه في الوضع الخارجي توجد ثلاثة أمور وفي الوضع الاعتباري يوجد أمران اتضح أن كليهما فيه ثلاثة أمور: الوضع التحليلي والوضع الاعتباري.

الله يذكره بالخير أستاذنا آية الله الشيخ علي المروجي القزويني هذا إلى هنا إذا مرّ مطلب ساخن يريد في مطلب آخر هذا إلى هنا.

إلى هنا اتضح أن كلا الاعتراضين اللذين اعترض بهما السيد الخوئي على وجه أستاذه المحقق الأصفهاني ليس بتام ولكن هل ما جاء به المحقق الأصفهاني من الوجه الأول تام أو لا؟

الصحيح إنه ليس بتام فالوجه الأول لمسلك الاعتبار يرى أن المعتبر أن المعتبر هو وضع اللفظ على المعنى وأن الدال على المعاني وأن حقيقة الوضع هي عبارة عن جعل اللفظ على المعنى.

ونحن نقول إن مجرد الوضع لا يكفي، تقريب ذلك:

سؤال لو افترضنا أن نائم أو غافل وضع علماً على البئر أو وضع علماً على رأس فرسخ فهل مجرد وضع النائم أو الغافل بعضهم يستيقظ من النوم يسوي حركات هذا استيقظ من النوم ووضع العلم على البئر أو على رأس الفرسخ، فهل بمجرد وضع العلم على البر أو رأس الفرسخ يفهم العقلاء والسامعون أن العلم يدل على الفرسخ ويدل على البئر أو لا؟

الجواب لا يفهم العقل إذا هناك أمر آخر نفساني قصدي لابد أن يضاف إلى وضع اللفظ على المعنى إذا لم يكن الوضع الخارجي بمجرده دالاً على المعنى الموضوع له فكيف يكون الوضع اللفظي الاعتباري دالًا بمجرده على المعنى الموضوع له ما لم تنضم نكتة خارجية؟!

إذا إن إيجاد الشيء بالاعتبار فقط من دون ضم أمر قصدي نفساني يوجب أن لا يترتب أثر على هذا الاعتبار لا على الجعل الحقيقي الخارجي الإشاري ولا على الجعل الاعتباري اللفظي.

إذا ليس منشأ الدلالة مجرد وضع اللفظ على المعنى كما أنه ليس منشأ الدلالة مجرد وضع العلم على البئر أو الأرض بل هناك نكتة وهناك أمر قصدي وهناك أمر نفساني أوجب دلالة وضع العلم على وجود البئر أو رأس الفرسخ.

فكذلك في عالم الاعتبار والألفاظ توجد نكتة قصدية نفسانية توجب جعل اللفظ دالاً على المعنى.

هذه النكتة هي نكتة القرن الأكيد اقتران اللفظ المعنى إما في ظرف مؤثر ولو لمرة واحدة أو مع التكرار هذا تمام الكلام في الوجه الأول لمسلك الاعتبار وهو أن المعتبر هو وضع اللفظ على المعنى واتضح أنه ليس بتام.

الوجه الثاني المعتبر هو كون اللفظ عين المعنى أو وجوداً له.

الوجه الثالث اعتبار اللفظ أداة لتفهيم المعنى.

هذه وجوه ثلاثة نحن اليوم انتهينا من بيان الوجه الأول واتضح أنه ليس بتام يبقى الكلام في الوجه الثاني يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo