< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/مناقشة السيد الشهيد الأولى لمسلك التعهد

 

الاحتمال الرابع أو تعديل الاحتمال الثالث والصيغة الثالثة لمسلك التعهد والرد على هذا التعديل.

كان الكلام في المناقشة الأولى للشهيد على مسلك التعهد الذي ذهب إليه السيد الخوئي ـ رحمه اللفظ ـ والذي مفاده إن الوضع مبدأ من المبادئ التصورية ومرجعه إلى قضية شرطية شرطها متى ما قصد المتكلم تفهيم المعنى وجزاؤها إيراد اللفظ ويضم إلى ذلك أصالة وفاء العقلاء بتعهداتهم فتكون النتيجة عملية الوضع والوفاء بالتعهد.

قلنا توجد احتمالات ثلاثة:

الاحتمال الأول أن يكون الشرط قصد التفهيم والجزاء إيراد اللفظ.

وقلنا هذا معقول إلا أنه لا فائدة فيه.

الاحتمال الثاني أن يكون الشرط إيراد اللفظ والجزاء قصد تفهيم المعنى.

وقلنا أن هذا غير عقلائي، وينقض عليه كلام غير الملتفت.

الاحتمال الثالث عكس الاحتمال الأول أن يتعهد المتكلم أنه متى ما لم يقصد التفهيم لا يأتي باللفظ فإذا خالف الجزاء وأتى اللفظ يكون قد خالف الشرط وقد قصد تفهيم المعنى.

وقلنا هذا الاحتمال الثالث بهذه الصيغة الثالثة ينقض عليه بالاستعمال المجازي فإن المتكلم لم يقصد تفهيم المعنى الموضوع له لفظ الأسد فلم يقصد تفهميم معنى الحيوان المفترس وعلى الرغم من ذلك جاء باللفظ لفظ الأسد ولم يقصد المعنى الموضوع له لفظ الأسد وهو الحيوان المفترس بل قصد الرجل الشجاع.

يقول الشهيد ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ عرضت هذا الإشكال باحتمالاته الثلاثة وصيغه الثلاثة على أستاذي السيد الخوئي فجاء بصيغة رابعة ونقل ذلك أستاذنا المحقق السيد الحائري مباحث الأصول الجزء الأول صفحة خمسة وثمانين. [1]

يقول والخلاصة إن هذه الصيغة الثالثة للتعهد تستلزم التعهد الضمني بعدم الاستعمال المجازي فلا يعقل صدوره من واضع بأن ولو احتمالاً على الاستعمال المجازي وقد ذكرت هذا الإشكال على مبنى التعهد بصيغه الثلاث للسيد الأستاذ دامت بركاته فذكر في مقام الجواب صيغة رابعة أو تعديلاً للصيغة الثالثة.

وذلك بأن يقام أن الواضع يتعهد بأن لا يأتي باللفظ إلا إذا قصد المعنى الحقيقي ويستثنى من ذلك فرض إقامة القرينة.

وبكلمة أخرى أنه يتعهد بأن لا يأتي بلفظة أسد مثلا إلا في إحدى حالتين:

الأولى أن يقصد تفهيم الحيوان المفتر

والثاني أن يقصد تفهيم الرجل الشجاع مع انضمام القرينة.

فإذا لم يأتي بقرينة على المعنى المجازي تعين قصده لتفهيم المعنى الحقيقي.[2]

وخلاصة التعديل إن الصيغة الثالثة مفادها هكذا أن يتعهد المتكلم أن لا يقصد المعنى أن يتعهد المتكلم أنه إذا لم يقصد تفهيم المعنى لا يأتي باللفظ فإذا خالف الجزاء وأتى باللفظ يكون قد قصد المعنى.

فتكون النتيجة هكذا المفهوم أن يتعهد المتكلم إذا جاء باللفظ أن لا يقصد إلا معناه الموضوع له هذه الصيغة إذا أتى باللفظ يكون قاصداً للمعنى أورد عليها باستعمال المعنى المجازي.

السيد الخوئي أضاف هذه هذا القيد أن يتعهد المتكلم أن لا يأتي باللفظ إلا إذا قصد معناه الموضوع له إلا إذا أقام قرينه على المجازي فحينئذٍ إذا بمقتضى القرينة يكون قد قصد تفهيم المعنى المجازي الغير موضوع له اللفظ لا المعنى الحقيقي.

إذا إضافة الخوئي مفادها إضافة قيد وهو عدم نصب القرينة.

فنقول هكذا الصيغة الرابعة الوضع هو هكذا أن يتعهد المتكلم لا يأتي باللفظ إلا إذا قصد تفهيم معناه الموضوع له من دون أن يأتي بقرينة صارفة عن المعنى الحقيقي.

الشهيد الصدر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ ناقشه بمناقشتين محكمتين:

المناقشة الأولى ماذا تقصد سيدنا الخوئي من القرينة؟ هل تقصد خصوص القرين المتصلة؟ أو تقصد الأعم من القرين المتصل والمنفصلة؟

نقول سواء قصدت خصوص القرين المتصلة أو مطلق القرينة سواء كانت متصلة أو منصلة فإننا ننقض عليك بمورد وهو إن المتكلم قد لا ينصب قرينه أصلاً لأن غرضه قد تعلق بالإهمال والإجماع فالمتكلم قد يورد لفظة أسد ويتعمد الإبهام والإجمال فلا يقصد تفهيم المعنى الحقيقي وهو الحيوان المفترس ولا يقصد تفهم المعنى المجازي وهو الرجل الشجاع لذلك لا يأتي بقرينة.

فهل تلتزم يا سيدنا الخوئي أن المتكلم إذا أورد لفظ ولم ينصب قرين صارف إلى المعنى المجازي إننا نحمل لفظه على خصوص المعنى الحقيقي؟! هذا ليس بتام.

فقد يتلفظ المتكلم بلفظ ويقول أسد بحر ولا ينصب قرينه لا متصلة ولا منفصلة ولا يقصد المعنى الحقيقي وهو الحيوان المفترس أو السائل الغزير المالح.

لأنه قد تعهد وبنى على إجمال والإبهام والإيهام فهذا المقدار ولذلك يقول فهذا التعهد خلف بنائه ولو احتمالا على الاستعمال المجازي بلا قرينة إذا هذا المقدار من العناية لا يكفي بتصحيح التعهد ما لم تبذل عنايات إضافية أخرى.

هذا في تقرير الشهيد الصدر الشيخ حسن عبد الساتر والشهيد الصدر الثاني والسيد كاظم الحائري في الحاشية هو بنفسه أضاف العناية الإضافية مباحث الأصول الجزء الأول صفحة ستة وثمانين.

ما هي العناية الإضافية؟

يقول السيد كاظم الحاري ـ حفظه الله ـ كان يستثنى أيضا فرض تعلق غرضه بالإجمال أو الإهمال ويستعان في مقام تتميم الدلالة بالبناء على عدم إرادة الإجمال أو الإهمال على أساس ندرة هذه الحالة.[3]

فنقول هكذا يصير هذا الإضافات تصير الصيغة الرابعة هكذا وفقاً للإشكال الأول على الصيغة الرابعة.

أن يتعهد المتكلم أن لا يأتي باللفظ إلا إذا قصد تفهيم معناه بشرطين:

الشرط الأول أن لا يغصب قرينة صارفة إلى المعنى المجازي.

الشرط الثاني أن لا يقصد الإهمال والإجمال.

والسيد الخوئي لم يذكر قصدي الإهمال والإجمال لأنه مورد نادر وكلامه بلحاظ الموارد الغالبة هذا تمام الكلام في الإشكال الأول على الصيغة الرابعة أو الاحتمال الرابع.

الإشكال الثاني وهو العمدة إشكال عميق ودقيق ويعدل المزاج.

الإشكال الثاني هل المراد بالقرينين خصوص القرينة المتصلة أو الأعم من القرين المتصلة والمنفصلة؟

يوجد احتمالان:

احتمال الأول أن يكون المراد هو خصوص القرين المتصلة.

وهذا يلزم منه إلغاء القرائن المنفصلة ومن الواضح أن المتكلم كثيراً ما يعتمد في كلامه على القرائن المنفصلة فكيف تلغيها؟!

فلا يعقل صدور هذا التعهن ممن هو بانٍ ومعتمد ولو احتمالاً على الاستعمال المجازي بلحاظ الاتكاء على القرائن المنفصلة.

إذا الاحتمال الأول وهو أن يكون المراد بعدم نصب القرينة هو خصوص عدم نصب القرينة المتصلة دون المنفصلة.

يلزم منه النقض بالمتكلم في المعنى المجازي إذا اعتمد على القرينة منفصلة وهذا كثير عند العقلاء.

الاحتمال الثاني وهذا هو العمدة في الإشكال.

الاحتمال الثاني من الإشكال الثاني أن يكون مراد السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من عدم نصب القرينة عدم نصب القرينة مطلقاً سواء كانت متصلة أو منفصلة فيراد الأعم من القرين المتصلة والمنفصلة.

لزم من ذلك أنه متى ما سمعنا متكلما يتكلم ولم يقم قرينة واحتملنا أنه سوف يقيم قرينه في المستقبل على إرادة المعنى المجازي ولو بعد أسبوع أو أسبوعين لم يجوز حمل كلامه على المعنى الحقيقي ولم نحرز دلالة اللفظ على معناه الموضوع له.

وذلك لأن دلالة اللفظ على المعنى الموضوع له وفقاً لمسلك التعهد مبني على ماذا؟ على عدم وجود قرينة لا متصلة ولا منفصلة فالدلالة على المعنى ـ يعني دلالة اللفظ ـ على المعنى الموضوع له فرع التعهد والتعهد بدلالة اللفظ على معناه فرع عدم وجود قرينة.

يعني قد قيد بعدم وجود قرينة ولو منفصلة فمع احتمال ورود القرينة المنفصلة في المستقبل ولو بعد أسبوعين أو شهر لا نجزم بالتعهد بإرادة المعنى الموضوع له.

فلا نجزم بالدلالة ولا يثبت الوضع.

مع أنه لا إشكال عند العقلاء في هذه الحالة إذا المتكلم جاء بلفظ ولم ينصب قرينه لا إشكال عند العقلاء في حمل الكلام على المعنى الموضوع له.

السيد كاظم الحائري يعلق على هذا المورد مباحث الأصول الجزء الأول صفحة سبعة وثمانين يعني كتعديل وفقاً للمناقشة الثانية يقول إلا أن يدعى أن التعهد مقيد بفرض عدم القرين المتصلة وبفرض عدم إرادة الإجمال أو الإهمال ولو المؤقت أي خصوص ساعة الكلام.

ويستعان أيضا في مقام تتميم الدلالة بالبناء على عدم إرادة الإجمال أو الإهمال ولو المؤقت على أساس ندرة هذه الحالة.

يعني تصير ثلاثة قيود تصير الصيغة الرابعة أو الاحتمال الرابع وفقاً لإفاضات سيدنا الأستاذ السيد كاظم الحائرين ثلاثة قيود.

يلا لاحظ مع الصيغة الرابعة أن يقصد المتكلم أن لا يرد اللفظ إلا إذا قصد تفهيم المعنى بثلاثة شروط:

الشرط الأول أن لا ينصب قرينه صارفه إلى المعنى المجازي.

هذا الإشكال الذي أوجب الانتقال من الصيغة الثالثة إلى الصيغة الرابعة.

الشرط الثاني أن لا يتعلق غرض المتكلم بالإهمال أو الإجمال.

وهذا لدفع الإشكال الأول على الصيغة الرابعة.

الشرط الثالث أن لا يتعلق المتكلم بالإهمال المؤقت ساعة الكلام.

وهذا لردّ الإشكال الثاني من الإشكال الثاني على الصيغة الرابعة.

والوجه في الشرطين الأخيرين الإهمال المؤقت أو قصد الإجمال والإهمال هو ندرتهما أغلب المتكلمين عندما يتكلمون لا يهملون مؤقتاً ولا يقصدون الإجمال هذي بعد قيود صارت غير عرفية هذه قيود كثيرة جيد.

إلى هنا كان مفادي الإشكال الثاني على الصيغة الرابعة أن نقول هكذا أن يقصد المتكلم لا يريد اللفظ إلا إذا قصد تفهيم معناه ولم يأت بقرينة صارفة ولم يقصد الإهمال والإجمال.

قلنا لو كان المراد بعدم نصب القرينة هو مطلق القرينة سواء كانت متصلة أو منفصلة فلو أهمل مؤقتا أو لمدة ولم يأتي بقرين لا متصلة ولا منفصلة يلزم من ذلك أن الكلام لا ينعقد له ظهور في الوضع يعني الدلالة الوضعية لا تكون تامة.

ومن الواضح دلالة على معناه عند العرف حتى لو لم ينصب قرينه فإذا قال أسد وبحر انصرف الذهن إلى السائل الغزير المالح والحيوان المفتري.

إن قلت إن احتمال مجيء القرينة المنفصلة في المستقبل ينفى بأصالة عدم القرين المنفصلة.

ومن المعلوم أن أصالة عدم القرينة أصل عقلائي نحرز به قيد التعهد، ما هو قيد التعهد؟ عدم وجود عدم ورود القرينة وبذلك يثبت التعهد فتتم الدلالة.

أنتم تقولون أن المتكلم إذا تلفظ ونحتمل وجود قرينة منفصلة فهذا يلزم منه أن كلامه لا تثبت له العلق الوضعية لعدم تعهده بتفهيم المعنى الذي هو مقيد بعدم إيراد القرينة المنفصلة ونحن نحتمل أن تأتي القرينة المنفصلة.

والجواب إن القرينة المنفصلة منفية بأصالة عدم القرينة وهذا أصل عقلائي.

قلنا بأن أصالة عدم القرينة أصل عقلائي وليس أصلاً تعبدياً والعقلاء ليست لهم أصول تعبدية الأصول التعبدية أصول شرعية وأما أصول العقلاء فهي أصول استظهارية.

وأصالة عدم القرينة عند العقلاء إنما يبنون عليها من باب أن القرينة على خلاف ظهور اللفظ وخلاف دلالة اللفظ على معناه.

فيجب أن نفرغ في مرتبة سابقة عن ظهور اللفظ في معناها ثم تأتي الرتبة اللاحقة إجراء أصالة عدم القرينة.

وبتوضيح منا تارة نتكلم في مرحلة مقتضي وتارة نتكلم في مرحلة عدم المانع.

سؤال: التمسك بأصالة عدم القرينة ناظر إلى مقام المقتضي وثبوته أو ناظر إلى مقام عدم وجود المانع بعد وجود المقتضي؟

الجواب: أصالة عدم القرينة العقلائية ناظرة إلى عدم وجود المانع بعد ثبوت المقتضي يعني ثبت العرش ثم النقش وما هو العرش في موطن بحثنا؟ ظهور اللفظ في معناه ودلالة اللفظ على معناه.

إذا ثبت وضع اللفظ كلفظ الأسد في معناه الحيوان المفترس، وثبت المقتضي يعني مقتضى ظهور لفظ أسد في الحيوان المفترس وثبتت فعلية ظهور البحر في السائل الغزير المالح ثم شككنا في وجود مانع وهو قيام قرينة صارفة إلى المعنى المجازي (رأيت أسد يرمي، رأيت بحراً يدرس) هنا إذا شككنا في وجود قيد يرمي يدرس ننفي هذا القيد ببركة أصالة عدم القرين العقلائي.

إذا أصالة عدم القرين أصل عقلائي يجري بعد ثبوت المقتضي وهو ظهور اللفظ في معناه.

وهذا أول الكلام إذ على مسلك التعهد على مسلك التعهد نقول هكذا أن يقصد أن يقصد المتكلم أن لا يرد اللفظ إلا إذا قصد تفهيم معناه من دون الإتيان بقرينة صارفة، فأخذ عدم الإتيان بقرين صارفه في تحقيق موضوع الوضع فالوضع والتعهد لا يثبت مقتضى إلا إذا نفينا القرينة، فكيف تتمسك بأصالة عدم القرينة لإثبات المقتضي؟ والحال إن أصالة عدم القرينة اأصل عقلاء وليس أصلاً تعبدياً فأصالة عدم القرينة يجريها العقلاء بعد ثبوت المقتضين وهو ظهور اللفظ في معناه.

وهذا هو موطن البحث أول الكلام أولاً ثبت ظهور اللفظ في معناه ثم يأتي العقلاء وينهون القرينة ببركة أصالة عدم القرينة.

إذا لا يمكن التمسك بأصالة عدم القرينة العقلائية لأننا لم نحرز تمامية الدلالة الوضعية فلا تجري أصالة عدم القرينة لأن العقلاء إنما يتعبدون بأصالة عدم القرينة من باب أنها على خلاف دلالة اللفظ وهنا أصل دلالة اللفظ مشكوكة فكيف يتعبدون بأصالة عدم القرينة؟!

إذا الصيغة الرابعة ليست تامة إذا اتضح أن مبنى التعهد باحتمالاته الأربعة كلها قابل للمناقشة وبذلك يبطل مسلك التعهد بناء على المناقشة الأولى هذا تمام الكلام في مناقشة الشهيد الصدر الأولى لمسلك التعهد والمناقشة الثانية يأتي عليها الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo