< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/الأنحاء الثلاثة مع ملاحظة الإشكالات الواردة عليها

 

كان الكلام في المسلك الأول من مسالك الوضع وهو نظرية التعهد التي ذهب إليها السيد الخوئي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ .

ومفاده إن الوضع عبارة عن التعهد بقضية شرطية كلية، شرطها أنه متى ما قصد تفهيم المعنى، وجزاؤها أنه أتى باللفظ الخاص الدال على تفهيم المعنى يضم إلى هذه الشرطية أصالة وفاء العقلاء بتعهداتهم وبالتالي تحصل الملازمة بين اللفظ والمعنى.

مناقشات الشهيد الصدر لمذهب التعهد

وناقشه تلميذه الوفي الشهيد الصدر الأول السيد محمد باقر الصدر ـ رضوان الله عليه ـ بثلاث مناقشات:

المناقشة الأولى إن حاصل وخلاصة مبنى السيد الخوئي إن سببية اللفظ للمعنى في عالم الذهن قد نشأت من تعهد من قبل الواضع بقضية شرطية، وهذا التعهد بالقضية الشرطية أوجد ملازمة بين الشرط والجزاء بحيث أصبح أحدهما يدل على الآخر من باب دلالة أحد أطراف الملازمة على الطرف الآخر للملازمة.

والطرفان في القضية الشرطية هما الإتيان باللفظ وقصد تفهيم المعنى.

وبالتالي أصبح الإتيان باللفظ دالاً على قصد تفعيم المعنى من باب دلالة أحد المتلازمين على ملازمة.

ومن هنا تكون الدلالة الوضعية على مبنى التعهد هي دلالة تصديقية وليست دلالة تصورية إذ أن عنوان القصد قد أخذ فيها والقصد من المبادئ التصديقية لا المبادئ التصورية.

السيد الشهيد الصدر ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ ناقش السيد الخوئي يمكن مراجعة تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني من المجلد الأول صفحة اثنا عشر.

الشرطية في كلمات السيد الخوئي تتصور علي انحاء ثلاثة

يقول الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ هذه الشرطية الواردة في كلمات السيد الخوئي تتصور على ثلاثة أنحاء بل أربعة فإن الشهيد الصدر قد عرض هذه الأنحاء الثلاثة على السيد الخوئي وأشكل عليها بأن النحو الأول غير مفيد، الثاني غير عقلائي، والنحو الثالث غير واقع خارجاً فيوجد محذور بالنسبة إلى الأنحاء الثلاثة فذكر السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ نحواً رابعاً ثم أشكل عليه الشهيد الصدر بإشكالين.

نحن اليوم نتطرق إلى الأنحاء الثلاثة مع ملاحظة الإشكالات الواردة عليها ينبغي أن ننقح الشرط وننقح الجزاء.

النحو الأول الشرط هو قصد تفهيم المعنى والجزاء هو الإتيان باللفظ.

فنقول إذا قصد المتكلم تفهيم المعنى هذا شرط يكون قد أتى باللفظ الإتيان باللفظ هو الجزاء.

النحو الثاني بالعكس يكون الإتيان باللفظ هو الشرط وقصد تفيهم المعنى هو الجزاء.

فنقول هكذا إذا قصد المتكلم الإتيان باللفظ يكون قد قصد تفهيم المعنى هذا النحو الثاني.

النحو الثالث أن يتعهد المتكلم بأنه لا يأتي باللفظ إلا إذا قصد تفهيم المعنى الموضوع له.

وأصل هذه الصيغة الثالثة هي أن يتعهد المتكلم أنه متى ما كان غير قاصد لتفهيم المعنى لا يأتي باللفظ.

الفارق بين انحاء الشرط في النحوين

إذا لاحظ الفارق بين النحو الثالث والنحو الأول:

النحو الأول إذا قصد تفهيم المعنى جاء باللفظ.

النحو الثاني إذا أتى باللفظ قصد تفهيم المعنى.

النحو الثالث إذا لم يقصد تفهيم المعنى.

الاختلاف في الشرط

لاحظ الشرط مختلف:

النحو الأول شرطه إيجابي.

النحو الثالث شرطه سلبي.

النحو الأول إذا قصد تفهيم المعنى جاء باللفظ.

النحو الثالث إذا لم يقصد تفهيم المعنى لا يأتي باللفظ وقد جاء باللفظ إذاً قصد تفهيم المعنى.

إذا النحو الثالث عكس النحو الأول لاحظ النحو الأول.

النحو الأول إذا قصد تفهيم المعنى أتى باللفظ.

النحو الثالث إذا لم يقصد تفهيم المعنى لا يأتي باللفظ لكنه جاء باللفظ إذاً قصد تفهيم المعنى.

صار النحو الثالث له منطق ومفهوم، منطوقه عكس النحو الأول ومفهومه عين المعنى الثاني، لاحظ المنطوق إذا لم المنطوق الثالث نحو الثالث إذا لم يأتي إذا لم يقصد تفهيم المعنى لا يقصد الإتيان باللفظ، مفهومه إذا أتى باللفظ يكون قد قصد تفهيم المعنى هذا المفهوم من النحو الثالث هو عين الثاني.

الآن نأتي إليها ثلاثة مفصلات وأما النحو الرابع النحو الرابع تعديل وإضافة إلى ماذا؟ إلى النحو الثالث.

الآن نشرع في بيان النحو الأول

أن يتعهد الواضع أنه متى ما قصد تفهيم المعنى أتى باللفظ بحيث يكون الشرط في القضية الشرطية هو قصد تفهيم المعنى والجزاء في القضية الشرطية هو الإتيان باللفظ هذا النحو مطابق لظاهر كلمات السيد الخوئي يراجع محاضرات أصول الفقه تقرير الشيخ الفياض لبحث السيد الخوئي جزء ثلاثة وأربعين من دولة السيد الخوئي آخر سطر من صفحة ثمانية وأربعين وبداية صفحة تسعة وأربعين.

بهذه الصيغة من الواضح أن هذه الشرطية لا تندرج في مباحث الألفاظ فنحن نبحث مباحث الألفاظ اي دلالة اللفظ على المعنى وليس دلالة قصد تفهيم المعنى على اللفظ، فما يفيدنا في بحث الوضع الذي هو من مباحث الألفاظ هو دراسة دلالة اللفظ على المعنى وليس دراسة دلالة قصد تفهم المعنى على اللفظ.

والسرّ في ذلك إن هناك تلازم بين الشرط والجزاء ولا يوجد تلازم بين الجزاء والشرط فإذا ثبت الشرط ثبت الجزاء ولكن من قال إذا ثبت الجزاء ثبت الشرط؟! هذه قاعدة كلية فلنطبقها على النحو الأول.

ما هي القضية الشرطية في النحو الأول؟ إذا قصد المتكلم تفهيم المعنى أتى باللفظ فهنا توجد طولية بين الجزاء والشرط الجزاء مترتب على الشرط إذا ثبت قصده تفهيم المعنى ثبت الجزاء وهو الإتيان باللفظ.

ولكن من قال إذا أتى باللفظ الذي هو الجزاء يكون قد قصد تفهيم المعنى الذي هو شرط ونحن ندرس مباحث الألفاظ أو المعاني؟ نحن ندرس مباحث الألفاظ، فالنحو الأول تصويره معقول ويمكن من أن يمشي عليه العقلاء لأنه أمر اختياري لكنه ليس بمفيد في موطن بحثنا إذ أننا نبحث مباحث الألفاظ وما يهم في مباحث الألفاظ دلالة اللفظ على المعنى وليس دلالة قصد تفيهم المعنى على الإتيان باللفظ.

إذا قصد تفهم المعنى يستلزم الإتيان باللفظ فيدل على اللفظ بناء على النحو الأول لكن ليس معنى هذا أن الإتيان باللفظ يدل على قصد تفهيم المعنى.

إذا النحو الأول معقول لكنه ليس بمفيدٍ في مباحث الألفاظ.

إذا النحو الأول لا يمكن المساعدة عليه لأنه غير مفيد.

بيان النحو الثاني

ـ وسيتضح أنه غير عقلائي ـ وهو أن يقال أن الواضع العكس النحو الثاني عكس النحو الأول إذا أتى باللفظ يكون قد قصد تفهيم المعنى فالشرط هو الإتيان باللفظ والجزاء هو قصد تفهيم المعنى.

وقد يقال إن هذا معقول وتام لأن المتكلم اختياري ومختار في انتقاء الألفاظ وقصد معانيها الموضوعة لها.

وفيه قد يصدر اللفظ من المتكلم عن غفلة أو سهو من دون أن يقصد المعنى الموضوع له ومن دون أن يقصد تفهيم المعنى المقصود، فقد ينطق بلفظة ماء أسد بحر من دون أن يقصد معناها.

إذا هذه القضية الشرطية لا يتعهد بها عاقل أن تأتي بقاعدة كلية متى ما أورد اللفظ قصد تفهيم المعنى ماذا تقول في اللفظ الذي يصدر من العاقل أثناء نومه؟! أو عند اصطكاك حجرين؟! هذا يدل على أن الدلالة الوضعية دلالة تصورية وليست دلالة قصدية.

والله مرت سيارة بسرعة وأخرجت صوتاً، سمعت صوت عظيم تتصور معنى العظمة أو لا؟ حصل اصطكاك حجرين سمعت؟ يا زين هذا يدل على ماذا؟ أن الدلالة الوضعية دلالة تصورية وليست دلالة تصديقية.

لكن قد يقول السيد الخوئي أن موطن بحثنا كلام العاقل لا غير العاقل كاصطكاك الحجرين أو النائم.

نقول حتى العاقل إذا كان غير ملتفت أو كان ملتفت إلا أنه اشتبه أولا يقال الاشتباهات اللفظية تصحح بالقرائن العقلية.

إذا النحو الثاني غير عقلائي أي أن العقلاء لا يلتزموا بقاعدة كلية وعامة أنه متى ما أوردوا لفظة قصدوا تفهيم معناها الموضوع له.

إذا النحو الأول معقول إلا أنه غير مفيد.

النحو الثاني غير عقلائي.

بيان النحو الثالث

وأما النحو الثالث وسيتضح أنه غير واقع خارجاً النحو الثالث عكس النحو الأول.

نقول هكذا أن يتعهد المتكلم أنه متى ما لم يقصد تفهم المعنى لا يأتي باللفظ فإذا كذب الجزاء وأتى باللفظ استكشف من ذلك كذب الشرط وهو قصد إتيان وتفهيم المعنى.

فإذا المتكلم لم يقصد إيراد معنى الحيوان المفترس ولم يقصد إيراد معنى السائل الغزير المالح فإنه لا يأتي بلفظة الأسد ولفظة البحر لكن إذا أتى بلفظة الأسد ولفظة البحر هنا بطل الجزاء لا يأتي لكنه أتى بطل الجزاء إذا يبطل الشرط إذا يقصد تفهيم معنى السائل الغزير المالح وهو البحر ويقصد تفهيم معنى الحيوان المفترس وهو الأسد.

وفيه إن المتكلم قد لا يقصد تفهيم المعنى الموضوع له اللفظ وعلى الرغم من ذلك يأتي باللفظ لأنه يريد المعنى المجازي فهو لا يقصد إيراد معنى الحيوان المفترس لكنه يأتي بلفظ الأسد قاصداً الرجل الشجاع فيقول رأيت أسداً يرمي فينصب القرينة وهي لفظ يرمي.

وهكذا يقول اذهب إلى البحر ولا يقصد تفهيم المعنى الموضوع له لفظ البحر وهو السائل الغزير المالح وعلى الرغم من ذلك يأتي بلفظ البحر قائلاً اذهب إلى البحر واغترف من علمه الجم فبإضافة قرينة اغترف من علمه الجم يقصد المعنى المجازي.

إذا النحو الثالث غير واقع خارجاً بالنسبة إلى الاستعمال المجازي فلا يمكن المساعدة عليه.

إلى هنا اتضح أن النحو الأول غير مفيد معقول لكنه غير مفيد، الشرط قصد تفهم المعنى والجزاء إيراد اللفظ.

النحو الثاني الشرط إيراد اللفظ والجزاء قصد تفهم المعنى.

هذا النحو الثاني غير عقلائي فإنه يتحقق في ماذا؟ بالنسبة إلى الغافل يورد اللفظ وما يقصد تفهم المعنى.

والنحو الثالث غير واقع خارجاً بالنسبة للاستعمال المجازي، النحو الثالث أن لا إذا لم يقصد تفهيم المعنى ألا يأتي باللفظ.

هذا ينقض عليه بماذا؟ بالاستعمال المجازي.

تعديل الصيغة الثالثة هنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ أضاف قيد وهو لاحظ معي هذا القيد تقول هكذا الصيغة الرابعة هكذا أن يتعهد المتكلم أنه متى ما لم يقصد تفهم المعنى لا يأتي باللفظ إلا إذا نصب قرينه على المعنى المجازي فإذا نصب قرينه يعرف أنه لم يقصد تفهيم المعنى الموضوع له وإنما قصد المعنى المجازي الذي لم يوضع له اللفظ ودلّ على ذلك بنصب قرينه.

إلى هنا وصلنا إلى الصيغة الرابعة النحو الرابع تعديل السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى النحو الثالث من أنحاء صيغ نظرية التعهد، السيد الشهيد ناقشه هل المراد بالقرينة خصوص القرينة المنفصلة أو مطلق القرينة؟ سواء كانت متصلة أو منفصلة وهو نقاش دقيق وعميق نرجئه إلى الدرس القادم إن شاء الله.

تراجعون إن شاء الله التقريرات أوضح تقرير في البيان هو تقرير الشيخ حسن عبد الساتر وأوجز تقرير في البيان هذا كل هذه الأنحاء الأربعة السيد محمود الهاشمي الجزء الأول بحوث علم الأصول الجزء الأول صفحة واحد وسبعين اختصرها كلها في نصّ صفحة مقتضب وقد لا يفهمه الطعن.

البيان المتوسط بيان الشهيد الثاني ـ رضوان الله عليه ـ .

البيان المعمق بيان السيد كاظم الحائري أستاذنا ـ أيده الله ـ تعديل الصيغة الثالثة والرد على هذا التعديل يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo