< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقدمة/الوضع/حقيقة الوضع مسلك التعهد

 

بحث الوضع والبحث فيه في أربعة جهات:

الجهة الأولى حقيقة الوضع.

الجهة الثانية حقيقة الواضع.

الجهة الثالثة الأقسام المتصورة صور للوضع.

الجهة الرابعة الأقسام الواقعة من الوضع بعد ثبوث إمكانها.

ويقع الكلام في الجهة الأولى حقيقة الوضع، يوجد اتجاهان:

الاتجاه الأول الاتجاه الذاتي وهو الذي يرى علاقة ذاتية بين طبيعة اللفظ وطبيعة المعنى فهناك علاقة ذاتية بين لفظ الماء ومعنى الماء كالعلاقة الذاتية بين النار والحرارة.

الاتجاه الثاني الاتجاه الموضوعي وهو الذي يرى وجود علاقة خارجية بين اللفظ والمعنى فهناك نحو من العلاقة بين لفظ الماء ومعنى الماء يرسمها أمر خارج عن حقيقة وطبيعة لفظ الماء ومعنى الماء هذا الأمر الخارجي هو الذي نصطلح عليه بالوضع.

وقد ذهب الأعلام إلى مذاهب ومسالك يمكن تصنيفها بأجمعها إلى مذهبين:

المذهب الأول هو مذهب جعل السببية الواقعية أي أن الواضع يجعل اللفظ سبباً للدلالة على المعنى في الواقع وهذا ما قد يلوح من كلمات المحقق العراقي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ نهاية الأفكار الجزء الأول صفحة خمسة وعشرين وستة وعشرين من تقرير البروجردي. [1]

المذهب الثاني مذهب جعل السببية غير الواقعية، وفيه اتجاهات ومسالك:

المسلك الأول مسلك الاعتبار وهو مسلك المشهور وفيه اتجاهات.

المسلك الثاني مسلك التعهد وهو السيد الخوئي وبعض من كان قبله كالمحقق النهاوندي صاحب تشريح الأصول.

المسلك الثالث مسلك القرن الأكيد وهو نظرية الشهيد الصدر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ .

هذه فهرسة موجزة لمباحثنا

 

وأما التفصيل الكلام في الجهة الأولى

حقيقة الوضع

لا شك ولا ريب أن بين اللفظ والمعنى علاقة سببية حقيقية موجودة في عالم الذهن، فهناك سببية وملازمة بين الوجود الذهن للفظ وبين الوجود الذهني للمعنى، فمتى سمعت كلمة ماء انتقش في ذهنك تصور معنى الماء، وهذا هو المسمى بالدلالة التصورية.

ومنشأها وجود ملازمة وعلاقة سببية بين تصور اللفظ وتصور المعنى إذا هذه السببية هي عبارة عن حقيقة قائمة بين وجودين ذهنيين أحدهما لللفظ والآخر للمعنى وليست هذه السببية ذاتية إذا نرفض الاتجاه الأول وهو الاتجاه الذاتي.

حكي الاتجاه الذاتي عن سليمان بن عباد الصيمر البصري يمكن مراجعة المصادر التالية تمهيد القواعد صفحة اثنين وثمانين[2] ، القوانين المحكمة الجزء الأول صفحة أربعمئة وتسعة وثلاثين[3] ، إرشاد الفحول الجزء الأول صفحة واحد وأربعين[4] ، البحر المحيط في أصول الفقه الجزء الأول صفحة أربعمئة وثلاثة عشر[5] ، المحصول للرازي الجزء الأول صفحة مئتين وأربعة وأربعين[6] ، ومن أراد المصادر بتفصيل الأبواب والمباحث فليرجع إلى تقرير الشهيد الصدر الثاني محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول صفحة مئة وواحد وستين.

إذا لا نلتزم بالاتجاه الأول وهو الاتجاه الذاتي الذي يلحظ علاقة ذاتية بين ذات اللفظ وذات المعنى بل نلتزم بالاتجاه الثاني وهو الاتجاه الموضوعي أي وجود علاقة سببية بين تصور اللفظ وتصور المعنى.

إذا توجد عندنا مقدمتان نلتزم بهما:

المقدمة الأولى إن اللفظ سبب لإيجاد الصورة الذهنية للمعنى.

المقدمة الثانية ليست هذه السببية ذاتية بل لا بد أن يوجد أمر خارجي قد انضم إلى اللفظ فأصبح اللفظ سبباً لتصور المعنى في عالم الذهن.

ومن هنا يقع الكلام في حقيقة هذا الأمر الخارجي الذي نسميه الوضع ولابد من الحديث عن حقيقة الوضع فما هي عملية الوضع؟ وماذا يصنع الوضع بحيث يجعل اللفظ سبباً لتصور المعنى؟ توجد ثلاثة مسالك:

المسلك الأول مسلك التعهد.

المسلك الثاني مسلك الاعتبار.

المسلك الثالث مسلك الجعل الواقعي للمحقق العراقي.

هذا بحسب التقريرات الثلاث للشهيد الصدر تقرير الشهيد الصدر الثاني والشيخ حسن عبد الساتر والسيد كاظم الحائري جعل مسلك التعهد أولاً والاعتبار ثانياً ومسلك الجعل الواقعي ثالثاً وأما تقرير السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ ـ رحمه الله ـ ـ فقد جعل مسلك الاعتبار أولاً ومسلك التعهد ثانياً واتفق مع التقريرات الثلاث في جعل مسلك الجعل ثالثاً نحن نبدأ بمسلك التعهد وفاقاً للتقريرات الثلاثة التي هي متطابقة حتى في الأمثلة مثل مثال دلالة لفظ الماء على معنى الماء ودلالة لفظ الأسد على الحيوان المفترس.

المسلك الأول

مسلك التعهد

وهو ما اختاره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ وجماعة من المحققين قبله فليس السيد الخوئي هو المؤسس لهذا المسلك وانما هو موجود في كلمات من كان قبله.

المصدر الأول يراجع رأي السيد الخوئي في التقريرات التالية أجود التقريرات الجزء الأول صفحة عشرة وصفحة ثلاثة عشر بحث المقدمة والفصل الثاني في جملة من المباحث اللغوية تعليقة السيد الخوئي رقم ثلاثة لأن أجود التقريرات تقرير لبحث الميرزا النائيني وله تعليقات على نظر النائيني تعليقك السيد الخوئي الثالثة يشير فيها إلى مسلك التعهد.[7]

المصدر الثاني محاضرات في أصول الفقه الجزء الأول صفحة أربعة وأربعين والصفحة تسعة وأربعين المصدر هذا تقرير شيخ الفياض شيخ محمد إسحاق الفياض للسيد الخوئي. [8]

المصدر الثالث الهداية في الأصول الجزء الأول صفحة سبعة وعشرين تقرير الشيخ الصافي الأصفهاني لبحث السيد الخوئي أربعة أجزاء. [9]

المصدر الرابع دراسات في علم الأصول الجزء الأول صفحة واحد وثلاثين تقرير السيد علي الهاشمي الشهرودي والد السيد محمود الهاشمي الشهرودي في أربعة مجلدات تقرير بحث السيد الخوئي هذا بالنسبة إلى رأي السيد الخوئي. [10]

وأما رأي من كان قبله

المصدر الأول فيمكن مراجعة كتاب نهاية الدراية للشيخ محمد حسين الأصفهاني الكمباني[11] الجزء الأول صفحة سبعة وأربعين تحقيق مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، فقد ورد فيه نقل مسلك التعهد عن بعض أجلة العصر وذكر المحقق الذي خرج الكلام أن المقصود به الملا علي النهاوندي صاحب كتاب تشريح الأصول إلى الآن غير مطبوع أحد السادة المحمريين اللي أصولهم بحرانية يعمل على تحقيقه وطبعه ولعل أكمل طبعه تحقيقه يحتاج إلى طباعة.

المصدر الثاني فرائد الأصول للشيخ الكاظمي تقرير بحث النائيني الجزء الأول صفحة تسعة وعشرين وصفحة ثلاثين وأيضاً أجود التقريرات الجزء الأول صفحة اثنا عشر الميرزا النائيني. [12]

أيضاً ممن قد ينسب لهم هذا الرأي مؤسس الحوزة العلمية في المقدسة الشيخ عبد الكريم الحائري كتاب درر الفوائد الجزء الأول صفحة خمسة وثلاثين فهؤلاء قالوا بمسلك التعهد. [13]

وحاصله مسلك التعهد إن المتكلم إذا أراد تفهيم معنى من المعاني كمعنى الماء ومعنى الحيوان المفترس فإنه يتعهد أن يورد اللفظ الدال عليه إذا حاصل الأمر الخارجي الذي جعل اللفظ سبباً للدلالة على المعنى عبارة عن تعهد قبل الإنسان اللغوي بأنه متى قصد تفهيم المعنى الفلاني أتى باللفظ الفلاني من أجل تفهميمه، إذا يوجد تعهد بقضية شرطية مفادها متى قصد معنى قصد إيراد اللفظ متى ما قصد إيراد معنى الماء قصد إيراد لفظ الماء.

وهذا التعهد أمر معقول في نفسه لأنه تعهد بأمر اختياري للإنسان فإذا تعهد الإنسان اللغوي بذلك يعني تعهد بالقضية الشرطية إذا قصد تفهيم المعنى قصد إيراد اللفظ الدال على المعنى يضم إلى هذا القصد أصالة وفاء العقلاء بتعهدهم،

سؤال فلو شككنا أن المتكلم يفي بتعهده أو لا؟

الجواب جرت أصالة الوفاء عقلائية فإن العقلاء بمقتضى عقلائيتهم يفون بتعهداتهم ودائماً الأصالة ظرفها الشك

سؤال فإذا شككنا أن المتكلم حينما قال ماء اسد هل قصد تفهيم معنى الماء الأسد المفترس أو لا؟

الجواب قلنا الأصل في العاقل والعقلاء أن يفون بتعهداتهم وقد تعهد والتزم أنه إذا قصد تفهيم المعنى قصد إيراد اللفظ الدال على المعنى.

إذا عندنا قضية شرطية فيها شرط وفيها جزاء.

سؤال ما هو الشرط؟ قصد تفعيل المعنى.

ما هو الجزاء؟ قصد إيراد اللفظ.

ومن الواضح أن الوضع هنا من المبادئ التصديقية والتصورية؟

الجواب: من المبادئ التصديقية لأنه قد أخذ فيها القصد والقاصد من المبادئ التصديقية لا من المبادئ التصورية إذا بناء على مسلك الاعتبار والقرن الأكيد يكون الوضع من المبادئ التصورية بينما على مسلك التعهد يكون الوضع من المبادئ التصديقية.

ويستخلص من مسلك التعهد أمور ثلاثة:

الأمر الأول إن الملازمة قائمة بين طرفين اللفظ وقصد تفهيم المعنى فإنهما الشرط والجزاء في القضية الشرطية المتعهد بها.

فما هو الشرط؟ إنه قصد تفهيم المعنى.

وما هو الجزاء؟ إيراد اللفظ.

فيتعهد المتكلم بأنه متى ما قصد تفهيم المعنى أتى باللفظ فيكون مدلول اللفظ هو قاصد تفهم المعنى لأنه هو طرف الملازمة هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني أن الدلالة التي نشأت ببركة هذا التعهد تصديقية لا تصورية لأن هذا التعهد جعل الملازمة بين تفهيم المعنى وبين إيراد اللفظ.

فهنا قد أخذ القصد والقصد من المبادئ التصديقية لا التصورية، نعم الدلالة التصورية موجودة ضمن الدلالة التصديقية إذا لا تصديقه بلا تصور.

الأمر الثالث إن كل إنسان لغوي واضع لأن الواضع هو التعهد والقصد والتعهد لا يكون إلا فيما يقع تحت اختيار المتعهد الأول والأسبق زمانا من غيره غاية الأمر أن الوضع الأول هو الوضع بالأصالة والبقية واضعون بالتبع هذه هي خلاصة مبنى التعهد في الوضع.

يقول الشهيد الصدر لنا حوله ثلاث كلمات سبحان الله التقارير الثلاثة متفقة حتى في التعابير يعني الكلمات ثلاث كلمات هذا موجود يعني ثلاث مناقشات هذا موجود في تقرير الشهيد الصدر الثاني الجزء الأول صفحة مئة وثلاثة وستين وموجود أيضاً في تقرير السيد كاظم الحائري مباحث الأصول الجزء الأول صفحة ثلاثة وثمانين[14] وأيضاً موجود في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر الجزء الثاني صفحة أحد عشر من الجزء الثاني. [15]

الكلمة الأولى للشهيد الصدر المناقشة الأولى نذكر المختصر نتائج التفصيل الدرس القادم الوقت لا يسع

الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ قال تصوير التعهد يمكن أن يكون بثلاثة احتمالات أو ثلاثة أنحاء وذهب وأشكل على السيد الخوئي بهذه الأنحاء الثلاثة، السيد الخوئي جاء بنحو رابع ثم الشهيد الصدر بعد أن جاء السيد الخوئي بالنحو الرابع أشكل عليه بثلاثة إشكالات لم أجد على أنه عرضه على السيد الخوئي وجاء بالرابع إلا في تقرير السيد كاظم الحائري مباحث الأصول السيد كاظم الحائري الجزء الأول صفحة خمسة وثمانين يقول السيد كاظم الحائري نقلاً على لسان السيد الصدر:

ذكرت هذا الإشكال على مبنى التعهد بصيغه الثلاث للسيد الأستاذ ـ دامت بركاته ـ فذكر في مقام الجواب صيغة رابعة أو تعديل للصيغة الثالثة[16] ثم ذكر هذه الصيغة الرابعة إذا نرجع إلى تقرير الشيخ حسن عبد الساتر تقرير الشهيد الصدر الثاني نجد الشهيد الصدر في يذكر ثلاث صيغ أو ثلاثة احتمالات ثم يقول يستدرك يقول وقد يقال أن هناك احتمال رابع

نحن اليوم نذكر هذه الاحتمالات بشكل موجز نصوصها وإيراد الشهيد الصدر عليها ثم التفصيل الدرس القادم.

النحو الأول ولعل أفضل بيان بيان الشهيد الصدر في تقريره الجزء الأول صفحة مئة وأربعة وستين النحو الأول أن يتعهد الوضع بأنه متى قصد تفهيم المعنى أتى باللفظ بحيث يكون الشرط هو قصد تفهم المعنى والجزاء هو الإتيان باللفظ وهذا مطابق لكلام السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ

النحو الثاني بالعكس أن يتعهد الواضع بعكس القضية المذكورة في النحو الأول وذلك بأن يتعهد بأنه متى صدر على لسانه كلمة ماء فسوف يحدث في نفسه قصداً لتفهيم المعنى فيكون الشرط مستلزماً للجزاء ودالاً عليه فنثبت بذلك دلالة اللفظ على المعنى كما هو المطلوب.

إذا النحو الأول المعنى شرط واللفظ جزاء، المعنى الثاني بالعكس إيراد اللفظ شرط وتفهيم المعنى جزاء.

النحو الثالث أن يتعهد المتكلم بأن لا يأتي بلفظ ماء إلا في حالة يقصد بها تفهيم المعنى.

هذا يشكل عليه بالمعنى المجازي أحيانا يأتي باللفظ يأتي بلفظ أسد ولا يقصد به المعنى الموضوع له وهو الحيوان المفترس بل يقصد الرجل الشجاع.

النحو الرابع إن الواضع يتعهد ـ هذا للسيد الخوئي ـ أن يتعهد بأن لا يأتي باللفظ إلا إذا كان قاصداً تفهم المعنى الحقيقي ويستثنى من ذلك ما إذا كان قد أقام قرينة على الخلاف وذلك رعاية للمعنى المجازي فيعود هذا إلى أنه لا يأتي باللفظ إلا إذا قصد المعنى الحقيقي أو قصد المجازي مقروناً باللفظ.

في الختام السيد الخوئي إذا نراجع كلماته ظاهر في أي الأنحاء الاربعة؟

إذا نرجع إلى محاضرات في أصول الفقه الطبعة الأخيرة وهي جزء ثلاثة وأربعين من موسوعة السيد الخوئي صفحة ثمانية وأربعين نجد كلام السيد الخوئي ظاهر في المعنى الأول في النحو الأول كما يقول الشهيد قال السيد الخوئي آخر سطر صفحة ثمانية وأربعين[17]

قد تبين أن حقيقة الوضع عبارة عن التعهد بإبراز المعنى الذي تعلق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ المخصوص فكل واحد من أهل أي لغة متعهد في نفسه متى ما أراد تفهيم معنى خاص أن يجعل مبرزه لفظاً مخصوصاً إذا الشرط هو تفهيم المعنى والجزاء هو اللفظ وإيراد اللفظ.

ولكن ذكر السيد كاظم الحائري ـ حفظه الله ـ في تقرير بحثه مباحث الأصول الأول صفحة أربعة وثمانين في الحاشية رقم واحد[18] أنه يظهر من كلام السيد الخوئي المعنى الثاني في الطبعة القديمة من محاضرات يقول السيد الحائري الصفحة أربعة وثمانين حاشية رقم واحد ولكن صريح كلامه في بحث الاشتراك هو المعنى الثاني راجع المحاضرات الجزء الأول صفحة مئتين واثنين بحسب طبعة مطبعة النجف.

إذا حسب طبعة قوم ظاهر كلام السيد الخوئي في المعنى الأول وحسب طبعة النجف ظاهر كلام السيد الخوئي هو المعنى الثاني، المعنى الأول تفهيم المعنى شرط وإيراد اللفظ جزاء، المعنى الثاني إيراد اللفظ شرط وتفهيم المعنى وقصد تفهيم المعنى جزاء يأتي الكلام في هذه الاحتمالات الأربعة ومناقشتها صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo