< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

39/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات مباحث التجري

تنبيهات، يذكر السيد أبو القاسم الخوئي" رحمه الله" أربعة تنبيهات لمباحث التجري:

التنبيه الأول مفاده إن محل البحث في التجري أي القطع المخالف للواقع إنما هو خصوص القطع الطريقي دون القطع الموضوعي والقطع الموضوعي هو ما أخذ جزءً في موضوع الحكم الشرعي والنكتة في ذلك أنه إذا انكشف الخلاف واتضح أن القطع ليس بقطع انتفى الموضوع فإذا انتفى الموضوع انتفى الحكم الشرعي، إذ أن الحكم الشرعي يتوقف على موضوعه توقف المعلول على علته والعلة التي هي الموضوع فيها جزئان الجزء الأول هو القطع فإذا انتفى القطع انتفى الموضوع انتفت العلة فإذا انتفى الموضوع وانتفت العلة انتفى الحكم وانتفى المعلول، وهذا الكلام كما يجري في القطع كذلك يجري في الظن أو الاحتمال المأخوذ كجزء في موضوع الحكم الشرعي فلو كان الحكم الشرعي متوقفاً على موضوع هذا الموضوع أحد أجزائه القطع أو الظن أو الاحتمال فإذا انتفى الاحتمال أو الظن أو القطع انتفى جزء الموضوع فإذا انتفى جزء الموضوع انتفى الحكم، إذاً لا يوجد واقع، إذاً لا يوجد حكم شرعي حتى تقول هذا القطع أو الظن أو الاحتمال طابق الواقع أو لم يطابق الواقع.

خلاصة التنبيه الأول مباحث التجري إنما تجري في خصوص القطع الطريقي الذي هو طريق وكاشف عن الواقع دون القطع الموضوعي لأن القطع الموضوعي عبارة عن القطع الذي أخذ كجزء في موضوع الحكم الشرعي وكذلك لو أخذ الظن بالحكم الشرعي في الموضوع أو الاحتمال بالحكم الشرعي في الموضوع فإذا انتفى القطع أو الظن أو احتمال الحكم المأخوذ في موضوع الحكم انتفى الحكم الشرعي فلا معنى للحديث عن مطابقة الواقع أو عدم مطابقة الواقع لأنه لا حكم حينئذ، تصير سالبة بانتفاء الموضوع.

إذاً لا يوجد تجري أصلاً لأن الحكم غير موجود ثم يعقّب يقول السيد الخوئي ظهر بما ذكرناه فساد التمسك لحرمة التجري بالإجماع على أن سلوك طريق مظنون الضرر معصية ولو انكشف الخلاف، فلو مثلاً فاتته الصلاة في السفر وكان هذا السفر مظنون الضرر فيصير السفر معصية وفي سفر المعصية المكلف يتم ولا يقصّر، فلو ظن الضرر من هذا السفر وفاتته الصلاة وأراد أن يقضيها وحينما جاء وقت القضاء انكشف أن هذا السفر لم يكن ضررياً لم يلزم منه الضرر هناك إجماع على أن يقضي قضائين لأن تكليفه الشرعي آنذاك هو التمام فهذا تمسك بالظن المأخوذ في موضوع الحكم الشرعي أخذ في موضوع وجوب الصلاة تماماً الظن بالضرر فإذا ارتفع هذا الظن بالضرر هنا يرتفع الحكم الشرعي، وهكذا بالنسبة الى من ظن ضيق الوقت فيجب عليه البداء أن يبادر لو لم يبادر واتضح بعد ذلك أنه كان هناك سعة في الوقت كان عاصياً ويستحق الإثم حتى لو انكشف بقاء الوقت وهكذا بالنسبة الى الوضوء أو الغسل الضرري لو كان يظن أنه مثلاً قال له الطبيب هكذا الماء لا يلامس بدنك لا في وضوء ولا في غسل فما هو حكمه حينئذ؟ التيمم إذا اطمأن من كلام الطبيب لكنه عاند وتوضأ واغتسل ثم بعد ذلك انكشف أن الوضوء أو الغسل لم يكن ضررياً هنا أيضاً لا يجزي كان وظيفته آنذاك التيمم، هذا تمام الكلام في التنبيه الأول خلاصته مباحث التجري ناظرة الى خصوص القطع الطريقي دون القطع الموضوعي.

التنبيه الثاني عندنا روايات يستدل بها على حرمة التجري، هذه الروايات تدل على ثبوت العقاب بقصد المعصية فمن يقصد المعصية يثبت له العقاب ويستحق العقاب إلا أن هذه الطائفة من الروايات معارضة بطائفة أخرى من الروايات تنفي العقاب على قصد المعصية، إذاً عندنا طائفتان من الروايات، الطائفة الأولى تثبت العقاب على مجرد القصد قصد المعصية الطائفة الأخرى تنفي العقاب عن مجرد قصد المعصية، كيف نعالج التعارض بين الروايات؟

يذكر السيد الخوئي وجهين:

الوجه الأول للجمع ما ذكره الشيخ ولم يذكر له وجهاً فيكون الجمع جمعاً تبرعياً.

الوجه الثاني يذكر له شاهداً ووجهاً للجمع وهو التمسك بالنبوي المشهور عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".

أما الجمع الأول نحمل الطائفة الأولى الدالة على أن قص د المعصية يوجب العقوبة نحملها على قصد المعصية مع الاشتغال ببعض مقدمات المعصية قصد الحرام مع الاشتغال ببعض مقدمات الحرام ونحمل الطائفة الثانية التي تنفي العقاب على مجرد قصد المعصية نحملها على قصد المعصية مع عدم الاشتغال بمقدمات الحرام يعني القصد المجرد عن الاشتغال هذا جمع تبرعي يمكن أن نجمع ما شاء الله نذكر وجوهاً للجمع ما الدليل عليه الشاهد عليه، إذاً الوجه الأول الذي ذكره الشيخ غير تام لأن هذا الجمع لا دليل عليه لا شاهد عليه.

الوجه الثاني نحمل الطائفة الأولى الدالة على ثبوت العقوبة بقصد المعصية نحملها على ما إذا لم يرتدع من تلقاء نفسه عن قصد المعصية ونحمل الطائفة الثانية الدالة على عدم ثبوت العقوبة بمجرد قصد المعصية على ما إذا ارتدع من تلقاء نفسه، أحياناً المكلف لا يرتدع يحصل مانع قهري قصده موجود قصد المعصية موجود لكنه لا يرتدع يصير مانع قهري فإذا الوجه الثاني للجمع حمل الروايات المثبتة للعقاب على عدم الارتداع وإنما يحصل مانع قهري وأما الروايات النافية للعقاب نحملها على الارتداع من تلقاء نفسه ما هو الشاهد على ذلك، النبوي المشهور عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول كلاهما في النار قيل هذا القاتل فما بال المقتول القاتل يدخل في النار أما المقتول قُتل ولم يقتل قال "صلى الله عليه وآله": لأنه أراد قتل صاحبه يعني قصد المعصية ما ارتدع حال بينه وبين القتل مانع قهري وهو موته لو بقي على قيد الحياة لقتل صاحبه قال لأنه أراد قتل صاحبه فإن ظاهر التعليل لأنه أراد قتل صاحبه ظاهر التعليل إرادة القتل يعني قصد المعصية وعدم ارتداع عن قصده لكنه لم يتمكن من ذلك لمانع قهري وهو حلول الموت هذا تمام الكلام في الجمع بين الروايات.

الملاحظة الأولى الذي يذكرها السيد الخوئي يقول قصور السند أو الدلالة يعني الروايات في الطائفة الأولى الدالة على ثبوت العقوبة بقصد المعصية قاصرة إما سنداً وإما دلالة، يقول نحن راجعناها بتمامها ورأينا ما يدل على المقصود على إثبات العقوبة على قصد المعصية ضعيف السند مثل هذا النبوي المشهور يرى أنه ضعف السند، في الحاشية يقول سند النبوي تام على مبانيه "قدس سره" فلاحظ، نحن لا نريد أن نطيل في هذا المبحث ـ التعارض ـ إلا أن هو في مرتبة لاحقة ثبت العرش ثم النقش ثبت الاقتضاء وظهور الدلالة ثم نصل، يقول وما هو تام سنداً قاصر الدلالة على إثبات المدعى.

المناقشة الثانية وهي المهمة المناقشة الثانية والثالثة، مورد الروايات لو سلمنا ثبوت العقوبة على نية المعصية موردها المعصية الواقعية لا المعصية الخيالية هذا واضح، مورد الروايات ثبوت المؤاخذة والمحاسبة على نية المعصية الواقعية لا على نية المعصية الخيالية التي يتخيلها، مورد النبوي المشهور فالقاتل والمقتول في النار هو المعصية الواقعية القتل حقيقة وواقعاً فلا ربط لها بالحرام الخيالي الذي هو مورد بحثنا في التجري وما يعتقده المكلف حراماً مع عدم كونه حراماً في الواقع فيصير هذا الدليل أخص من المدعى الدليل ما يثبت.

المناقشة الثانية لو سلمنا وتنزلنا أن ظاهر الرواية الأعم من المعصية الواقعية والمعصية الغير واقعية، يعني ظاهر الرواية الشمول لمباحث المعصية والتجري، نقول لا دلالة لها على حرمة الفعل المتجرى به غاية ما في الرواية أن المكلف يحاسب على النية وأن القصد مما يعاقب عليه ولا يدل على أكثر من ذلك، الرواية هذا موردها إذا نويت المعصية استحققت العقوبة فمورد الرواية ثبوت العقوبة على مجرد القصد على مجرد النية وهذا لا يدل على أزيد ما كان العقل مستقل به من استحقاق المتجري بالعقاب فما يدل على حرمة المتجرى به شرعاً ما يثبت الحرمة الشرعية يثبت العقوبة على النية هذا تمام الكلام في التنبيه الثاني.

التنبيه الثالث مناقشة صاحب الفصول، صاحب الفصول "رضوان الله عليه" يقول التجري ليس قبيح ذاتياً وإنما يقبل الكسر والانكسار يعني قبح التجري مشكك وليس متواطئ يقبل الزيادة والنقيصة، فقبح التجري ليس ذاتياً قبح التجري يقبل الكسر والانكسار باختلاف الوجوه والاعتبارات المزاحمة لقبحه فلو صادف التجري معصية واقعية كان فيه ملاكان للقبح ملاك قُبح التجري وملاك قُبح المعصية فيستحق عقابان عقاب على المعصية لوجود ملاكها وملاك على التجري لوجود ملاك لكن لا محال يتداخل العقابان.

قُبح التجري في هذا المورد مع وجود ملاك التجري وملاك المعصية قُبح التجري هنا أشد مما إذا كان الفعل المتجرى به في الواقع مكروهاً، لأنه إذا اجتمع ملاك التجري وملاك الحرمة كان القُبح أشد من توفر ملاك التجري وملاك الكراهة أيضاً توفر ملاك قُبح التجري وملاك الكراهة أشد من توفر ملاك التجري وملاك الإباحة، توفر ملاك التجري وملاك الإباحة أشد قُبحاً من اجتماع ملاك التجري وملاك الاستحباب، اجتماع ملاك قُبح التجري وملاك الاستحباب أشد قُبحاً من اجتماع ملاك التجري وملاك الوجوب، فإذا توفر في مورد وفي فعل ملاكان، ملاك قُبح التجري وملاك الوجوب في هذه الحالة يحصل تزاحم بين ملاك الوجوب وملاك التجري، ربما يتساويان وربما يتفاوتان فيقدم الأقوى ملاكاً فإذا كان ملاك الوجوب أقوى قدم ملاك الوجوب على ملاك التجري وإذا كان ملاك قُبح التجري أقوى قدم ملاك قُبح التجري على ملاك الوجوب هذا خلاصة كلام صاحب الفصول الغروية الشيخ محمد حسين الغروي "رحمة الله عليه" أخ الشيخ محمد تقي الأصفهاني الغروي صاحب كتاب هداية المستشرقين.

لاحظ بيان السيد الخوئي يقول هنا توجد دعاوى ثلاث هذه الدعاوى الثلاث غير تامة السيد الخوئي أولاً ذكر الدعاوى الثلاث ثم ناقشها نحن نذكر كل دعوى ثم نناقشها.

الدعوى الأولى لصاحب الفصول أن القُبح لا يكون ذاتياً للتجري بل قُبح التجري قابل لأن يختلف باختلاف الوجوه والاعتبارات، السيد الخوئي يناقش، يقول ما هو ملاك قُبح التجري لابد أن ننقح هذا الملاك، هتك المولى هتك المولى من مصاديق الظلم والظلم لا ينفك عن القُبح فلا ينفك التجري عن القُبح فالقُبح يترتب على التجري ترتب المعلولة على علته، العلة التامة، لأن هتك المولى ظلم والظلم قبيح إذاً القُبح معلول علته التامة الظلم الذي هو هتك حرمة المولى فلا معنى للكسر والانكسار لا معنى لتفاوت قُبح التجري ملاكه واحد، ظلم المولى فيصير متواطئ وليس مشككاً هذا تمام الكلام في مقدمة الدعوى الأولى ومناقشتها.

الدعوى الثانية إن الجهات الواقعية بواقيعتها من وجوب وإباحة واستحباب وكراهة هذه الجهات الواقعية على واقعيتها حتى لو لم يلتفت اليها المكلف توجب اختلاف التجري من حيث اختلاف مراتب القُبح بل هذه الجهات الواقعية ربما توجب زوال قُبح التجري كما ذكر صاحب الفصول إذا حصل تزاحم بين الوجوب وبين قُبح التجري فيقدم الأهم ملاكاً فإذا كان ملاك الوجوب أهم قدم، خلاصة الدعوى الثانية مهم جداً، الأمور الواقعية يعني الأحكام الشرعية الواقعية من وجوب واستحباب وكراهة وإباحة الأحكام الواقعية والأمور الواقعية حتى لو لم يلتفت اليها المكلف هذه الجهات الواقعية توجب اختلاف مراتب قُبح التجري.

السيد الخوئي "رحمة الله عليه" يناقش يقول لو سلمنا أن قُبح التجري ذا مراتب يعني قُبح التجري متفاوت وليس متواطئ لو سلمنا وتنزلنا لا نسلم أن الجهات الواقعية هي تسهم في تفاوت مراتب قُبح التجري، لماذا، ذكرنا فيما سبق أن الجهات التي لها دخل في إثبات الحسن أو القُبح لابد أن تكون اختيارية ولابد من الالتفات اليها والجهات الواقعية من وجوب واستحباب وإباحة وكراهة، أولاً هذه الجهات ليست اختيارية للمكلف وثانياً لا يلتفت اليها المكلف عند تجريه، إذاً حتى لو سلمنا الكبرى وهي إن قُبح التجري ذا مراتب فقبح التجري مشكك وليس متواطئ لكننا لا نسلم الصغرى وهي أن الجهات الواقعية التي هي غير مقدورة للمكلف وغير اختيارية للمكلف أولاً وثانياً لا يلتفت اليها المكلف لا نسلم أن هذه الجهات الواقعية تسهم في تغيير مراتب قُبح التجري، لأن الذي له دخل في إثبات الحُسن والقُبح لابد أن يكون من الأمور الاختيارية الملتفت اليها ومصادفة الجهات الواقعية من وجوب واستحباب وكراهة الى التجري ليس اختياري للمكلف ولا يلتفت اليه المكلف.

الدعوى الثالثة ادعى صاحب الفصول تداخل العقابين عند مصادفة المعصية الواقعية فلو صادف التجري المعصية اجتمع ملاكان، ملاك التجري وملاك المعصية فيستحق عقابان، عقاب على التجري وعقاب على المعصية فيتداخل العقابان.

السيد الخوئي يناقش من قال اجتمع ملاكان السؤال الأول ما هو ملاك قُبح التجري وما هو ملاك قُبح المعصية؟ الملاك واحد وهو هتك حرمة المولى إذاً وجد ملاك لا أنه وجد ملاكان التزاحم فرع تعدد الملاك، التداخل فرع التزاحم والتزاحم فرع تعدد الملاك وهنا لا تعدد في الملاك، الملاك الموجود هو واحد لا شريك له وهو قُبح التجري يدور مدار هتك المولى والتعدي عليه بلا فرق في ذلك بين موارد التجري وموارد المعصية الواقعية، إذاً لا يوجد في المعصية الواقعية إلا هتك واحد، فلا ملاك لتعدد العقاب حتى يحصل التداخل، ولعله لوضوح أن العاصي لا يستحق إلا عقاباً واحداً التزم صاحب الفصول بتداخل العقاب مع التزامه بتعدد الملاك، والصحيح أنه لا تعدد في الملاك فلا تصل النوبة الى التداخل، هذا تمام الكلام في التنبيه الثالث.

التنبيه الرابع والأخير ظهر بما تقدم خلاف السيد الخوئي مع صاحب الكفاية، السيد الخوئي يرى أن المتجري يستحق العقاب على نفس الفعل المتجرى به لكن لا على ذات الفعل المتجرى به وإنما على هتكه لحرمة المولى، إذاً لأن نفس فعله يلزم منه هتك حرمة المولى يستحق العقاب، إذاً ثبت العقاب على الفعل المتجرى به لا على نية الفعل المتجرى به لا على قصد الفعل المتجرى به.

لكن صاحب الكفاية "رحمه الله" التزم بأن استحقاق العقاب ليس على نفس التجري يعني الاتيان بالفعل المتجرى به وإنما استحقاق العقاب على العزم والاختيار يعني على عزم المتجري اختيار المتجري قصد المتجري، فوقع في إشكال ثبوت العقاب على أمر غير اختياري يعني أحياناً النفس لها أحوال فكيف تثبت العقاب على أمر غير اختياري النفس لها أحوال وطوارئ بمجرد القصد يثبت الاختيار، أجاب عنه صاحب الكفاية يعني إن أشكل كيف تثبت العقوبة على أمر غير اختياري، قال العقاب من تبعات البعد عن المولى والبعد عن المولى ناشئ من الشقاوة الذاتية التي هي نظير إنسانية الإنسان وحمارية الحمار والذاتي لا يعلل، تقول لم الإنسان إنسان ما هي العلة؟ لِمَ الحمار حمار؟ حمارية الحمار غير قابلة للتعليل، إنسانية الإنسان غير قابلة للتعليل هذا معروف صاحب الكفاية في بعض المباحث التي يلزم منها الجبر هذا مشكل هذا الكلام خاصة في المجلد الثاني حينما قال (قلم به اينجا رسيد وسر بشكست) يعني الى هنا وصل القلم وانكسر وهذا من المباحث الصعبة في الكفاية حتى أن سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي كان إذا يدرس الكفاية لا يدرس هذا المقطع الذي فيه شبهة الجبر يخشى أن تستحكم الشبهة في أذهان الطلاب ولا تندفع والبحث ليس مهم في الأصول فيحذف هذا البحث ولم يطرحه.

عموماً خلاصة كلام صاحب الكفاية العقوبة استحقاق العقاب ليس على نفس الفعل المتجرى ليس على نفس التجري وإنما على العزم والقصد، العزم والقصد من أحوال النفس وقع فيها الإشكال كيف يترتب العقاب على أمر غير اختياري، قال العقاب ليس على هذا وإنما العقاب من جراء بُعد العبد عن مولاه، بُعد العبد عن مولاه ناشئ من شقاوته وشقاوته أمر ذاتي لا يعلل.

السيد الخوئي "رحمه الله" قال أجبنا أن العقاب إنما يترتب على الفعل لا على القصد فإذا ترتب العقاب على الفعل لا على القصد اندفع الإشكال من أصله، إشكال ترتب العقاب على أمر غير اختياري، وأما ما ذكره من الشقاوة الذاتية السيد الخوئي أجاب عنه مفصلاً في مباحث الطلب والإرادة في محاضرات في أصول الفقه[1] ، وذكر أن نفس الاختيار اختياري، الاختيار ليس اختياري الاختيار اختياري بنفسه وليس اختياري بغيره يعني يوجد اختياري بغيره ويوجد اختياري بنفسه هذا بحث طويل السيد الإمام عنده رسالة مستقلة في الطلب والإرادة هذا بحث أصولي وبحث فلسفي وبحث كلامي أيضاً، فالسيد الخوئي يقول إن الاختيار ليس أمراً غير اختياري، الاختيار اختياري بنفسه وغير هذا الاختيار اختياري بالاختيار يعني اختياري بعروض الاختيار عليه إذ كل ما بالغير لابد أن ينتهي الى ما بالذات.

الخلاصة خلاصة التنبيه الرابع ذهب صاحب الكفاية الى أن العقاب يترتب على العزم والاختيار فوقع في إشكال ترتب العقاب على أمر غير اختياري فقال إن العقاب ناشئ من بعد العبد عن مولاه والبعد ناشئ من شقاوة العبد والشقاوة أمر ذاتي الشقي شقي في بطن أمه والسعيد سعيد في بطن أمه هذا بحث طويل وشائك، من قال إن الشقاوة أمر ذاتي هذا أول الكلام؟ هذا مشكل يعني يصير كل واحد يدعي أنه مجبر على أفعاله، عموماً السيد الخوئي ناقش الصغرى في مباحث الطلب والإرادة، قال إن الاختيار اختياري وليس غير اختياري هنا ناقش الكبرى من قال إن العقاب يترتب على الاختيار والعزم والقصد، العقاب عقاب المتجري إنما يترتب على الفعل المتجرى يعني على نفس التجري للزوم هتك حرمة المولى، هذا تمام الكلام في التنبيه الرابع. الكلام في القطع الموضوعي يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo