< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

39/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوجه الثالث في حرمة التجرِّي ومناقشة

السيد الخوئي للآخوند والنائيني

الوجه الثاني من المقام الثاني من بحث التجري، ذكر السيد الخوئي في مصباح الأصول أن البحث في حرمة التجري يقع في مقامين:

والمقام الأول يقع البحث فيه في جهتين، والجهة الثانية ذكر فيها ثلاثة وجوه انتهينا بحمد الله عزَّ وجل في الدرس السابق من بيان المقام الأول والجهة الأولى وذكرنا الجهة الثانية وأخذنا الوجه الأول والوجه الثاني، وفي هذا الدرس نشرع في بيان الوجه الثالث من الجهة الثانية.

الوجه الثالث مفاده إن تعلق القطع بقبح فعل يوجب قبح الفعل وكذلك أيضاً تعلق القطع بحسن فعل يوجب حسن ذلك الفعل والعمل، فيحكم بحرمة الفعل في صورة قطع العقل بقبحه، ويحكم أيضاً بوجوب الفعل في صورة قطع العقل بحسنه لقاعدة الملازمة، فكل ما قطع به العقل حكم به الشرع فإذا قطع العقل بمصلحة ومنفعة أكيدة حكم الشرع بالوجوب، وإذا قطع العقل بمفسدة ومضرة أكيدة حكم الشرع بحرمة ذلك الشيء، إذاً توجد دعويان:

الدعوة الأولى صغرى والدعوة الثانية كبرى.

وهي الكبرى الملازمة العقلية، إن قبح الفعل يستتبع حرمة شرعية وكذلك حسن الفعل يعني عقلاً يستتبع وجوباً شرعياً لقاعدة الملازمة.

بحث قاعدة الملازمة بالتفصيل موقعه بحث الملازمات العقلية من الدليل العقلي لكن السيد الخوئي "رحمه الله" أيضاً ناقش هذه الدعوة هنا، وأما بحث الصغرى وهو أن القطع من العناوين المحسّنة أو المقبحة للفعل فقد بحثها السيد الخوئي "رحمه الله" هنا وذكر أولاً كلام صاحب الكفاية "رضوان الله عليه" وثانياً كلام الميرزا النائيني "رضوان الله عليه" وناقش كلا القولين وانتهى بهذه النتيجة وهو أنه القبح قُبح الفعل وحُسن الفعل هذه من الأمور الوجدانية، يعني لا شك ولا ريب أن المتجري فعله قبيح والمنقاد فعله حسن هذا من الواضح، يبقى الكلام هل أن حسن الانقياد يستلزم الثواب وهل أن قبح التجري يستلزم العقاب وهل أن حسن الانقياد يثبت الاستحباب شرعاً وهل أن قبح التجري يثبت الحرمة شرعاً هذا ما يحتاج الى البحث، أما البحث في ثبوت الحُسن للانقياد والقُبح للتجري فهذا من الوجدان الذي لا يحتاج الى برهان.

الدعوة الأولى القطع من العناوين المُحسّنة للفعل أو المُقبحة للفعل هذه الدعوى أنكرها صاحب الكفاية في كفاية الأصول[1] ، طبعة تحقيق مؤسسة آل البيت، وإن شاء الله هذا المطلب سننقل نصه من نسخة مجمع الفكر الإسلامي[2] .

وتبعه في الإنكار المحقق النائيني "رضوان الله عليه" في أجود التقريرات[3] وهي الدورة الثانية للميرزا النائيني وكذلك في دورته الأولى فوائد الأصول[4]

صاحب الكفاية "رضوان الله عليه" ذكر ثلاثة أمور وثلاثة مقاطع ناقشها السيد الخوئي "قدس سره"، الأمر الأول من استدلال صاحب الكفاية قال إن العناوين المحسّنة والمقبحة للفعل لابد أن تكون اختيارية لأنها متعلق لإرادة المكلف وعنوان القطع لا يكون اختيارياً.

لأننا سنفصله، الأمر الأول لبه هذا، إن العناوين المحسّنة للفعل أو المقبحة للفعل لابد أن تكون اختيارية لأنها متعلقة لإرادة المكلف وإرادة المكلف لا تتعلق بالأمور الاضطرارية إنما تتعلق بالأمور الاختيارية والقطع ليس من الأمور الاختيارية، لماذا؟ لأن القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الواقعي لا بعنوان كونه مقطوع الوجوب أو مقطوع الحرمة مثلاً لو قطع المكلف أن هذا المائع خمر فشربه فبان ماءً أو خلاً هنا المكلف حينما شرب المائع هل شربه على أنه خمر في الواقع أو شربه على أنه مقطوع الخمرية قد قطع بخمريته الجواب الأول من الواضح أن المكلف حينما شرب الماء كان يرى أن هذا الماء خمر والقطع إنما هو كاشف عن الواقع لا أنه شرب الماء على أنه مقطوع الخمرية.

أعيد وأكرر، مكلف قطع بأن هذا اللحم لحم خنزير أكله فتبين أنه لحم بقر هذا المكلف حينما قصد الأكل هل قصد أن يأكل لحم الخنزير الواقعي يعني هو يرى هذا واقعاً لحم خنزير وأكله أو لا قصد أنه مقطوع الخنزيرية مقطوع أنه خمر، هنا المكلف لا يقصد أن هذا مقطوع الخمرية ما يلتفت أصلاً الى قطعه المكلف يرى أن هذا خمر يعني خمر واقعي، مثل المكلف قطع بدخول الوقت وصلى فانكشف أن الصلاة وقعت خارج الوقت هنا المكلف حينما صلى صلى بعنوان الصلاة المقطوعة في داخل الوقت أو لا هو كان يرى أنها صلاة في داخل الوقت، هو كان يرى أن في الواقع الوقت طلع هو الآن يصلي داخل الوقت.

كلامنا في متعلق قصد المكلف هل متعلق قصد المكلف الخمر الواقعي أو مقطوع الخمرية، إذا متعلق قصد المكلف مقطوع الخمرية يعني صار قصد المكلف تعلّق بشيء مركب من جزئين الجزء الأول القطع والجزء الثاني الخمرية، الآن حينما أشرب هذا الماء أقصد أن أشرب الماء وقاطع أنه ماء أشربه ويتضح أنه ماء ورد وليس ماء قراح، هنا لما أنا أشرب الماء قصدي أشرب الماء واقعاً أو قصدي أشرب مقطوع المائية يعني قصدي يتعلق من جزئين، الجزء الأول القطع والجزء الثاني الماء من الواضح في العرف ما يتعلق قصدي بشيء يتألف من جزئين يعني صار قطع موضوعي صار القطع جزء الموضوع، جزء الموضوع الأول القطع وجزء الموضوع الثاني الخمرية المائية بينما إذا أنا قصدت شرب الماء الواقعي صار متعلق قصدي الماء واقعاً والقطع صار طريق وليس جزء موضوع يعني هل القطع طريقي أو القطع موضوعي، بناءً على الأول إذا كان المتعلق متعلق قصد المكلف الماء واقعاً يصير القطع طريقي القطع طريق لكشف الواقع، بناءً على الثاني يصير القطع موضوعي يعني متعلق قصد المكلف مكون من جزئين الجزء الأول القطع والجزء الثاني هو أداة الشيء الماء أو الخمر، إذاً هو لب كلامنا الآن هذا لابد أن يتضح لأن المناقشة ستقع فيه.

الآخوند الخراساني "رحمه الله" في الكفاية يقول القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الواقعي ولا يقصد الفعل بعنوان كونه مقطوع الوجوب أو مقطوع الحرمة أو مقطوع الخمرية فهذا العنوان عنوان مقطوع الوجوب مقطوع الخمرية مقطوع المائية مقطوع الخلية لا يكون مقصوداً بل في الغالب لا يلتفت الى هذا القطع في الغالب لا يلتفت الى هذا القطع هذا تمام كلام صاحب الكفاية في الكفاية الجزء الثاني.

يوجد مقطع آخر لصاحب الكفاية في تعليقته على الرسائل لأن صاحب الكفاية عنده كفاية الأصول بجزئيها أولاً، ثانياً عنده تعليق على الكفاية وثالثاً عنده تعليق على رسائل الشيخ الأنصاري تحت عنوان درر الفوائد في الحاشية على الفرائد الحاشية مطبوعة، إذا راجعنا صفحة 37 نجد صاحب الكفاية يشير الى هذا المطلب يقول المكلف لم يصدر منه فعل بالاختيار، فعل اختياري ما صدر من المكلف، لماذا؟ لأن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ما قصد لم يقع هو قصد شرب الخمر لم يقع خارجاً شرب الخمر خارجاً شرب الماء وما وقع لم يقصد ما وقع شرب الماء لم يقصد هو لم يقصد شرب الماء وهكذا من قصد أكل لحم الخنزير فبان لحم بقر ما قصد لم يقع وهو أكل لحم الخنزير وما وقع لم يقصد وهو لحم البقر، إذاً فعل اختياري من المكلف لم يصدر فإذا قطع كونه مائع خمراً وشربه ولم يكن في الواقع خمرا يقول الخمر منتف بانتفاء موضوعه لحم الخنزير منتف بانتفاء موضوعه وشرب الماء مما لم يقصده وأكل لحم البقر مما لم يقصده فلم يصدر منه فعل بالإرادة والاختيار إذ ما قصده لم يقع وما وقع لم يقصده.

وأما الميرزا النائيني "رضوان الله عليه" فذكر أن القطع طريق محض الى متعلقه ولا دخل للقطع في الحُسن والقُبح ولم يستدل بشيء وادعى أن هذا أمر وجداني والوجدان لا يحتاج الى برهان.

السيد الخوئي "رحمه الله" يناقش ما أفاده المحقق صاحب الكفاية "رضوان الله عليه" قبل أن نناقش كلام صاحب الكفاية أقرأ لكم نص صاحب الكفاية حتى يكون الأمر واضح [5]

آخر سطرين من صفحة 13 هكذا يقول صاحب الكفاية مع أن الفعل المتجرى به أو المنقاد به بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختيارياً فإن القاطع لا يقصده إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي، هذا العنوان الأولي العنوان الواقعي تعبيره عنوانه الواقعي الاستقلالي، لا بعنوانه الطارئ الآلي بل لا يكون غالباً بهذا العنوان ـ يعني أنه مقطوع ـ بل لا يكون غالباً بهذا العنوان مما يلتفت اليه ـ هذا المقطع الثاني ـ فكيف يكون من جهات الحسن والقبح عقلاً ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعاً ولا يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلا إذا كانت اختيارية الخلاصة ركّز صاحب الكفاية على أن القطع ليس من الصفات الاختيارية.

المقطع الثالث ما ذكره صاحب الكفاية في تعليقته على الرسائل درر الفوائد في الحاشية على الفرائد أنما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع.

السيد الخوئي المحقق المدقق يناقش كلام صاحب الكفاية في ثلاثة مقاطع في ثلاثة أمور:

الأمر الأول يناقش ما ذكره من قوله إن القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الأولي، هنا ما المراد بالقصد، صاحب الكفاية يقول أن القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الأولي بتعبيره الاستقلالي لا بعنوانه الآلي ما المراد بالقصد هل المراد بالقصد الداعي أو المراد بالقصد ليس الداعي وإنما أمر آخر غير الداعي، إذاً يوجد احتمالان، الاحتمال الأول أن يراد بالقصد الداعي فحينما يقول صاحب الكفاية إن القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الأولي يعني يكون الداعي الذي دعاه الى الاتيان بالفعل هو العنوان الأولي، فحينما قطع أن هذا خمر وشربه إنما قصد العنوان الأولي يعني أن الذي دعاه الى شرب الخمر وشرب هذا الماء هو الخمر الواقعي، هذا كلام صحيح إذا كان المراد بالقصد هو الداعي وهذا ظاهر كلام صاحب الكفاية، ظاهر كلام صاحب الكفاية ـ هذا كلام صاحب الكفاية ـ فإن القاطع مع أن الفعل المتجرى به أو المنقاد به بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختيارياً فإن القاطع لا يقصده لا يقصد الفعل إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الآلي يعني إن الذي يدعوه الى شرب الخمر إنما هو العنوان الواقعي للخمر وليس العنوان الثانوي، فإذاً إذا كان مراد صاحب الكفاية من القصد هو الداعي هذا الكلام صحيح لأن الداعي لشرب الخمر هو الإسكار هو كان يريد أن يسكر، فالذي دعاه الى شرب الخمر الإسكار وهذا العنوان الأولي هذا كلام صحيح هو شربه بداعي الإسكار لا بداعي أنه مقطوع الخمرية ما له دخل مقطوع الخمرية فيصير كلام صاحب الكفاية تام إذا قلنا إن المراد بالقصد هو الداعي، لكن لا يعتبر في الجهات المحسّنة أو المقبّحة للفعل أن تكون داعية مثلاً، لو شخص أراد أن يجرّب عصاته وكان أمامه يتيم وضرب اليتيم ما كان يقصد إيذاء اليتيم لم يكن الداعي الى الضرب إيذاء اليتيم كان الداعي الى الضرب هو تجربة الخيزرانة تجربة العصا فالداعي الذي دعا الى ضرب اليتيم هو تجربة الخيزرانة لكن حينما كان يضرب اليتيم التفت الى أن اليتيم يتألم، هنا هل يرى العرف وهل يحكم العقل بقبح هذا الفعل أو لا؟ نعم العقل يحكم بالقبح ويرى أن هذا ظُلم قد وقع على اليتيم حتى لو لم يكن قد وقع عليه بداعي الايلام والإيذاء هو ما كان قاصد ما كان الداعي أن يؤذي اليتيم وأن يؤلم اليتيم كان بداعي امتحان العصا.

إذاً شيخنا صاحب الكفاية ماذا تقصد بالقصد حينما قال إن القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الأولي ما المراد بالقصد هل المراد الداعي أو المراد الالتفات؟ يا صاحب الكفاية من قولك إن القاطع إنما يقصد ما المراد بالقصد هل المراد الداعي أو المراد الالتفات الآن بناءً على الأمر الأول الداعي، إن كان المراد هو الداعي هذا الكلام تام المكلف إنما يقصد الفعل بعنوانه الأولي يعني إن الذي يدعوه ويحرّكه العنوان الأولي لا العنوان الثانوي فهذا صحيح لكن من قال إن الداعي له مدخلية في التحسين والتقبيح من قال إن الداعي الى الجهات المحسنة أو المقبحة للشيء، فلو أقدم المكلف على شيء كضرب اليتيم لكن بداعي تجربة العصا وكان ملتفتاً الى حصول الإيذاء لليتيم فهذا الفعل قبيح حتى لو لم يكن قاصداً الإيذاء، إذاً المعتبر هو صدور الفعل بالاختيار مع كون الفاعل ملتفتاً الى جهة قبحه يعني يضرب اليتيم وملتفت إن اليتيم يتأذى أما إذا ما ملتفت أنه يتأذى افترض أنه يلاطف اليتيم افترض هذا رجل خشن ويضرب اليتيم بنظره هو ضربات خفيفة يمزح مع اليتيم لكن هو يؤذي اليتيم هنا بالنسبة إليه هذا لا يكون قبيح.

إذاً المعتبر في صدور الحسن والقبح هو صدور الفعل عن اختيار مع التفات الفاعل الى جهة قبحه، هذا تمام الكلام بناءً على الشق الأول أن المراد بالقصد هو الداعي، وإن كان المراد هو الالتفات، إذا كان المراد هو الالتفات لا داعي لترقي صاحب الكفاية الى هذا الأمر لأنه بعد ذلك أعقب ـ لاحظ العبارة ـ قال بل لا يكون غالباً بهذا العنوان مما يلتفت اليه فيصير تكرار لا داعي له لاحظ العبارة فإن القاطع لا يقصده إذا لا يقصده بمعنى الالتفات نحذف يقصده ونضع التفات فيصير فإن القاطع لا يلتفت اليه إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الآلي بل لا يكون غالباً بهذا العنوان مما يلتفت اليه يصبح هذا حشو زائد.

إذاً خلاصة مناقشة المقطع الأول أنه في قول صاحب الكفاية إن القاطع إنما يقصد الفعل بعنوانه الأولي لا بعنوانه الثانوي ما المراد بالقصد إن كان المراد بالقصد هو الداعي فهذا صحيح لكن الداعي لا مدخلية له في ثبوت الحُسن والقُبح ثبوت الحُسن أو القُبح يتوقف على صدور الفعل عن اختيار مع كون الفاعل ملتفتاً الى جهة حُسنه أو جهة قُبحه وإن كان المراد بالقصد في عبارة صاحب الكفاية هو الالتفات فلا معنى للإضراب والإعراض والترقي بقوله بل وذكر الالتفات مجدداً، هذا تمام الكلام في مناقشة كلام صاحب الكفاية الأمر الأول.

الأمر الثاني المقطع الثاني قول صاحب الكفاية بل لا يكون غالباً مما يلتفت اليه ما المراد بالالتفات يعني القطع لا يلتفت اليه هل المراد الالتفات التفصيلي أو المراد الالتفات مطلقاً الأعم من التفصيلي والاجمالي، إن كان المراد بالالتفات الالتفات التفصيلي فهذا صحيح المكلف لا يلتفت تفصيلاً الى قطعه لكن الالتفات التفصيلي ليس معتبراً وليس من الجهات الدخيلة في الحُسن والقُبح، فالالتفات التفصيلي غير معتبر في العناوين الموجبة للحُسن أو القُبح وإن كان مراده مطلق الالتفات يعني سواءً كان تفصيلياً أو سواءً كان اجمالياً فجوابه إن الالتفات الى العناوين المحسّنة أو المقبحة هذا معتبر ولو اجمالاً معتبر، لكن عنوان المقطوعية مما يلتفت اليه دائماً بنحو الارتكاز، أصلاً القطع يعني حضور القطع في الذهن علم حضوري حاضر عندك القطع بالمعلوم يجب العلم الحصولي يعني القطع بالخمرية يوجب العلم الحصولي يعني تحصل اليك صورة الخمر تحصل اليك صورة لحم الخنزير، فإذا تعلق القطع بشيء هذا أوجب تحقق العلم الحصولي لكن حضور هذا القطع في ذهن الإنسان هذا علم حضوري يعني نفس المعلوم يكون حاضر نفس القطع يكون حاضر، لأن حضور الأشياء في الذهن إنما يكون بالقطع، وبالتالي لا يعقل أن يكون الإنسان عاملاً بشيء مع أنه غير ملتفت اليه فدائماً الإنسان يلتفت الى الشيء ولو بالنحو الاجمالي الارتكازي، هذا تمام الكلام في مناقشة المقطع الثاني.

وأما مناقشة المقطع الثالث ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع وادعى صاحب الكفاية في درر الفوائد أن المكلف لم يصدر منه فعل على نحو الاختيار فإذا قطع بخمر وشربه ولم يكن خمراً في الواقع يرى صاحب الكفاية أنه لم يصدر من هذا المكلف فعل بالاختيار.

الجواب: الفعل الذي وقع خارجاً هو شرب الماء أكل لحم البقر هذا الذي وقع خارجاً، هذا لم يصدر بلا إرادة ولم يصدر بلا قصد هو قطع بخمرية المائع، قطع بخنزيرية اللحم، ما وقع منه خارجاً هو شرب الماء لا الخمر هو أكل لحم البقر وليس لحم الخنزير، سؤال صدور شرب الماء خارجاً صدور أكل لحم البقر خارجاً هذا لا يكون من دون إرادة ولا يكون من دون اختيار بل وقع مع القصد اليه لكن بعنوان أنه خمر يعني هو قصد شرب الماء بعنوان أنه خمر قصد أكل لحم البقر الموجود في الخارج لكن بعنوان أنه لحم خنزير إذاً القصد موجود الاختيار موجود الاشتباه في قصد العنوان في تطبيق العنوان لكن قصد الشيء خارجاً وقع منه اختياراً وهذا العنوان موجب لقبحه، وبعبارة أخرى ـ هكذا يعبّر السيد الخوئي ـ القطع بكون مائعاً خمراً لا يجعل شربه اضطرارياً غير متصف بالقبح ولا بالحسن، يكفي في قبح ذلك أن يصدر منه عن قصد وارادة واختيار، وبعبارة أخرى يكفي في قبحه الالتفات الاجمالي الى قبحه وهو كونه مقطوع الحرمة لا نشترط الالتفات التفصيلي هو قصد أن يشرب هذا المائع بعنوان أنه خمر شربه انكشف في الواقع أنه ماء وليس بخمر هذا قبيح أولاً صدر عنه عن اختيار لأنه قصد المائع الخارجي هو قبيح قصد العنوان الذي هو مقطوع الحرمة وهو شرب الخمر فصدر منه القبيح خارجاً عن إرادة واختيار، هذا أمر وجداني واضح لا يحتاج الى التدقيقات الزائدة كيف تقول ما قصد أن يقع وما وقع لم يقصد وهذا الصحيح ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد هذا الصحيح أما تدعي أنه لم يصدر منه فعل اختياري كيف لم يصدر منه فعل اختيار، واضح أن الفعل الاختياري هو واضح أنه مثلاً والعياذ بالله شخص أراد أن يزني وطئ المرأة فبانت زوجته هنا قصد الممارسة الجنسية وقصد النكاح أو لا؟ نعم قصد الفعل الخارجي ما الذي لم يتحقق كونها أجنبية بانت حليلته زوجته هنا ما فعله قبيح أو لا؟ نعم أولاً صدر عنه عن اختيار لأنه قصد الوطئ هذا الوطئ قبيح لأنه قصد الوطئ على أنها أجنبية لا على أنها زوجته وحليلته، هذا تمام الكلام في مناقشة كلام صاحب الكفاية ولا زلنا نتكلم في الدعوة الأولى القطع من العناوين والوجوه المقبّحة والمحسّنة للفعل.

وأما ما ذكره صاحب الكفاية من أن الوجدان يقضي بذلك، السيد الخوئي يدعي الوجدان على خلافه، يعني هو يدعي أنه لا يوجد قبح السيد الخوئي يدعي وجود القبح ويقول أن العقل يحكم بقبح الفعل المتجرى به لكن بأي حيثية بمعنى أن العقل يدرك أن الفعل تعد على المولى وهتك لحرمة المولى و خروج عن رسوم العبودية وأن الفاعل يستحق اللوم والذم ولا خلاف بين العقلاء في حسن الانقياد عقلاً وقبح التجري عقلاً، يعني العقل يدرك أن هذا المكلف إذا جرى على وظيفة العبودية وانقاد يستحق الثواب وإذا خالف يستحق العقاب حتى لو انكشف الخلاف هذا سيأتي مناقشته، الآن فقط تقرير كلام السيد الخوئي "رحمه الله" ولذلك يقول يأتي بمنبه يقول الفقهاء الذين لم يقبلوا روايات من بلغ ولم يثبتوا الاستحباب الشرعي في روايات من بلغ حملوها على أنها ترى اثبات الثواب للمنقاد، يعني لا يوجد استحباب شرعي من روايات من بلغه عن النبي ثواب شيء فعمل به كان له ذلك وإن كان النبي لم يقله، فإذا لم يثبت الاستحباب الشرعي نثبت الثواب لانقياد هذا المكلف.

إذاً لا خلاف في أن التجري قبيح عقلاً والانقياد حسن عقلاً يقول السيد الخوئي[6] ، فالإنصاف أن الدعوى التي هي بمنزلة الصغرى وهي قبح الفعل المتجرى به عقلاً مما لا مناص من التسليم بها.

الى هنا تناولنا القضية الأولى الصغرى وهي إثبات القبح للتجري يبقى الكلام في الكبرى الدعوى الثانية وهي الملازمات العقلية وهذا بحث شيق ودقيق وأما الدعوى الثانية يأتي عليها الكلام.


[1] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج2، ص260.
[2] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج2، ص13.
[5] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج2، ص260.
[6] كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج2، ص25.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo