< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفصل الثالث

صفات وشروط ولي الأمر زمن الغيبة الكبرى

هذا البحث لم يتعرض له فقهائنا@ في الكتب المتقدمة فلم يبحث هذا البحث في كتبهم الفقهية المتعارفة في ذلك الوقت وإنما بحث في علم الكلام ولعل السر في ذلك أن الأئمة^ وكذلك فقهاء الشيعة الكرام لم يوفقوا لاستلام الحكم فلم تكن هذه المسألة من المسائل الفقهية الإبتلائية حتى تبحث في علم الفقه، بخلاف فقهاء أهل السنة والجماعة والعامة فإنهم قد ابتلوا بممارسة الحكم وأصبحت مسألة الحكم من المسائل الابتلائية في الفقه السلطاني عند فقهاء العامة هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن ولاية الأمر فرع الإمامة والإمامة من أصول الدين عند الشيعة الإمامية بخلاف أهل السنة والعامة فهم يرون أن الإمامة من الفروع ومن الأمور الفقهية، فلهذين الأمرين نجد أن فقهاء العامة قد بحثوا شروط ولي الأمر في كتبهم الفقهية بكثرة بل إن بعضهم قد خصص كتاباً خاصاً وأفرده لبحث مسألة الأحكام السلطانية وأبرز كتابين في هذا المجال هو كتاب الأحكام السلطانية للماوردي والأحكام السلطانية للفراء وأحدهما مالكي والآخر حنبلي، إذاً مسألة بحث شروط وصفات ولي الأمر والحاكم في الإسلام بحثها فقهاء أهل السنة بكثرة في كتبهم الفقهية بخلاف الإمامية فقد بحثوا هذه المسألة في كتبهم الكلامية وقد اقتصروا على بحث إمامة الأئمة المعصومين^، نعم لعل أوّل من بحث مسألة شروط وصفات ولي الأمر في الإسلام هو العلامة الحلي في كتابه تذكرة الفقهاء عندما تطرق في كتاب الجهاد إلى فصل في قتال أهل البغي، فمن هم أهل البغي هم من بغوا على الحاكم ومن هنا تطرق إلى خمسة عشر شرطاً في الحاكم الذي يتوفر على المشروعية.

قال العلّامة الحلي+ في التذكرة وقد نص على أن هذه المسألة تبحث في علم الكلام وهذا نص كلامه، قد جرت العادة بين الفقهاء أن يذكروا الإمامة في هذا الموضوع ليعرف الإمام الذي يجب إتباعه ويصير الإنسان باغي بالخروج عليه وليست من علم الفقه بل هي من علم الكلام فلنذكر كلاماً مختصراً فنقول يشترط في الإمام أمور الأوّل أن يكون مكلفاً([1] ).

والتحقيق: إن أصل مسألة الإمامة مسألة كلامية وليست مسألة فقهية لذلك بحثها علماء الإمامية في العقائد وعلم الكلام بخلاف علماء العامة الذين يرون أن مسألة الإمامة هي مسألة فرعية وبحثوها في علم الفقه والأحكام، إلا أن الأحكام المترتبة على الإمامة إنما هي مسائل فقهية إذ أنها تتطرق إلى واجبات الإمام تجاه رعيته وواجبات الرعية تجاه إمامهم ومثل هذه الأحكام من وجوب أو حرمة أو شروط لابد أن تتوفر في الإمام والراعي إنما هي مسائل فقهية ولابد أن تبحث في علم الفقه.

وقبل أن نشرع في بيان الشروط المعتبرة في ولي أمر المسلمين لا بأس بالإشارة إلى أسماء مجموعة من الأعلام في الفلسفة والتاريخ وفقهاء العامة وقضاتهم فإنهم قد بحثوا هذه المسألة بالتفصيل ولهم كلمات عديدة ومتعددة في شرائط الإمام التي يجب إطاعته، وقد نقل الشيخ المنتظري&([2] ) مجموعة من أعلام الفلسفة والتاريخ والفقهاء والقضاة عند العامة، وأكتفي بذكر أسماء هؤلاء الأعلام.

الأول: الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا وهو رائد المدرسة المشائية في الفلسفة والقدر المتيقن أنه شيعي اسماعيلي وهناك من يدعي أنه شيعي إمامي([3] ).

الثاني: الفارابي وهو المعلم الثاني في الفلسفة بعد المعلم الأوّل أرسطو وقد نقل الشيخ محمد مهدي شمس الدين([4] )، والفارابي من الشيعة الإمامية لكنه من أعلام الفلسفة وليس من الفقهاء.

الثالث: الماوردي([5] ).

الرابع: القاضي أبو يعلى الفراء([6] ).

الخامس: القاضي الباقلاني([7] ).

السادس: القاضي عضد الدين الإيجي([8] ).

السابع: الشريف الجرجاني في شرحه لمواقف عضد الدين الإيجي([9] ).

الثامن: إمام الحرمين عبد الملك الجويني وقد ذكر ذلك في كتابه الإرشاد ونقل عنه الشيخ محمد مهدي شمس الدين([10] ).

التاسع: النووي والإمام النووي أحد عظماء الشافعية([11] ).

العاشر: ابن حزم الأندلسي إمام الظاهرية في كتابه الفصل([12] ).

الحادي عشر: ابن خلدون في مقدمته([13] ).

الثاني عشر: القلقشندي في كتابه مآثر الإنافة في معالم الخلافة([14] ).

الثالث عشر: يمكن مراجعة كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ([15] ).

وإذا رجعنا إلى هذه الكتب نلاحظ أن ابن سينا والفارابي قد تطرقوا إلى شروط الحاكم من ناحية فلسفية فإن السياسة كانت تبحث في الفلسفة العملية وإذا رجعنا إلى كلمات ابن خلدون فإننا نلاحظ أنه قد بحث ذلك من ناحية التاريخية وأما بقية أسماء الثلاثة عشر الذين ذكرناهم فقد تطرقوا إلى الموضوع من ناحية فقهية فإن أغلبهم من قضاة الشافعية والمالكية والظاهرية والمعتزلة وإذا أردنا التفصيل في ذلك يمكن الرجوع إلى هذه المصادر أو إلى كتاب الشيخ محمد مهدي شمس الدين&([16] ) فقد بحث فيها الشروط المذكورة عند أهل السنة وذكر خمسة شروط أولية وثلاثة شروط ثانوية فيكون المجموع هو ثمانية شروط، وقد ذكر شروط الإمام عند الشيعة الإمامية([17] )، وقد أكثر من نقل كلمات أعلام المعتزلة والأشعرية وفقهاء العامة وقد نقلها بتفصيل ممل والملاحظ أن السمة العامة لهذه الكلمات أنها كلمات كلامية فهي أحرى أن تبحث في علم الكلام وبحثنا هنا بحث فقهي لذلك نتطرق إلى شروط الحاكم في الإسلام أو شروط وصفات ولي الأمر في عصر الغيبة الكبرى بأسلوب فقهي ويمكن مراجعة ثلاثة مصادر على الأقل:

المصدر الأوّل كتاب الولاية الإلهية الإسلامية للشيخ محمد المؤمن القمي&([18] )، ولعله أفضل من بحث شروط وصفات ولي الأمر في زمن الغيبة وقد تطرق إلى اثني عشر شرطاً ثم تطرق إلى أربعة شروط قد اختلف فيها فيكون المجموع ستة عشر شرطاً.

المصدر الثاني كتاب دراسات في ولاية الفقيه للشيخ المنتظري([19] )، طبعاً في صفحات طويلة البحث في كتاب الشيخ المنتظري وكتاب الشيخ المؤمن.

المصدر الثالث كتاب نظرية الحكم في الإسلام للشيخ محسن الأراكي~([20] ) وقد تطرق إلى تسعة شروط وأما الشيخ المنتظري& فقد تطرق إلى ثمانية شروط ثم تطرق إلى ستة شروط وقع الاختلاف فيها ويكون المجموع ثمانية زائد ستة وأربعة عشر شرطاً والعمدة في المقام هو كلام العلّامة الحليJ إذ بدء الشروط بشرط التكليف ولفظ التكليف يتضمن ثلاثة شروط:

الشرط الأوّل البلوغ، الشرط الثاني العقل الشرط الثالث القدرة، فالتكليف مشروط بهذه الشروط الثلاثة وإيضاً نشرع في بيان الشروط المعتبرة في ولي أمر المسلمين في عصر الغيبة الكبرى وهي كما يلي:

الشرط الأول: العقل

يمكن أن يسُتدل على اشتراط العقل مع أنه بنظرنا لا يحتاج إلى دليل إذ أنه من البديهي بل من الواضح جداً عدم صحة قيادة المجنون للعقلاء في المجتمعات العقلائية فاشتراط العقل في قائد المسلمين بديهي لا يحتاج إلى دليل وتوضيح الواضحات من أصعب المشكلات ولكن على الرغم من ذلك يمكن أن نقيم عدة أدلة:

الدليل الأوّل التمسك بقولهP {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً}([21] )، فالآية الكريمة تنهى عن إيتاء الأموال للسفهاء وهم جمع سفيه والسفيه من لا يحسن التصرف، فالسفيه يشمل جميع مراتب النقصان فإذا نهت الآية عن إيتاء السفيه الذي لديه مرتبة من مراتب النقصان فمن باب أولى تنهى الآية عن إيتاء من لديه المرتبة الكاملة من نقصان العقل وهو المجنون، والنهي يدل على الحرمة والولاية العامة كما تتضمن إدارة شؤون الناس العامة تتضمن أيضاً الولاية على الأموال فقطعاً لا يوجد فصل بين الولاية العامة على الأموال وبين سائر موارد الولاية العامة فإذا لم يجز إيتاء السفيه الأموال فمن باب أولى لا يجوز إيتاء المجنون الأموال، فيمكن الاستدلال بهذه الآية المباركة بضميمة الأولوية القطعية فتكون النتيجة اشتراط العقل في من يتصدى إلى الولاية العامة لشؤون المسلمين.

الدليل الثاني التمسك بحديث رفع القلم وقد روي بعدة صيغ منها ما روي عن أمير المؤمنين× أنه قال: >أما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ<([22] ).

تقريب الاستدلال هذا الحديث من الأحاديث المشهورة المعروفة وقد ورد بعدة أسانيد وعدة صيغ فرفع القلم عن المجنون ينافي وجوب العدل على المجنون ووجوب العدل من لوازم التصدي للولاية العامة عقلاً وشرعاً فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم([23] ).

الدليل الثالث والذي تمسك به أيضاً الشيخ محسن الأراكي([24] )، التمسك بانصراف الأدلة الدالة على ولاية الفقيه فمن الواضح أن الأدلة اللفظية والعقلية التي اسُتدل بها على ولاية الفقيه ناظرة إلى خصوص العاقل ولا تشمل المجنون فيمكن أن نتمسك بدعوى انصراف الأدلة التي يستدل بها على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة عن المجنون وأمثاله ممن سلب نعمة العقل.

الدليل الرابع التمسك بأدلة اشتراط التكليف كما جاء في صحيحة محمد بن مسلم المروية في الكافي ومحاسن البرقي وأمالي الصدوق عن أبي جعفر× قال: >لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إليَّ منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب أما إني إياك آمر وإياك أنهى وإياك أعاقب وإياك أثيب<([25] ).

وموضع الاستدلال هو الجمل الأربعة والأخيرة فإنها تدل بتقديم ضمير الخطاب الذي حقه التأخير على حصر التكليف بالوجوب إياك آمر والحرمة إياك أنهى وحصر العقاب وإياك أعاقب وحصر الثواب وإياك أثيب على خصوص العاقل فإذا لم يكن لأحد عقل فلا محالة لا تكليف عليه ولا عقاب عليه ولا مثوبة له، إذاً الدليل الرابع هو التمسك بأدلة اشتراط التكليف بالعقل فهي تدل على أن المجنون لا يصلح أن يكون ولي أمر الأمة فإن ولاية الأمر والتصدي للشؤون العامة فيه تكاليف عديدة ومسؤوليات كثيرة واختيارات ولي أمر المسلمين واسعة جداً فكيف تناط هذه المسؤوليات بمجنون لا قدرة لديه على تحمل هذه التكاليف وممارسة هذه الاختيارات، هذا تمام الكلام في الدليل الرابع وهو الدليل الثالث اسُتدل به الشيخ المؤمن القمي+([26] ).

الدليل الخامس التمسك بأدلة اعتبار العلم بكيفية إدارة الأمر على ما ينبغي أو الأعلمية، أدلة اشتراط العلم في ولي الأمر، وستأتي هذه الأدلة منها ما جاء في ذيل صحيحة عبد الكريم أبن عتبة الهاشمي عن أبي عبد الله× الواردة في حكم قيام محمد بن عبد الله بن الحسن في مقابل خلفاء الجور فقد جاء في ذيلها >ثم أقبل ـ أي الإمام الصادق× ـ على عمر بن عبيد فقال يا عمر اتقي الله وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله فإن أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه| أن رسول الله| قال من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف<([27] )، ومن الواضح أن هذه الصحيحة تدل على اشتراط العلم في ولي الأمر بل ربما يقال أنها تدل على اشتراط الأعلمية.

تقريب الاستدلال بهذه الرواية وغيرها الدالة على اشتراط العلم في ولي الأمر أن يقال هكذا، رعاية العلم والمعلومات إنما تحصل من العاقل الذي يدرك ما ينبغي عليه أن يأتي به وأما المجنون فحتى لو افترضنا أنه علم أو أدرك ما ينبغي أن يأتي به على أنه لا يدرك ولا يعلم ولكن لو افترضنا أن هذا المجنون أدرك كما لو كان جنونه أدوارياً وفي دور إفاقته علم بالتكاليف المناطة به فإنه لا يستطيع أن يسير على مقتضى علمه في دور جنونه فالمجنون حتى لو علم أو أدرك إذا سلمنا ذلك جدلاً إلا أنه لا يستطيع أن يسير وأن يعمل على مقتضى علمه، فمن أدلة اشتراط العلم في ولي الأمر نستنتج ملازمة وهي اشتراط العقل في ولي الأمر لأن الباعث على رعاية ما يعلم به والجري على وفقه إنما هو العقل وفاقد الشيء لا يعطيه والمجنون فاقد لعقله فلا يستطيع السير على مقتضى علمه، إنصافا نعم الالتفاتة من الشيخ المؤمن القمي&([28] ) هذا الدليل الثاني للشيخ.

الدليل السادس التمسك بالارتكاز العقلائي بأن يقال إن المرتكز لدى العقلاء أن يكون من يتصدى لإدارة شؤون المسلمين العامة عاقل من العقلاء فإدارة المسؤوليات الكبيرة للأمة الإسلامية لا تتم إلا بالعقل وإن كانت في الأمور الصغيرة وهذا الارتكاز كان بمرأى ومسمع من الأئمةl ولم يردعوا عنه فنستكشف من إمضاء الأئمة^ اشتراط العقل في ولي الأمر، فالدليل السادس هو التمسك بالارتكاز العقلائي وليس التمسك بسيرة العقلاء حتى لا يرد إشكال أن الأئمة وفقهاء الشيعة لم يمارسوا الحكم حتى يسكت الأئمة^ ويمضوا ما سار عليه فقهاء الشيعة ويمضوا الواقع الخارجي ويشكل ويقال ثبت العرش ثم النقش ثبت السيرة ثم ثبت الإمضاء فإننا لم نتمسك بسيرة العقلاء على اشتراط وجود العقل في ولي الأمر بل إننا نتمسك بالارتكاز العقلائي وإمضاء الأئمة لهذا الارتكاز العقلائي يدل عليه بعض الروايات منها ما ورد في صحيحة العيس بن قاسم التي تدل على اشتراط العلم أو الأعلمية من جهة ومن جهة أخرى تدل على اشتراط العقل حينما الإمامj أشار إلى عمل العقلاء بالنسبة إلى رعاية الغنم فقد جاء في صحيحة العيس بن قاسم قال: سمعت أبا عبد الله× يقول: >عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لأنفسكم فو الله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرد بها ثم كانت الأخرى باقية فعمل على ما قد استبان لها ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد ذهبت والله التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم إن أتاكم آتٍ منا فانظروا على أي شيء تخرجون<([29] ).

تقريب الاستدلال إن الإمام× أشار إلى اعتبار العلم أو الأعلمية فيمن يقوم مقام إدارة شؤون المسلمين العامة وقد أرجع الإمام× المسلمين إلى ما تحكم به عقولهم في قضية رعاية الأغنام فإذا كان العقلاء يحكمون في رعاية أغنامهم بتقديم العالم أو الأعلم فمن باب أولى يقدمون العالم أو الأعلم في قضاياهم العامة.

الدليل السابع التمسك بِتَقَوُّم ولاية أمر الأمة بلزوم رعاية الأهداف الكبيرة للأمة ومن الواضح عند العقلاء جداً أنه لا تجتمع الولاية مع عدم اعتبار العقل فيها لأن المجنون لا يعتمد عليه في تحقيق الغايات الكبيرة للأمة فلا محال لا يصح إيكال هذه المهمة إليه فإن معنى إيكال الولاية العامة لشؤون المسلمين إلى المجنون هو عدم إيكالها إليه فيلزم من إيكال الولاية إلى المجنون نقض الغرض إذ أن الغرض من الولاية إدارة الشؤون العامة للمسلمين وبإيكالها إلى المجنون لا يتحقق ذلك.

الدليل الثامن ما اسُتدل به العلّامة الحلي+ ونقله عنه الشيخ المنتظري&([30] )، العلّامة الحلي تمسك بحديث رفع القلم ولكنه أبرز نكتة أخرى وهذا نص كلامه، من أن غير المكلف ومنه المجنون رفع عنه القلم ويكون مُوَلَىً عليه في خاصة نفسه فكيف يجعل ولياً على المسلمين ففاقد الشيء لا يعطي والمجنون هو يحتاج إلى ولي يولى عليه فكيف تجعل له الولاية على المسلمين([31] ).

هذه عمدة الأدلة، أدلة ثمانية على اشتراط العقل فهناك أدلة أخرى منها.

الدليل التاسع ما جاء في رواية الشحام عن أبي عبد الله× قال: >لا يكون السفيه إمام التقاة<([32] )، فإذا كان السفيه ليس له الأهلية للإمامة فمن باب أولى لا يكون المجنون.

الدليل العاشر ما جاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين يقول× >ولكني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهائها وفجارها فيتخذوا مال الله دولا وعباده خولا والصالحين حربا والفاسقين حزبا<([33] ) فإذا كان أمير المؤمنين يأسى على تولي السفهاء لأمر هذه الأمة فمن باب أولى يحزن ويتألم على تولي المجانين لأمر هذه الأمة.

هذه أدلة عشرة ويمكن إقامة أكثر من هذه الأدلة على أننا لا نحتاج إلى إقامة الدليل على اشتراط العقل في ولي الأمر، هذا تمام الكلام في بيان الشرط الأوّل لولي أمر المسلمين في عصر الغيبة الكبرى وهو العقل.

 


[1] () تذكرة الفقهاء، ج9، ص393، المسألة 236.
[2] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص261 ـ 273.
[3] () كتاب الشفاء ص451.
[4] () نظام الحكم والإدارة في الإسلام، ص219.
[5] () الأحكام السلطانية، ص6.
[6] () نفس المصدر، ص20.
[7] () التمهيد، ص181.
[8] () شرح المواقف، ج8، ص349.
[9] () نفس المصدر.
[10] () نظام الحكم والإدارة في الإسلام، ص222.
[11] () المنهاج، ص519، كتاب البغاة.
[12] () جامع الأصول، ج4، ص438؛ كتاب الخلافة، الباب الأوّل، الحديث 2020؛ المحلى، ج6، ص359، الإمامة، المسألة 1769 والمسألة 1773؛ والفصل في الملل والأهواء والنحل، ج4، ص166.
[13] () مقدمة ابن خلدون، ص135، وفي نسخة أخرى، ص193، الفصل 26 من الفصل الثالث من الكتاب الأوّل.
[14] () مآثر الإنافة في معالم الخلافة، الفصل الثاني، ج1، ص31.
[15] () الفقه على المذاهب الأربعة، ج6، ص416.
[16] () نظام الحكم والإدارة في الإسلام، ج1، ص137.
[17] () نظام الحكم والإدارة في الإسلام، ج1، ص136.
[18] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص117.
[19] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص257.
[20] () نظرية الحكم في الإسلام، ص273.
[22] () الخصال، ج1، ص94، باب الثلاثة، الحديث 40.
[23] () نظرية الحكم في الإسلام، ص274.
[24] () نظرية الحكم في الإسلام، ص273.
[25] () الوسائل، ج1، ص27، الحديث الأوّل من نسخة عبد الرحيم.
[26] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص121.
[27] () الوسائل، ج11، الباب التاسع من أبواب جهاد العدو، ص28، الحديث 2، وقد نقله صاحب الوسائل عن الكافي.
[28] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص121.
[29] () الكافي، ج2، ص264، الحديث 381؛ وسائل الشيعة، ج11، ص34، الباب13 من أبواب جهاد العدو، الحديث الأوّل، من نسخة عبد الرحيم.
[30] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص285.
[31] () تذكرة الفقهاء، ج9، ص393، المسألة 236.
[32] () الكافي، ج1، ص175، كتاب الحجة، باب طبقات الأنبياء، الحديث 2.
[33] () نهج البلاغة، ج3، ص131، الكتاب62.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo