< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: والأدلة على وجوب إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى

والأدلة على وجوب إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى وشروط الولي الفقيه وردت في الروايات التي قد يدعى أنها تردع عن القيام قبل قيام القائم # ومن هنا كانت فصول الباب الثاني ثلاثة لأن العلة التامة هي ما توفرت فيها ثلاثة أمور، الأوّل المقتضي، الثاني توفر الشرط، الثالث عدم المانع، فعود الثقابِ علة تامة للإحراق إذا توفرت ثلاثة عناصر، العنصر الأوّل الاقتضاء بأن يكون عود الثقابِ قابلاً ومقتضياً للإحراق، وثانياً توفر الشرط وهو دنو عود الثقاب من الورقة وثالثاً عدم المانع وهو عدم ابتلال الورقة بالرطوبة فإذا ما توفرت العناصر الثلاثة وهي المقتضي والشرط وانعدام المانع تمت العلة التامة فيقتضي عود الثقاب الإحراق بشكل تام، وهذا ما سنتطرق إليه في الباب الثاني فقد تطرقنا في الفصل الأوّل إلى مقتضى المسألة وهو الروايات والأدلة الدالة على وجوب إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى وقد تطرقنا إلى خمسة عشر دليلاً واتضح أن التام منها هو خصوص الأدلة الثلاثة الأوّل دون البقية وأن التام منها هو خصوص الأدلة العقلية دون الأدلة النقلية من آيات وروايات، هذه نتيجة الفصل الأوّل التي بحثنا فيها عن المقتضي.

وأما الفصل الثاني: فهو ما نبحث فيه عن عدم المانع فهل دل الدليل على حرمة القيام والثورة قبل قيام القائم× وهل دلت الروايات على حرمة تأسيس الدولة الإسلامية في زمن الغيبة الكبرى قبل قيام القائم# فإذا تمت هذه الأدلة حصلت معارضة بين الأدلة الدالة على وجوب إقامة الدولة الإسلامية التي بحثناها في الفصل الأوّل وبين الأدلة التي تمت دلالتها على حرمة القيام أو تأسيس الدولة الإسلامية قبل قيام القائمj وحينئذ لابد من علاج المعارضة بين روايات الفصل الأوّل التي تبحث عن المقتضي وبين روايات الفصل الثاني التي تبحث عن وجود المانع.

وأما إذا لم تتم روايات الفصل الثاني أصبحت روايات أو أدلة الدليل الأوّل بلا معارض فحينئذ إذا لا يوجد معارض لأدلة وجوب إقامة الدولة الإسلامية يقع الكلام في الفصل الثالث وهو البحث في شروط الولي الفقيه والبحث في شروط الوالي.

وسنبحث في الفصل الثاني الروايات التي قد يدعى أنها تردع عن القيام أو تأسيس الدولة الإسلامية قبل قيام القائم$، عمدة هذه الروايات وعددها سبعة عشر رواية وقد ذكرها الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي&([1] )، لذلك سنبحث هذه الروايات السبعة عشر واحدة واحدة حسب ترتيب كتاب الوسائل كما بحثها الشيخ المنتظري&، نعم بعض روايات الباب الثاني عشر ربما يستفاد منها والباب الثاني عشر عنونه صاحب الوسائل بهذا العنوان، باب اشتراط وجوب الجهاد بأمر الإمام× وإذنه وتحريم الجهاد مع غير الإمام العادل.

أما الرواية الأولى فهذا هو سندها محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن عيس بن القاسم قال سمعت أبا عبد اللهj يقول فهذه الرواية صحيحة السند إلا أنها ليست تامة الدلالة، ولتوضيح ذلك نشرع في بيان الرواية الثانية.

الرواية الثانية: لا يخرج أحد منّا قبل خروج القائم$

التي يُدعى دلالتها على حرمة القيام قبل قيام القائم× ما رواه الحر العاملي في الباب الثالث عشر وهذا سندها محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم، طبعاً هذه الرواية ذكرها الكليني([2] )، وذكرها الحر العاملي([3] )، طبعاً الآن عندما نقول الرواية الأولى الثانية الثالثة معلوم من الباب الثالث عشر حسب الترتيب لأننا سنتطرق إلى الروايات السبعة عشر واحدة واحدة، فهذا باب ثلاثة عشر من أبواب جهاد العدو باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم# الحديث الثاني.

السند هكذا محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى ـ إلى هنا السند تام ـ عن ربعي ـ سند تام ـ رفعه عن علي بن الحسين× قال: >والله لا يخرج أحد منّا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به<([4] )، تقريب الاستدلال بهذه الرواية، هذه الرواية تشير إلى أن مصير من يقوم هو الهلاك ومن المعلوم أنه لا يجوز إلقاء النفس في التهلكة، إذاً لا يجوز الخروج قبل خروج القائم لأن هذا إلقاء للنفس في التهلكة.

والتحقيق: أن البحث في هذه الرواية تارة في السند وتارة في الدلالة، أوّلاً البحث السندي فهذه الرواية مرفوعة فهي ضعيفة السند لمكان الإرسال فيها بالردع، اللهم إلا أن يقال أن السند إلى حماد صحيح وحماد بن عيسى غريق الجحفة أحد أصحاب الإجماع فيمكن قبول الرواية بناء على كبرى حجية إخبار أحد أصحاب الإجماع وفيه إننا لا نقبل مبنى أصحاب الإجماع في الرجال وقد مضى بحث ذلك بشكل مفصل في أبحاثنا الرجالية المعنونة بعنوان تحقيق المباني الرجالية عندما تطرقنا إلى بحث أصحاب الإجماع من التوثيقات العامة، إذاً هذه الرواية غير تامة من ناحية السند لمكان الرفع أوّلاً وعدم قبول مبنى أصحاب الإجماع ثانياً.

وقد بحثنا مختلف الأقوال في بحث أصحاب الإجماع وقلنا يوجد قول يرى تصحيح الراوي ويوجد قول آخر يرى تصحيح المروي فبناء على تصحيح الراوي تكون الثمرة رجالية وبالتالي يشترط معلومية الرجل الذي روى عنه أحد أصحاب الإجماع فيتم هذا المبنى بالنسبة إلى خصوص الرواة المعلومين والمشخصين ولا يتم بالنسبة إلى الرواة المجهولي الهوية، وأما بناء على المبنى الثاني وهو تصحيح المروي فتكون الثمرة ثمرة روائية حديثية أي أن الثمرة هي قبول رواية أصحاب الإجماع سواء كان فيها إرسال أو لا أو كانت الوسائط معلومة، وقد أشرنا في أبحاثنا الرجالية إلى أن عبارة الكشي وهي الأصل في هذا البحث حينما قال أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ثم ذكر ستة من الأوائل من أصحاب الإمام الباقر والصادق‘ ثم ستة من الأواسط من أحداث أصحاب الإمام الصادق× ثم ستة من الأواخر من أصحاب الإمام الكاظم والرضا‘ فإن عبارة الكشي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء لا يستفاد منها تصحيح الراوي فضلاً عن تصحيح المروي وإنما يستفاد منها جلالة وعظمة قدر أصحاب الإجماع، والفارق بين أصحاب الإجماع وبين غيرهم ممن عرفوا بالعظمة والجلالة أن هؤلاء الثمانية عشر قد أجمعت الطائفة والعصابة على علو شأنهم وجلالة قدرهم وبالتالي عبارة الكشي لا نستفيد منها الثمرة الروائية فضلاً عن الثمرة الرجالية بالنسبة إلى التوثيقات العامة نعم يكون كلام الكشي& من سنخ التوثيقات الخاصة وتكون مزية أصحاب الإجماع الثمانية عشر أن الطائفة قد أجمعت على وثاقتهم، هذا تمام الكلام من ناحية السند.

وأما من ناحية الدلالة فلا بأس ببيان كبريين كليتين:

الأولى أشار إليها أستاذنا السيد كاظم الحائري~ في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة وهي أن هذه الروايات السبعة عشر وغيرها أكثرها إن لم يكن جميعها إذا استثنينا روايات التقية مروية عن الأئمة المتقدمين على واقعة فخ التي استشهد فيها الحسين بن علي بن الحسن المثلث أبن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب× والحسين بن علي شهيد فخ لم يرد في حقه أي ذمٍ بل ورد الثناء عليه فإذا كانت هذه الروايات رادعة فكيف لم تردع شهيد فخ وكيف تم الثناء على شهيد فخ في الروايات الشريفة.

يقول السيد الحائري= ([5] )، ولنا تعليق على كل هذه الأحاديث إلى أن يقول وهو أنها جميعاً وردت قبل قصة حسين بن علي في واقعة فخٍ الذي لم يرد بشأنه أي ذم بل ورد المدح الكثير على نقل صاحب كتاب مقاتل الطالبين وإن كان متهماً في نقله المديح لكونه زيدي المذهب إلى آخر ما ذكره~، هذه القرينة العامة الأولى وهو أن هذه الروايات وقد أحصيتها فوجدت أنها مروية عن أمير المؤمنين× رواية السبعة عشر والإمام زين العابدين والإمام الباقرk وأكثرها عن الإمام الصادقj وتوجد روايتين منها عن الإمام الرضا× وهما خصوص الرواية الحادية عشر والرابعة عشر والرواية الرابعة عشر الإمام الرضا يُقِر ما قاله الإمام الصادقj والرواية الحادية عشر هي ما ذكرناها في ذيل الرواية الأولى وهي لا تدل على الذم، ومن الواضح أن الحسين بن علي شهيد فخ قد استشهد سنة 169 هجرية يوم التروية الثامن من ذي الحجة وقيل الثامن من ذي القعدة عام 169 للهجرة في زمن إمامة الإمام الكاظم× فإذاً كل الروايات التي يفهم منها الرد وقد وردت قبل الإمام الكاظم¤ هنا نقول هذه الروايات لم يفهم منها الرد عن القيام لأن بعدها قد قام شهيد فخ ولم يفهم الرد.

القرينة الثانية قد يفهم ويتبادر إلى الذهن في هذا السنخ من الأخبار كونها من مختلقات عمال بني أمية والعباسيين لصرف السادة العلويين عن فكرة الثورة والقيام على الحكومة الظالمة، فإذا دققنا نجد أن ثلاث من الأئمة اتهموا بثلاث ثورات، الإمام الباقر× اتهمه هشام بن الحكم بثورة زيد بن علي الشهيد والإمام الصادق× اتهم بثورة محمد بن عبد الله المحض والإمام الكاظم× اتهم بثورة الحسين بن علي شهيد فخ، على اختلاف بين هذه الثورات كما أن الإمام السجاد× عاصر ثورة أبيه الحسين بن علي× كما شهد واقعة الحراء وثورة أهل المدينة، إذاً هذا الزمن زمن ثورات، وصولاً إلى زمن الإمام الرضا× ففيه ثورات الكثير من العلويين كزيد النار في البصرة وغيرهم من إخوان الإمام الرضا وغيرهم، بل هناك من يرى أن المأمون العباسي اضطر أن يعطي الإمام الرضا ولاية العهد لكي يسكت العلويين عن ثورتهم ولكي يوقع بينهم وبين الإمام الرضا×، ويمكن مراجعة تفصيل هذا البحث التاريخي عن الإمام الرضا في كتاب الشهيد مرتضى مطهري سيرة الأئمة الأطهار^.

وإذا رجعنا إلى الروايات نجد أن زيد الشهيد قد استشار الإمام الصادق× وأذن له بالخروج كما أن الحسين بن علي شهيد فخ قد استشار الإمام الكاظم× وأذن له بالخروج وقد أنبأ الإمام الصادق¤ عمه زيد بشهادته وإنه المصلوب بالكناسة وقد أنبأ الإمام الكاظمj ابن عمه الحسين بن علي شهيد فخ بشهادته أيضاً، فإذاً من الروايات الواردة من استشارة الإمامين وإذنهما يفهم جواز الخروج مع أن الإمامين قد أنبئا زيد الشهيد والحسين بن علي بشهادتهما، إذا تمت هاتان المقدمتان العامتان تشملان كل روايات الباب نشرع الآن في بيان الأمر الثاني البحث في دلالة الرواية.

هذه الرواية ليست في مقام بيان الحكم الشرعي وحرمة الخروج بل هي إخبار غيبي مفاده أن الخارج من أهل البيت^ قبل قيام القائم لا ينتصر ولا يظفر بالحكم، ولو كان غرض الإمام× في هذه الرواية التخطئة قبل قيام القائم لكان تخطئة لقيام أبيه الحسين× إذ أن الرواية عامة كما أنها ناظرة إلى الخارج من الأئمة بالخصوص أو من أهل البيت^، لاحظ الرواية >والله لا يخرج أحد منّا< هذا كلام الإمام السجاد× منّا يعني منا أهل البيت، إما منّا يعني خصوص الأئمة وهذا له استظهار سنذكره وإما منّا أهل البيت^ وهذا أيضاً له استظهار سنذكره، >والله لا يخرج أحد منّا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به<([6] )، إذاً الرواية خاصة إما بخصوص الأئمة أو خروج أحد من أهل البيت^.

أما التقريب الأوّل خروج أحد من الأئمة، فقد واجه الأئمة بعد ثورة الحسين× واستشهاده ضغطاً كبيراً من شيعتهم يدعونهم إلى القيام فتكون هذه الرواية رادعة لشيعتهم فهم يقولون لشيعتهم نحن عندنا في علم الغيب مما أنبئنا رسول الله| أن من يقوم من الأئمة بالسيف قبل قيام القائم فإنه مقتول لا محال >كالفرخ الذي طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فيتلاعب به الصبيان<([7] ) فيكون كلامهم وإخبارهم الغيبي مسكتاً لشيعتهم ورادعاً لهم عن الضغط عليهم، هذا التقريب الأوّل.

التقريب الثاني الرواية ناظرة إلى خروج أحد من الفاطميين أو أهل البيت^ فيراد بها بيان النتيجة يعني يا أبنائنا يا بني عمومتنا يا أبناء فاطمة لا تخرجوا فكل من يخرج منكم قبل قيام قائمنا فمصيره الشهادة أو الموت وعدم الانتصار وليست الرواية عامة فهي غير ناظرة إلى كل خارج وإنما هي ناظرة إلى خصوص من يخرج إما من الأئمةl وإما من أهل البيت أو الفاطميين، إذاً هذه الرواية الثانية من روايات الباب الثالث عشر من كتاب الجهاد من الوسائل غير تامة سنداً ودلالة.

وتوجد روايتان بمضمون هذه الرواية:

الرواية الأولى ما في الصحيفة السجادية والرواية الثانية هي رواية أبي الجارود، إذاً ثلاثة روايات مضمونها متقارب وهي هذه المرفوعة والثانية خبر الصحيفة السجادية والثالثة رواية أبي الجارود، نذكر هذه الروايات، طبعاً الرواية الثانية والثالثة غير مذكورين في كتاب الوسائل الشيعة نذكرهما الآن.

رواية الصحيفة السجادية الراوي لها على ما في الصحيفة السجادية المطبوعة ومذكورة في مقدمة الصحيفة السجادية، عمير بن المتوكل عن أبيه المتوكل بن هارون ولكن في فهرسة الشيخ الطوسيî نسبه إلى المتوكل بن عمر بن المتوكل([8] )، هذا الرجل عمير بن المتوكل لم يذكر في الرجال بمدح ولا قدح اللهم إلا أن يقال إن ترقي الأصحاب لهذه الصحيفة السجادية بالقبول والاعتماد دليل على توثيقه العملي وهذا فيه تأمل. إذاً هذه الرواية غير تامة من ناحية السند ويوجد في السند أيضاً أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني والرجل مختلف فيه.

وقال النجاشي& رأيت جُلَّ أصحابنا يغمزنه ويضعفونه ثم نسب إليه كتباً كثيرة منها كتاب فضائل عباس بن عبد المطلب، هذا الذي يؤيد القرينة الأولى أن بعض هذه الروايات موضوعة من قبل بني العباس أو بني أمية للتثبيت عن القيام([9] )، ونفس هذا الأمر أن عنده كتاب في فضائل العباس بن عبد المطلب قد يكفي للغمز والقدح في هذه الرواية.

قال ابن الغضائري محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني أبو المفضل وضَّاع كثير المناكير([10] ).

خلاصة الأمر الأوّل سند رواية الصحيفة السجادية يعني الرواية المذكورة في مقدمة الصحيفة السجادية ليس صافية، يراجع تفصيل هذا البحث في الرواية الثانية ذكرها الشيخ المنتظري&([11] ).

الرواية هذا نصها إن المتوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بن علي وهو متوجه إلى خراسان بعد قتل أبيه فقال لي من أين أقبلت قلت من الحج فسألني عن أهله وبني عمه وأحف السؤال عن جعفر بن محمد× وقال: >هل سمعته يذكر شيئاً من أمري فقلت سمعته يقول إنك تقتل وتصلب كما قتل أبوك وصلب إلى أن يقول، فقلت إني رأيت الناس إلى ابن عمك جعفر أميل منهم إليك وإلى أبيك فقال إن عمي وابنه جعفراً دعوا الناس إلى الحياة ونحن دعوناهم إلى الموت فقلت يا ابن رسول الله أهم أعلم أم أنتم؟ قال كلنا له علم غير أنهم يعلمون كل ما نعلم ولا نَعْلَم كل ما يعلمون إلى أن يقول قال المتوكل فقبضت الصحيفة فلما قتل يحيى صرت إلى المدينة فلقيت أبا عبد الله× فحدثته الحديث عن يحيى فبكى، إلى أن يقول في الرواية قال لي أبو عبد اللهj يا متوكل كيف قال لك يحيى إن عمي محمد بن علي وابنه جعفراً دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت قلت نعم قد قال لي ذلك فقال الصادق× يرحم الله يحيى إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن علي¤ إن رسول الله| أخذته نعسة وهو على منبره فرأى في منامه رجالاً ينزون على منبره نزو القردة يردّون الناس على أعقابهم القهقرة إلى أن يقول فأتاه جبرئيل بهذه الآية {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا}([12] )، يعني بني أمية الشجرة الملعونة إلى أن قال وأنزل الله تعالى {إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}([13] )، تملِكُهَا بنو أمية ليس فيها ليلة قدر، يعني ألف شهر تملكها بني أمية ليس فيها ليلة قدر، يعني بني أمية تملك ألف شهر، قال فأطلع الله® نبيه أن بني أمية تملك سلطان هذه الأمة وملكها طول هذه المدة فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتى يأذن الله تعالى بزوال ملكهم إلى أن يقول فأسّر رسول الله| ذلك إلى علي وأهل بيته قال ثم قال أبو عبد الله ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفع ظلماً أو يُنعش حقاً إلا اسطلمته البلية وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا<، إذاً هذه الرواية واضح إنها ناظرة إلى قيام أحد من الأئمة بل هي ناظرة تقول أهل البيت يعني من الفاطميين فهي أجنبية عن المدعى، هذه الرواية ضعيفة السند.

وقد يناقش في صدورها خصوصاً أن هذه الرواية في نهاية الخبر تشير إلى أن ملك بني أمية ألف شهر، الشيخ المنتظري&([14] ) يذكر بعض التشكيكات والمناقشات، طبعاً بني أمية أول ملكهم هو معاوية بن أبي سفيان الذي حكم سنة 40 للهجرة بعد استشهاد أمير المؤمنين× وآخر ملوكهم وخلفائهم مروان بن محمد الحمار الذي قتل سنة 232 هجرية وقد قتل بعد معركة الزاب الكبير وانتصر عليه أبو العباس السفاح في هذه المعركة وقد بويع أبو العباس السفاح أول خلفاء بني العباس سنة 132، بني أمية حكموا 91 سنة وكذا شهر، إذا تحسب 91 سنة تضربها في 12 يصير تقريباً 1092 فيصير مقارب خصوصاً إذا تحذف ليلة القدر من هذه 1092 يصير مضبوط تقريباً، لكن الشيخ المنتظري& يشكك يقول إذا تحسبها من خلافة عثمان بن عفان فهو حكم وتولى الخلافة من سنة 23 للهجرة فيصير العدد أكبر وإذا تضيف إليها الدولة الأموية في الأندلس الذي أسسها عبد الرحمن الداخل صقر قريش يصير العدد أكبر، إنصافاً الرواية تامة لكنها ضعيفة السند ويمكن أن تحمل هذه الرواية على أن المراد بالألف كناية عن الكثرة وآخر خلفائهم مروان الحمار لقب بالحمار لأن كل مئة سنة يطلق عليها حمار عند العرب نظراً لما ورد في قصة عزير وعزرا فأماته الله مئة عام فبعثه {وَانظُرْ إلَى حِمَارِكَ}، فلأن ملك مروان بن الحمار شارف على المائة سنة حكم بني أمية في عهد مروان الحمار لقب بمروان الحمار وإلا هو كان رجل قوي وكان يحكم أرمينية ويحكم أذربيجان ولما رأى ضعف خلفاء بني أمية في دمشق حرّك الجيش من أرمينية وأذربيجان ودخل دمشق وقتل الخليفة وتولى الخلافة ولكن حكم خمس سنوات وقتل.

الرواية الثالثة رواية أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر× يقول >ليس منّا أهل البيت أحد يدفع ديناً ولا يدعو إلى حق إلا صرعته البلية حتى تقوم عصابة شهدت بدراً لا يوارى قتيلهم ولا يداوى جريحهم قلت من على أبو جعفر قال الملائكة<([15] )، ولعلها رواية واحدة، يعني الملائكة بعد لا يدفن قتيلها ولا يداوى جريحها، واضح هذه الرواية ناظرة أوّلاً >منّا أهل البيت<، يعني القائل من أهل البيت وليست في مقام بيان حكم شرعي وإنما في مقام بيان النتيجة وهي عدم الظفر وعدم الانتصار.

هذا تمام الكلام في بحث الرواية الثانية واتضح أنها غير تامة سنداً ودلالة فلا تردع عن القيام قبل قيام القائم×.

 


[1] () وسائل الشيعة، ج15، ص50، الباب13 من أبواب جهاد العدو، باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم#، وفيه سبعة عشر رواية.
[2] () روضة الكافي، ج12، الباب264، ص382.
[3] () وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص51، في النسخة الأخرى، ج11، ح2.
[4] () الكافي، ج8، ص264، ح382، وسائل الشيعة، ج15، ص50، باب13، ح1.
[5] () ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص86.
[6] () الكافي، ج8، ص264، حديث 382، وسائل الشيعة، ج15، ص50، ح1.
[7] () شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، ج٣.
[8] () فهرسة الطوسي، ص170، وفي طبعة أخرى، ص199.
[9] () رجال النجاشي، ص281، وفي طبعة أخرى، ص396.
[10] () توضيح المقال، ج3، ص146، الطبعة الحجرية.
[11] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص222.
[14] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص227.
[15] () مستدرك الوسائل، ج2، ص248، الباب12 من أبواب جهاد العدو، ح5، 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo