< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الباب الثاني من ابحاث ولاية الفقيه (وجوب اقامة الدولة الاسلامية في جميع العصور)

 

الباب الثاني من ابحاث ولاية الفقيه المطلقة وجوه اقامة الدولة الإسلامية في جميع العصور إن أمكن وشروط وصفات ولي الأمر ومناقشة الروايات التي قد يفهم منها المنع عن إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى.

الباب الثالث يتألف من ثلاثة فصول:

الفصل الأول الأدلة الدالة على وجوب إقامة الدولة الإسلامية في جميع العصور إن أمكن ذلك.

الفصل الثاني شروط وصفات ولي الأمر حسب الأدلة.

الفصل الثالث مناقشة الروايات التي قد يفهم منها الردع عن إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى.

 

الباب الثانی

نشرع اليوم في الفصل الأول من الباب الثاني في بيان الأدلة التي تدل على وجوب إقامة الدولة الإسلامية في جميع العصور إن أمكن ذلك،

هذا الدليل اشبه بالدليل الفلسفي فما تقدم في الباب الأول من اقامة الأدلة على إثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة من خلال الآيات والروايات وسيرة المتشرعة والعقلاء والدليل العقلي هو الطريق السائد بين الأعلام في اثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة

لكن ما سنبحثه في الباب الثاني يختلف عن ما بحثناه في الباب الأول فما ذكرناه في الباب الأول هو الطريقة المتداولة بين الفقهاء في بحث مسألة ولاية الفقيه والتي أول من أشار إليها المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي وأول من بحثها بشكل مستقل ومفصل المحقق الشيخ أحمد النراقي رحمه الله وأول من شيد أركانها نظريا ومارسها عمليا الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني قدس.

وأما الطريقة الثانية التي سنذكرها في الفصل الأول من الباب الثاني فهي أولا تثبت ضرورة الحكومة أو وجوب الحكومة:

فأولا نثبت ضرورة الحكومة في المجتمع في مختلف الاعصار إن تمكن المسلمون من إقامة الحكومة

وثانيا يبحث عن مواصفات الوالي والحاكم فنلاحظ أن هذه الشروط لا تنطبق إلا على الفقيه الجامع للشرائط فتثبت ولاية الفقيه العامة أو المطلقة من خلال هذا البحث

فهذا الطريق يشبه طريق الفيلسوف في اثبات المسائل العقلية الدينية كاثبات الصانع وصفاته ولعل أول من طرح هذا الطريق هو الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني قدس في كتاب البيع الجزء الثاني صفحة 617 [1] وأيضا في كتاب الحكومة الإسلامية صفحة 45 فإن السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه قد أشار إلى دليلين في كتاب الحكومة الإسلامية صفحة 45[2] وصفحة 55 [3] لكنه أشار إلى دليل واحد فقط في كتاب البيع صفحة 617،

اقامه الحکومه من البدیهیات و وجه اقامة الدلیل علیها

السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه له رؤية خاصة فهو يرى أن مسألة إقامة الحكومة في المجتمع وإقامة الدولة الإسلامية من الضروريات بل من البديهيات التي لا تحتاج إلى دليل نعم احتجنا إلى دليل لبعد الناس عن قيام الحكومة الإسلامية وممارسة الحكم الإسلامي فبسبب الاعلام المظلل من جهة وبعد الممارسة العملية للحكم الإسلامي من جهة أخرى اصبح الأمر غريبا بين العلماء فضلا عن العوام فاحتاجوا إلى إقامة الدليل.

فالسيد الإمام الخميني رضوان الله عليه يرى أنه نحن لا نحتاج إلى إقامة الدليل على ولاية الفقيه ولا نحتاج إلى إقامة الدليل على ضرورة تشكيل الحكومة الإسلامية ولكن على الرغم من بداهة المسألة وضرورة قيام الدولة الإسلامية عند السيد الإمام الخميني يقول على الرغم من ذلك قام الدليل على إثبات ولاية الفقيه المطلقة.

إذن البحث عند السيد الإمام رضوان الله عليه يقول في الدرجة الأولى نحن نأتي بهذا الدليل الأشبه بالدليل الفلسفي إقامة الدليل على ضرورة إقامة الحكومة العادلة إقامة الدولة العادلة ثم في الرتبة اللاحقة نقول لو ناقش مناقش وقال إن إقامة الدولة الإسلامية ليس ضروريا أو ليس واجبا تأتي النوبة إلى الرتبة الثانية وهي قيام الأدلة على اثبات ولاية الفقيه العامة.

يقول السيد الإمام رضوان الله عليه في مقدمة الحكومة الإسلامية أو ولاية الفقيه صفحة 17 [4] :

موضوع ولاية الفقيه يعتبر فرصة للتحدث حول بعض الأمور والمسائل المتعلقة به وولاية الفقيه من المواضيع التي يوجب تصورها التصديق بها فهي لا تحتاج لأية برهنة وذلك بمعنى أن كل من أدرك العقائد والأحكام الإسلامية ولو اجمالا وبمجرد أن يصل إلى ولاية الفقيه ويتصورها فسيصدق بها فورا وسيجدها ضرورية وبديهية والسبب في عدم وجود أدنى التفات لولاية الفقيه وفي أنها صارت بحاجة للاستدلال هو الأوضاع الإجتماعية للمسلمين بشكل عام والحوزات العلمية بشكل خاص هذا تمام الكلام في بيان مقدمة تمهيدية للفصل الأول من الباب الثاني.

الاسس الربعة التامه على اثبات ولاية الفقيه

وقبل أن نشرع في بيان الأدلة التي أقيمت على مشروعية بل وجوب وربما ضرورة إقامة الدولة الإسلامية لا بأس ببيان الأسس الاربعة التامة بنظرنا على إثبات ولاية الفقيه، طبعا الأسس الثلاثة الأولى اشار لها أستاذنا سماحة آية الله العظمى السيد كاظم الحائري حفظه الله في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة من صفحة 96 إلى صفحة 155، الأساس الأول التام على ولاية الفقيه العامة أساس مبدأ الأمور الحسبية[5] ، الأساس الثاني أساس الأدلة اللفظية وغير اللفظية الدالة على وجوب إقامة الحكم[6] وهو ما نبحثه في الفصل الأول، الأساس الثالث أساس النص على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة[7] فهو ما بحثناه في الباب الأول خصوصا الفصل الأول الأدلة من القرآن والسنة، الأساس الرابع أساس الدليل العقلي الدال على ولاية الفقيه العامة.

الدليل على اشتراط الفقاهة في رئيس الدولة

أما بالنسبة إلى الأساس الأول والثاني أساس مبدأ الأمور الحسبية والأساس الثاني أساس الأدلة الدالة على وجوب إقامة الحكم في الإسلام فهذا الأساس يحتاج إلى ضميمة ولا يتم الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بهذا الدليل إلا إذا ضممنا هذه الضميمة وهي إما أن يدل الدليل الخاص على اشتراط الفقاهة في رئيس الدولة وإما أن تكون الفقاهة هي القدر المتيقن من الشروط التي ينبغي اشتراطها في رئيس الدولة لأن الأدلة التي سنبحثها في الفصل الأول من الباب الثاني تدل على وجوب إقامة الحكم في الإسلام وعلى وجوب وجود رئيس ولكن من هو هذا الرئيس هذه الأدلة ساكتة عنه فتشخيص هذا الرئيس وأنه هل هو الفقيه أو غيره يتم على أساسين:

الأساس الأول الأدلة الدالة على اشتراط الفقاهة في ولي الأمر

الأساس الثاني لو أنكرنا دلالة الأدلة الخاصة على اشتراط الفقاهة في ولي الأمر نقول إن الفقاهة هي القدر المتيقن في ولي الأمر فعندنا أصل عقلائي وهو عدم ولاية أحد على أحد فنخرج عن هذا الأصل ونرفع اليد عنه في خصوص القدر المتيقن والقدر المتيقن هو الفقيه الجامع للشرائط

إذن هذه التتمة للأدلة التي سنتطرق إليها الدالة على وجوب إقامة الدولة في الإسلام هذه التتمة مفادها إما أن الفقيه تثبت ولايته بسبب الأدلة الخاصة الدالة على اشتراط الفقاهة في الرئيس وولي الأمر وأما على أساس أن الفقيه هو القدر المتيقن الذي نتمسك به في الخروج عن الأصل العام فهذه التتمة سنحتاجها في جميع المباحث.

نشرع في بيان الأدلة الدالة على وجوب إقامة الدولة في الإسلام ولعل أكثر من توسع في هذا الموضوع هو المرحوم الشيخ حسين علي المنتظري رحمه الله إذ ذكر عشرة أدلة في كتابه دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية الجزء الأول صفحة 161 [8] ثم من بعده نلحظ أن الشيخ محمد المؤمن القمي في كتابه الولاية الإلهية الإسلامية أو الحكومة الإسلامية الجزء الثالث صفحة 7 قد تطرق إلى ستة أدلة تامة عنده على وجوب تأسيس الدولة الإسلامية.

ونحن سنتطرق إلى هذه الأدلة العشرة وسنلحظ كلمات الشيخ المنتظري أولا والشيخ المؤمن ثانيا والسيد كاظم الحائري ثالثا لأنه لعل أول من ناقش الشيخ المنتظري في آرائه المختلفة هو الشيخ محمد المؤمن في كتابه الولاية الإلهية الإسلامية وفي إحدى رسائله التي كتبها في كتابه المعنون بعنوان كلمات سديدة والثاني السيد كاظم الحائري في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة وأساس هذه الأدلة العشرة دليلان تطرق لهما السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه اليوم نشرع في الدليل الأول ثم بعد ذلك نتطرق إلى صيغه المختلفة وأساسه.

طبعا العمدة في الأدلة العشرة هو الدليل الأول والثاني ثم الأدلة من الثالث إلى العاشر تترتب على الدليل الأول والثاني كما صرح بذلك الشيخ المنتظري رحمه الله صفحة 171.[9]

الدليل الأول إنه قد حصل لنا من السبر الإجمالي للأخبار والفتاوى نتيجتان الأولى وهي بمثابة الكبرى إن دين الإسلام ليس منحصرا في عدة أعمال عبادية وآداب ومراسيم شخصية فقط بل هو نظام واسع كافل لجميع ما يحتاج إليه الإنسان ويواجهه في معاشه ومعاده وهذا نص كلام الشيخ المنتظري صفحة 162.[10]

إن الإسلام ليس ينحصر في التقنين والتشريع فقط من دون التفات إلى القوة المنفذة وشرائطها بل شرعت أحكامه ومقرارته على أساس الحكومة الصالحة العادلة التي تقدر على إجراء المقررات وتنفيذها فتكون النتيجة ضرورة إقامة الدولة العادلة وضرورة وجود منفذ لتشريعات الدولة العادلة ؟؟؟ التتمة وهي إما قيام الدليل الخاص على اشتراط الفقاهة في المنفذ وأما أن القدر المتيقن من صفات المنفذ هو الفقاهة.

قد يقال إن هاتين المقدمتين لربما يستفادان من كلمات الفقهاء وقد ذكرهما الفقهاء من باب الاحتياط والأخذ بالمتيقن إذ أن المورد من موارد الأمور الحسبية فيقتصر في الأمور الحسبية التي لا يرضى الشارع باهمالها على خصوص القدر المتيقن ففي الأمور الحسبية يجوز لكل مؤمن أن يتصدى للأمور الحسبية التي لا يرضى الشارع باعمالها والقدر المتيقن هو الفقيه الجامع للشرائط لو قيل هذا في فتاوى وكلمات الفقهاء فإنه لا يجري ولا يتم في الأخبار والروايات إذ أن الأخبار والروايات يفهم منها هاتان القضيتان الكبرى إن الاسلام دين كامل لا يختصر على الأمور العبادية بل هو شامل للأمور السياسية والاقتصادية وكل ما يتعلق بشؤون الإنسان.

المقدمة الثانية التشريع فقط لا يقود إلى إقامة العدل في الأرض بل لابد من وجود السلطة التنفيذية والقدر المتيقن من شروط المنفذ هو اشتراط الفقاهة إن لم يتم الدليل الدال على اشتراط الفقاهة في المنفذ، هذا تمام الكلام في تقرير هذا الدليل حسب ما ذكره الشيخ المنتظري رحمه الله.

الشيخ المؤمن القمي ذكر نفس هذا الدليل صاغه بصياغة أخرى ولكن مرجعها إلى هذا الدليل الشيخ المنتظري صفحة 162 لم ينص على الصغرى والكبرى لكن الشيخ المؤمن حفظه الله نص على الصغرى والكبرى الولاية الإلهية الإسلامية الجزء الثالث صفحة 7 قال حفظه الله يمكن الاستدلال لوجوب تأسيس دولة وولاية إسلامية في الأزمنة المذكورة بوجوب إذن الشيخ المؤمن من القائلين بوجوب إقامة الدولة الإسلامية كما نميل إلى ذلك ولا نقول بالضرورة بينما السيد الإمام والشيخ المنتظري من القائلين بضرورة إقامة الدولة الإسلامية

أولها مستنتج من صغرى هي أن البلد والأمة الإسلامية في زمان الغيبة بحاجة جدا إلى دولة وولاية تضمن حفظ القوانين الإلهية في مقام الإجراء يعني التنفيذ هذه المقدمة الثانية للشيخ المنتظري وهي المقدمة الثانية للإمام الخميني كما سيأتي

وكبرى هي أن كل ما تحتاج إليه الأمة لاسيما لإجراء أحكام الشريعة فقد جعلها الله له هذه المقدمة الأولى للشيخ المنتظري وهي عين المقدمة الأولى للسيد الإمام الخميني

ونتيجة المقدمتين إن الله تعالى قد جعل دولة وولاية متكفلة بما يحتاجون إليه للأمة الإسلامية

إذن الدليل يراد به وجوب إقامة الدولة الإسلامية ولا يراد به اثبات ولاية الفقيه العامة هذا نص بيان الشيخ المؤمن حفظه الله والشيخ المؤمن دمج الدليل الأول والدليل الثاني للشيخ المنتظري في هذا الدليل الأول لأنه هو ذكر ستة أدلة من الأدلة العشرة يعني يقبل ستة أدلة من الأدلة العشرة التي ذكرها الشيخ المنتظري رحمه الله أصل هذا الدليل ورد في كلمات السيد الإمام الخميني فالشيخ المنتظري والشيخ المؤمن قد أخذا هذا الدليل من الإمام الخميني.

الإمام الخميني رضوان الله عليه أول دليل استدل به هو ضرورة وجود المؤسسات التنفيذية قال في كتاب الحكومة الإسلامية صفحة 45 تحت عنوان القسم الأول أدلة لزوم إقامة الحكومة[11] قال رحمه الله ضرورة وجود المؤسسات التنفيذية وجود القانون المدون لا يكفي لإصلاح المجتمع فلكي يصبح القانون أساسا لإصلاح البشرية وإسعادها فإنه يحتاج إلى سلطة تنفيذية هذه المقدمة الثانية للشيخ المنتظري والمقدمة الأولى للشيخ المؤمن الصغرى بدأ السيد الإمام بالصغرى وهذا مقتضى الصناعة المنطقية أولا الصغرى ثم الكبرى.

ولذا قر الله تعالى الحكومة والسلطة التنفيذية والإدارية إلى جانب ارسال القانون أي أحكام الشرع وكان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله على رأس التشكيلات التنفيذية والإدارية للمجتمع الإسلامي واهتم صلى الله عليه وآله بالإضافة إلى ابلاغ الوحي وبيان وتفسير العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية بإجراء الأحكام وإقامة نظم الإسلام إلى أن وجدت الدولة الإسلامية هذا الأمر الأول هذا الدليل الأول ومن الواضح تمامية هذا الدليل وقد طبقه رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته ولا دليل على اختصاص هذا الأمر بحياته فإذا رجعنا إلى سيرة وسنة النبي صلى الله عليه وآله نجد أمرين اشار لهما السيد الإمام رضوان الله عليه صفحة 47 [12] كتاب الحكومة الإسلامية أولا قام صلى الله عليه وآله بتشكيل الحكومة ثانيا عين صلى الله عليه وآله حاكما بعده بأمر من الله تعالى فإذا ضممنا إلى هذين الأمرين ضرورة استمرار تنفيذ الأحكام وأن أحكام الإسلام ليست محدودة بزمان ومكان خاصين بل هي باقية وواجبة التنفيذ إلى الأبد نفهم من ذلك ضرورة أو وجوب إقامة الحكومة الإسلامية إن أمكن في جميع الأعصار سواء عصر حضور المعصوم عليه السلام أو عصر غيبة المعصوم عليه السلام، إنصافا هذا الدليل تام لا غبار عليه.

الدليل الثاني على وجوب إقامة الحكومة الإسلامية ما أشار إليه السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه في كتاب الحكومة الإسلامية صفحة 53 الدليل الثاني حقيقة قوانين الإسلام وكيفيتها تكشف عن وجوب إقامة الحكومة في الإسلام[13] تفصيل ذلك إذا لاحظنا أحكام الإسلام وخصوصا ثلاثة أحكام:

الأول الأحكام المالية من خمس وزكاة وأنفال وكفارات إلى آخره

الثاني أحكام الدفاع الوطني كالجهاد وسد ثغور الدولة الإسلامية

الثالث أحكام إحقاق الحقوق والأحكام الجزائية كالحضوض والتعزيرات والديات

فإن طبيعة هذه الأحكام تحتاج إلى منفذ عام وليس منفذا شخصي فإن أحكام الإسلام منها ما هو خاص يتكفل به كل فرد حسب تكليفه ومنها ما هو عام فلابد في من منفذ يقوم به إذن طبيعة هذه الأحكام تكشف عن قيام دولة إسلامية، ما الفرق بين الدليل الثاني والدليل الأول؟ الدليل الثاني برهان إني إن المعلول يكشف عن العلة إن المعلول وهو طبيعة أحكام الإسلام المالية الدفاعية الجزائية تكشف عن العلة عن وجود دولة إسلامية.

يقول السيد الإمام رضوان الله عليه صفحة 53 الدليل الآخر على لزوم تشكيل الحكومة هو ماهية القوانين الإسلامية أحكام الشرع وكيفيتها فماهية هذه القوانين تفيد أنها قد شرعت لأجل تكوين دولة ولأجل الإدارة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع إذ أنها أولا تشتمل قوانين الشرع على قوانين ومقررات متنوعة تبني نظاما اجتماعيا شاملا ويتوفر في هذا النظام الحقوقي كل ما يحتاجه البشر.

ثانيا صفحة 54 بالتدقيق في ماهية وكيفية أحكام الشرع نجد أن تنفيذها والعمل بها مستلزم لتشكيل الحكومة وأنه لا يمكن العمل بوظيفة تطبيق الأحكام الإلهية دون تأسيس سلطة عظيمة وواسعة للتنفيذ والإدارة.

الحق والإنصاف أن الدليل الثاني للسيد الإمام رضوان الله عليه أيضا تام، طبعا السيد الإمام أشار إليه في كتابه الحكومة الإسلامية وأشار إليه في كتاب البيع في كتاب البيع أشار إلى الدليل الثاني فقط، كتاب البيع الجزء الثاني صفحة 619 يقول إن الأحكام الإلهية سواء الأحكام المربوطة بالماليات أو السياسيات أو الحقوق لم تنسخ بل تبقى إلى يوم القيامة ونفس بقاء تلك الأحكام يقضي بضرورة حكومة وولاية تضمن حفظ سيادة القانون الإلهي وتتكفل بإجراءه ولا يمكن اجراء أحكام الله إلا بها لئلا يلزم الهرج والمرج[14] ، أنصافا هذا الكلام تام.

الدليل الثاني للسيد الإمام وهو التمسك بطبيعة الأحكام الإلهية تام ويشهد له النظر إلى الآيات والروايات الواردة في الأحكام المالية وأحكام الدفاع الوطني والجزائية فلنقرأ بعض الآيات الواردة في الأحكام الجزائية في الحدود والتعزيرات لنرى أن تنفيذها هل هو فردي أم يستلزم وجود حكومة.

الآية الأولى قوله عز من قائل ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله﴾[15] فهل قطع يد السارق من التكاليف الفردية أم من التكاليف الاجتماعية.

الآية الثانية ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة﴾.[16]

الآية الثالثة ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الآخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا﴾.[17]

الآية الرابعة ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمه﴾.[18]

الآية الخامسة ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾.[19]

هذه الآيات ـ آيات الدفاع آيات الجهاد آيات الحقوق الجزائية ـ يفهم منها وجود دولة إسلامية ووجود دولة تقوم بإجراء ذلك وتنفيذه ولا يفهم منها أن هذه الأحكام ترتبط بشخص معين أو بفرد معين.

يقول الشيخ المنتظري صفحة 163 [20] إن هذه الأحكام التي لا ترتبط بشخص خاص ويكون المطلوب أصل وجودها وتحققها وإن كانت خوطب بها جميع المسلمين ولكن حيث يتوقف تنفيذها على بسط اليد والقدرة فلا محال يكون المأمور بها والمنفذ لها هو الحاكم الذي يتبلور فيه جميع الأمة ويكون ممثلا لهم وبيده القيادة والزعامة ولعل أدق نص طبعا الشيخ المنتظري ذكر هذا الأمر في الدليل الأول مع أنه هو الدليل الثاني للسيد الإمام.

أفضل نص وأدق نص هو نص السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه وقد أشار له الشيخ المنتظري في كتابه وأيضا الشيخ المؤمن في كتابه الدليل الأول نحن قرأناه صفحة 45 حينما يقول السيد الإمام وجود القانون المدون لا يكفي لإصلاح المجتمع فلكي يصبح القانون أساسا لإصلاح البشرية واسعادها فإنه يحتاج إلى سلطة تنفيذية هذا الدليل الأول للسيد الإمام وهو التمسك بأدلة لزوم إقامة الدولة وضرورة وجود المؤسسة التنفيذية.

والدليل الثاني التمسك بطبيعة قوانين الإسلام وماهية الأحكام الشرعية التي تكشف عن وجود دولة إسلامية، هذا تمام الكلام في الدليل الأول والدليل الثاني على لزوم ووجوب إقامة الدولة الإسلامية وقد اتضح تمامية الدليل الأول والثاني، الدليل الثالث وهو الدليل الثاني الذي ذكره الشيخ المنتظري يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo