< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفصل الثالث الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بالإجماع المحصل والمنقول

يعد الإجماع أحد الأدلة التي طرحت للاستدلال على ولاية الفقيه العامة بل المطلقة في عصر الغيبة الكبرى وهو على قسمين:

الأوّل الإجماع المحصل وهو تحصيل الفقيه للاتفاق والإجماع من خلال تتبعه لكلمات الفقهاء والأعلام في المسألة، فمن خلال تتبع الفقيه الماهر يكتشف وجود اتفاق وإجماع على المسألة بل ربما يصل الى أن هذه المسألة من المسلمات عند الفقهاء بل ربما يصل إلى أنها من ضروريات المذهب.

الثاني الإجماع المنقول وهو نقل بعض الفقهاء إجماع الفقهاء على هذه المسألة ومن فقهائنا من نسب ولاية الفقيه إلى المشهور كالشيخ الأنصاري+ حيث قال إن المسألة لا تخلو من إشكال وإن كان الحكم به مشهوراً.

وسنذكر كلمات لثمانية من الأعلام الذين نصوا على الإجماع وبعضهم قد نص على الإجماع المحصل والمنقول معاً بل ادعى أن المسألة من المسلمات كما ادعى ذلك المحقق الشيخ أحمد النراقيî في كتابه عوائد الأيام كما سيأتي، وقبل أن نتطرق إلى كلمات الأعلام لا بأس بالإشارة إلى نقطتين:

النقطة الأولى: وهي أن مسألة ولاية الفقيه العامة أو المطلقة تطرح في أي الأبواب الفقه؟

والجواب هناك عدة أبواب وعدة كتب تطرح فيها مسألة ولاية الفقيه العامة أو المطلقة، هذه الكتب على الأقل ثمانية كتب:

الكتاب الأوّل البيع فبعد انتهاء الفقهاء من بحث ولاية الأب والجد للأب على الولد يتم التطرق إلى ولاية الفقيه العامة ومن بعدها ولاية عموم المؤمنين وأكثر الفقهاء الذين جاءوا بعد الشيخ الأعظم الأنصاري+ قد تطرقوا إلى هذه المسألة تبعاً له في كتاب البيع بعد بحثه لولاية الأب أو الجد للأب على الولد.

الكتاب الثاني كتاب القضاء فمن شرائط القاضي كونه فقيهاً جامعاً للشرائط فيبحث هناك في ولاية الفقيه على القضاء ومن باب الكلام يجر الكلام يبحث عن ولاية الفقيه على الفتوى والقضاء والحدود والتعزيرات والشؤون العامة.

الكتاب الثالث الإجتهاد والتقليد فيبحث فيه عن شرائط المجتهد وعن حدود اختيارات المجتهد وهل إن ولايته تختص بخصوص الفتوى والقضاء وهما القدر المتيقن من ولاية الفقيه أم أن ولاية الفقيه تتسع إلى إجراء الحدود والتعزيرات بل مطلق الشؤون العامة والسياسية وإدارة الدولة الإسلامية.

الكتاب الرابع كتاب الزكاة فحينما يبحث عن ولي الزكاة ومن له الحق في قسمة الزكاة يبحث أيضاً عن ولاية الفقيه على الأموال العامة ومنها الزكاة وربما يتطرق إلى ولايته على الشؤون العامة.

الكتاب الخامس كتاب الخمس فحينما يبحث عن تقسيم الخمس إلى سهمين، سهم إمام وسهم سادة يبحث عن ولي سهم الإمام وعن ولي سهم السادة فيبحث عن ولاية الفقيه على الأموال العامة ومنها الخمس والزكاة وقد يتطرق إلى ولاية الفقيه العامة.

الكتاب السادس كتاب الجهاد ويتطرق إلى ولاية الفقيه عند البحث عن الجهاد الابتدائي وهل أن الفقيه الجامع للشرائط له ولاية على الجهاد الابتدائي كما يقول به السيد الخوئي+ والإمام الخامنئي~ أم أن الفقيه ليس له ولاية على الجهاد الابتدائي كما يقول به السيد الإمام الخميني+ وفاقاً للمشهور وإن كان يرى الإمام الخميني ولاية الفقيه المطلقة لكنه يرى أنه ورد الدليل المخصص لهذه الولاية والذي يستثني خصوص الولاية على الجهاد الابتدائي.

الكتاب السابع كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقولون إذا وصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى اليد فهنا لابد من أخذ إجازة الحاكم الشرعي وهو الفقيه الجامع للشرائط والبعض يحتاط في المسألة فيبحث عن ولاية الفقيه.

الكتاب الثامن كتاب الحدود والتعزيرات فيبحث عن ولاية الفقيه عن الحدود والتعزيرات، هذه ثمانية كتب على الأقل تبحث فيها مسألة ولاية الفقيه ولكن أهم ثلاثة كتب خصوصاً بالنسبة إلى التقريرات المتأخرة ففي الدرجة الأولى تبحث المسألة في كتاب البيع وفي الدرجة الثانية تبحث المسألة في كتاب الإجتهاد والتقليد وفي الدرجة الثالثة تبحث في كتاب القضاء، هذه أهم ثلاث كتب وبها يتم الكلام في النقطة الأولى.

النقطة الثانية: تحصيل الإجماع المحصل أو الاطلاع على الإجماع المنقول يحتاج إلى تتبع كلمات الأعلام والفقهاء منذ زمن شيخنا الكلينيo (المتوفى سنة 329 هجرية) عند انتهاء الغيبة الصغرى إلى زمن المعاصرين، وبعض الكتب التي بحثت ولاية الفقيه العامة أو المطلقة تطرقت إلى كلمات الفقهاء في مسألة الولاية وإن كان ذكرت بعض الكلمات حول ولاية الفقيه على المال أو ولاية الفقيه على القضاء أو على الفتوى أو على الحدود والتعزيرات ولم تشر جميع الكلمات إلى خصوص ولاية الفقيه العامة ولكن هذه الكلمات بأجمعها قد تطرقت إلى أصل ثبوت الولاية للفقيه يبقى الكلام في حدود هذه الولاية ومقدار اختيارات الفقيه الجامع للشرائط.

بعض الكتب التي كتبت مؤخراً قد سردت وأحصت هذه الكلمات وذكرت هذه النصوص، اكتفي بذكر أربعة من المصادر تطرقت إلى هذه الآراء ويمكن الرجوع إلى هذه المصادر للاطلاع على مواطن كلمات الأعلام في ثنايا كتبهم وموسوعاتهم الفقهية.

الكتاب الأوّل مقدمة كتاب رسائل في ولاية الفقيه[1] نقل تسعة وعشرين قولاً. وهو الكتاب الذي جمع اثني عشر رسالة في ولاية الفقيه.

الكتاب الثاني نظرية الحكم في الإسلام لسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي~[2] ، نقل خمسة وعشرين قولاً من الشيخ الكليني+ إلى الشهيد الصدر والسيد الإمام الخميني والسيد الگلبايگاني @ في زماننا المتأخر.

الكتاب الثالث كتاب الفقيه والسلطة والأمة للشيخ مالك مصطفى وهبي[3] ، ذكر ستة عشر قولاً ورأياً للفقهاء، يعني كلام ستة عشر فقيه.

الكتاب الرابع كتاب ولاية الفقيه للشيخ مفيد الفقيه [4] ، نقل أقوال تسعة من الفقهاء، نحن في موطن بحثنا وهو دعوى الإجماع نكتفي بذكر نص دعوى الإجماع المحصل أو المنقول لكلمات ثمانية من الفقهاء وفي خاتمة المطاف نشير إن شاء الله إلى رأينا في المسألة، وقبل أن نتطرق إلى كلمات الأعلام وذكر قولهم لا بأس بالإشارة إلى حقيقة ستتكرر في كلمات أكثر الأعلام وهي أن هناك موارد في الفقه وهي أكثر من أربعين مورداً هذه الموارد نص الفقهاء على أن الفقيه له ولاية عليها، مع أنه لم يرد دليل خاص يدل على أن الفقيه له ولاية على مثل هذا الأمر، مثلاً ذُكر أن الفقيه له ولاية على مال الإمام× وله ولاية على ميراث من لا وارث له، الفقيه له ولاية على وجوب دفع الزكاة ابتداءً أو بعد الطلب، الفقيه له ولاية على السفيه في قوله، الفقيه له ولاية على أداء دين الممتنع من ماله، هذه الموارد الأربعون أو أكثر ذكرها الشهيد السيد مصطفى الخميني+ في رسالته التي طبعت ضمن رسائل في ولاية الفقيه [5]

وهذه الموارد بعينها قد ذكرها قبله المحقق السيد مير عبد الفتاح المراغي+ في رسالته[6] ، وقد ذكرها أيضاً بشكل موسع السيد بحر العلوم& في كتابه بلغة الفقيه كما سيأتي وقد ذكر أيضاً المحقق صاحب الجواهرî أنه من خلال التتبع نلحظ أن بعض المسائل قد نص فيها على ثبوت ولاية للفقيه مع أنه لم يرد فيها نص خاص أو دليل خاص يدل على ثبوت ولاية الفقيه مما يعني أن هناك ارتكاز فقهي عند الفقهاء أن هناك ولاية عامة للفقيه فلا يحتاج الفقهاء إلى إيراد دليل خاص في خصوص هذه المسألة لثبوت أصل الولاية العامة فمن خلال تتبع كلمات الأعلام في هذه الموارد الأربعين وغيرها يمكن تحصيل الإجماع المحصل وبالتالي تارةً يكون الإجماع على مسألة فقهية وحكم شرعي وتارةً يكون الإجماع على قاعدة فقهية، إن كان الإجماع على حكم شرعي ومسألة فقهية فهذا دليل لبي لا إطلاق له ولا عموم فيقتصر فيه على القدر المتيقن وأما إذا كان الإجماع على قاعدة فقهية فمن الواضح أن القاعدة بما هي قاعدة هي عامة وكلية فيتمسك بعموم القاعدة.

إذاً لا يقال إن الإجماع دليل لبي وليس بلفظي والإطلاق إنما ينعقد في خصوص الأدلة اللفظية لأن لها لسان فيتمسك بعمومه وإطلاقه، بخلاف الإجماع الذي هو دليل صامت لا لسان له فلا إطلاق له فيقتصر فيه على القدر المتيقن بل يقال إن الإجماع على ولاية الفقيه العامة إنما هو إجماع على قاعدة فقهية لا على حكم شرعي ومسألة فقهية فقط وفقط، هذه القاعدة الفقهية مفادها إن للفقيه ولاية عامة ففي كل مورد لم يرد نص خاص على ثبوت ولاية خاصة لشخص خاص في خصوص هذا الموضع فإن هذا الموضع من المواضع التي تشملها ولاية الفقيه العامة، هذا الكلام من التفصيل والتفريق بين ثبوت الإجماع على حكم شرعي فلا إطلاق وبين الإجماع على قاعدة فقهية كأصالة الطهارة مثلاً أو ولاية الفقيه فيحصل التمسك بعموم القاعدة قد ورد هذا التفصيل في كلام المحقق المراغي+، وسنذكر كلمات الأعلام الثمانية ونرتبها حسب القِدَم وبعد ذلك نبين الوجه المختار.القول الأوّل للمحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي المتوفى سنة 940 هجرية وهو أوّل من ذكر ولاية الفقيه العامة بل المطلقة وهو أوّل من طبق ولاية الفقيه نظرياً وعملياً.

قال في بعض كتبه& وهذا نص كلامه اتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل الجامع نائب من قبل الأئمة المعصومين^ في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل [7] . ونقله عنه صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن النجفي+ [8] ، هذا موضع وموضع آخر للمحقق الكركي+ يقول فيه، طبعاً هذا النص بالإضافة أيضاً تجده في رسالة السيد مصطفى الخميني[9] ، يعني استشهد بكلام المحقق الكركيî، نص آخر للمحقق الكركي+ نجده في نفس الرسالة[10] نذكر موردين، يعني بالإضافة إلى دعوى الإجماع هذا المقطع الأوّل ونذكر مقطعين:

المقطع الأوّل يقول المحقق الكركي& وفي زمان الغيبة النائب العام وهو المستجمع لشرائط الفتوى والحكم وإنما سمي نائباً عاماً لأنه منصوب على وجه كلي بقولهم^ انظروا إلى من كان منكم إلى أن يقول ولا يخفى أن الحاكم حيث أطلق لا يراد به إلا الفقيه الجامع للشرائط. [11] [12] [13]

المقطع الثاني يقول المحقق الكركيo لا يقال الفقيه منصوب للحكم والاقتداء والصلاة خارج عنها لأنا نقول هذا في غاية السقط لأن الفقيه منصوب من قبلهم^ حاكماً في جميع الأمور [14] [15] ، إذاً هذه نصوص ثلاثة للمحقق الكركي، النص الأوّل يدعي فيه الإجماع والاتفاق النص الثاني والثالث واضح أنه يرى ولاية الفقيه العامة، هذا الفقيه الأوّل الذي ادعى الإجماع.

الفقيه الثاني المحقق الشيخ أحمد الأردبيلي (المعروف بالمقدس) المتوفى سنة 993 هجرية، قال+ نعم ينبغي الاستفسار عن دليل كونه حاكماً على الإطلاق وعن رجوع جميع ما يرجع إليه× كما هو المقرر عندهم فيمكن أن يقال دليله الإجماع أو لزوم اختلال نظم النوع والحرج والضيق المنفيين عقلاً ونقلاً [16]

وقال المحقق الأردبيليî في موضع آخر من مجمع الفائدة والبرهان، ولأنه قائم مقام الإمام ونائب عنه كأنه بالإجماع والأخبار مثل خبر عمر بن حنظلة فجاز له ما جاز للإمام× الذي هو أولى بالناس من نفسه [17] [18]

المقطع الثالث قال المقدس الأردبيلي في موضع آخر من كتابه مجمع الفائدة والبرهان إنه أي الفقيه خليفة الإمام× فكأن الواصل إليه واصل إليه[19] [20]

ومن الواضح من كلام المحقق الأردبيليJ أنه نقل الإجماع ولم يدعي تحصيل الإجماع بخلاف كلام المحقق الكركي الذي قال اتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل، فمن خلال قوله اتفق يظهر أنه حصّل ونقل فعبارته كما تشمل الإجماع المنقول تشمل أيضاً الإجماع المحصل.

الفقيه الثالث المحقق الشيخ أحمد النراقي المتوفى سنة 1245 هجرية[21] ، وننقل المقطع الذي يهمنا في هذا الكلام لأنه عمدة المسألة إذ ادعى أنها من المسلمات قال+: إن كلية مال الفقيه العادل وتوليه وله الولاية فيه أمران، أحدهما كل ما كان للنبي| والإمام× الذين هم سلاطين الأنام وحصون الإسلام فيه الولاية وكان لهم فللفقيه أيضاً ذلك إلا ما أخرجه الدليل من إجماع أو نص أو غيرهما، ثانيهما إن كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم ودنياهم ولابد من الإتيان به ولا مفر منه وعلم لا بدية الإتيان به أو الإذن فيه ولم يعلم المأمور به ولا المأذون فيه فهو وظيفة الفقيه، إلى أن يقول أما الأوّل المراد بالأول أن للفقيه ما للإمام من دون حاجة إلى أن يرجع إلى غيره، فيدل عليه بعد ظاهر الإجماع حيث نص به كثير من الأصحاب بحيث يظهر منهم كونه من المسلمات، إذاً كلام الشيخ النراقي+ يظهر منه الإجماع المحصل والمنقول معاً، حينما نقل نص به كثيرٌ من الأصحاب يعني نص بالإجماع فهذا إجماع منقول ثم يقول بحيث يظهر منهم كونه من المسلمات فهذا إجماع محصل، هذا بالنسبة إلى الأمر الأوّل.

بالنسبة إلى الأمر الثاني قال+[22] ، يقول وأما الثاني فيدل عليه بعد الإجماع أيضاً أمران، إذاً المحقق النراقي ادعى الإجماع في مسألتين، المسألة الأولى الإجماع على أن للفقيه ما للإمام المعصوم× من دون حاجة إلى أن يرجع إلى غيره في هذا الأمر الأوّل ادعى الإجماع بل كونه من المسلمات على ما يظهر من الأصحاب.

الأمر الثاني أنه لابد من تحصيل إذن الفقيه فيما يحتاج فيه إلى الإذن ادعى أنه عليه الإجماع، هذا تمام الكلام بالنسبة إلى المحقق النراقي+.

الفقيه الرابع الشيخ محمد حسن النجفي+ صاحب الجواهر المتوفى سنة 1266 هجرية قمرية، وقد نقل كلامه أيضاً الشيخ محسن الآراكي[23] ، وأما كلام الشيخ صاحب الجواهر[24] ، قال+: إطلاق أدلة حكومته خصوصاً رواية النصب التي وردت عن صاحب الأمر# تصيره من أولي الأمر الذين أوجب الله علينا طاعتهم، نعم من المعلوم اختصاصه في كل ما له في الشرع من مدخلية حكماً أو موضوعاً ودعوى اختصاص ولايته بالأحكام الشرعية يدفعها معلومية توليه كثيراً من الأمور التي لا ترجع للأحكام كحفظه لمال الأطفال والمجانين والغائبين وغير ذلك مما هو محرر في محله ـ الآن موطن الشاهد ـ ويمكن تحصيل الإجماع عليه من الفقهاء فإنهم لا يزالون يذكرون ولايته في مقامات عديدة لا دليل عليها سوى الإطلاق الذي ذكرناه ـ فيصير إجماع محصل ـ ثم يقول لا دليل عليها سوى الإطلاق الذي ذكرناه المؤيد بمسيس الحاجة إلى ذلك أشد من مسيسها في الأحكام الشرعية، يعني هناك حاجة ماسة إلى ولاية الفقيه في الشؤون العامة أشد من الحاجة إلى ولاية الفقيه في خصوص الفتوى، إلى أن يقول في مقطع آخر ـ الآن هذا المقطع يفيدنا في دعوى الإجماع المحصل ـ أيضاً الشيخ صاحب الجواهر+ له مقطع آخر [25] ، هذا المقطع ليس في دعوى الإجماع في أصل ولاية الفقيه مقطع قوي جداً، يقول المنكر لولاية الفقيه كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئاً.

المقطع الأوّل يقول: بل الضرورة من المذهب نيابته في زمن الغيبة عنهم^ على ذلك ونحوه[26] دعوى الضرورة إذاً الآن أقوى الدعوات دعوى المسلمات من المحقق النراقي+ ودعوى الضرورة من المحقق صاحب الجواهر&.

المقطع الثاني جواهر الكلام[27] ، فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك بل كأنه ما ضاق من طعم الفقه شيئا ولا فهم من لحم قولهم ورموزهم أمراً ولا تأمل المراد من قولهم إني جعلته عليكم حاكماً وقاضياً وحجة وخليفة ونحو ذلك مما يظهر منه إرادة نظم زمان الغيبة لشيعتهم في كثير من الأمور الراجعة إليهم ولذا جزم فيما سمعت من المراسم بتفويضهم^ لهم في ذلك، إلى هنا الفقيه الرابع صاحب الجواهر ادعى الضرورة ويستفاد من كلامه الإجماع المحصل.

الفقيه الخامس المحقق المراغي المتوفى سنة 1266 هجرية على قول لأن القدر المتيقن أنه كان حياً سنة 1246 هجرية، المحقق المراغي+ رسالته مذكورة في رسائل في ولاية الفقيه له مقطعان، المقطع الأوّل) [28] والمقطع الثاني[29] ، في العنوان أربعة وسبعين وكتاب العناوين مطبوعة بشكل مستقل طبعة جماعة المدرسين، طبعاً عمدة الدليل على ولاية الفقيه عند المحقق المراغي الإجماع ثم بعض الأخبار.

قال+[30] : الأدلة على ولاية الحكام الشرعي أقسام، أحدها الإجماع المحصل وربما يتخيل أنه أمر لبي لا عموم فيه حتى يتمسك به في محل الخلاف وهو كذلك لو أردنا بالإجماع الإجماع القائم على الحكم الواقعي غير القابل للخلاف والتخصيص ولو أريد الإجماع على القاعدة بمعنى كون الإجماع على أن كل مقام لا دليل فيه على ولاية غير الحاكم فالحاكم ولي له فلا مانع من التمسك به في مقام الشك فيكون كالإجماع على أصالة الطهارة ونحوها والفرق بين الإجماع على القاعدة والإجماع على الحكم واضح فتدبر، وهذا الإجماع واضح لمن تتبع كلمة الأصحاب، إذاً هذا كلامه في المحصل، طبعاً الوضوح الذي نتدبر فيه أنه الإجماع على الحكم الواقعي لبي لا إطلاق له بينما الإجماع على القاعدة عام له إطلاق.

وثانيها منقول الإجماع في كلامهم على كون الحاكم ولياً فيما لا دليل فيه على ولاية غيره ونقل الإجماع في كلامهم على هذا المعنى لعله مستفيض في كلامهم إذاً ادعى استفاضة نقل الإجماع، إذاً عندنا دعوى أنه من المسلمات في كلمات المحقق النراقي+ ودعوى أنه من الضرورة في كلمات المحقق صاحب الجواهر& ودعوى أن نقل الإجماع قد استفاض عن الأصحاب في كلمات المحقق المراغيo، إلى أن يقول[31] : وبالجملة فالعمدة الإجماع وما مر من الأخبار على ما ذكرناه في بعضه، يعني هناك بعض الأخبار فيها نقاش وكلام.

الفقيه السادس السيد محمد بحر العلوم+ المتوفى سنة 1289 هجرية وعلى قول 1326 هجرية في كتابه بلغة الفقيه ننقل المقطع الأوّل وقد ذكره السيد مصطفى الخميني& [32]

قال السيد بحر العلوم+ إن حكاية الإجماع على ذلك فوق حد الإحصاء[33] ، ماذا يستفاد من هذه العبارة؟ الجواب يستفاد الإجماع المنقول، في موضع آخر من بلغة الفقيه ذكر الإجماع بقسميه المنقول والمحصل على الولاية العامة للفقيه [34] هكذا قالî على الولاية العامة للفقيه الإجماع بقسميه المنقول والمحصل ثم قال ـ طبعاً هو أكثر من تتبع موارد ثبوت الولاية ـ السيد بحر العلوم، قال: إنما يتوقف على إذن الإمام× إن لم يكن لصرف تعظيمه وجلالته ومحض كرامته له بل كان من حيث الرياسة الكبرى على كافة الأنام الموجب للرجوع إليه في كل ما يرجع إلى مصالحهم المتعلقة بأمور معادهم أو معاشهم ودفع الضار عنهم وتوجه الفساد إليهم مما يرجع المرؤوسون من كل ملة إلى رؤساءهم للنظام المعلوم كونه مطلوب مدى الليالي والأيام فلابد من استخدام من يقوم مقامه في ذلك حفظاً لما هو المقصود من النظام فيتعين كون المنصوب هو الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة مع ظهور بعض الأدلة المتعددة في ذلك كقوله× أما الحوادث، هذا مضافاً على غير ما يظهر من تتبع فتاوى الفقهاء في موارد عديدة كما ستعرف في اتفاقهم على وجوب الرجوع فيها إلى الفقيه مع أنه غير منصوص عليها بالخصوص وليس إلا لاستفادتهم أمور الولاية له بضرورة العقل والنقل بل استدلوا عليه وحكاية الإجماع عليه فوق حد الاستفاضة وهو واضح بحمد الله لا شك فيه ولا شبهة تعتريه، نقل هذا المقطع أيضاً الشيخ الخائفي في محاضراته [35]

الفقيه السابع السيد حسين البروجردي& المتوفى سنة 1380هجرية ونقل كلامه أيضاً الشيخ الخائفي[36] ، نذكر نص كلام السيد البروجردي+ يقول وبالجملة كون الفقيه العادل منصوباً لتلك الأمور المهمة التي يبتلى بها العامة مما لا إشكال فيه إجمالاً بعدما بيّنا ولا يحتاج في إثباته إلى مقبولة عمر ابن حنظلة، غاية الأمر كونها أيضاً من الشواهد وغير ذلك من الإجماعات المثبتة للولاية المطلقة للفقيه.

هذا الكلام للسيد البروجرديî [37] ومن الواضح أن مسألة ولاية الفقيه قام عليها الدليل العقلي وقام عليها الإجماع فهي لا تحتاج لإثباتها إلى الروايات نعم الروايات تشكل شواهد على الإجماع وعلى الدليل العقلي فالروايات هي إرشاد إلى حكم العقل، إذاً يتضح أن العمدة في الدليل على ولاية الفقيه عند المحقق المراغي هو الإجماع والعمدة على ولاية الفقيه عند السيد البروجردي هو الدليل العقلي ثم الإجماع.

الفقيه الثامن والأخير الشهيد السيد مصطفى الخمينيî المتوفى والمستشهد سنة 1397 هجرية قمرية في رسالته [38] قال+: هكذا قد يتوهم أن دعوى ثبوت الولاية الكلية الاعتبارية للفقيه من الدعاوى الحديثة والابتكارات الجديدة ولذلك توهم أن المسألة لو كانت كما توهم لتبينت من الأوّل وكل ذلك للغفلة عن حقيقة الحال ثم يذكر كلمات الأعلام، أول قول يذكره كلام المحقق النراقي، ثاني قول يذكره كلام السيد بحر العلوم+ ثالث قول يذكره كلام المحقق الكركي وصاحب الجواهر، ثم يذكر الموارد الأربعين التي ذكرها وهي مذكورة في رسالة المحقق المراغي إلى أن يقول بعد ذكر الموارد الأربعين، ويستفاد من تلك الكثرة المعتنى بها الفاقدة للدليل الخاص نوعاً أن الأصحاب من باب إنكارهم تلك الولاية الكلية كانوا يفتون بذلك فلا تغفل، وأيضا قال[39] وربما يقال إن إحالة الفقهاء في الموارد الكثيرة إلى الحاكم تشهد على تلك الولاية وإن شئت قلت هذا النوع من الإجماع المحصل أو قلت هذه الولاية الكلية مبثوثة في الفقه من أوله إلى آخره وكأنهم كانوا يتحاشون عن ذكر الاسم دون المسمى الواقعي فقالوا بها في موارد كثيرة نذكر جملة منها ويذكر الموارد الأربعين يعني بشكل مختصر كأنه لظروف التقية لم يتطرق الفقهاء ولم ينصوا على الولاية العامة خوفاً من سلاطين الجور ولكن الولاية العامة للفقيه مرتكزة في أذهانهم فأثبتوا الولاية للفقيه في هذه الموارد الأربعين وغيرها من دون ورود دليلاً خاص على هذا الموضع وهذه المسألة اعتماداً على المرتكز العام من ثبوت الولاية العامة للفقيه.

هذا تمام الكلام في ذكر كلمات ثمانية من الفقهاء الذين ادعوا أو نقلوا الإجماع ولنا ملاحظة عامة على هذه الأقوال وهي أنها أقوال الفقهاء جاءوا في الدولة الصفوية ثم من بعدها للدولة القاجارية إلى ما قبل انتصار الثورة الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة أبي الفتوح السيد روح الله الموسوي الخمينيJ، فالدولة وفقهاء الدولة الصفوية الممتدة من سنة 907 إلى سنة 1248 من هؤلاء الثمانية اثنان وهما المحقق الكركي+ المتوفى سنة 940الهجري والمقدس الأردبيلي+ المتوفى سنة 993 الهجري وأما باقي الفقهاء الستة فقد جاء بعضهم في العصر القاجاري الذي امتد من سنة 1193 إلى أيام المُلك البهلوي فيكون صاحب الجواهر والمحقق النراقي والسيد بحر العلوم والمحقق المراغيœ هؤلاء قد جاءوا في فترة الحكم القاجاري واثنان جاءا في أيام الحكم البهلوي وهم السيد حسين البروجردي والشهيد السيد مصطفى الخميني، فإذاً دعوى الإجماع لا عين لها ولا أثر في كلمات القدماء ما قبل الشيخ الطوسي+، نعم قد نجد كلمات أو يتقمص أو يستشف من كلمات المشايخ كالكليني أو الصدوق أو المفيد أو الشيخ الطوسيq أو سلّار على ولاية الفقيه العامة ولكن لا توجد دعوى الإجماع على الولاية العامة بين المتقدمين فهذه الدعوى قد جاءت متأخرة إما بسبب الإجماع المحصل الذي حصلوه أو ما نقلوه من الإجماع وادعوا أنه يصل إلى حد الاستفاضة كما ادعى المحقق المراغيî. وبعد بيان هذه الملاحظة العامة نقول: أما الإجماع المنقول فليس بحجة وأما الإجماع المحصل فلم يحصل لدينا إن كان قد حصل لديهم ولو سلمنا أنه قد حصل فهو إجماع مدركي أو محتمل المدركية لوجود الوفرة الكثيرة من الروايات كمقبولة عمر بن حنظلة التي ذكرها نفس المجمعين كصاحب الجواهر وبالتالي هذا الإجماع ساقط عن الحجية.إذاً أوّلاً نحن ننكر الصغرى وهي ثبوت الإجماع وثانياً ننكر الكبرى، ننكر أن مثل هذا الإجماع حجة لأنه إجماع مدركي أو محتمل مدركياً فتكون النتيجة النهائية لم يثبت الدليل الثالث وهو الإجماع على ولاية الفقيه نعم ثبتت لدينا ولاية الفقيه العامة بل المطلقة تمسكاً بالدليل اللفظي الروائي ولم يدل الدليل من الدليل اللفظي القرآني أو الإجماع أو سيرة المتشرعة أو العقلاء على ولاية الفقيه العامة فضلاً عن المطلقة، هذا تمام الكلام في الفصل الثالث للاستدلال على ولاية الفقيه بالإجماع المحصل أو المنقول.

[1] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص22 ـ 39، طبع حديقة الكتاب (مكتب الإعلام الإسلامي دفتر تبليغات).
[2] نظرية الحكم في الإسلام، الشيخ محسن الآراكي، . ص149-230
[3] الفقيه والسلطة والأمة، للشيخ مالك مصطفى وهبي، . ص428-440
[4] ولاية الفقيه، للشيخ مفيد، ج1، .ص217 ـ 232
[5] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص749-751.
[6] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص114و115.
[9] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص749.
[10] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص29.
[13] نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت، ج1، ص39 و40.
[23] نظرية الحكم في الإسلام، الشيخ محسن الآراكي.، ج1، ص187
[24] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج5، ص670.
[28] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص115.
[29] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص125.
[30] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص115.
[31] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص125.
[32] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص749.
[38] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص748 و 749.
[39] ثلاث رسائل، ولاية الفقيه، الخميني، السيد مصطفى، ج1، ص749.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo