< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحديث العشرون من الأحاديث التي اسُتدل بها على ولاية الفقيه

الحديث العشرون من الأحاديث التي اسُتدل بها على ولاية الفقيه المطلقة رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله× أنه قال: (العلماء أمناء) [1] [2]

هذه الرواية يمكن أيضاً أن تجدوها في كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي بتفاوت يسير [3] [4]

هذه الرواية الشريفة استدل بها المحقق النراقي+ وجعلها الرواية الثانية من رسالته [5] ، وأيضاً اسُتدل بها السيد محمد رضا الگلبايگاني+ في رسالته الهداية إلى من له الولاية، هذه الرسالة هي آخر رسالة من الرسائل الاثني عشر من كتاب رسائل في ولاية الفقيه [6]

طبعاً بالنسبة إلى المحقق النراقي+ وفي بداية عوائد الأيام ذكر أنّ الأدلة على ولاية الفقيه كثيرة يذكر بعضها وذكر تسعة عشر رواية، في بداية كلامه لا بأس أن نتطرق إلى بداية كلامه [7] ، في بيان ولاية الحاكم وما له فيه الولاية ـ طبعاً نحن نذكر هذا لأنه هي رسالة أساسية في بحث ولاية الفقيه ـ يقول: اِعلم أن الولاية من جانب الله سبحانه على عباده ثابتة لرسوله وأوصيائه المعصومين^ وهم سلاطين الأنام وهم الملوك والولاة والحكام وبيدهم أَزِمّةِ الأمور وسائر الناس رعاياهم والمولّى عليهم، وأما غير الرسول وأوصيائه فلا شك أن الأصل عدم ثبوت ولاية أحد على أحد إلا من ولاه الله سبحانه أو رسوله أو أحد أوصيائه على أحد في أمره وحينئذ فيكون هو ولياً على من ولّاه فيما ولّاه فيه ـ هذا مقتضى القاعدة الأصل عدم ولاية أحد على أحد إلا ما ثبت بالدليل ـ ثم يقول والأوّلياء كثيرون كالفقهاء العدول والآباء والأجداد إلى أخر كلامه، ثم يقول ولا كلام لنا هنا في غير الفقهاء فإن أحكام كل من الباقين مذكورة في موارد مخصوصة من كتب القوم ولاية الأب والجد ـ الشاهد هنا ـ يقول والمقصود لنا هنا بيان ولاية الفقهاء الذين هم الحكام في زمان الغيبة والنواب عن الأئمة وأن ولايتهم هل هي عامة فيما كانت الولاية فيه ثابتة لإمام الأصل أم لا؟ وبالجملة في أن ولايتهم فيما هي، إذاً هو يريد أن يثبت ولاية الفقيه العامة ثم بعد ذلك يقول المقام الأوّل في ذكر الأخبار اللائقة بالمقام فنقول إن الأخبار في ذلك كثيرة جداً إلا أنَّا نذكر شطراً منها.

الأولى ما ورد في الأحاديث المستفيضة منها صحيحة أبي البختري، طبعاً السيد الإمامم مدظله[8] يقول من سهو القلم تعبير المحقق النراقي+ صحيحة أبي البختري هذه صحيحة القداح وليست صحيحة البختري، عن أبي عبد الله× أنه قال: (العلماء ورثة الأنبياء)لأنه سند رواية البختري ضعيف ولكن سند القداح صحيح لأن هذه الرواية لها عدة أسانيد يقول لعله أراد أن يعبر صحيحة القداح فكتب صحيحة البختري.

الثانية رواية إسماعيل بن جابر إذاً هذه ثاني رواية اسُتدل بها المحقق النراقي+، يعني بعد العلماء ورثة الأنبياء ثاني رواية استدل بها رواية العلماء أمناء.

أيضاً السيد الگلبايگانيî استدل بهذه الرواية، رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله× أنه قال: (العلماء أمناء)هذه الرواية شبيهة بموثقة السكوني ولكن تلك عن رسول الله| قال: (الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله كيف يدخلون في الدنيا قال السلطة) [9] إذاً تلك الرواية موثقة السكوني التي هي تامة عندنا سنداً ودلالة عن رسول الله| وفيها (الفقهاء أمناء الرسل)[10] هذه العلماء أمناء، فإذاً هذه الرواية تشبه الدليل السابع حسب ترتيبنا موثقة السكوني.

الآن نتكلم في تقريب الاستدلال كما ذكره السيد الگلبايگاني&[11] ويتطرق إلى الاحتمال الذي يذكره السيد الحكيم والسيد الخوئي ثم يناقش، السيد الگلبايگاني& يقول يحتمل أن تكون الرواية ناظرة إلى أن العلماء أمناء في نقل الرواية وبيان وظائف الأمة من الأحكام الشرعية المتعلقة بهم التي يحتاجون إليها في معيشتهم وأن عليهم أن يأخذوا منهم ويعتمدوا بقولهم ويسترشدوا بهدايتهم ويتبعوا آثاراهم وعلى هذا ليست في مقام جعل الولاية، ثم يعقب لكن لا يبعد دعوى أن الظاهر منها إرجاع الغير إليهم فيما كان يرجع فيه إلى الإمام وأنهم يتصدون ما كان يتصداه× وهم المنصوبون لذلك من قبله كما لو قال سلطان إن زيداً أميني أو أخبر ملك رعاياه بأن فلاناً أمين يفهم العرف من كلامه أن الأمور التي كانت بيده ويرجع فيها إليه مفوضة إلى أمينه فهو المرجع فيها والمتصدي لها سيما لو أخبر من قبل أن فلاناً وكيلي ثم أخبر أنه أميني كما في المقام إذ قد ورد أن العلماء ورثة الأنبياء وورد أيضاً العلماء أمناء، فعلى هذا استفادة الولاية للعلماء في الأمور العامة من أمثال هذا الخبر غير بعيد، هذا تمام الكلام في تقريب الاستدلال بالحديث العشرين.

الحق والإنصاف: إن هذه الرواية تامة الدلالة على ولاية الفقيه المطلقة فضلاً عن ولاية الفقيه العامة، لا يوجد فيها تقييد يعني الدليل السابع موثقة السكوني يوجد فيها تقييد (أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا) [12] [13] ، هنا الرواية (العلماء أمناء)يعني أهل للأمانة والمصداق الأبرز للعلماء الفقيه الجامع للشرائط، والأمانة تشمل كل منصب للمؤتمن، والعلماء واضح أنهم أمناء الأنبياء والرسل امتداد خط الأنبياء والمرسلين، فإذاً يثبت كل ما للأنبياء والمرسلين من مناصب تتعلق بالشأن العام تثبت أيضاً للعلماء والفقهاء، إذاً هذه الرواية تامة الدلالة، يعني من ناحية الدلالة واضحة وهي أيضاً هذه الرواية مروية في الكافي والتهذيب، إذاً الاستدلال بهذه الرواية تام الدلالة واضحة.

الحديث الحادي والعشرون ما رواه في جامع الأخبار عن النبي| أنه قال: (أفتخر يوم القيامة بعلماء أمتي فأقول علماء أمتي كسائر الأنبياء قبلي)[14] .

هذه الرواية هي الرواية السادسة التي استدل بها المحقق النراقي+ على ولاية الفقيه[15] ، وهي أيضاً قد استدل بها السيد الگلبايگاني& في رسالته [16] وأيضاً تطرق لها السيد الإمام الخميني+ [17] ونص على أنها ضعيفة السند إلا أن دلالتها على ولاية الفقيه تامة.

وأمّا السيد الگلبايگاني+ يذكر وجه الاستدلال بهذه الرواية [18] يقول إن الظاهر من الرواية أن أمر الأمة بيد العلماء كما أن أمر الأمم السالفة كان بيد الأنبياء، يقول والتأويل في نظائر هذا الخبر، يقول من يقرأ رواية (اللهم ارحم خلفائي) وما يحمل لفظ خلفائي على الخليفة وعلى الحاكم والرئيس ويحملها على خليفة النبي في الرواية وفي الفقه هذا حاله حال من يقرأ رواية علي خليفتي من بعدي من العامة وما يحمل علي خليفتي على أنه الحاكم من بعدي يحمل علي خليفتي يعني في الرواية وفي الحديث، لذلك يقول هنا أيضاً لا تشكك كثيراً في أن أفتخر يوم القيامة بعلماء أمتي فأقول علماء أمتي كسائر الأنبياء قبلي ـ يعني كما أن سائر الأنبياء قبلي كانت لهم الرئاسية ولهم دور في الأمة كذلك علماء أمتي لهم الرئاسة ـ وبالتالي كما أن للأنبياء السابقين عليَّ ولاية في الشأن العام كذلك لعلماء أمتي ولاية، نذكر نص كلامه بالضبط في ولاية الفقيه، وجه الاستدلال به: إن الظاهر من الرواية أن أمر الأمة بيد العلماء كما أن أمر الأمم السالفة كان بيد الأنبياء والتأويل في نظائر هذا الخبر والتصرف فيها بأن العلماء خلافة الرسول في نقل الروايات وأُورث الرسل في نشر الآثار الباقية منهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومثلهم في تبليغ الشريعة وهداية الأمة يشبه التأويلات الباردة من المعاندين في النصوص الواردة من النبي| في فضل أمير المؤمنين وخلافته وزعامته وإمامته من أن المراد من الخلافة الثابتة لعلي× في النصوص الكثيرة ليست الزعامة للأمة والمرجعية للعامة والإمامة على الكافة بل هو× خليفته| في نقل الرواية وبيان الأحكام والمسألة، وهذا مما لا يساعده العرف العليم والذوق السليم بداهة أن الظاهر من الخلافة الزعامة والرئاسة كما ادعاه الناس للأوّل والثاني مع اختلاف المباني وبالجملة لسنا بصدد إثبات أن كل ما كان ثابتاً للنبي والأئمة^ من وجوب الإطاعة وغيرها من الشؤون الثابتة للرسالة فهو مجعول في حق الفقهاء وثابت لهم بتلك الأدلة العامة بل المراد أنهم ممن يصح لهم التصدي لبعض الأمور المتقدمة وليسوا كغيرهم من أفراد الأمة الذين لهم يثبت فيهم تلك الفضيلة وهذه الرخصة.

ولا بأس أن نكمل كلام السيد الگلبايگاني لأن كلامه عبارة عن مجموعة روايات سنستدل عليها لاحقاً فإذا ذكرناها لا يحتاج نذكر تقريب الاستدلال، يعني من مجموع هذه الروايات العلماء ورثة الأنبياء، العلماء خلفاء، العلماء أمناء الرسل، العلماء أمناء إلى آخره يقول من مجموع هذه الروايات واضح أنها في مقام جعل الخلافة والرئاسة لهم.

يقول كيف وهم الأفضلون كما في الآثار الواردة وخير خلق الله إذا صلحوا بعد الأنبياء والأئمة كما في المروي عن الاحتجاج قيل لأمير المؤمنين× من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى، قال×: العلماء إذا صلحوا، وفي المجمع عن النبي| أنه قال: (فضل العالم على الناس كفضلي على أدناهم) [19] وعن منية المريد للشهيد الثاني+ (إن الله تعالى أوحى إلى عيسى عظم العلماء واعرف فضلهم فإني فضلتهم على جميع خلقي) [20] [21] ، ومضمون الأولى من الروايتين أن العلماء مقدمون على غيرهم كما أن النبي| كان مقدماً على غيره فلا يصلح تقدم الغير عليهم أو تساويه معهم إلا على مذهب من قال الحمد لله الذي قدم المفضول على الفاضل، هذا كلام ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدمة شرح نهج البلاغة، يقول الحمد الله الذي قدم المفضول يقصد الأوّل على الفاضل يقصد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × وهذا مذهب عند المعتزلة يقولون يصح تقديم المفضول على الفاضل بينما الإمامية يقولون يقبح تقديم المفضول على الفاضل.

هذه الرواية الحديث الحادي والعشرون لا شك ولا ريب في دلالتها وهي مثل الدليل الرابع الذي تقدم منا إلا أن هذه الرواية ضعيفة السند ولكن دلالتها واضحة، (افتخر يوم القيامة بعلماء أمتي فأقول علماء أمتي كسائر الأنبياء قبلي) [22] كسائر الأنبياء، كانت لهم ولاية على شؤون العامة أو لا؟ نعم، أيضاً علماء الأمة تثبت لهم الولاية على الشؤون العامة بل هذه الرواية ظاهرة في ولاية الفقيه المطلقة، يعني مطلق ما ثبت للأنبياء في شؤون الحكم يثبت أيضاً للعلماء والفقهاء بالنسبة إلى شؤون الحكم، إذاً هذه الرواية تصلح أن تشكل مؤيداً لضعف سندها ولو كان سندها صحيحاً لقلنا إنها من أدلة ولاية الفقيه المطلقة فضلاً عن العامة.

الحديث الثاني والعشرون وهو المروي في الفقه الرضوي أنه قال: (منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل)[23] ، هذا أيضاً يشبه الدليل الرابع: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل هذا الحديث من ناحية الدلالة تام الدلالة كما ذكرنا بالنسبة إلى أنبياء بني إسرائيل كما ثبتت الولاية لبعضهم قطعاً كموسى وداود وسليمان^ كذلك تثبت الولاية المطلقة فضلاً عن الولاية العامة للفقيه الجامع للشرائط إلا أن هذه الرواية ضعيفة السند.

يقول السيد الإمام الخميني+ في كتابه البيع وأيضاً في كتابه الحكومة الإسلامية تطرق إلى سبع روايات، أوّل رواية استدل بها (اللهم ارحم خلفائي آخر رواية استدل بها صحيحة القداح، ثم بعد ذكرها قال: وهناك روايات يستدل بها دلالتها واضحة لكنها ضعيفة السند، آخر وحدة ذكر رواية تحف العقول وذكر قبلها ما في جامع الأخبار والفقه الرضوي، إذاً هذه الرواية تامة الدلالة ضعيفة سنداً فهي تؤيد ولاية الفقيه المطلقة ولا تشكل دليلاً على ولاية الفقيه المطلقة.

إذاً إلى هنا صار عندنا بعض الروايات تدل على ولاية الفقيه المطلقة تامة سنداً ودلالة مثل الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، العلماء أمناء، بعض الروايات تدل على ولاية الفقيه العامة مثل مقبولة عمر بن حنظلة مثل التوقيع وأما الحوادث الواقعة وبعض الروايات مؤيدة مثل العلماء ورثة الأنبياء، الفقهاء حصون الإسلام، علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، وسنذكر بعض الروايات وهذه الروايات المؤيدة كثيرة ليست بقليلة، قد تبلغ حد الاستفاضة لا نقول تبلغ حد التواتر ولكن قد تبلغ حد الاستفاضة.

طبعاً الروايات حتى لو ما ثبتت يعني الرسالة الثانية من رسائل ولاية الفقيه للمحقق المراغيî صاحب العناوين هي مسلة من عناوينه من كتابه العنوان في (ولاية الحاكم الشرعي)، ويناقش المحقق المراغي في الروايات وما تثبت عنده ولاية الفقيه بالروايات لكن تثبت عنده بالإجماع، إذاً هناك أدلة أخرى. [24]

الحديث الثالث والعشرون وهو المروي في الاحتجاج للطبرسي في حديث طويل قيل لأمير المؤمنين× من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى؟ قال العلماء إذا صلحوا [25] ، هذه الرواية من ناحية الدلالة تامة الدلالة على ولاية الفقيه العامة لأنه لا يصح التقدم على خير الناس بعد أئمة الهدى وقد ثبت لأئمة الهدى الولاية في الشؤون العامة ومن الواضح أن أئمة الهدى أحق من غيرهم بتولي مقام الرئاسة والولاية فكذلك خير الناس من بعدهم وإلا يلزم أن لا تكون هناك حكومة ورئاسة بعد خير الناس وبعد الأئمة، إذاً الدلالة على ولاية الفقيه العامة واضحة ولكن لا دلالة فيها على ولاية الفقيه المطلقة أن كل ما كان للأئمة^ يثبت للفقيه الجامع للشرائط ولكن الولاية العامة التي كانت ثابتة للأئمة^ تكون ثابتةً لخير الناس من بعدهم إذا صلحوا وهم العلماء، إلا أن الإشكال هو في سند هذه الرواية فهي من مرسلات الاحتجاج ولا نرى اعتبار مراسيل الاحتجاج خلافاً لشيخنا الأستاذ الشيخ حسين الوحيد الخراساني~ الذي يرى صحة بعض روايات الاحتجاج تمسكاً بديباجة الطبرسي في مقدمة الاحتجاج إذ ذكر أنه يروي هذه الروايات المشهورة والخلاف مبنائي إذ أن شيخنا الأستاذ الوحيد الخراساني= يرى صحة توثيقات المتأخرين كالعلّامة الحلي والطبرسي+ وكذلك الشيخ محمد سند~ يذهب إلى الرأي في كتابه بحوث في مباني علم الرجال، وقد بحثنا في بحوثنا الرجالية توثيقات المتأخرين وتوصلنا إلى هذه النتيجة وهي أننا نقبل توثيقات المتقدمين لأنها مبنية على الحس وإذا شككنا في حدسيتها تجري أصالة الحس العقلائية بخلاف توثيقات المتأخرين التي أكثرها أو كثير منها مبني على مباني رجالية حدسية كبناء العلّامة الحليî على أن شيخوخة الإجازة من أمارات الوثاقة أو الوكالة من أمارات الوثاقة فلا نقبل توثيقات المتأخرين لأننا لا أقل من الشك وإذا شككنا لا تجري أصالة الحس العقلائية في حق توثيقات المتأخرين، إذاً نرى التفصيل وفاقاً للسيد المحقق أبو القاسم الخوئي+ إذ يرى اعتبار توثيقات المتقدمين ولا يرى اعتبار توثيقات المتأخرين وبالتالي لا يمكن الاحتجاج برواية الاحتجاج، إذاً هذه الرواية النتيجة الحديث الثالث والعشرون مؤيد لولاية الفقيه العامة ولا يشكل دليلاً على ولاية الفقيه العامة فضلاً عن الولاية المطلقة.

الحديث الرابع والعشرون ما رواه الطبرسي في مجمع البيان ـ وهو غير الطبرسي صاحب الاحتجاج ـ عن النبي| أنه قال: (فضل العالم على الناس كفضلي على أدناهم)[26] ، أوردها في تفسير ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾[27] هذه الرواية هي الرواية التاسعة من الروايات التي استدل بها المرحوم النراقي+ في عوائده [28]

هذه الرواية تقريب الاستدلال فيها، طبعاً النراقي لم يذكر تقريب الاستدلال ولكن يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال بالرواية وهي كما أن النبي| مقدمٌ على غيره في كل الأمور فهذا فضل النبي| كذلك من يكون كفضل النبي| يقدم على غيره، الرواية تقول فضل العالم على الناس كفضلي على أدناهم، أدنى الناس ما هو فضل النبي على أدنى الناس؟ في تقديمه في كافة الأمور كذلك العالم يقدم في كافة الأمور، وإن لم نقل في كافة الأمور لا أقل في أهم الأمور وهي مقام الولاية والرئاسة، إذاً هذه الرواية تامة الدلالة على ولاية الفقيه العامة لكن هذه الرواية ضعيفة السند فتسقط عن الاعتبار ولا يمكن الاستدلال بها على ولاية الفقيه العامة، نعم تصلح أن تشكل مؤيداً.

الحديث الخامس والعشرون ما رواه الشهيد الثاني+ في منية المريد أنه تعالى قال لعيسى بن مريم (عَظِّمِ العلماء واعرف فضلهم فإني فضلتهم على جميع خلقي إلا النبيين والمرسلين كفضل الشمس على الكواكب وكفضل الآخرة على الدنيا وكفضلي على كل شيء)[29] ، تقريب الاستدلال، التمسك فيما ورد في ذيل الرواية (وكفضلي على كل شيء)بالإضافة إلى ما ورد في صدرها (فإني فضلتهم على جميع خلقي إلا النبيين والمرسلين الرواية واضحة في تفضيل وتقديم العلماء على غيرهم وأبرز مصاديق العلماء الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى، إذاً هذه الرواية ظاهرة في إثبات ولاية الفقيه العامة للفقيه الجامع للشرائط، هذا من ناحية الدلالة، وأما من ناحية السند فالرواية ضعيفة السند فهذه الرواية تصلح أن تكون مؤيدة ولا تشكل دليلاً على ولاية الفقيه العامة.

الحديث السادس والعشرون ما رواه الكراجکي عن الإمام الصادق× أنه قال: (الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك)[30] ، هذه الرواية أيضاً ذكرها المحقق النراقيî في رسالته[31] ، وهي الرواية الحادية عشر التي استدل بها على ولاية الفقيه، وأيضا ذكرها السيد الگلبايگاني& في رسالته [32] ، قال: والمتبادر السابق إلى الأذهان من حكومة العلماء على الملوك والزعماء الولاية عليهم والزعامة لهم كما أن للسلاطين والأمراء في نظر العرف العام الزعامة والدخالة في الأمور العامة من تأديب الجهال والمتمردين من باب السلطنة والولاية كما ورد السلطان ولي من لا ولي له فكذلك العلماء لهم جميع ذلك على جميع الأمة حتى على حكامهم العرفيين فيجب على الملوك والأمراء أن يكونوا لأوامرهم مطيعين ولأفعالهم تابعين ولرأيهم سامعين وعلى حكمهم واقفين.

الحق والإنصاف هذه الرواية تامة الدلالة على حكومة العلماء وهي هذه الرواية في كنز الفوائد (الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك) [33] تشبه رواية غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي وهي آخر رواية التي ذكرناها في بحثنا [34] ، إلا أن هذه الرواية ضعيفة السند وبالتالي هذه الرواية تصلح أن تكون مؤيداً ولا تشكل دليلاً.

من حديث عشرين إلى حديث ستة وعشرين، الحديث العشرين دليل والباقي من واحد وعشرين إلى ستة وعشرين مؤيدات، الحديث السابع والعشرون تراجعون الرواية المذكورة في تفسير الإمام العسكري× [35] [36]

 


[6] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص796.
[7] بداية العائدة، ج1، ص54.
[13] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص56، 147، 735، 797.
[16] البداية، ج1، ص798.
[18] البداية، ج1، ص798.
[20] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص799، 835.
[21] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص835.
[25] الاحتجاج، الطبرسي، أبو منصور، ج2، ص264.
[28] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص57.
[30] كنز الفوائد، ج2، ص32.
[32] البداية، ج1، ص799.
[34] غرر الحكم ودرر الكلم، حديث رقم 19.
[35] تفسير الإمام حسن العسكري ×، ص339.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo