< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/03/31

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التقريب الخامس والسادس لمقبولة عمر بن حنظلة، ورد المناقشات الثلاث الأولى ودلالتها

التقريب الخامس للدليل الثالث على ولاية الفقيه وهي مقبولة عمر بن حنظلة، التقريب الخامس للسيد الإمام الخمينيo [1] ، التقريب الخامس مفاده لو سلمنا أن الرواية دالة على جعل خصوص ولاية القضاء للفقيه لأنها القدر المتيقّن، أو لعدم جريان الإطلاق في المحمول كما قيل فإنه مع ذلك وعلى الرغم من حمل المقبولة على خصوص ولاية القضاء للفقيه يمكن التعميم إلى مطلق الولاية وذلك للمناسبات المغروسة في الأذهان من الحاجة إلى الرجوع إلى الحاكم، وفساد مذهب السلطان والقاضي المنصوب من قبل السلطان الجائر المانع من الرجوع إليه والباعث على السؤال عن مرجع الموالي والشيعي.

والفارق بين هذا التقريب الخامس وبين التقريب الثالث فيما مضى أن التقريب الثالث يرى أن السائل سئل عن مطلق المرجع، فالتقريب الثالث يرى أن المال والدين والسلطان والقاضي إنما ذكرت من باب المثال والغرض الحقيقي هو السؤال عن المرجع في مطلق الأمور بقرينة التردد في موردين:

المورد الأوّل التردد في الشخص المرجوع إليه هو السلطان أو القاضي.

والمورد الثاني التردد في مورد الرجوع بينهما منازعة في دين أو ميراث، مما يكشف عن أن السائل يسألُ عن مطلق الرجوع، سواءً كان الرجوع في مورد الإرث أو في مورد الدين، وسواءً كان من يرجع إليه هو السلطان أو القاضي، إذاً السائل يسأل عن مطلق الرجوع.

وذكر الدين أو الميراث من باب المثال لمورد الرجوع، وذكر السلطان والقاضي من باب المثال لمن يرجع إليه، إذاً السائل يسأل عن مطلق الرجوع، إذاً التقريب الثالث يستظهر أن الرواية والمقبولة ظاهرة في مطلق الرجوع فيكون جواب الإمام دال على ولاية الفقيه المطلقة لأنها تدل على مطلق الولاية والفقيه له عدة ولايات ولاية على الفتوى ولاية على القضاء ولاية على الشؤون العامة للمسلمين، بخلاف التقريب الخامس ما نحن فيه فإنه يسلم جدلاً فإن المقبولة ظاهرة في خصوص القضاء، يحمل المقبولة على خصوص ولاية القضاء، لكنه يتمسك بقرينة أخرى للتعميم، هذه القرينة هي عبارة عن المناسبات المغروسة في أذهان الناس من ضرورة الرجوع إلى الحاكم، فببركة هذه القرينة نعمم ونتعدى من خصوص الولاية على القضاء إلى مطلق الولاية فنثبت العموم تمسكاً بالمناسبات المغروسة في الأذهان، هذا تمام الكلام في التقريب الخامس ولعل هذا الاستظهار يحتاج إلى مؤنة زائدة، التقريبات الأربعة الأوّل لا غبار عليها إلا أن التقريب الخامس قابل للتأمل.التقريب السادس للمحقق المدقق السيد البروجردي

التقريب السادس للمحقق المدّقق آية الله السيد حسين البروجردي& على ما نقله عنه تلميذه الشيخ حسين المنتظريî [2] ، مفاد التقريب السادس دعوى ظهور لفظ الحاكم في معنى الولاية على الأمور، فيكون لفظ الحاكم مرادفاً للفظ الوالي والسلطان، فإني قد جعلته عليكم حاكماً يعني جعلته عليكم سلطاناً، والياً، قال السيد البروجردي& على ما نقله الشيخ المنتظري[3] ، يظهر أن مراده× بقوله في المقبولة حاكماً هو الذي يرجع إليه في جميع الأمور الاجتماعية التي لا تكون من وظائف الأفراد ولا يرضى الشارع أيضاً بإهمالها ومنها القضاء وفصل الخصومات ولم يرد به خصوص القاضي.

هذا الكلام موجود في كلمات المحقق الشهيدي& [4] ، يقول: إن جميع أنحاء الولايات داخلة في مفهوم الحاكم والقاضي، فإعطاء منصب القضاوة للفقيه في مورد فصل الخصومات يوجب إعطاء جميع أنحاء الولاية، هذه الدعوى ما هو برهانها؟ البرهان الوحيد لهذه الدعوى هو الاستظهار العرفي ودعوى أن العرف يفهم معنى الولي والسلطان من لفظ الحاكم، إلا إذا كان سياق الكلام يوجب صرف معنى الحاكم إلى خصوص القاضي، وقد يدعى عكس ذلك كما ادعى السيد الخوئيî [5] ، حيث يرى السيد الخوئي أن مفردة الحاكم تستعمل في الروايات بمعنى القاضي لا بمعنى الوالي أو السلطان والحق والإنصاف أن أكثر استعمالات الآيات والروايات للفظ الحاكم إنما هو في خصوص القاضي، لكن كثرة هذه الاستعمالات لا توجب انصراف لفظ الحاكم إلى خصوص القاضي لأن القران الكريم وكذلك الروايات قد استخدمت مفردة الحاكم في غير القضاء وفصل الخصومات كما ستأتي في المناقشة الأوّلى للمقبولة، هذا تمام الكلام في التقريب السادس.

إذاً هنا كل شخص ووجدانه واستظهاره العرفي، فمن يستظهر كالسيد الخوئي والسيد الحكيم في نهج الفقاهة والسيد الخوئي في مصباح الفقاهة أن المراد بالحاكم هو القاضي يرى أن المقبولة لا تدل على ولاية الفقيه، ومن يستظهر كالسيد البروجردي أن المراد بالولاية أو بالحاكم هو الشؤون العامة يرى أن الرواية ظاهرة في ولاية الفقيه المطلقة.

التقريب السابع للمحقق الشهيدي&[6] ، وقد أسهب في بيان هذا التقريب وقد ذكره الشيخ محمد مهدي الآصفي[7] ، مفاد هذا التقريب الاستفادة من دعوى المقابلة بين قضاة الجور التابعين لسلاطين بني العباس وبني أمية وبين قضاة الحق التابعين للأئمة^ الذين نصبهم الأئمة لكي يرجع إليهم الشيعة وعموم المسلمين في مقابل الرجوع إلى قضاة الجور.

مفاد التقريب السابع إن القضاة المنصوبين من قبل بني العباس وبني أمية كانوا يمارسون الأعمال العامة، وكانت السلطة المركزية لبني أمية ولبني العباس تعطيهم هذه الصلاحية وتخولهم هذه الممارسة، فكان القاضي قيّماً على أموال اليتامى والقُصر وكان يأمر بتنفيذ العقوبات ومطاردة المجرمين ويتولى الشؤون العامة ويتولى الشؤون الحسبية، فإذا تمسكنا بطبيعة المقابلة بين قضاة البلاط والقضاة المنصوبين من قبل أهل البيت^ من الفقهاء، ومنع الأئمة^ من مراجعة قضاة الجور وإرجاع الأئمة إلى خصوص الفقهاء المنصوبين من قبلهم فإن هذا الإرجاع يقتضي أن يرجع الناس إلى القضاة المنصوبين من قبل الأئمة في جميع الأمور العامة، سواءً كان القضاء قضاءً خاصاً أو قضاءً عاماً، لأن القضاة المنصوبين من قبل الأئمة يرجع إليهم في نفس المسؤوليات التي يرجع فيها إلى قضاة الجور وتناط بقضاة البلاط.لكي يتأتى للقضاء الحق وفقهاء الإسلام الذين نصبهم الأئمة^ أن يسدّوا حاجات الناس التي كان يسدّها قضاة الجور، وفيه أوّلاً وثانياً وثالثاً.الإيراد الأوّل: يلزم من هذا التقريب تصويب نظر السلطان الجائر في تحديد مناصب القاضي وحدود القاضي وحدود ولايته وهذا لا يمكن المساعدة عليه، يوجد قدر متيقّن من أعمال القضاة وهو ما يكون داخلاً في إطلاق جعل الإمام× ولاية القضاء له، وهي خصوص مسائل الخصومات والمنازعات والولاية على الصغير والغائب وغيرها من الأمور التي دلت عليها الروايات حينما جعل الإمام× الولاية فيها للفقير، ولا يمكن التعدي من هذه الموارد الخاصة إلى دائرة أوسع من دائرة الولاية الثابتة للقاضي، فكيف يتعدى عن هذه الدائرة لأن السلطان الجائر أعطى هذا الامتياز لقضاته فيكون القاضي المجعول من قبل الإمام المعصوم× تثبت له هذه الحدود الزائدة، هذا كلام غريب عجيب.الإيراد الثاني: إن المدلول المباشر لحكم الإمام× هو جعل أصل الولاية والحكومة للفقيه، فإن كان لمنصب القضاء إطلاق يسع تلك المراتب تثبت جميع تلك المراتب بجعل الإمام لا بالاستعانة بالمصداق الخارجي المعلوم بطلانه وفساد مشروعيته وهو صلاحيات قضاة سلطان الجور، فلا يتمسّك بالمصداق الخارجي لإثبات هذه المراتب في خطاب الإمام× وجعله الحكومة للفقيه.المناقشة الثالثة والأخيرة لو دل هذا التقريب على الولاية فإنها ولاية في خصوص دائرة الحُسبة فقط، ولا تدل على ثبوت الولاية المطلقة لأن فصل الخصومات بين الناس والولاية على القُصّر والأيتام والمجانين والأوقاف ممن لا يرضى الشارع لتركها فهو يحتسبها عليه فيكون مفاد الرواية بناءً على هذا الاستظهار ولاية الفقيه على الأمور الحسبية، وليس إثبات الولاية المطلقة للفقيه، هذا تمام الكلام في الدليل الثالث وهو مقبولة عمر بن حنظلة بتقريباتها الستة واتضح أن التام منها هو خصوص التقريبات الأربعة الأوّل بخلاف التقريب الخامس فإنه قابل للتأمل وأما التقريب السادس فلا يمكن المساعدة عليه.إذا تم الاستظهار في ولاية الفقيه وثبت المقتضي يأتي الكلام في المانع، وقد ذُكرت عدة مناقشات لدلالة مقبولة عمر بن حنظلة على ولاية الفقيه، أي أننا لو سلّمنا واستظهرنا من مقبولة عمر بن حنظلة أنها دالة على ولاية الفقيه فإننا نواجه عدة موانع وعدة إشكالات ذكرت في عدة مناقشات ونحن نتطرق إلى ست مناقشات.

المناقشة الأوّلى ذكرها سماحة الشيخ المنتظري& [8] ، خلاصة وزبدة هذه المناقشة أقررها ثم نذكر نص كلامه&، خلاصة هذه المناقشة الطويلة لو سلّمنا ثبوت الولاية المطلقة للفقيه واجتمع عدة فقهاء في عصر واحد، وكانوا بأجمعهم واجدين للشرائط فالولاية لمن؟ توجد احتمالات خمسة:

الاحتمال الأوّل: أن يكون المنصوب جميعهم من قبل الأئمة^ بنحو العموم الاستغراقي، فيكون لكل واحد منهم ولاية، هذا الاحتمال يرد عليه قبح هذا النصب من الشارع الحكيم للزوم الهرج والمرج، كل فقيه له ولاية يحصل تضارب بينهم يحصل الهرج والمرج، هذا الاحتمال الأوّل.

الاحتمال الثاني: أن يكون المنصوب هو الجميع بنحو العموم الاستغراقي لكن لا يجوز إعمال الولاية إلا لواحد منهم، هذا الاحتمال يرد عليه أن جعل الولاية للباقين لغو قبيح، كيف تجعل الولاية للجميع وحق إعمال الولاية لواحد، هذا قبيح.

الاحتمال الثالث: أن يكون المنصوب واحداً منهم فقط، ويرد عليه إنه كيف يعيّن من جعلت له الولاية الفعلية، فإذا لا يوجد طريق إلى التعيين صار الجعل لغواً وهو قبيح، وإن قيل بالانتخاب قلنا يصير النصب لغواً وتكون الولاية قد انعقدت بالانتخاب وليس له.

الاحتمال الرابع: أن يكون المنصوب الجميع، ولكن يتقيد إعمال الولاية لكل واحد منهم بالاتفاق مع الآخرين.

والاحتمال الخامس: أن يكون المنصوب للولاية هو المجموع من حيث المجموع، يعني شورى الفقهاء كما يقول به السيد محمد الشيرازي&، أن يكون المنصوب للولاية هو المجموع من حيث المجموع، يعني لا تكون الولاية للفقيه الواحد تكون الولاية لمجموع الفقهاء، فيكون المجموع بمنزلة إمام واحد، ويجب إطباقهم في إعمال الولاية، طبعاً مرجع ومآل الرابع والخامس إلى شيء واحد، ولاية واحدة تكون.

الاحتمال الخامس مخالف لسيرة العقلاء والمتشرّعة، دونك الدول، لا توجد دولة يحكمها مجموعة أشخاص، شخص واحد، هكذا تفسير العقلاء، بأن يختلفون فيما بينهم وهكذا جرت سيرة المتشرّعة، ولم يقل به أحد فيما سبق.

وخلاصة هذا الإشكال إن نصب الأئمة^ للفقهاء في عصر الغيبة بحيث تثبت الولاية الفعلية بمجرد النصب بمحتملاته الخمسة قابل للخدشة ثبوتاً، يعني إمكان الغير ممكن دعنا من الدليل الإثباتي مقبولة عمر ابن حنظلة وغيرها من الروايات، ثبوتاً هذا غير ممكن، هذا تمام الكلام في المناقشة الأولى يمكن مراجعة دراسات في ولاية الفقيه [9] ذكر الاحتمالات وناقش هذه الاحتمالات.

ويَرد عليه إنه يمكن اختيار الاحتمال الأوّل الثبوتي، ولا يرد عليه أي شيء مما ذكر، ما هو الاحتمال الأوّل؟ أن يكون المنصوب هو الجميع بنحو العموم الاستغراقي بحيث يكون لكل فقيه بمفرده ولاية ويمكن أن يعملها بالاستقلال، وذلك بالتفريق بين ثبوت حق الولاية للفقيه وبين إعمال الفقيه لولايته، فأصل ثبوت الولاية شيء وفعلية الولاية وإعمال الولاية شيء آخر، وهذا ما يذكر الآن يقولون لو وُجد عدة فقهاء، كلهم تثبت لهم الولاية على الشؤون العامة ولكن من تثبت له الولاية الفعلية هو الذي يتصدى ويكون مبسوط اليد، كان الكثير من الفقهاء والمراجع موجودين، كلهم تثبت لهم الولاية العامة، ولكن الإمام الخميني+ حينما ثار وتحرك واستطاع إقامة الدولة الإسلامية أصبحت يده مبسوطة، بسط يده معناه فعلية ولايته، فلا معنى لفقيه في قرية نائية ولا سلطة له على أهله فضلاً عن غيرهم من أن يقول أنا أيضاً تثبت لي ولاية فعلية وينازع الإمام الخميني+ في إعمال الولاية، نعم كل فقيه تثبت له الولاية [10]

وأحياناً بانتخاب الفقهاء لكي يتصدى الفقيه الجامع للشرائط، يرد على كلام الشيخ المنتظري& أمران، طبعاً نختار الاحتمال الأول ثبوت الولاية بنحو العموم الاستغراقي للجميالجواب الأول: إن لزوم الهرج والمرج من جعل الحاكمية لجميع الفقهاء على نحو الاستغراق ليس لازماً لنفس الجعل وثبوت الولاية لجميع الفقهاء، وإنما يلزم الهرج والمرج من إعمال الفقهاء لولايتهم على وجه التصادم والتنافي بين آراء الفقهاء، فلا قُبح في نفس الجعل ولا قبح في ذات الجعل، إنما القُبح ناشئ من إعمال الولاية، وإعمال الولاية شيء وجعل الولاية شيء آخر، وإعمال الولاية غير مرتبط بجعل الولاية، فيكفي لتصحيح جعل الولاية وجود ثمرة والثمرة ثابتة لجعل الولاية للفقيه، وهي ما ذكرها الإمام× من قبح مراجعة الطاغوت والقاضي المرتبط به وحسن مراجعة الفقيه الجامع للشرائط المنصوب من قبل الأئمة، إذاً جعل الولاية لجميع الفقهاء بنحو العموم الاستغراقي بحيث تثبت الولاية لكل فقيه بشكل منفرد هذا الجعل توجد له ثمرة توجب تصحيحه وهي قبح مراجعة فقهاء الجور وقضاة السلطان الجائر وحسن مراجعة الفقهاء المنصوبين من قبل الأئمة.لزوم الهرج والمرج لا يلزم من جعل الولاية، وإنما من التنافي في إعمال الولاية، هذا الأمر الأوّل.

الأمر الثاني لو سُلم قبح ذلك الجعل بسبب لزوم الهرج والمرج الحاصل، إلا أن هذا يوجب التصرّف في دلالة المقبولة بمقدار يدفع ذلك القبح، لا رفع اليد عن أصل دلالة المقبولة على جعل الحاكمية للفقيه، فالضرورات تُقدر بقدرها، فإذا ورد الإشكال بلزوم وقوع الهرج والمرج وهذا قبيح فهذا الإشكال لا يوجب رفع اليد عن ظهور مقبولة عمر بن حنظلة في ولاية الفقيه، وإنما يوجب أن نرفع اليد عن المقبولة بالمقدار الذي يوجب رفع هذا التنافي، ورفع هذا التنافي يتم بأحد صورتين:

الأولى أن نقول إن الولاية تثبتُ لجميع الفقهاء لكن فعلية الولي الفقيه وجواز إعماله للولاية موقوف على تراضي الناس، فإذا ارتضى الناس أحد الفقهاء بخصوصه صارت ولايته فعلية، إذاً الأمر الأوّل نقول التراضي شرط في إعمال الولاية وليس شرط في أصل ثبوت الولاية، هذا الأمر الأوّل.

الأمر الثاني أن نقول أصل الولاية ثابتة لجميع الفقهاء وفعلية الولاية ثابتة لمن يختاره الخبراء من الفقهاء، إذاً على كلا التقريبين أصل الولاية ثابت لكل فقيه، إعمال الولاية لمن يرتضيه الناس أو ينتخبه الخبراء، والأمر الثالث أو من يُعمل ولايته ويكون مبسوط اليد، هذا تمام الكلام في المناقشة الأولى.

المناقشة الثانية موجودة في مسالك الإفهام للشهيد الثاني في شرح شرائع الإسلام في أول بحث القضاء، قد يقال لو سُلّم دلالة المقبولة على ولاية الفقيه إلا أن هذه الولاية محدودة بحياة الإمام الصادق×، فبموته× يرتفع جعله الولاية للفقيه، فكأنما هذا التقريب يستظهر حمل الرواية على القضية الخارجية لا على القضية الحقيقية، الإمام الصادق× يقول: فإني قد جعلته عليكم حاكماً [11] إذا الجاعل وهو الإمام الصادق× قد رحل عن الدنيا، ارتفع مجعوله هذا الجعل وهذا النصب مختص بحياته المباركة×، وفيه إن الأصحاب مطبقون على استمرار تلك التولية فإنها ليست تولية خاصة، بل حَكم الفقهاء والأصحاب بمضمون ذلك، فإعلام الإمام× بكون الفقيه من أهل الولاية كإعلامه× بكون العدل مقبول الشهادة وكإعلامه بكون ذي اليد مقبول الخبر وغير ذلك، إذاً نحمل كلام الإمام× على القضية الحقيقية لا على القضية الخارجية.

المناقشة الثالثة إن جعل الولاية لكل فقيه معناه تعدد الولايات وتعدد الحكّام على الأمة مما يوجب وقوع التنافي والتضاد في الأحكام حين إعمال الولايات فيستكشف من ذلك عدم إرادة جعل الولاية لهم بل يستظهر جعل خصوص ولاية القضاء دون الولاية العامة، وفيه أوّلاً هذا الإيراد لو يرد ولو قيل باختصاص المقبولة بخصوص القضاء يرد نفس هذا الإشكال على حمل الرواية على القضاء، وما يجاب به في حمل الرواية على القضاء يجاب به هنا في مورد القضاء يقولون إذا تصدى الفقيه للقضاء لم يجز لفقيه آخر أن يتصدى للقضاء أو أبطال حكمه إلا إذا عُلم خطأ مستنده فكذلك بالنسبة إلى الولي الفقيه فإذا تصدى الفقيه للحكم لم يَجز للفقهاء الآخرين نقض حكمه، إلا إذا عُلم خطأ مستنده.

وثانياً يمكن علاج حالة التنافي بتقديم حُكم الفقيه الذي تصدى للحكم على حُكم غيره، أو بتقديم من اختاره من فيهم الكفاية فإذا اختاروا فقيهاً معيناً لتولي الأمور العامة ثبتت فعلية ولايته وجاز له إعمال الولاية ولم يجز للآخرين نقد حُكمه وإعمال ولايته، هذا تمام الكلام في المناقشة الثالثة واتضح أن المناقشات الثلاث كلها غير تامة إلى هنا اتضح أن مقبولة عمر ابن حنظلة تامة الدلالة على ولاية الفقيه المطلقة بالتقريبات الأربعة الأُول بخلاف التقريب الرابع والخامس وأن الإيرادات والمناقشات الثلاث الأُول غير تامة يبقى الكلام في المناقشة الرابعة والخامسة والسادسة وإذا تمت نتطرق إلى آراء الأعلام الثلاثة، السيد محسن الحكيم+ والسيد أبو القاسم الخوئي+ والسيد الإمام الخميني+، هؤلاء الأقطاب الثلاثة كانوا معاصرين لبعضهم البعض والسيد الحكيم والسيد الخوئي من مدرسة النجف ممن يقولان بولاية الفقيه المقيّدة والسيد الإمام الخميني من مدرسة قم وهو ممن يقول بولاية الفقيه المطلقة، لذلك يهمّنا تتبع آرائهم في ولاية الفقيه بشكل عام، يعني كل الروايات وفي كل دليل دليل من الأدلة الثلاثة التي تقدمت، الدليل الأوّل والدليل الثاني والدليل الثالث، يعني الدليل الثالث مقبولة عمر بن حنظلة والدليل الثاني رواية تحف العقول والدليل الأوّل هي رواية إسحاق بن يعقوب له التوقيع الشريف.

 


[4] هداية الطالب إلى أسرار المكاسب، المحقق الشهيدي، ج2، ص329.
[6] هداية الطالب إلى أسرار المكاسب، المحقق الشهيدي.، ج2، ص329
[7] الإجتهاد والتقليد وشؤون الفقيه، الشيخ محمد مهدي الآصفي، ج1، . ص80
[10] ولكن إعمال الولاية للفقيه المبسوط اليد أو بانتخاب مجلس الخبراء، مجلس خبراء القيادة المكون من فقهاء الآن في إيران تقريباً 86 فقيه، هؤلاء يختارون الفقيه الخبير الجامع لشرائط الولاية، بعد وفاة الإمام الخميني+ انتخب مجلس الخبراء المؤلف من 86 فقيهاً انتخبوا الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي ~، إذاً الإمام الخميني فعلية ولايته كانت بالتصدي وبسط اليد، تصدى وصارت يده مبسوطة فصارت ولايته فعلية، قبل تأسيس الجمهورية الإسلامية قبل تأسيس الدولة الإسلامية الإمام الخميني ثبتت له الولاية المطلقة فعلاً وأما اقتضاءً الولاية العامة لكل الفقهاء ثابتة ولكن فعليتها فرع التصدي وبسط اليد، السيد الإمام تصدى وصار مبسوط اليد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo