< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التقريب الأول والثاني والثالث للدليل الثالث (مقبولة عمر بن حنظلة)

 

الإشكال الثالث على الدليل الثاني الذي أُقيم على ولاية الفوقية المطلقة الإشكال الثالث للميرزا الشهيدي& [1] وهو الفرق بين جملة مجاري الامور بيد العلماء الواردة في الرواية وبين جملتين أخريين وهما الأمور بيد العلماء والأخرى مجاري الامور بيد العلماء، فإن الجملتين الأخيرتين تثبتان الولاية للفقيه، جملة الأمور بيد العلماء تثبت الولاية للفقيه وجملة مجاري الأمور بيد العلماء تثبت الولاية للفقيه بخلاف الجملة الأوّلى وهي التي وردت في الرواية، مجاري الأمور والأحكام بيد العلماء فإن هذه العبارة مختصة بالأئمة^ بتقريب حاصله هذا وهذا نص عبارة الشهيدي يقول: إن مجاري جمع مجرى أسم مكان لا مصدر ميمي يعني محال جريان الأمور والأحكام والمراد فيها المصالح والمفاسد والمدارك الناشئ والجارية منها الأحكام جريان الماء من المنبع ومن المعلوم أنها بيدهم^.

خلاصة إشكال الشهيدي& وكتابه من أهم الحواشي على المكاسب مجاري جمع مجرى والمجرى أسم مكان فمجرى الأمور مجرى الأحكام يعني مكان جريان الأحكام ومكان جريان الأمور والشؤون العامة للمسلمين ولا شك إن مكان الجريان هم الأنبياء والأئمة^ وليس الفقهاء.

هذا تمام الكلام في بيان الإشكال الثالث وهو للشهيدي على الدليل الثاني وهو ما ورد في تحف العقول مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، وفيه أوّلاً وثانياً:

أوّلاً: لا فرق بين قوله× مجاري الأمور بيد العلماء وبين القول مجاري الأمور يد العلماء إذ على التعبير الثاني مجاري الأمور يد العلماء لابد من تقدير محذوف إذ لا معنى لإسناد نفس الأمور إلى يد العلماء فلابد من تقدير فإما أن نقدم الحكم وإما أن نقدم الشأن اللازم للأمور فتكون الجملة الثانية مجاري الأمور يد العلماء في قوة الجملة الأوّلى، مجاري الأمور بيد العلماء أو على أيدي العلماء.

ثانياً: إن الرواية أجنبية عن مسألة الملاكات والمصالح التكوينية التي تكون أساس الحكم الشرعي بل الرواية ناظرة إلى عدالة وعلم الشخص الذي تجري على يديه الأمور، فبمقتضى علمه وعدالته يستطيع أن يشخص الأمور الصحيحة وأن يتخذ القرار المناسب في ما يتعلق بشؤون الحكومة والناس، إذ بمقتضى علمه يتخذ القرار المناسب وبمقتضى عدالته يبتعد عن الأهواء والنزوات والشهوات في مقابل الفاسق الذي ينقاد لهواه والجاهل الذي يفتي بغير علم أو يتخذ قراراً لا أساس له من الصحة.

إذاً الإشكال الثالث لا يمكن المساعدة عليه ولكن ردنا للإشكال الثالث لا يعني أن رواية تحف العقول مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء الأُمناء على يدي العلماء بالله، الأُمناء على حلال الله وحرامه لا يعني إنها ناظرة إلى الفقيه الجامع للشرائط بل لا يبعد إختصاصها بالأئمة^ نظراً لقرينة السياق وقرينة قوله× العلماء بالله.

الإشكال الرابع والأخير على الدليل الثاني مرسلة تحف العقول، الإشكال الرابع ما ورد عن الميرزا النائيني+ [2] إن مثل قوله× مجاري الأمور بيد العلماء الأُمناء لله في حلاله وحرامه لقرينة ذيله لا يدل على أزيد من إثبات منصب التبليغ لهم في بيان الأحكام من الحلال والحرام، إنتهى كلامه رفع كلامه، خلاصة الإشكال الرابع التمسك بالقرينة الواردة في ذيل مقطع الذي نستشهد به، أُمناء الله على حلاله وحرامه فبقرينة الذيل أُمناء الله على حلاله وحرامه نقيّد مجال الأمور والأحكام بخصوص التبليغ، إذاً الرواية ناظرة إلى ولاية المعصوم على التبليغ وليست ناظرة إلى ولاية المعصوم على الشؤون العامة للأمة.

وفيه: أوّلاً إن ذيل الرواية أمين الله على حلاله وحرامه لا يدل على ثبوت منصب التبليغ للفقيه إذ الأمين في اللغة هو الحافظ والحارس كما جاء في معجم الوسيط[3] ، والموثوق به كما جاء في المنجد [4] ، فيكون الفقيه مجعولاً من قبل الإمام المعصوم× في منصب الحافظ والحارس والموثوق فلو أراد أحد الرجوع إلى الفقيه في التبليغ فهو الحارس والأمين وإن أراد أحد الرجوع إلى الفقيه في الأحكام فهو الموثوق والحارس والحافظ، وإن أراد أحد الرجوع إلى الفقيه في الشؤون العامة للأمة والشؤون السياسية والحكم فهو نعم الأمين والحافظ والحارس وهو موثوق به في مثل هذه الأمور.

إذاً من قوله× أُمناء الله على حلاله وحرامه نعم الأمانة لا يستبطل خصوص التبليغ بل يعُم ويشمل الأحكام والشؤون العامة للأمة.

وثانياً: الإعتراض المذكور إنما يكون تاماً لو كان الوارد العلماء أُمناء الله في حلاله وحرامه فيقال إن المراد إثبات منصب التبليغ للفقيه لكن صدر الجملة عام إذ يقول مجاري الأمور والأحكام على يد العلماء [5] [6] وهذا يعني أن هذه العبارة تريد الإخبار عن محل جريان الأمور ومحل جريان الأحكام فلابد من ضم كلا الجملتين إلى بعضهما البعض في إستظهار المعنى، فما هو مجرى الأمور؟ وما هو مجرى الأحكام؟ العلماء فتكون الجملة الواردة في الأخير أُمناء الله على حلاله وحرامه ناظرة إلى كلا المجريين، مجرى الأمور ومجرى الأحكام لا إلى مجرى واحد فقط وهو مجرى الأحكام، هذا تمام الكلام في ردّ الإشكال الرابع للميرزا النائيني& وإتضح من خلال البحث الدلالي للرواية الثانية وهي رواية تحف العقول المرويّة عن الإمام الحسين أبن علي عن أبيه أمير المؤمنين‘ إتضح إن الإشكال الثالث والرابع ليسا تامين بينما الإشكال الأوّل والثاني تامان، إذ إن الإشكال الأوّل مفاده إن السياق هو قرينة العلماء بالله يدلان على إختصاص الرواية بخصوص المعصوم× فما أفاده المحقق الإصفهاني+ تام لا غبار عليه إلّا إننا لا نلتزم إن المراد بالولاية الولاية التكوينية وإنما الرواية ناظرة إلى الولاية العامة للأمة.

وهكذا الإشكال الثاني لإستاذنا الميرزا جواد التبريزي& تام إذ أن الرواية هو لزوم إظهار الحق هو لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكي يقوم الإمام× بوظيفته الإلهية.إذاً إتضح أن رواية تحف العقول أوّلاً غير تامة الدلالة خلافاً للكثير من المعاصرين كسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي~ في كتابه نظرية الحكم في الإسلام إذ يرى إن هذه الرواية تامّة سنداً ودلالة وهكذا إذا راجعنا الحكومة الإلهية لآية الله الشيخ محمد المؤمن& ودراسات في ولاية الفقيه للشيخ حسين المنتظري&.

هذه الرواية ليست تامة من ناحية الدلالة أوّلاً وثانياً ليست تامة من ناحية السند لأن هذه الرواية مرسلة أبن شعبة الحراني رجل ثقة ومن أعاظم الطائفة، كتابه تحف العقول عن آل الرسول [7]

إذاً خلاصة الكلام في الرواية الأوّلى والثانية في الدليل الأوّل والدليل الثاني، الدليل الأوّل التمسك بالتوقيع (وأمّا الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) ، [8] وإتضح أن هذا الحديث تام من ناحية الدلالة فهو يدل على إثبات الولاية المطلقة للفقيه لكنه غير تام من ناحية السند، إذ أن هذه الرواية ضعيفة بإسحاق أبن يعقوب، البعض قَبِلَ هذه الرواية لإن هذه الرواية وردت في عدة مجاميع وكتب فقط أوردها الشيخ الصدوق في إكمال الدين وإتمام النعمة وأوردها الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة وأوردها الشيخ الطبرسي في الإحتجاج وإن كان قد أوردها مرسلة إلا أن الكليني الذي يقع في سندها في هذه المصادر لم يوردها في كتابه أصول الكافي.

وأما بالنسبة إلى الرواية الثانية أو الدليل الثاني رواية تحف العقول فقد إتضح إن هذه الرواية ليست تامة سنداً ودلالة، فهذه الرواية ليست تامة من ناحية السند لأنها رواية مرسلة والمرسل ضعيف وليست تامة أيضاً من جهة السند.

أمّا بالنسبة إلى الدليل الأوّل فالسيد الإمام+ يوافقنا في كتابه الحكومة الإسلامية وفي كتابه البيع وقد تطرقنا في البحث السابق إلى نص كلامه قال+ [9] ، يقول بالنسبة إلى الأمر الأوّل التوقيع ليس هناك إشكال حول دلالة الرواية التي ذكرناها غاية الأمر في سندها شيء من التأمل وإذا لم تكن دليلاً فهي مؤيد للمطالب التي ذكرناها، هذا كلام السيد الإمام في الحكومة الإسلامية وهو مجموعة محاضرات ألقاها في النجف الأشرف.

وأيضاً هذا الكلام ذكره في كتاب البيع أمّا بالنسبة إلى الرواية الثانية وهي رواية تحف العقول وقد أوردها السيد الإمام+ في نهاية الروايات وجعلها بمثابة المؤيدات، قال+[10] ، تحت عنوان الإستدلال بروايات أُخر، طبعاً هو ذكر تقريباً سبع أدلة ثم قال هناك روايات أخر، قال وكرواية تحف العقول عن سيد الشهداء عن أمير المؤمنين^ وفيها مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأُمناء على حلاله وحرامه، قال وهي وإن كانت مرسلة لكن أعتمد على الكتاب صاحب الوسائل+ ومتنها موافق للإعتبار والعقل، طبعاً مجرد أعتماد صاحب الوسائل+ أعتماده حجة عليه وليس بحجة علينا ويذكر كلام لطيف بالنسبة إلى إستظهار أن المراد العلماء بالله الأئمة وليس الفقيه وينتصر إلى أن المراد بها الفقيه جعل الولاية للفقيه وليست ناظرة إلى خصوص الإمام المعصوم×.[11]

والظاهر من الخبر شموله لهم يعني الأئمة ولسائر العلماء في عصور المتأخرة للمناسبات التي هي عامة لجميع الأعصار، بل لا يبعد ظهور الرواية صدراً وذيلاً في غير الأئمة^.إتضح أن السيد الإمام+ يرى أن هذه الرواية تامة من ناحية الدلالة وأيضاً تامة من ناحية السند إذا قلنا بأعتماد صاحب الوسائل عليها.

الدليل الثالث الإستدلال بمقبولة عمر أبن حنظلة وهذا من أهم الادلة وهي رواية الكافي محمد أبن يعقوب الكليني عن محمد أبن يحيى عن محمد أبن الحسين عن محمد أبن عيسى عن صفوان عن داود أبن الحصين عن عمر أبن حنظلة، المشكلة في عمر أبن حنظلة قال سألت أبا عبد الله× الإمام الصادق عن رَجُلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث، إذاً المورد هو فصل المنازعة والخصومة يعني المورد هو القضاء بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك؟ هنا الشاهد مهم، لم يقل تحاكما إلى القضاة فقط قال فتحاكما إلى السلطان يعني الحاكم أو إلى القضاة أيحل ذلك فقال× من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذه سُحتاً وإن كان حقه ثابتاً، قال لأنه أخذه بحكم الطاغوت يعني بحكم السلطان الجائر وقد أمر أن يكفّر به قال الله تعالى يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفّروا به قلت (عمر أبن حنظلة) ويبدو من خلال الرواية أنه عالم لأنه فرّع عدة تفريعات، قلت كيف يسمعان قال أنظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرّف أحكامنا فأرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، لاحظ الإمام لم يقل قد جعلته عليكم قاضياً قال حاكماً وإن كان مصطلح الحاكم في الروايات أكثر ما يرد في القاضي فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله قد أستخف وعلينا رد، والراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله [12]

هذا الحديث ذكرت له عدة تقريبات، نذكر منها أربعة تقريبات، والتقريب الرابع ورد عليه عدة إشكالات أهمها أربعة إشكالات، إذاً سنذكر أوّلاً أربعة تقريبات ثم على التقريب الرابع أربعة إشكالات ثم بعد ذلك سنذكر التقريب الخامس والسادس والسابع وعلى بعضها أيضاً عدة إشكالات.إذاً الدليل الثالث مقبولة عمر أبن حنظلة البحث فيها طويل قد يستغرق عدة أيام أو أسبو

التقريب الأوّل للإستدلال بمقبولة عمر أبن حنظلة على ولاية الفقيه المطلقة، التقريب الأوّل للشيخ الأعظم الأنصاري+ [13] ما يستفاد من جعله حاكماً كما في مقبولة عمر أبن حنظلة الظاهر في كونه كسائر الحكّام المنصوبين في زمان النبي| والصحابة، في إلزام الناس بإرجاع الأمور المذكورة إليه والإنتهاء فيها إلى نظره بل المتبادر عرفاً من نصب السلطان حاكماً وجوب الرجوع في الأمور العامة المطلوبة للسلطان إليه، إذاً خلاصة التقريب الأوّل الإستظهار من جعل الإمام للحاكم هو إرجاع الناس في الأمور العامة إلى الشخص المجعول كما كان النبي| والصحابة في تعيينهم لشخص حاكماً فإن المقصود به ليس خصوص القاضي وإنما الرجوع إليه في الشؤون العامة، للقضاء وغيره.

يؤيد هذا التقريب ونظير هذا التقريب ما ذكره المحقق الإصفهاني+ [14] ، حيث قال إن المراد بالحاكم ما هو المتعارف من نصب السلطان للحكّام الذين يتصدّون الأمور العامة المتعلقة بالرعية، يعني رئيس الدولة يعيّن الولاة، الإمام× هو رئيس الدولة هو الحاكم لما يعيّن حاكم يعني يعيّن والي، يقوم بمهامه في شؤون العامة.

إذاً لفظ ظهور الحاكم في معنى الولاية من باب دلالة مقام الإمام× في جعل الحاكمية لشخص، إذ أن منصب الإمام قرينة على أن المراد من جعل الإمام لشخص حاكماً جعله نائباً عنه في وظائفه المتعلقة بالشؤون العامة في موارد عدم أمكان الرجوع إلى الإمام مباشرة في القضايا والحوادث الطارئة كما لو لم يمكن الوصول إلى الإمام لبعد أو لمانع سياسي، فإذا عيّن الإمام شخصاً في منطقة نائية فإنه يكون نائباً عن الإمام في تلك المنطقة ولا يكون قاضياً فقط.

قال المحقق الإصفهاني+: [15] فالمراد بالحاكم ما هو المتعارف من نصب السلطان للحكّام الذين يتصدون الأمور العامة المتعلقة بالرعيّة، وقال الشيخ أحمد النراقي+: [16] وإن أردت توضيح ذلك فانظر إلى أنه لو كان حاكم أو سلطان في ناحيته وأراد المسافرة إلى ناحية أخرى وقال في حق شخص الحاكم من جانبي فهل يبقى لأحد شك في أنه له فعل كل ما كان للسلطان في أمور رعيّة تلك الناحية إلا ما أستثنا، فهذا المقطع من المحقق النراقي& ظاهر منه أن ثبوت الولاية لشخص منصوب من قبل السلطان من لوازم نفس تصدي السلطان للتنصيب، من لوازم نفس نصب السلطان والحاكم لذلك الشخص، إذاً هو لم يتمسك بدلالة لفظ الحاكم حتى نقول لفظ الحاكم هل هي مختصة بخصوص القاضي أو تشمل الولاية العامة والقضاء معاً، لم يتمسك المحقق النراقي+ بعموم لفظ الحاكم وإنّما تمسك من ظاهر حال التنصيب فظاهر تنصيب الإمام× كظاهر تنصيب السلطان فيكون المنصوب من قبل السلطان أو الإمام× منصوباً في الأمور العامة مطلقاً لا في خصوص القضاء، هذا تمام الكلام في التقريب الأوّل للشيخ الأعظم الانصاري والمحقق الإصفهاني والمحقق النراقي@.

التقريب الثاني: التمسّك بقرائن لفظية تجعل لفظ الحاكم ينصرف إلى معنى ولاية الأمر الأعم من معنى القضاء وأنا أذكر لكم ثلاثة قرائن:

القرينة الأوّلى: ذكرها السيد الإمام الخميني+،[17] القرينة التمسك بالآية التي أوردها الإمام× وأشار إليها في كلامه ولم يذكرها نصاً هذا نص عبارة السيد الإمام يقول مفادها أعم من التحاكم إلى القضاة وإلى الولاة لو لم نقل بأن الطاغوت عبارة عن خصوص السلاطين والأمراء ولأن الطغيان والمبالغة فيه مناسب لهم لا للقضاة ولو أطلق على القضاة يكون لضرب من التأويل أو بتبع السلاطين الذين هم بالأصل في الطغيان ويظهر من المقبولة التعميم بالنسبة إليهما.

إذاً القرينة الأوّلى التمسك بالآية التي أستشهد بها الإمام× والآية ناظرة إلى حكّام الجور وسلاطين الجور فإما أن نقول بإختصاص بخصوص السلاطين أو نقول بالأعم من السلاطين أو القضاة والعلّة في القضاة أنهم منصوبين من قبل سلاطين الجور، إذاً تصير الآية والرواية ظاهرة في الولاية العامة وليست في القضاء أو الأعم من الولاية العامة والقضاء.

القرينة الثانية: التمسك بقوله في ذيل أو ميراث فإن قول السائل في ذيل أو ميراث يتضمن نوعين من النزاعات:

النوع الأوّل التنازع في أصل دعوى الدين أو دعوى أنه وارث وهذا النوع من التنازع مرجعه القاضي، أنا أطالبك بدين أنا ورثت من فلان هنا نرجع إلى القاضي إذا كان منشأ النزاع هو ثبوت أصل الدين أو ثبوت أصل الإرث.والنوع الثاني من التنازع نزاع في إستيفاء الدين من الغرين بعد إعتراف الغرين به أو نزاع في مماطلة الوارث في دفع إستحقاق الوارث من تركة المتوفى بعد إقراره بثبوت الإرث ومن الواضح أن النوع الثاني من النزاع يرجع في حسمه إلى الحاكم، الآن ما أكثر الورثة الذين يحرمون البنات والأخوات، الأخ يأخذ الإرث كله ويحرم خواته، هنا ليس المرجع القاضي خاصة إذا كان هو يقرّ أن الأخت قد ورثت هنا المرجع السلطان حتى يجّبره على دفع الغرامة.

إذاً النوع الأوّل من النزاع النزاع في أصل ثبوت الدين وأصل ثبوت الميراث، هذا مرجعه القاضي، النوع الثاني من النزاع إستيفاء الدين وإستيفاء الإرث بعد التسليم بثبوت الإرث والدين هذا يحتاج إلى قوة السلطان، القاضي إذا يملك القوة نعم وإذا لم يملك القوة يحتاج إلى الحاكم والسلطان، والمستفاد من الرواية هو السؤال عن المرجع في مطلق المنازعات، الرواية مطلقة بينهما منازعة في دين أو ميراث يعني مطلقاً إمّا في أصل الدين أو في إستيفاء الدين إما في أصل الإرث أو في إستيفاء الإرث، إذاً المستفاد من الرواية هو مطلق المنازعات لا خصوص النزاع من النوع الأوّل أصل الدين أو أصل الإرث.

إلا أن يقال إن مرجع النزاع الثاني إلى القاضي طبعاً النزاع الثاني أيضاً مرجعه القاضي ولكن القاضي إذا كانت سلطته ضعيفة فيكون المرجع هو السلطان.

القرينة الثالثة: التمسّك بلفظ عليكم في قوله× فإني قد جعلته عليكم حاكماً فلفظ عليكم ظاهر في إرادة معنى الولاية العامة من لفظ الحاكم لا معنى الولاية في القضاء في النزاعات إذ لو كان المراد بالحاكم هو القاضي في الخصومات لكان ينبغي أن يقال فإني قد جعلته حاكماً بينكم ولا يقول حاكماً عليكم، لأن الحكم بمعنى القضاء إنما يكون بين المتنازعين لا على المتنازعين.

إذاً الخلاصة التقريب الأوّل ناظر إلى ظاهر النصب وظاهر التنصيب فإن هذا يناسب الولاية العامة، التقريب الثاني ناظر إلى قرائن لفظية القرينة الأوّلى التمسّك بالآية وقد تحاكم إلى الطاغوت القرينة الثانية التمسك بقوله بينهما نزاع في دين أو ميراث، القرينة الثالثة التمسّك بقوله عليكم.

التقريب الثالث إن السائل يسأل عن المرجع الذي يرجع إليه بعد أن حكم الإمام× بحرمة الرجوع إلى السلطان أو القاضي، وذكر الدين أو الميراث إنما هو من باب المثال، وحيث إن السؤال عن مطلق المرجع لا عن خصوص المرجع في حسم الخصومات القضائية ذكر السائل السلطان أو القاضي، إذ لو كان السؤال عن المرجع في خصوص حسم الخصومات لا معنى لذكر السلطان بل يكتفي السائل بذكر القاضي، صحيح إن السلطان يفصل بين الخصومات إلا أن العادة جرت بأن القاضي هو الذي يفصل بين الخصومات الواقعة بين الناس، ذات النكتة يمكن إستفادتها من ذكر الدين والميراث، إذ أن هذا التردد بينهما دين أو ميراث ما ذكر واقعة معيّنة، دين أو ميراث من باب المثال يعني نزاع من النزاعات، هذا التردد بين الدين والميراث شاهد على إن السائل لا يسأل عن قضايا خارجية واقعة ويستفتي الإمام فيها وإنما يسأل عن قضايا كلّية، ما هو مرجعنا؟ من هو مرجعنا؟ والإمام جعل الفقيه مرجعاً في مطلق المنازعات التي تقع للشيعة، وهذا يثبت الولاية العامة للفقيه.

إذاً التقريب الثالث ما هو مدركه؟ إستظهار السائل يسأل عن مطلق المرجع لا عن خصوص المرجع في باب المنازعات، إلى هنا إتضح أن مقبولة عمر أبن حنظلة من ناحية الدلالة تامة بناءً على التقريب الأوّل والثاني والثالث.

 


[1] هداية الطالب إلى أسرار المكاسب، المحقق الشهيدي.، ج2، ص329
[4] المنجد، ج1، ص18.
[7] كتاب معتبر لكنّه حذف الأسانيد فنتعامل مع رواياته معاملة المراسيل كما نتعامل مع روايات نهج البلاغة مع أن الكثير منها عليها مسحة من نور الإمامة ولكن لابد من ملاحظة سندها ومؤخراً إستخرجت أسانيد نهج البلاغة وكتب كثيرة كتبت، مصادر نهج البلاغة وأسانيده.
[9] الحكومة الإسلامية، ج1، ص125.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo