< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدليل الثاني على اثبات ولاية الفقيه المطلقة

ما رواه ابن شعبة الحراني في كتابه تحف العقول صفحة 170 هذه الرواية عن زيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام وتروى عن علي عليه السلام وهي رواية طويلة نشير إلى بعض فقراتها اثناء الاستدلال والشاهد في الاستدلال هو قوله عليه السلام مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه.[1]

الدلیل الاول توقیع الامام العصر (عج)

انتهينا من الدليل الأول على ولاية الفقيه المطلقة وهو توقيع وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله.[2]

قلنا هذا التوقيع تام من ناحية الدلالة فهو كما يشمل الولاية على الأحكام الشرعية يشمل أيضا ولاية الفقيه على الأمور العامة إلا أن الكلام كل الكلام في سند هذا التوقيع فهو مروي عن اسحاق بن يعقوب ولم يرد في كتب الحديث والرجال ولم يرد ذكره إلا في خصوص هذا التوقيع.

تصحیح التوقیع

حاول البعض اثبات صحة هذا التوثيق لأن هذا التوثيق قد رواه المشايخ الثلاثة رواه الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ورواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة والسند ينتهي بالشيخ الكليني رضوان الله عليه إذن هذا التوقيع رواه المشايخ الثلاثة المحمدون الثلاثة وقد ذكر البعض أن المراد باسحاق بن يعقوب هو محمد بن يعقوب أخ الشيخ الكليني رضوان الله عليه

وقد ذكر هذا الاحتمال في كتاب الحاكمية في الإسلام للسيد محمد مهدي الخلخالي حفظه الله صاحب تقرير فقه الشيعة السيد الخوئي الحاكمية في الإسلام صفحة 593 السيد الخلخالي ينقل عن بعض الملل يذكر هذا البعض ولم يذكر دليل هذا البعض

وقد حاول سيدنا الاستاذ السيد كاظم الحائري في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة من صفحة 122 إلى صفحة 125 أن يذكر بعض الأمارات التي تفيد الوثوق والاطمئنان بصدور هذا التوقيع عن المعصوم عليه السلام لكن يمكن أن تذكر أمارات بالعكس تسلب الوثوق [3]

فمن الغريب جدا أن الشيخ الكليني لم يذكر هذه الرواية في كتاب الكافي وكذلك لم يذكرها الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه ولم يذكرها الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب والاستبصار فالمحمدون الثلاثة وإن أوردوا هذه الرواية إلا أنهم لم يردوها في كتبهم الاربعة الكليني لم يردها في الكافي وجاء ذكره في سندها في رواية الصدوق في كمال الدين وفي رواية الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة

خلاصة الرأی فی الدلیل الاول

إذن خلاصة رأينا في الدليل الأول توقيع الحوادث الواقعة تام من ناحية الدلالة لكنه مخدوش من ناحية السند فتسقط الرواية عن الاعتبار ولا يتم الدليل الأول خلافا للمصنف مؤلف الكتاب الشيخ نوري حاتم الذي يرى اعتبار هذه الرواية وإذا رجعنا إلى كلمات السيد الإمام رضوان الله عليه نجد أن رأيه موافق لما توصلنا إليه مع أنه من ناحية البحث لن أنظر إلى رأي الإمام من خلال البحث اليوم راجعت كتاب البيع للسيد الإمام وكتاب الحكومة الإسلامية فلاحظت أن هذا الرأي مطابق.

السيد الإمام في كتاب الحكومة الإسلامية نهاية صفحة 127 وبداية صفحة 128 هكذا الخلاصة يقول رضوان الله عليه في هذه الرواية السيد الإمام خلاصة كلامه يقول إن هذه الرواية نهاية صفحة 125 وبداية صفحة 126 يقول ليس هناك أي اشكال حول دلالة الرواية التي ذكرناها غاية الأمر في سندها شيء من التأمل وإذا لم تكن دليلا فهي مؤيد للمطالب التي ذكرناها[4]

إذن السيد الإمام يرى أنها مؤيد ولا ترقى إلى درجة الدليل وأيضا في كتاب البيع الجزء الثاني صفحة 635 هناك ينص على أن سند الرواية ليس بتام وإن كان يرى أن دلالة الرواية تامة هذا تمام الكلام بالنسبة إلى الدليل الأول واتضح أنه ليس بتام.

الدليل الثاني

رواية تحف العقول المروية عن سيد الشهداء عن أبيه علي عليه السلام مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه[5] ،

تقريب الاستدلال بهذه الرواية أن يقال إن جريان الأمور بيد العلماء بمعنى جعل حسم الأمور للعالم وإرجاع الأمور إلى العالم وإيقاعها تحت نظره وهذا هو معنى الولاية

ولا يرد الإشكال بأن المراد بالأمور هو الأحكام بقرينة العلماء الذين هم علماء بدين الله وأحكامه لأن لفظ الأحكام قد ورد بعد لفظ الأمور والأصل في العطف هو التأسيس وليس عطف البيان لأن التأسيس فيه مطلب جديد إضافة أمر جديد فلا محال يراد بالأمور معنا مغايرا للأحكام، مجاري الأمور والأحكام

فالأصل هو المغايرة بل حتى لو لم ترد لفظة الأحكام في الرواية، الرواية مجاري الأمور والأحكام لو جاءت فقط مجاري الأمور بيد العلماء بالله فإن الأحكام لا يطلق عليها لفظ الأمور فلا يرد توهم اختصاص هذه الرواية بالأحكام كما هو حاصل بالنسبة إلى التوقيع السابق وأما الحوادث الواقعة[6] فقد يرد هناك توهم أنها تشمل الأحكام أو ناظرة إلى الأحكام لكن لفظ الأمور في هذه الرواية ـ رواية تحف العقول ـ واضح الدلالة في ولاية الأمر لذلك قال المرحوم السيد تقي القمي في كتابه دراساتنا من الفقه الجعفري الجزء الثالث صفحة 102 قال إن هذه الرواية تامة من جهة الدلالة[7] من دون أن يذكر استدلاله وذلك لوضوح دلالتها على المطلوب بأدنى تأمل.

خلاصة تقريب الاستدلال بالرواية،

الرواية تقول مجاري الأمور والأحكام لفظ الأمور ظاهر في الشؤون العامة للمسلمين ومن عطف الأحكام على الأمور يتأكد أن المراد بالأمور ليس هو الأحكام إذ الأصل بالعقد هو التأسيس لا التأكيد إذن مجاري الأمور والأحكام يعني مجاري الشؤون العامة والأحكام الشرعية بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه إذن الاستدلال تام على ولاية الفقيه بهذه الرواية وتوجد عدة اشكالات ترد على هذه الرواية أبرزها وأهمها أربعة اشكالات:

الاشكال الأول ما ذكره المحقق الاصفهاني رضوان الله عليه في كتاب المكاسب صفحة 214 [8] الشيخ محمد حسين الاصفهاني الكمباني رحمه الله خلاصة اشكاله هو أن الرواية مختصة بالعلماء بالله وهم خصوص الأئمة ولا تشمل الفقهاء لأن الفقهاء علماء بأحكام الله وليسوا علماء بالله والرواية دليل على الولاية التكوينية للأئمة وليست دليلا على الولاية الظاهرية للائمة عليهم السلام.

نقرأ نص كلام المحقق الاصفهاني وقبل أن نقرأ النص خلاصة كلامه في مناقشتين المناقشة الأولى يرى أن المراد بالعلماء هم الائمة عليهم السلام ولا تشمل الفقهاء، المناقشة الثانية المراد بالولاية الولاية التكوينية الثابتة للأئمة لا الولاية الظاهرية بمعنى ولاية الأمور العامة والشؤون العامة للمسلمين.

نص كلام المحقق الاصفهاني هكذا يقول صفحة 214 سياقها يدل على أنها في خصوص الائمة والظاهر أنها كذلك فإن المذكور فيها هم العلماء بالله لا العلماء بأحكام الله ولعل المراد أنهم بسبب وساطتهم للفيوضات التكوينية والتشريعية تكون مجاري الأمور كلها حقيقة بيدهم لا جعلا يعني ولاية حقيقية تكوينية وليست ولاية جعلية تشريعية فهي دليل الولاية الباطنية لهم كولايته تعالى لا الولاية الظاهرية التي هي من المناصب المجعولة [9]

هذا تمام الكلام في الاشكال الأول للمحقق الاصفهاني رحمه الله وخلاصة إشكال المحقق الاصفهاني في أمرين، الأمر الأول إن المراد بالعلماء هم الأئمة لا الفقهاء فالرواية اجنبية عن بحثنا الأمر الثاني إن المراد بالولاية الولاية التكوينية لا الولاية العامة الظاهرية

وقد يناقش اشكال المحقق الاصفهاني ويورد عليه بإيرادات أربعة:

الايراد الأول ليس المراد بالعلم بالله في الرواية طبعا الرد الأول للسيد الإمام الخميني في كتاب البيع الجزء الثاني صفحة 488، ليس المراد بالعلم بالله في الرواية هو ذلك المعنى الفلسفي والعرفاني الدقيق الذي يختص بالأئمة عليهم السلام بل المراد به العلم البرهاني بالله وصفاته وهذا متحقق في الفقهاء وهم يعرفون أحكام الله وتشريعاته استنباطا من كتاب الله وسنة نبيه وأهل بيته عليهم السلام.

الإيراد الثاني إن جملة مجاري الأمور ظاهرة في الأشياء المرتبطة بالناس كإجراء الحدود وتقسيم الأموال وحفظ الأمن والدفاع وما شاكل لا الأشياء المرتبطة بالتكوينيات كطلوع الشمس وحركة الرياح والماء والمطر والأرض وما شاكل ذلك فإذا كانت السلطة على هذه الأمور العامة من حدود وتقسيم الأموال والأمن والدفاع ثابتة للإمام عليه السلام فهي ثابتة أيضا للفقيه الجامع للشرائط، هذا تمام الكلام في الجواب الثاني طبعا بنظرنا الإيراد الأول السيد الإمام تام الإيراد الثاني أيضا تام المراد بمجار الأمور الأمور العامة لا الأمور التكوينية.

الإيراد الثالث على اشكال المحقق الاصفهاني، إن استظهار اثبات الولاية التكوينية للإمام عليه السلام بعيد عن سلوك أهل البيت عليهم السلام في عدم مخاطبة الناس بالمفاهيم الدقيقة والعميقة والمعان الشامخة ومنها فكرة الولاية التكوينية.

الائمة عليهم السلام في خطبهم العامة وفي كلامهم العام خاطبوا الناس على قدر عقولهم نعم المباحث العميقة والدقيقة خصوا بها بعض خواص اصحابهم فإن فكرة الولاية التكوينية وإن وردت في أخبار كثيرة عن الائمة عليهم السلام إلا أن تلك الروايات وردت من قبل رواة معدودين ومحددين ولم ترد في خطب عامة وطويلة وإذا لاحظنا رواية مجاري الأمور بيد العلماء فإننا سنجد أنها فقرة من خطبة طويلة فمن المستبعد جدا أنه عليه السلام يريد من هذه الفقرة لتلك الخطبة الطويلة خصوص الولاية التكوينية فإن ولاية الإمام عليه السلام على التكوينيات لا يستوعبها إلا صفوة وخواص الشيعة، إنصافا الإيراد الثالث أيضا تام.

ولاحظ الإيراد الثاني والثالث إيراد على أن المراد بالولاية الولاية التكوينية الإيراد الثاني والثالث ؟؟؟ أن يكون المراد خصوص الولاية التكوينية ويثبت أن المراد الولاية العامة، الإيراد الأول للسيد الإمام أن المراد بالعلم بالله ليس العلم اللدني والعرفاني والفلسفي المراد العلم البرهاني.

الإيراد الرابع الذي ذكره الشيخ نوري حاتم حفظه الله توجد عدة قرائن على أن المراد بالولاية في الرواية هو خصوص الولاية الظاهرية لا الولاية التكوينية نذكر قرينتين:

القرينة الأولى إن اثبات الولاية للعلماء بالله في الرواية ورد في مقابل غصب الولاية من قبل الظلمة وولاة الجور والخارجين على الإمام العادل نظير قوله عليه السلام رواية تحف العقول صفحة 170 ولكنكم هذا نص كلام الإمام عليه السلام ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات ويقول عليه السلام في وصف ولاة الجور فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة شديد مطاع لا يعرف المبدء المعيد، فالمراد بالولاية الولاية التي غصبها الظلمة والولاية التي غصبها الظلمة هي الولاية الظاهرية الولاية الولاية العامة الشؤون العامة للمسلمين لا الولاية التكوينية الثابتة للأئمة عليهم السلام وأن سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه أراد اثبات هذه الولاية لأهل البيت عليهم السلام ونفيها عن ولاة الجور الخارجين على سلطان أهل البيت عليهم السلام الذين ابتزوا حقهم وغصبوهم حقهم.

القرينة الثانية قال عليه السلام مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت الأمور عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع والظاهر من هذه الفقرات أن الإمام عليه السلام علل سلب الولاية بالتفرق والضعف وأن هذا التفرق والضعف اطمع العدو في الشيعة الموالين وسلبهم تولي الأمور ومن الواضح أن هذه الولاية هي الولاية الظاهرية المربوطة بطاعة الناس للإمام عليه السلام وقوة الناس في تمسكهم بطاعة الإمام عليه السلام، أما الولاية التكوينية فهي ليست مرتبطة بطاعة الناس فالإمام له الولاية التكوينية على مختلف الأقوال إما أن نقول بثبوت الولاية التكوينية للأئمة مطلقا وإما أن نقول بثبوت الولاية للأئمة عليهم السلام في حدود إنجاز اغراض الإمامة، يعني لهم ولاية تكوينية في خصوص ما يتعلق بإنجاز أغراض الإمامة وتحقيق أهداف الرسالة وبالتالي تثبت الولاية للإمام المعصوم حتى لو لم يطعهم أحد بل حتى لو تفرق عنهم جميع الناس.

أقول إذا لاحظنا الإيرادات الاربعة على إشكال المحقق الاصفهاني سنلاحظ أنها كانت ناظرة إلى اثبات أن المراد بالولاية الولاية العامة وليس الولاية التكوينية فالإيراد الثاني استظهر من مجاري الأمور أنها الولاية العامة وليست الولاية التكوينية والإيراد الثالث قال إن التطرق للولاية التكوينية في خطبة طويلة عامة بعيد عن مذاق أهل البيت عليهم السلام والإيراد الرابع تطرق إلى قرينتين ومقطعين نستظهر من خلالهما أن المراد بالولاية هي الولاية العامة وليس الولاية التكوينية نعم خصوص الإيراد الأول نظر إلى المراد بالعلم بالله وأن المراد بالعلم بالله هو العلم البرهاني وليس الفلسفي البرهاني.

والتحقيق أن كلام المحقق الاصفهاني فيه شقان:

الشق الأول أن الرواية المختصة بالأئمة عليهم السلام ولا تشمل الفقيه الجامع للشرائط وقد استظهر ذلك من خلال قرينتين القرينة الأولى سياق الرواية والقرينة الثانية هي لفظ العلماء بالله ولم تقل الرواية العلماء بأحكام الله.

الشق الثاني الذي ورد في كلام المحقق الأصفهاني أن المراد بالولاية الولاية التكوينية أو الأعم من الولاية التكوينية والتشريعية للمعصوم عليه السلام والصحيح أن استظهاره في الأمر الثاني أن المراد بالولاية الولاية التكوينية أو الأعم من الولاية العامة ليس في محله لعدة قرائن منها ما ورد في الإيراد الثاني والثالث والرابع لكن ما ذكره في الأمر الأول من أن الرواية خاصة بالمعصوم ولا تشمل الفقيه ليس ببعيد خصوصا إذا قرأنا الرواية بالكامل ولاحظنا السياق فنحن إذا أخذنا المقطع هذا فقط مجاري الأمور والأحكام بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه من الواضح أننا نستظهر أنها للفقيه الجامع للشرائط أو لا أقل تشمل الإمام ونائبه الفقيه الجامع للشرائط ولكن إذا رجعنا إلى الرواية وقرأناها بالكامل سنلاحظ أن الإمام سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه كان في مقام البيان من هذه الجهة كان في مقام توبيخ المسلمين وتوبيخ الناس يقول لهم لتخاذلكم ولعدم أمركم بالمعروف وأمركم عن المنكر وصلت الولاية العامة والولاية على الشؤون العامة للمسلمين إلى الظلمة واغتصبت منا وأخذ منا حقنا والحال إن هذه الولاية ثابتة للمعصومين وللائمة الصالحين وهم العلماء بالله، لماذا هي ثابتة لهم؟ لأنهم العلماء بالله إذن ما أفاده المحقق الاصفهاني من اختصاص الرواية بالأئمة دون الفقيه تام وفي محله لقرينة السياق أولا وللفظ العلماء بالله ثانيا إلا أن ما أفاده في الأمر الثاني من أن المراد بالولاية الولاية التكوينية لا الولاية العامة بعيد تمام البعد عن سياق الرواية التي سنقرأها.

نأخذ الإشكال الثاني وأنه رد الاشكال الأول والإشكال الثاني ومناقشته يحتاج إلى قراءة متن الرواية بالكامل.

الاشكال الثاني لشيخنا الاستاذ الميرزا جواد التبريزي رحمه الله في كتابه ارشاد الطالب إلى اسرار المكاسب الجزء الثالث صفحة 33 [10] يقول شيخنا الاستاذ رحمه الله مجاري الأمور والأحكام بيد العلماء معناه هو لزوم اظهار الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليقوم الإمام عليه السلام بوظيفته الإلهية وقد يورد على هذا الاشكال إن الرواية لا تساعد على هذا المعنى إذ الإمام عليه السلام في مقام بيان أن الأمور تجري على يد العلماء بالله ولا تجري على يد ولاة الجور والفسقة وجريان الأمور بيد الفقهاء والعلماء وتوليهم لأمور المجتمع يمنع من تصدي ولاة الجور وهذا هو معنى ثبوت الولاية كما هو واضح

لكن الصحيح ومقتضى التحقيق إننا إذا قرأنا الرواية بأكملها سنجد أن ما استظهره شيخنا الاستاذ التبريزي في محله أصلا هذا ورد في عنوان الرواية الذي عنونه الشيخ ابن شعبة الحراني في كتابه تحف العقول عن آل الرسول مفاد الرواية لزوم اظهار الحق ولزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن الناس إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وأظهروا الحق الإمام المعصوم سيستطيع أن يؤدي وظيفته الإلهية إذن الاشكال الأول للمحقق الاصفهاني تام من جهة اختصاص الرواية بالإمام المعصوم وعدم شمولها للفقيه.

الاشكال الثاني للميرزا جواد التبريزي أن هذه الرواية ناظرة إلى لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولزوم إظهار الحق حتى يتمكن الولي الحقيقي وهو المعصوم من أداء وظيفته الحقيقية تام وفي محله نقرأ نص الرواية.

طبعا كتاب تحف العقول عن آل الرسول للمحدث الأقدم أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني يبدأ بالنبي إلى الإمام العسكري مواعظهم ورواياتهم يعني أولا النبي ثم أمير المؤمنين الحسن الحسين، الآن في باب الحسين صفحة 69، سوف أقرأها بهدوء لاحظ سياق الرواية هل سياق الرواية إن سيد الشهداء عن أبيه علي عليه السلام كان في مقام اعطاء الولاية للفقيه الجامع للشرائط وأن الرواية تشمل الفقيه أو أن الرواية الإمام كان في مقام بيان أن صاحب الحق هو الإمام المعصوم ويجب على الناس أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وإذا تركت هذه الفريضة هذا الحق الذي للإمام وهو الولاية سيغتصبه ولاة الجور والظلمة إذن الرواية واضح أنها ناظرة إلى الولاية العامة وليست ناظرة إلى الولاية التكوينية خلافا للمحقق الاصفهاني لكن من الواضح أيضا أن الرواية ناظرة إلى ولاية خصوص المعصوم عليه السلام وغير ناظرة إلى ولاية الفقيه وفاقا للمحقق الاصفهاني رضوان الله عليه وفاقا لأستاذنا الميرزا جواد التبريزي الذي يرى أن الرواية في مقام بيان نزول إظهار الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكي يتمكن ولي الله الحقيقي والمعصوم من أداء الوظيفة الإلهية.

بسم الله الرحمن الرحيم

ورد عن الإمام التقي السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام في طوال هذه المعاني يعني هذا لعله أول كلمات سيد الشهداء يعني ؟؟؟ الحسن الآن في الحسين من كلامه عليه السلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويروى عن أمير المؤمنين عليه السلام صفحة 169 إلى صفحة 171، اعتبروا أيها الناس بما يعظ الله به اوليائه من سوء ثناءه على الأحبار إذ يقول لو لا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وقال لعن الذين كفروا من بني اسرائيل إلى قوله لبئس ما كانوا يفعلون، إذن ناظر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

وقال وإنما عاب الله ذلك عليه لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون إذن ناظرة إلى الولاية التكوينية إلى الولاية العامة ولاية الشؤون العامة

والله يقول فلا تخشوا الناس واخشون وقال المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذن تكررت مرتين،

وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظلوم ومخالفة الظالم وقسمة الفيئ والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها إذن كلامه كله عن شؤون عامة لا يوجد كلام عن الولاية التكوينية،

لاحظ الآن خطاب عام هذا الآن قرينة على أن المراد أنها خطبة عامة ثم أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس مهابة يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا ؟؟ عنده تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها وتنشرون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر أليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون فاستخففتم بحق الأئمة فأما حق الضعفاء فضيعتم واما حقكم بزعمكم فطلبتم فلا مالا بذلتموه ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل لكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرموه وأنتم بالله في عباده تكرمون وقد ترون عهود الله منقوصة فلا تفزعون، هذه قضية خارجية موجودة في زمانه يطالب بحقه الإمام يطالب بحقه خاصة إذا مروية عن أمير المؤمنين واضحة،

وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسول الله صلى الله عليه وآله محقورة، والعمي والبكم والزمن في المداين مهملة لا ترحمون، في منزلتكم تعملون، ومن عمل فيها تعتبون، وبالادهان و المصانعة عند الظلمة تأمنون، كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون، يعني يقول أنتم تعلمون ولكن لمصالحكم تذهبون

الآن يأتي الشاهد، وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء ـ يعني لما اقصوا العلماء أقصوا الأئمة أنتم أعظم الناس مصيبة ـ لو كنتم تسمعون ذلك بأن مجاري الأمور والاحكام على أيدي العلماء بالله، الامناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة ـ خطاب إلى قومه ناظر بقضية خارجية ـ وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة، ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم، وتسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، و يسيرون في الشهوات ـ هذا واضح قطعا هو ناظر إلى الولاية العامة لا الولاية التكوينية ومن الواضح أيضا أنه ناظر إلى خصوص المعصوم عليه السلام الذي ولي الأمور الإمام علي ـ يقول سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم ـ هذا واضح للملك أنا أتعجب كيف المحقق الاصفهاني استظهر الولاية التكوينية ـ ويستشعرون الخزي بأهوائهم، اقتداء بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة ـ إذن واضح ولاية عامة ـ والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد، وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد، فيا عجبا ومالي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم ـ واضح وعامل واضح ظهور الرواية في الولاية العامة ـ فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا، الآن لاحظ هذا المقطع هذا مشهور عن سيد الشهداء في نهاية الخطبة، اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان، ولا التماسا من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإنكم إن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.[11]

من هذا المقطع الأخير أولا نستظهر بقوة أن المراد بولاية الأمر السلطان بقوله اللهم أنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان إذن المراد سلطة الإمام عليه السلام والأمر الآخر الواضح أنها ناظرة إلى حق الإمام عليه السلام وولاية الإمام عليه السلام، مثل ما يقولون فإنكم إن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم وليست ناظرة إلى نائب المعصوم عليه السلام يعني قد يقال إنها للأعم المعصوم وغير المعصوم كما هو ظاهر في كلمات السيد الإمام في كتاب البيع الجزء الثاني أن هذه الأمور عامة كما تشمل المعصوم تشمل الفقيه الجامع للشرائط لكن الإنصاف من يلاحظ سياق الرواية قد يجزم أو لا أقل يستظهر باختصاصها بخصوص المعصوم عليه السلام، هذا تمام الكلام في الإشكال الأول والثاني على الدليل الثاني واتضح من خلال هذين الإشكالين عدم تمامية دلالة الرواية على ولاية الفقيه المطلقة يبقى الكلام في الإشكال الثالث والرابع يأتي عليهما الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo