< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأول أن يتقن انتخاب الأستاذ المربي

 

الآداب المختصة بالمتعلم

الأول من الآداب المختصة بالمتعلم مع شيخه وهو أهمها أن يتقن انتخاب الأستاذ المربي.

الدرس في الحوزة ممزوج بالتربية

الدرس في الحوزة العلمية والعلوم الدينية ليس كسائر الدروس في الجامعات والمعاهد العلمية، الدرس في الحوزة العلمية ممزوج بالتربية، والأستاذ في الدرجة الأولى مربي وفي الدرجة الثانية معلم، أنت لا تأخذ في الحوزة العلمية المادة العلمية بحتةً بل تأخذها ممزوجة بالتربية، هذا الأستاذ نائب الرسل، نائب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ تتعلم من أخلاقه، تتعلم من سجاياها، تتعلم من سلوكه، إذا لابدّ تتقن اختيار الأستاذ.

أهمية الحضور عند الأستاذ

أتذكر في يوم من الأيام دعونا أستاذنا سماحة آية الله الشيخ باقر الإيرواني ـ حفظه الله ـ إلى الحسينية البحرانية في منطقة ابشار بقم أول سنة افتتحنا فيها الحسينية شهر رمضان فسأله أحد الطلبة قال شيخنا ما رأي في دراسة الدروس عن طريق الأشرطة في ذلك الوقت كانت الكاسيتات.

فقال الشيخ الإيرواني: لا لا لا حتى أني دروسي لا تسمعها بالشريط لا تعتمدي عليها اعتبرها عامل مساعد احضر عند أستاذ، وإذا شيء ما فهمته يمكن أن تستعين بالشريط، لا تعتمد على الأشرطة أو الكاسيتات أو الدروس الموجودة في الانترنت مقال إن صح التعبية الدرس عند الأستاذ مثل الرضاعة الطبيعية بها حنان الولد يأخذ حنا من الأم بالإضافة إلى الحليب أما الدراسة عن طريق الكاسيت والأشرطة بمثابة حليب البودرة نيدو مابي حنان، إذاً الحضور عند الأستاذ مهم جداً.

الأمرين من المجربات

واختر أهل التقوى وأهل الإيمان وهذا شيء من المجربات في أمرين:

الأول الكتب الدراسية والكتب العلمية التي خلد خلدت لعلماء ورعين انظر إلى الشيخ الطوسي المتوفى سنة أربعمئة وستين للهجرة إلى يومنا هذا كتب في مختلف الفنون والعلوم وكتبه خالدة،

كتب الشيخ الطوسي ره

مثلاً: كتب في الفقه الفتوائي كتاب النهاية، وفي فقه المقارن وفقه الخلاف كتاب الخلاف، وفي الفقه التفريعي كتاب المبسوط، وفي الفقه الاستدلالي تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، وفي الروايات المتعارضة والجمع بينها كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، وفي العقائد تلخيص الشافي، وفي التفسير تفسير التبيان، وفي الأصول العدة في أصول الفقه، وفي الرجال الروائي كتاب اختيار معرفة الرجال كتاب الكشي، وفي طبقات الرجال كتاب الرجال وفي مصنفات الرجال كتاب الفهرس وفي الروايات المختلفة كتاب الأمالي، وهذه الكتب معتمدة منذ قرابة ألف سنة عشرة قرون إلى يومنا هذا خالدة لإخلاصه.

حكاية من علو شأن الشيخ الطوسي

يقال أنه جاء أحدهم إليه قال له: لم لا تزر أمير المؤمنين وهو بجوارك؟ الآن مدفون الشيخ الطوسي في الجامع ما عليه جامع الشيخ الطوسي عند شارع بعد الطوسي موجود عند أمير المؤمنين.

يقال أخذه صعد إلى أعلى السطح الشيخ الطوسي سلم على أمير المؤمنين السلام عليك يا أمير المؤمنين وإذا برد السلام يرجع عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هذا خادم مذهب أهل البيت، خادم فقه اهل البيت.

العلامة الحلي ره

العلامة ما شاء الله كتب في مختلف العلوم والفنون ودورات كلها معتمدة أنت لا يمكن أن تغفل الشيخ الطوسي من المتقدمين والعلامة جمال الدين يوسف ابن المطهر الحلي من كتب المتأخرين مثلاً كتب في الفقه المختلف فيه بين الشيعة كتاب مختلف الشيعة، وكتب في الفقه المقارن بين السنة والشيعة كتاب تذكرة الفقهاء كتب كثيرة منتهى المطلب، تبصرة المتعلمين، في الرجال خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، في الأصول، كتب في مختلف العلوم وإلى يومنا هذا كتب متداولة.

هذا الامر الأول مصنفات علمائنا التي بقيت لعلماء أطهار.

الثاني الشيء الثاني العلم والدرس والتدريس العلم الذي بقى تدريس من عرف بالورع والتقوى، يمكن غيره كان اعرف منه في العلم ما بقى علمه.

التجربة الشخصية

وانقل لكم تجربة شخصية حينما وصلت إلى مرحلة دراسة الحلقة الثالثة كان هناك أستاذين في قم أحدهما اعلم من الآخر الأول مشهور معروف، الثاني عنده شهرة ولكن في العلمية في ذلك الوقت كنت اقطع أن الأول اعلم من الثاني، لكن حينما درست الحلقة الثالثة لم ادرسها عند الاعلم، درستها عند الثاني لماذا؟ لأن المؤشرات كانت تشير هذا الاعلم كنت أتوقع في المستقبل يصير قاضي في البحرين، والثاني كنت أتوقع يصير مجاهد ما يصير قاضي لا أقل كنت أتوقع الأول يصير من وعاظ السلاطين والثاني كنت احرز أن لا يكون لذلك طلبت الدرس من الثاني الأقل علماً وهو الآن في السجن، وأما الأول فلم اطلب منه.

في ذلك الوقت كثير من طلاب البحرين قالوا لم لا تدرس عند فلان؟! فلان اعلم أدق قلت صحيح لكن المقدار الذي أحتاجه من الحلقة الثالثة يكفي هذا الثاني المجاهد الآن الموجود في السجن فرج الله عنه.

دارت الأيام هذا الأول الأعلم أصبح قاضياً ثم بعد ذلك نزع العمامة ثم بعد ذلك ارتد عن دين الله والعياذ بالله، والثاني صار عالم مجاهد ودخل السجن.

إذا العلم في الحوزة ممزوج بالتربية ممزوج بالورع والتقوى ليس علماً صرفاً بحتاً، الأول هكذا يقول الشهيد الثاني[1] إذا تقرر ذلك فلنعد إلى ذكر الآداب المختصة للمتعلم مع شيخه حسب ما قرره العلماء تفريعاً على المنصوص منها وهي أمور:

«الأول وهو أهمها أن يقدم النظر في من يأخذ عنه العلم ويكتسب حسن الأخلاق والآداب من فإن تربية الشيخ لتلميذه ونسبة إخراجه لأخلاقه الذميمة وجعل مكانها خلقاً حسناً كفعل الفلاح الذي يقلع الشوك من الأرض ويخرج منها النباتات الخبيثة من بين الزارع ليحسن نباته ويكمل ريعه» إنتاجه.

«في الرواية عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ في قوله تعالى: ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾[2] قال الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ أي إلى علمه ممن يأخذ»[3] وليس كل شيخ يتصف بهذا الوصف بل ما أقل ذلك» يا حبيبي إذا بتصادق صادق أهل الورع، إذا بتدرس ادرس عند أهل الورع، تأخذ نصيحة أول شيء تأخذ الورع، سؤال: ما هو المنجي؟ وما هو المخزي؟

الآن إذا ما بتدرس أخلاق كلمتين: ما هو المنجي؟ وما هو المردي؟ كلمتين: المنجي هو الورع، والمردي هو الطمع، كلمتين ينتهون بالعين «ورع وطمع» الذي يدخلك الجنة الورع، الذي يدخلك النار الطمع، المراد بالورع اجتناب الذنوب، المراد بالورع اجتناب اجتناب الشبهات، التقوى عبارة عن اجتناب الذنوب والورع عبارة عن اجتناب الشبهات، أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع الطمع له لمعان يطمع في مال يطمع في جاه يطمع في مرأة يطمع في منصب يرديه إذا تريد النجاة عليك بالورع لذلك ادرس عند الورع تعامل مع الورع، تزوج الورعة، ادرس عند الورع ليجتنب الشبهات يقول:

«وليس كل شيخ يتصف بهذا الوصف بل ما أقل ذلك فإنه في الحقيقة نائب عن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ وليس كل عالم يصلح للنيابة فليختر من كملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته وعرفت عفته واشتهرت صيانته وسيادته، وظهرت مروته وحسن تعليمه وجاد تفهميمه، وقد تقدم جملة أوصافه» أوصاف الأستاذ المطلوب.

«ولا يغتر الطالب بمن زاد علمه مع نقص في ورعه أو دينه أو خلقه» هذا الذي انحراف كان يهمل صلاته، يقدم الدروس على الصلاة، فانحرف فكرياً إلى أن ارتد عن دين الله والعياذ.

«فإن ضرره في خلق المتعلم ودينه أصعب من الجهل الذي يطلب زواله وأشد ضرراً، وعن جماعة من السلف هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، ومما يؤنس به أن يكون له مع مشايخ عصره كثرة بحث وطول اجتماع وزيادة ممارسة» يعني أنت كيف تعرف أن هذا متدين؟ كيف تعرف أن هذا الأستاذ من أهل الدين؟ من خلال مجالسة العلماء «وسؤال العلماء عنه وثناء منهم على سمته» يعني صفته «وخلقه وبحثه».

«وليحترز ممن علمه من بطون الكتب من غير قراءة على الشيوخ» هذا الشيخ العصامي أو العصاميون من هم العصاميون؟ الذكي الذي يعتدي بذكائه، يقول: أنا ما أحتاج ادرس أنا أقرأ الكتب اسمع الشريط اسمع الدرس وافهم أحسن من الذين يحضرون فيعتد بنفسه، ولا يدرس عند أستاذ.

سؤال: ما فائدة دراسة عند الأستاذ؟

الجواب: أنت إذا جئت إلى الدرس قد تتوهم أنك فاهم لكن في الحقيقة إنك لست بفاهم عندك إشكال عندك شبهة الأستاذ يرفع هذه الشبهة من يستمع إلى الشريط أو السيدي أو الكاسيت أو الانترنت أو يقرأ بطون الكتب لوحده فقد يفهم فهماً خاطئاً ويتوهم أن فهمه فهم صحيح فيصاب بالجهل المركب فهو جاهل أولاً ويجهل أنه جاهل ثانياً هذا جهل مركب من جهلين: الجهل بالشيء والجهل بأنه جاهل بالشيء بخلاف الجاهل البسيط الذي يجهل المسأل لكن يعلم أنه جاهل بالمسألة.

هذا العصامي الذي يعتمد على فهمه ويستقل يقرأ يقرأ يقرأ تتكدس عندك كثير من الشبهات ولا يوجد أستاذ يرفعها فيبني على هذه الشبهات ويقع في الانحراف.

لذلك إذا تحضر عند أستاذ انظر من هم أساتذته لا تحضر عند أحد ما دارس عند أحد بس يقرأ كتب ويدرس قد يقع في الأخطاء والاشتباهات، رواية «العلم له عين وأذن وله رجل، ورجله زيارة العلماء»[4] زاحم العالم بركبتك، أتعلم تدرس عد أستاذ لا تتعلم الاستقلال بشكل تام هذا يؤذيك.

يقول الشهيد الثاني ـ رحمه الله ـ :

«وليحترز ممن أخذ علمه من بطون الكتب من غير قراءة على الشيوخ» المراد بالقراءة الدراسة «خوفاً من وقوعه في التصحيف والغلط والتحريف» التصحيف في ذلك الوقت لأنه ما كان في نقاط وكان الكتابة بالخط فقد يحصل تصحيف مثلاً أحصي يزيد نقطة يصير أخصي مشكلة هذه الكلمة.

كتب والي مصر إلى رئيس الدولة أما بعد فقد كثر الخناثة في مصر، فما هو العمل؟ فكتب الرئيس إلى والي مصر أما بعد أحصي الخنثى هذا الكاتب زيد نقطة، وصلت إلى والي مصر أما بعد أخصي الخنثى، أخذ الخناثة يخصي فيهم ثم كتب إلى الرئيس قد فعلنا ما أمرت، قال أين الإحصائية؟ قال: خصيناهم كلهم قال: هذه نقطة وحدة أوجبت أن يخصم كلهم هذه من نوادر اللغة العربية.

وذاك يقول: أيها القاضي بقم قد عزلناك فقم وأراد السجعة واحدة.

قال: والله ما عزلتني إلا هذه السجعة أيها القاضي بقم قد عزلناك فقم.

جيد فهذا التصحيف من أين يعرف أن هذه الكلمة غلط فيها تصحيف زيادة نقطة أو نقصان نقطة أو إضعاف حرف، هذا من خلال الأستاذ خوفاً من وقوعه في التصحيف والغلط والتحريف.

قال بعض السلف: من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام، وقال آخر: إياكم والصحفيون الذين يأخذون علمهم من الصحف، يعني من الكتب فقط فإن ما يفسدون أكثر مما يصلحون.

«وليحذر من التقييد بالمشهورين» البعض ما يحب يدرس إلا عند أستاذ مشهور حتى إذا جاء الدرس قال أستاذنا فلان ابن فلان يعني هذا العلم ليس لله هذا العلم للرياء يا أخي ربما هذا عالم مطمور ما عليه أحد يفيدك أكثر من المشهور، المشهور مشغول، وهذا المطمور إذا كان متديناً يفيض عليك من ورعه وتقواه ومن علمه.

قال: «وليحذر من التقييد بالمشهورين وترك الأخذ من الخاملين» يعني الذين غير مشهورين ذكرهم خامل «فإن ذلك من الكبر على العلم» أنه ما يطلب إلا ماذا؟ المشهور «وهو عين الحماقة لأن الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها ويغتنمها حيث ظفر بها ويتقلد المنة ممن ساقها إليه» يعني الذي يسوق إليه الحكمة يمن عليه «وربما يكون الخامل ممن ترجع بركته فيكون النفع به أعم والتحصيل من جهته أتم».

الآن يبين نقطة أغلب علمائنا الذي علمهم بقى وكتبهم بقت هم أهل الورع، قال: «وإذا سبرت أحوال السلف والخلف» يعني تفحصت أحوال السلف والخلف، السلف الصالح ومن خلفهم من الصالحين، «لن تجد النفع غالباً إلا إذا كان للشيخ من التقوى والنصح والشفقة للطلبة نصيب وافر» هذا الذي علمه بقى هذا الأول.

الثاني «وكذلك إذا اعتبرت المصنفات وجدت الانتفاع بتصنيف الأتقى أوفى» بعضهم ألف كتب كثيرة تلفت ما وصلت لكن كتاب الكافي الذي ألفه ثقة الإسلام الكليني في عشرين سنة يحتوي ستة عشر ألف حديث ومئة وتسعة وتسعين حديث يبقى إلى يومك هذا.

ثقة الإسلام الكليني توفي سنة ثلاثمئة وثمانية، وقيل: ثلاثمئة وتسعة هجرية إلى يومنا هذا أكبر موسوعة حديثية عند الشيعة الإمامية، لماذا؟ لأن ثقة الإسلام الكليني كان لا يرفع رأسه من السجود إلا وبل التراب بدمع عينيه.

يقول:

«وكذلك إذا اعتبرت المصنفات وجدت الانتفاع بتصنيف الأتقى أوفر والانتفاع بالاشتغال به أكثر وبالعكس حال العالم المجرد» يعني المجرد من التقوى لا يستفاد من علمه ولا يستفاد من مصنفاته، يقولون ما زدت إلا نسخة في البلد خسرت أوراق المجتمع الإسلامي.

الثاني أن يعتقد في شيخه أنه الأب الحقيقي والوالد الروحاني، الأب الذي أنجبك هذا والد البدن، والأستاذ الذي يعلمك هذا والد الروح، وأيهما مقدم؟ الأب الروحي أو الأب البدني؟ الأب الروحي هو المقدم وإن كان الأب البدني له حقّ عليه.

ثم يشير إلى نقطة مهمة يقول الأب حينما قارب الأم الوالد حينما قارب الوالدة كان ينشد اللذة ما كان ينشد أصل وجودك يعني عند الجماع والوصال كان يفكر في غريزة الجنسية ما كان يفكر أن ينتج ولداً فهو أولاً غير ناظر إلى أصل وجودك، ثانياً قد يكون ناظر إلى أصل وجودك واحد مثلاً سنين ما جابوا له أولاد راح تزوج لكي ينجب هذا حينما وقع زوجته كان قاصد إيجاد الولد قاصد أصل الإيجاد لكن لم يقصد كمال الإيجاد أن يكون هذا الموجود كاملاً.

إذا هناك قصدان القصد الأول أصل الإيجاد، القصد الثاني كمال الإيجاد، يقول الأب الروحاني يقصد كمال إيجاده أنت موجود وإلا يا أخي الخنفساء والصرصور والبعوضة يتميز على البعوضة غير المخلوقة والصرصور غير المخلوق يتميز بنعمة الوجود، الصرصور موجود وعدم الصرصور عدم، الخنفساء موجودة وتتميز على عدم الخنفساء بنعمة فإذا الملاك فقط أصل الوجود صار الإنسان حاله حال الخنفساء والصرصور.

إذاً الملاك فقط هو ماذا؟ التميز بأصل الوجود والحال أن الأب المادي ما كان ناظر إلى أصل وجودك وإذا كان ناظر إلى أصل وجودك لم يكن ناظراً إلى كمال وجودك، لكن الأب المعنوي ناظر ماذا؟ الكمال وجوده لأن كمال وجود الإنسان بعقله وروحه وبها يمتاز الإنسان عن سائر الحيوانات والحشرات.

ثم يذكر قصة الشريف الرضي معروف عزيز نفس كاتب نهج البلاغة كان ما يقبل الهدية، ولا يقبل العطاء من أي أحد وكان خليفة الدولة العباسية يحاول يعطيه وكان يرفض.

في يوم من الأيام قال له أستاذه: إن دارك صغيرة وأنا وهبتك داراً لي كبيراً تليق بك، فرفض الشريف الرضي، فقال له لم ترفض؟

قال: إنني لم أقبل صلة أبي وهو أقرب الناس إلي، فكيف؟

فقال له الأستاذ أنا أبوك الروحي ومرتبتي أرفع من أبيك المادي فقبل الشريف الرضي هدية أستاذة، ومعروف ما كان يقبل من أحد، نقرأ هذا المقدار الثاني، وهذا نحن ندرس عند أستاذ ننظر هكذا الأستاذ يجي يدرس يطالع الساعة ويمشي، الطالب هم يحضر يطالع الساعة ويمشي لا الأستاذ ينظر إلى الولد إلى التلميذ أنه ولده ولا التلميذ ينظر إلى الأستاذ أنه ماذا أبوه مربي، صار الآن فقط درس روتيني مفصول عن المادة والروحية والمعنويات وهذي آفة تهدد الحوزات العلمية.

«الثاني أن يعتقد في شيخه أنه الأب الحقيقي والوالد الروحاني هو أعظم من الوالد الجسمان الجسماني فيبالغ بعد الأدب في حقه كما تقدم في رعاية حقّ أبوته ووفاء حقّ تربيته، وقد سأل الاسكندر ـ عليه السلام ـ صبياً ما بالك توقر معلمك أكثر من والدك؟ فقال: لأن المعلم سبب لحياتي الباقية ووالدي لحياتي الفانية» وأيضا لم يقصد الوالد في الأغلب في مقاربة والدته وجوده وجود الولد ولا كمال وجوده لم يقصد كمال وجود الولد كان ينشد اللذة الجنسية في الغالب أي في الغالب يقصد الولد أما كمال وجوده ما يقصد كمال وجوده.

«وإنما قصد لذة نفسه فوجد هو هذا الولد وعلى تقدير قصده لذلك» يعني لو افترضنا أنه قصد إيجاد الولد أو قصده قصد إيجاد الولد ما يقصد كمال الولد يعني أن يكمله يقول: «فالقصد المقترن بالفعل أولى من القصد الخالي عن الفعل» يقول: «وأما المعلم فقد قصد تكميل وجود الطالب، وسببه وبذل فيه جهده» يريد يكمل الولد والطالب «ولا شرف لأصل الوجود إلا بالإضافة إلى العدم» يعني إلا بالنسبة إلى العدم «فإنه» يعني أصل الوجود «حاصل للديدان والخنافس وإنما الشرف في كماله» يعني في كمال الوجود «وسببه» سبب كمال الوجود المعلم.

«وقد روي أن السيد الرضي الموسوي ـ قدس الله روحه ـ كان عظيم النفس عالي الهمة أبي الطبع لا يقبل لأحد منة وله في ذلك قصص غريبة مع الخليفة العباسي حين أراد صلته بسبب مولود ولد له وغيره، ومنها أن بعض مشايخه قال له يوماً بلغني أن دارك ضيقة لا تليق بحالك ولي دار واسعة صالحة لك قد وهبتها لك فانتقل إليها، فأبى الشريف الرضي، فأعاد عليه الكلام فقال: يا شيخ أنا لم أقبل برّ أبي قط، فكيف من غيره؟» هكذا يقول الشريف الرضيع «فقال له الشيخ: إن حقي عليك أعظم من حقّ أبيك لأني أبوك الروحاني وهو أبوك الجسماني، فقال السيد الرضي ـ رحمه الله ـ قد قبلت الدار، ومن هنا قال بعض الفضلاء: من علم العلم كان خير أبٍ ذاك أبو الروح لا أبو النطفي».

الثالث يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo