< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: من آداب المعلم في درسه أن يزجر من تعدى في بحثه

 

التاسع عشر من آداب المعلم في درسه أن يزجر من تعدى في بحثه أو ظهر منه لددٌ أو سوء أدب أو ترك إنصاف بعد ظهور الحق. [1]

الأستاذ مربي والتربية من التنمية، فالأستاذ يعمل على تنمية طلابه فإذا رأى خصيصة إيجابية عمل على تنميتها وإن رأى خصيصة سلبية عمل على قلعها وإزالتها.

إذا دور الأستاذ دور التقويم، والطالب قد يبدر منه كلام في غير محله تصرف في غير محله في هذه الحالة يجب على الأستاذ أن ينبه هذا الطالب وأن يقومه.

قال الشهيد الثاني ـ رحمه الله ـ <أن يزجر من تعدى في بحثه> تعدى من التعدي والتعدي تجاوز الحدّ، بحث المسألة لكنه تجاوز الحدّ، في هذه الحالة يجب على الأستاذ أن يوقفه وعند الحدود المعتبرة.

<أو ظهر منه لدد> ما المراد باللدد؟ اللدد الخصومة بغير حق، تقول: عدو لدود يعني عدو يخاصمك بغير حقّ عدو شديد فقد يظهر من الطالب لدد يعني خصومة بغير حق يتعصب إلى مسألة غير صحيحة.

<أو سوء أدب أو ترك إنصاف بعد ظهور الحقّ أو أكثر الصياح بغير فائدة> يعني رفع صوته من دون أي فائدة <أو أساء أدبه على غيره من الحاضرين أو الغائبين أو ترفع على من هو أولى منه في المجلس> يعني هذا الطالب أفضل منه علماً ورعاً تقوى أكبر منه أشرف منه نسباً وترفع عليه.

<أو نام في حالة الدرس أو تحدث مع غيره حالة الدرس بما لا ينبغي> الأستاذ مشغول بالدرس وهذا يسولف ويا صاحبه يمزح وياه <أو ضحك أو استهزأ بأحد أو فعل ما يخل بأدب الطالب في الحلقة، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى>.

الخلاصة:

الأستاذ دوره دور المربي يربي كل شخص بما يناسبه، لذلك كل شخص له طريقة مناسبة <﴿ادفع بالتي هي أحسن﴾[2] ﴿ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن﴾[3] >.

يقول: <هذا كله إذا لم يترتب على ذلك مفسدة تربو عليه> يعني أحيانا إذا تترتب مفسدة أكثر إهانة مؤمن يعني اثنينه يمزحون ويا بعض الأستاذ يلتفت إليهم الطلاب ما التفتوا إليهم الأستاذ يوجه الكلام إلى الطالب الطالب في إحراج ويقع في الإهانة ويسقط اعتباره أمام الطلبة هنا المفسدة زادت على مصلحة التنبيه بالإمكان بعد الدرس يمسكه على جنب ويتكلم وياه ويوجهه من دون أن يحرجه.

يقول: <وهذا النوع مغاير لما مرّ من زجرهم وكفهم عن مساوئ الأخلاق> أي نوع؟ أن يزجر من تعدى في الدرس هذا يختلف عن زجر الطالب عن مساوئ الأخلاق، لماذا؟ لأن هذا خاص بمجلس الدرس وما تقدم ناظر إلى الشخص بقطع النظر عن مجلس الدرس وحضور الدرس.

يقول: <لأن هذا خاص بالدرس وذاك بما يتعلق بشأن أنفسهم وإن كان يمكن إدراجه فيه> يعني يمكن إدراج ردّ المساوئ الأخلاقية في الدرس بما تقدم يعني تهذيب الطلبة بما يتعلق بأنفسهم <إلا أن الاهتمام بشأنه حسن ذكره على الخصوص> لأن هذا أمر مهم جداً حسن.

إخوتي وأحبتي الأستاذ المهذب لنفسه والمزكي والمروض لروحه تتجلى هذه خصائص عند الاحتكاك به.

قصة الأستاذ الداوري عندما كان أحد طلابه لا يحترم الآداب

في يوم من الأيام كنا نحضر الدرس عند أستاذنا المعظم سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري ـ حفظه الله ـ من تلامذة السيد الخوئي أو كل إليه السيد الخوئي الإشراف على موسوعة معجم رجال الحديث وأوكل إليه مهمة أن يراجع تقريرات السيد الخوئي من الاجتهاد إلى تقريباً كتاب الطهارة بحيث يبدل مباني السيد الخوئي التي تغيرت يبدل المبنى القديم بالمبنى الحديث في هذه الموسوعة.

رجل عالم ومتواضع.

كان يدرسنا باللغة العربية وهو إيراني يعني يدرس بغير لغة الأم عنده فأحيانا من ناحية البيان قد لا يستطيع أن يعبر ببيان والكافي لردّ الجواب أو الشبهة.

في يوم من الأيام طرح أحدهم إشكالاً والشيخ الداوري ـ أيده الله ـ أجاب عليه.

لكن جواب الشيخ لم يكن واضحاً لدينا ثم أعاد الإشكال وصار لغط في مجلس الدرس هذا يتكلم من هنا هذا يتكلم من هنا أحد الطلبة كان عنده بيان عنده بيان واضح أجاب على هذا السؤال قال جواب المسألة كذا وكذا وكذا.

كان عندنا طالب عراقي ـ الله يرحمه ـ توفي صاحب نكتة، وإذا به يقول: كأنما كنا نفتهم حتى الشيخ ما يفتهم هسه افتهم الجواب.

هنا ماذا يكون موقف الأستاذ وموقف الطلبة؟! هذا الطالب يقول الكل لم يكن يفهم حتى الشيخ الأستاذ لم يكن يفهم والآن حينما أجاب هذا الطالب نحن فهمنا والشيخ الأستاذ أيضاً الآن فهم.

ساد جو من الصمت والهدوء وإذا بكلام الشيخ الداوري يقطع جدار الصمت ويقول: لو نظرنا إلى جهالاتنا ومعلوماتنا لوجدنا أن جهالاتنا أكثر بكثير مما نراه، فتغير الجو المتكدر.

الأستاذ إذا يروض نفسه بأسلوبه يمكن أن يعظ حتى لو توجهت إليه التهمة.

 

<العشرون أن يلازم الإرفاق في خطابه>

يا أخي أنت أستاذ ومتمكن ومدرس المادة كذا مرة هذا طالب جديد يحتاج إلى رفق يحتاج إلى لين يحتاج إلى عطف وحنان لا تقسوا عليه لابد من اللين والرفق.

<أن يلازم الإرفاق بهم في خطابهم وسماع سؤالهم وإذا عجز السائل عن تقرير ما أورده أو تحرير العبارة فيه لحياء أو قصور ووقع على المعنى عبر عن مراده أولاً وبين وجه إيراده وأجاب بما عنده> يعني أحيانا الطالب عنده الجواب لكن للخجل أو للارتباك لا يستطيع أن يجيب بجواب شاف وواف للأستاذ يرجع إليه الأستاذ يبين على لسانه.

مثال ذلك يقول:

<وإن اشتبه عليه مراده> يعني الأستاذ لم يفهم مراد الطالب <سأله عن الأمور التي يحتمل إرادته لها> يقول هل تريد كذا؟ وهل تقصد كذا؟ ويحتمل تريد كذا؟

فيقول له: تريد بقولك كذا؟ قال: نعم، أجابه وإلا ذكر محتملاً آخر>.

قصة متعلقة بالأستاذ الإيرواني

اذكر أول ما حضرت بحث الخارج عند أستاذنا سماحة آية الله الشيخ باقر الإيرواني أو قبل الخارج كنت احضر عنده آيات الأحكام لعله سنة ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين يعني قبل ربع قرن خمسة وعشرين سنة.

طالب جديد باطلون وقميص اجلس عند الباب والمجلس كبير في منتدى جبل عامل، سبحان الله الشيخ الإيرواني طرح مطلب سبحان أشكلت على المطلب توه كم يوم حاضر أشكلت على المطلب.

الشيخ الإيرواني، قال: كيف ذلك؟ من قال: كيف ذلك؟ أنا عرفت بأن الأنظار اتجهت لي.

قال لما شافني أنا في حرج، قال: لعلك تقصد كذا وكذا؟ قلت له: نعم، هذا هو هذا هو.

أنقذني أنقذني لما قال: لعلك تقصد كذا وكذا هناك عرفت أن هذا أستاذ متمرس الأستاذ المتمرس ينقذ الطالب ما يقتل الطالب طالب جديد وسبحان الله يعني تكلم إشكال في موضعه في غير موضعه لابد أن يرفق به الأستاذ.

يقول الشهيد الثاني:

<إن سأل عن شيء ركيك فلا يستهزئ به ولا يحتقر الساعة فإن ذلك أمر لا حيلة فيه، ويتذكر أن الجميع كانوا كذلك ثم تعلموا وتفقهوا> لا تستهزئ بأحد حتى لو صرت اعلم الأولين والآخرين قد يجيك ظرف يمر عليك ظرف.

أو لم تسمعون بالوحيد البهبهاني؟!

وكان هناك بعض العلماء الذين فقدوا ذاكرتهم

الوحيد البهبهاني هو رائد علم الأصول علم أصول الفقه وعندنا مراجع وعلماء خرجوا فقهاء مثل الشيخ عبد الكريم الحائري خرج مراجع خرج السيد الإمام الخميني، السيد محمد رضا الگلپايگاني، الشيخ محمد علي الأراكي يعني قلما يندر تحصل مرجع يخرج مراجع.

الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم خرج مراجع.

لكن الوحيد لم يخرج مراجع فقط بل خرج أساطين يعني فقهاء من العيار الثقيل من الدرجة الأولى مثل: الشيخ جعفر كاشف الغطاء الذي يقول: لو تلف الفقه بأكمله لكتبته من أوله إلى آخره عن ظهر قلب هذا تلميذ الوحيد.

بعد خرج السيد مهدي بحر العلوم صاحب الكرامات الرجالي المعروف.

بعد خرج السيد علي صاحب كتاب رياض المسائل.

إذا تراجع حياة البهبهاني وطلابه وتلامذته أكثر طلابه من الدرجة الأولى أساطين الفقهاء لكن الوحيد البهبهاني في آخر أيامه ابتلي بمرض ففقد الذاكرة واضطر أن يدرس كتاب اللمعة الدمشقية لكي يستذكر الفقه الله عزّ وجل ما يضرب مثله بالرجل الفاسق فقط حتى بالرجل العالم وبالمؤمن.

الله عزّ وجل يرينا قدرته يقول: لاحظ هذا الوحيد الذي خرج الفقهاء هذا عبدي هكذا عملت به.

العلامة الجمري

أتذكر زرنا المرحوم العلامة الشيخ عبد الأمير الجمري ـ رحمه الله ـ بعد أن رجع من ألمانيا وفقد الذاكرة، أنا جالسته فيما سباق حيوي بشوش حنون عالم عامل ذهب إلى ألمانيا عملوا عملية في الديسك أصيب بجلطة وفقد الذاكرة رجع الشيخ عبد الأمير الجمري إلى البحرين رجعت من قم إلى البحرين ذهبت لزيارته تألمت كثيراً فاقد الذاكرة.

أحد الإخوة هم سأله مسألة فقهية وأجاب بلسان الفقهاء يعني سأله واحد قال له: شيخنا من ذهب إلى قرن المنازل وأراد العمرة هل يجزي أن يحرم من الهدى منطقة الهدى وادي محرم لا من منطقة السلكة هل يجزي أن يحرم من الهدى؟

قال يجزي إن شاء الله.

رحمة الله عليه لما خرجت قلت لي من معي الشيخ لما جاب في وعيه أو لا؟

قال لا يبدو هذا من ذاكرته السابقة بس هو ليس في وعيه.

تأثرت، فقال لي صاحبي فرج الله عنا الآن مسجون الشيخ عبد الهادي المخولة قال لي: شيخنا الله عزّ وجل يضرب مثلاّ بالرجل الفاسق والصالح يريك يقول لاحظ هذا الشيخ الجمري الذي إذا رفع كفه آلالاف تبكي شوقاً له أنه يريك إياها هكذا، لذلك لا تشمت بأحد ولا تستهزأ بأحد.

اليوم سأل سؤال ركيك غداً ما شاء الله وقضايا كثيرة من هذا القبيل.

 

الحادي والعشرون

لو حضر غريب الدرس يلتفت إليه بحيث أنه يلفت انتباه الحاضرين إليه هذا المشكل. نعم، يتودد له ويحترمه لكن من دون أن يشعره بالوحشة.

<الحادي والعشرون أن يتودد لغريب حضر عنده وينبسط له لينشرح صدره> يعني يتبسم له <فإن للقادم دهشه سيما بين يدي العلماء ولا يكثر النظر والالتفات إليه استغراباً له فإن ذلك يخجله ويمنعه من المساءلة والمشاركة في البحث إن كان من أهله> إن كان من أهل البحث.

 

الثانية والعشرون إذا أقبل بعض الفضلاء أحياناً سنختم الدرس أحد الفضلاء سيدخل أو أحد الفضلاء في الخارج أنت تحسب الوقت على ما يدخل انتهى الدرس ومشينا يصير نحن نمشي وهو داخل، في هذه الحال احتراماً له يمدد في الدرس يذكر نكتة علمية احتراماً لهم.

السيرة العملية للشيخ عيسى قاسم

أتذكر كنا نحضر صلاة الجماعة يوم الجمعة خلف آية الشيخ عيسى أحمد قاسم قبل أن يقيم صلاة الجمعة في جامع الإمام الصادق بالدراز كان أولاً يخطب ثم يصلي كان إذا حضر الأستاذ سماحة الشيخ محمد علي زين الدين ـ رحمه الله ـ الشيخ عيسى يقطع الخطبة ويسلم عليه سلام عليكم ورحمة الله مساكم الله بالخير ثم يواصل.

فسألت من هو هذا؟ وكان يلبس غترة شايفين عباية و.. من هو هذا؟ قالوا: هذا أستاذ الشيخ الشيخ في صغره درس عنده، الآن الشيخ عيسى صار علماً ومقاماً ارفع منه لكن احتراماً لأستاذه يقطع الخطبة مساكم الله بالخير فيجيب الشيخ مساكم الله بالخير ثم يواصل الشيخ.

<الثانية والعشرون إذا أقبل بعض الفضلاء وقد شرع> يعني الأستاذ <في مسألة امسك عنها حتى يجلس> يعني مو يواصل المسألة وكأن العالم ما كأنه دخل لا لا لا يوقف انتظره يجلس مساكم الله بالخير صبحكم الله بالخير ثم بعد يواصل.

<وإن جاء> يعني الفاضل <وهو يبحث أعادها له أو مقصودها> يقول له: شيخنا نحن كنا نبحث هذه المسألة ووصلنا إلى هذه النقطة يشعره بالاهتمام يشعر بالأهمية، أحيانا يجي عالم كبير يدخل مجلس ما إله حشمة ولا كرامة يعني كأنه هرة دخلت وخرجت المتكلم ما ما يلتفت أبداً هذا غير صحيح.

<وإذا أقبل وقد بقي للفراغ وقيام الجماعة بقدر ما يصل إلى المجلس> يعني يعرف الآن على ما يصل هذا الفاضل هذا العالم إلى المجلس انتهى الدرس ويخرج الطلبة.

يقول: <فليؤخر تلك البقية بقية الدرس يؤخرها ويشتغل عنها ببحث أو غيره إلى أن يجلس> ذلك العالم <ثم يعيدها أو يتمم تلك البقية كي لا يخجل المقبل بقيامهم عند جلوسه> هو لما جاء خرجوا هذا غير صحيح لاحظ الأدب الرفيع.

 

الثالث والعشرون وهو من أهم الآداب

<إذا سئل عن شيء لا يعرفه أو عرض في الدرس ما لا يعرفه فليقل: لا اعرفه>.

في الرواية نصف العلم قول: <لا اعلم> سنقرأه بسرعة لأن الوقت لا يكفي لكن نشير إلى نكتتين مهمتين في هذا الكلام.

النكتتين المهمتين

النكتة الأولى من تواضع لله رفعه[4] ، إذا فعلاً أنت ما تعرف مسألة ، وتقول: لا اعلم الله راح يكبرك في عيون الحاضرين والمستمعين نظرا لورعك وتقواك الله بيعلي مقامك نفسك الأمارة بالسوء تقول لا تظهر الضعف ولا تظهر النقص إذا قهرت النفس الأمارة بالسوء الله يرفع رايتك ويعلي شأنك.

النكتة الثانية

والعكس بالعكس النقطة الثانية إذا أجبت من عندك حتى لا يظهر أن أنت ما تعرف الله راح تجاوب غلط وينتشر هذا الجواب الغلط وتسقط سمعتك، لذلك عليك بتقوى الله نصف العلم قول لا اعلم.

الباقي نقرأ آيات وروايات بشكل سريع:

<الثالث والعشرون وهو من أهم الآداب إذا سئل عن شيء لا يعرفه أو عرض في الدرس ما لا يعرفه فليقل: لا اعرفه أو لا أتحققه أو لا أدري أو حتى أراجع النظر في ذلك ولا يستنكف عن ذلك فمن علم العالم أن يقول فيما لا يعلم لا اعلم والله اعلم.

قال علي ـ عليه السلام ـ : <إذا سئلتم عما لا تعلمون فاهربوا، قالوا: وكيف الهرب؟ قال: تقولون الله اعلم>.[5]

وعن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ : <ما علمتم فقولوا وما لم تعلموا فقولوا الله اعلم إن الرجل ليشرع بالآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض>.[6]

وعن زرارة بن أعين قال أبا جعفر ـ عليه السلام ـ <ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون>.[7]

وعن الصادق ـ عليه السلام ـ : <إن الله خصّ عباده بآية من كتابه أن لا يقول حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا، قال الله عزّ وجل: ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق، وقال: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله>.[8]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : <إذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله> مقاتل جمع مقتل ما المراد بالمقتل؟ مكان وموضع القتل يعني الموضع الذي إذا ضرب يموت مثل ماذا الآن في الصدر هذا هنا توجد عظمة في الوسط الذي يعرف هذه تنكسر يموت الشخص هذا ضربه في المقتل تضربه أو ترفسه هذه في الصدر تقتله هذه ضربة في المقتل.

ما هو مقتل العالم؟

إذا يجاوب من حيث لا يعلم يعني يقتل نفسه يقضي على نفسه.

وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : <إذا سئل أحدكم عما لا يدري، فليقل: لا أدري فإنه ثلث العلم وقال آخر: <لا أدري ثلث العلم>.

بعض الفضلاء ينبغي للعالم أن يورث أصحابه لا أدري ومعناه أن يكثر منها لتسهل عليهم ويعتادوها فيستعملوها في وقت الحاجة، يعني عود نفسك شي ما يعرفه يقول ما بعرف ما اعرف لا اعرف.

وقال آخر: <تعلم لا أدري فإنك إن قلت لا أدري علموك حتى تدري وإن قلت أدري سألوك حتى لا تدري>.[9]

<واعلم أن قول العالم: لا أدري، لا يضع منزلته بل يزيدها رفعة ويزيده في قلوب الناس عظمة تفضلاً من الله تعالى عليه وتعويضاً له بالتزامه الحقّ وهو دليل واضح على عظمة محله وتقواه وكمال معرفته ولا يقدح في المعرفة بمسائل معدودة وإنما يستدل بقوله: لا أدري على تقواه وأنه لا يجازف في فتواه وأن المسألة من مشكلات المسائل> قالوا: هذا ما دام قال: لا أدري يعني فعلاً المسألة عويصة.

إنما يمتنع من لا أدري من قلّ علمه وعدمت تقواه وديانته لأنه يخاف لقصوره أن يسقط من أعين الناس، وهذه جهالة أخرى> الله الذي يرفع الناس ليس أن تفتي بغير علم.

<فإنه بإقدامه على الجواب فيما لا يعلم يبوء بالإثم العظيم ولا يصرفه عما عرف به من القصور بل يستدل به على قصوره ويظهر الله تعالى عليه ذلك بسبب جرأته على التقول في الدين تصديقاً لما ورد في الحديث القدسي: من أفسد جوانيه من أفسد جوانيه أفسد الله برانية>[10] الجواني الداخلي إذا فاسد الشيء البراني الخارجي يكون فاسداً.

<ومن المعلوم أنه إذا رؤي المحققون يقولون في كثير من الأوقات لا أدري وهذا المسكين لا يقولها أبداً دائماً يدري يعلم أنهم يتورعون لدينهم وتقواهم وأنه يجازف لجهله وقلة دينه فيقع فيما فر منه وأتصف بما احترز عنه لفساد نيته وسوء طويته، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : المتشبع بما لم يعطى كلابس ثوبي زور>[11] ثوبي ظلم زور الظم.

<وقد أدب الله تعالى العلماء بقصة موسى والخضر حين لم يرد موسى ـ عليه السلام ـ العلم إلى الله لما سئل هل أحد اعلم منك؟> المفروض يقول: الله عز وجل اعلم مني.

<بما حكاه الله عنهما من الآيات المؤذنة بغاية الذل من موسى وغاية العظمة من الخضر وسيأتي إن شاء الله تعالى في هذه الرسالة جملة من نكت القصة> الخضر يعلم وموسى لا يعلم لما هدم الجدار وثقب القارب هذه القصة ستأتي.

الرابعة من عشرون يأتي هذا الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo