< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/11/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة72؛ الفروعات التطبیقیة؛ الفرع الأول؛ النظریة الثالثة

 

النظریة الثالثة: الاحتیاط في وجوب الخمس إذا علم عدم المؤونیة

قال الشيخ الأنصاري ادّعى في المناهل ظهور عدم الخلاف في التوسعة حتّى في هذه الصورة، لكن التعويل عليه في مقابل أدلّة الفور مشكل.[1]

قال المحقق الحکیم في المنهاج: و إذا علم انه ليس عليه مئونة في باقي السنة فالأحوط المبادرة في دفع الخمس و عدم التأخير إلى آخر السنة.[2]

و يظهر من المحقق الصدر حيث لم يعلّق عليه.[3]

قال صاحب مباني المنهاج في تعلیقته علی العروة: الجواز يختصّ‌ بصورة القطع بالصرف في المؤونة وصورة احتماله، وأمّا مع‌القطع بالعدم فالجواز محلّ‌ الإشكال، ولابدّ من الاحتياط.[4]

قال السيد عبد الأعلى السبزواري: و إذا علم أنّه ليس عليه مؤونة في باقي السنة فالأحوط وجوباً المبادرة في دفع الخمس و عدم التأخير إلى آخر السنة.[5]

قال المحقق السید السیستاني: إذا علم أنه ليس عليه مئونة في باقي السنة، فالأحوط وجوباً أن يبادر إلى دفع الخمس، و لا يؤخره إلى نهاية السنة.[6]

قال الشیخ الفیاض: الأحوط و الأجدر به وجوبا أن يؤدي خمس الفائدة التي يعلم بأنها تزيد عن مئونة سنته مهما توسعت و زادت ... ان المالك إذا علم بأن الفائدة التي استفادها من عملية تجارية له أو صنعته أو مهنته تفوق بكثير مئونة سنته مهما زادت من خلال وقوع الاتفاقات و الحوادث في أثناء السنة، فمقتضى القاعدة وجوب خمسها فعلاً، و لا مبرّر لتأخيره إلى نهاية السنة، على أساس انه علم بتحقق موضوعه في الخارج و هو الفائدة الفاضلة على المؤونة، و لكن دعوى الاجماع في المسألة، و السيرة، و الروايات على جواز التأخير إلى نهاية العام تمنعنا عن الجزم بالوجوب و الافتاء به، فمن أجل ذلك بنينا على الاحتياط فيها.[7]

و قال في منهاجه: يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله‌ و إن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة- احتياطا- للمئونة ... و إذا علم أنه ليس عليه مئونة في باقي السنة، فالأحوط أن يبادر إلى دفع الخمس و لا يؤخره إلى نهاية السنة.[8]

یلاحظ علیه:

بعد تمامیة أدلّة جواز التأخیر فلا وجه للاحتیاط عندنا.

النظریة الرابعة: عدم جواز التأخیر مطلقا

قال صاحب المرتقی: ... الذي يكون مورد التوقف هو الالتزام بجواز التأخير الى نهاية السنة، إذ لا دليل عليه بعد ثبوت الخمس بمجرد حصول الربح إلا ما يتوهم من دلالة رواية البزنطي: «كتبت الى أبي جعفر: الخمس أخرجه قبل المؤنة أو بعد المؤنة فكتب بعد المؤنة».

و هي لا تنهض على المدعىٰ‌، لانها مع تسليم كون السؤال عن وقت لزوم الاخراج و تعيينه لاٰ عن وقت المشروعية - كما استظهرنا ذلك منها فيما تقدم فتكون منافية لظاهر الروايات الاخرى - لا ظهور لها في سعة الوجوب الى ما بعد نهاية السنة، لانه بعد ان عرفت تعارف التعبير ب‌: «بعد» و إرادة التأخر الرتبي لا الزماني، لا يبقى ظهور لقوله «قبل المؤنة او بعدها» في التأخر الزماني، إذ القبلية كالبَعدية، فيحتمل ان يراد بها القبلية الرتبية ان لم نقل بظهورها في ذلك، فيكون السؤال عن أن الخمس يخرج من جميع الربح بلا استثناء المئونة أو بعد استثنائها، فتكون متفقة الدلالة مع غيرها من الروايات.

و لو لم يسلم ظهورها في ذلك فلا أقل من اجمالها، فلا تصلح للدلالة على شيء.

و أما تعليل جواز التأخير بانه من باب الاحتياط، لاحتمال تجدد مئونة أخرى زائدة على ما ظنه، فهو غير مطرد في جميع الموارد، اذ من الموارد ما يعلم بزيادته على المؤونة، فلا يتّجه التأخير فيه حينئذ.

و من هنا يعلم حال دعوىٰ‌ الاجماع، إذ لاٰ يعلم كونه تعبديا بعد وجود الرواية و التعليل السابق.

و بالجملة، لا يظهر وجه لجواز التأخير الى آخر السنة، فلاحظ و تدبر.[9]

مناقشة السيد محمد سعيد الحكيم:

وأما صحيح البزنطي: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام): الخمس أخرجه قبل المؤنة أم بعد المؤنة‌؟ فكتب: بعد المؤنة[10] [11] . فهو وارد لبيان استثناء المؤونة من الربح، نظير ما تضمن أن الميراث بعد الوصية والدين، لا لبيان زمان إخراج الخمس.

على أنه لو كان وارداً لبيان زمان الإخراج فهو ظاهر في عدم وجوب تقديم إخراج الخمس على المؤونة، ولا ظهور له في وجوب المبادرة إليه بعدها، لينافي ما تقدم. ولا أقل من تنزيله على ذلك جمعاً مع صحيح ابن مهزيار. ولاسيما مع قرب تنزيله على الغالب من عدم الاستغناء عن صرف المال في المؤونة في تمام السنة. فلاحظ.[12]

ملاحظتنا علی النظریة الرابعة:

قد أُقیمت أدلّةٌ علی جواز تأخیر الأداء، من السیرة القطعیة و إطلاق مکاتبة علي بن مهزیار و أصالة البرائة عن وجوب الأداء قبل انتهاء السنة.

تنبيه: حکم سایر موارد الأرباح، المعلوم أنّها لا تصرف في المؤونة

هناك موارد ذكر صاحب العروة بعضها و نضیف إلیها موارد أخر، قد عُلم بعدم صرفها في المؤونة، و الاختلاف السابق یجري هنا، ففي هذه الموارد ثلاثة أنظار: الأول: جواز تأخیر أداء الخمس، الثاني: وجوب التعجیل فوراً، الثالث: الأحوط وجوباً التعجیل فوراً.

نعم بعض الأعلام من الذین التزموا في ما إذا علم زیادة الفوائد عن المؤونة بمقالة المشهور و هو جواز التأخیر إلی نهایة السنة، لا یلتزمون بذلک في بعض هذه الموارد، مثلاً إنّ بعض الأساطین یفتي في المنهاج بجواز التأخیر في ما إذا علم زیادة الفوائد عن المؤونة، و لکن یفتي في رأس المال بوجوب التعجیل فوراً.

أما الموارد المهمّة:

المورد الأوّل: الإسراف لا يعدّ من الصرف في المؤونة فيعلم بعدم إمکان صرفه في المؤونة، لأنّ المال لا یرجع إلیه.

المورد الثاني: إتلاف المال في غير وجه عقلائي، يُعدُّ سَفَهاً فيعلم بعدم وقوعه في المؤونة.

المورد الثالث: الهبة غير اللائقة بالشأن.

المورد الرابع: أرباح الميت في أثناء السنة، و قد فصّلنا فیها خلافاً للمشهور بأنّه لا يلزم أداء الخمس أثناء السنة في ما عدّه لمؤونة سنة عیاله و لما یحتاج إلیه لأمر تجهیزه و تکفینه، و أما الزائد علی ذلک فیجب فیه الخمس فوراً، لأنّه بعد أن مات لا یبقی له سنةٌ خمسیةٌ إلا من جهة عیاله و تجهیز نفسه.

و هناك موارد أخر نضيفها:

المورد الخامس: رأس المال بناءً على عدم عدّه من المؤونة أو في الزائد على ما يحتاج إليه في أمر المعاش على ما اخترناه، فإنّ بعض الأساطین قال بلزوم التعجیل في أداء خمسه و نحن خالفناه و قلنا بجواز التأخیر إلی رأس السنة الخمسیة.

المورد السادس: أداء دين كان لغير المؤونة في سنة لاحقة على سنة الاستدانة، فأداء هذا الدین لیس من المؤونة، فحینئذٍ قلنا بوجوب خمس المال الذي أدّی به الدین، و لکن اختلف في لزوم التعجیل في أداء خمسه: فإنّ المحقق الخوئي قال بلزوم تخمیس الربح ثم صرفه في أداء الدین، و لکنّا قلنا بجواز أداء الدین قبل تخمیس الربح، ثمّ تخمیس المال الذي أدّی به الدین عند رأس السنة الخمسیة.

المورد السابع: أرباح من يتكفّل غيره بمؤونته كالمرأة التي يتكفّل زوجها بمؤونتها و الأبناء الذين يتكفّل أبوهم بمؤونتهم، و غيرهم.

المورد الثامن: الصرف في عمل محرّم و إن لم يعدّ عرفاً مسرفاً.

أما حکم هذه الموارد:

في كلّ هذه الموارد يعلم بعدم صرف الربح في المؤونة و نحن حکمنا في جمیع هذه الموارد بجواز تأخیر أداء الخمس إلی حلول رأس السنة الخمسیة، إلا في مورد أرباح الميت، حیث فصّلنا فیها.

نعم، إذا أدّى الخمس من أرباح السنة غير المخمّسة یجب الخمس في نفس الربح أیضاً، فلزم أن يؤدّيه بمقدار الربع.


[3] موسوعة الشهید السید محمد باقر الصدر، ج13، ص488.
[4] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص160.
[9] المرتقی إلی الفقه الأرقی، ص236-237.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo