< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة72؛ فروع في المسائل الفقهیة التطبیقیة

 

فروع في المسائل الفقهية التطبيقية

الفرع الأوّل: تأخير أداء الخمس مع العلم بزیادة الفائدة عن المؤونة

النظریة الأولی: جواز تأخیر الأداء إلی نهایة السنة مطلقا

قال بها أكثر الأعلام.

قال الشهيد الأوّل: لو ملك قبل الحول ما يزيد على المؤونة دفعة أو دفعات تخيّر في التعجيل والتأخير.[1]

وقال في البيان: لو علم الاكتفاء من أول الحول وجب الخمس، و لكن يجوز تأخيره الى آخره.[2]

قال الشهید الثاني: يتخير بين تعجيل إخراج ما يعلم زيادته عليها و الصبر به إلى تمام الحول.[3]

قال الشهيد الثاني في المسالك: فيها[أي في الأرباح] يجب أيضاً فيما علم زيادته عن المؤونة المعتادة من حين ظهور الربح و لكن الوجوب موسّع طول الحول من حين ظهور الربح احتياطاً للمكلف باحتمال زيادة مؤونته بتجدّد ولد و مملوك و زوجة، و ضيف غير معتاد، و غرامة لا يعلمها، و خسارة في تجارة، و نحو ذلك.[4]

أقول: هنا نكتةٌ بالنسبة إلی حصول العلم للمكلّف بأنّه لا یصرف مقداراً من الفائدة في المؤونة، فإنّ إدعاء حصول العلم أمر لا یمكن التعویل علیه بل لابدّ من التنبیه علی المكلّف حتّی لا یدّعي العلم بذلك.

فیظهر ممّا أفاده الشهید الثاني و ما سیجيء من بعض الأعلام، تهافت بین فرضین: فرض العلم بزیادته عن المؤونة، و فرض احتمال تجدّد مؤونة أخری غیر مترقّبة. فهما لا یجتمعان. فعلی هذا معنی عبارته هنا هو الإیراد علی فرض العلم و التوجه إلی أنّه فرض غیر واقعي.

لكنّ لا یمكن المساعدة علی هذه النكتة، لأنّ المكلّف قد یعلم بالزیادة و احتمال خلاف ذلك عنده معدوم أو قلیل بحیث لا یعتنی به، فلابدّ من بیان هذه المسألة و التحقیق حولها.

و قال صاحب المدارك: و أما الأرباح فالمشهور عدم اعتباره [أي: الحول] فيها بمعنى وجوب الخمس فيما علم زيادته عن مؤونة السنة وجوباً موسعاً من حين حصول الربح إلى تمام الحول.[5]

و مثل عبارة صاحب المدارك ما قاله المحقق السبزواري.[6]

قال صاحب الحدائق: لو علم الاكتفاء في أول الحول وجب الخمس و لكن يجوز تأخيره احتياطا له و للمستحق لجواز زيادة النفقة بسبب عارض أو نقصها كما صرح به شيخنا الشهيد في البيان.[7]

و قال بعد أسطر من ذلك: و لو تملك قبل الحول ما يزيد على المؤونة دفعة أو دفعات، تخير في التعجيل و التأخير كما ذكرنا أولا، إلا أن ظواهر بعض الأخبار- مثل‌ قوله « حَتَّى الْخَيَّاطُ لَيَخِيطُ قَمِيصاً بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ فَلَنَا مِنْهَا دَانِق‌»[8] [9] [10] ، ربما ينافي ما ذكرناه و لكن الظاهر أن هذا الخبر و نحوه ليس على إطلاقه بل يجب تقييده بأخبار استثناء المؤونة المتكاثرة كما عرفت. [11]

و قال صاحب الجواهر في مجمع الرسائل: إن حصل شخص على مبلغ من المال و علم أنّه زائد على مصارفه طول السنة فهو مخيّر في أدائه الآن أو عند تمام السنة.[12]

و مثله الشیخ الأنصاري في صراط النجاة.[13]

و قال المحقق الخوئي في منهاجه:... و إذا علم أنه ليس عليه مؤونة في باقي السنة، فالأحوط- استحبابا- أن يبادر إلى دفع الخمس، و لا يؤخره إلى نهاية السنة.[14]

و قال بعین ذلك المحقق التبریزي[15] و السید محمود الهاشمي الشاهرودي[16] و صاحب فقه الصادق[17] و بعض الأساطین[18] و السید محمد سعید الحكیم.[19]

و قال المحقق الخوئي أیضاً في تعلیقته علی العروة: لا يجب الأداء فعلاً، و إن علم أنّه لا يصرفه في مئونته.[20]

و یمكن استظهار هذه النظریة من اطلاق كلام بعض الأعلام حیث أطلقوا القول بجواز التأخیر إلی تمام الحول.[21] [22] [23] [24] [25]

أدلة هذه النظریة:

الدلیل الأول: عدم الخلاف

قال الشيخ الأنصاري: ادّعى في المناهل ظهور عدم الخلاف في التوسعة حتّى في هذه الصورة.[26]

المناقشة الأولى:

قال المحقق الحكیم: القدر المتيقن من الإجماع غير هذه الصورة [أي: صورة العلم بالزیادة عن المؤونة] ...[27]

قال السید الخلخالي: قد أورد عليه بأنه لم يثبت على إطلاقه و القدر المتيقن منه إنما هو ما إذا لم يعلم بمقدار المؤونة بحيث يحتمل حاجته إلى تمام الربح و عدم الزيادة و أما مع العلم بالعدم - كما إذا كان الربح أكثر من المؤونة بكثير - فلم يثبت إجماع على جواز التأخير في هذه الصورة. و يؤيد ذلك تعليلهم للجواز بالاحتياط للمكتسب، و هذا لا يلائم صورة العلم بالزيادة، و إنما يتم في صورة الشك في زيادة الربح على المؤونة ...[28]

قال الشیخ الفیاض: ... أن القدر المتيقن منه غير صورة العلم بزيادة الفائدة على المؤونة باعتبار أنّه دليل لبّي.[29]

المناقشة الثانية:

قال الشیخ الفیاض: لا اجماع في المسألة و على تقدير ثبوته بين المتأخرين فلا نحرز ثبوته بين المتقدمين لعدم الطريق، كما أشرنا إليه غير مرة، و من المعلوم أنّ ثبوته بين المتأخرين لا قيمة له ما لم نحرز ثبوته بين المتقدمين.[30]

المناقشة الثالثة: ملاحظتنا علیه

أولاً: إنّ عدم الخلاف هنا أضعف من الإجماع حیث إنّ كثیراً من الأعلام لم یتكلّموا حولها.

ثانیاً: إنّه منقول لا محصل، فلیس حجّةً.

ثالثاً: إنّه علی فرض صحته مدركي، لا یمكن الاعتماد علیه.

رابعاً: أورد علیه المحقق الحكيم بقوله: القدر المتيقن من الإجماع [على جواز التأخير] غير هذه الصورة [صورة العلم بعدم المؤونة]، و إن حكي عن المناهل ظهور عدم الخلاف في جواز التأخير حتى في هذه الصورة، لكن قد ينافيه تعليلهم بالاحتياط [الاحتياط لأجل طروّ مؤونة]. اللهم إلا أن يكون المراد به الاحتياط النوعي. فتأمل جيداً.[31]

قال السيد محمد سعيد الحكيم: لعله أشار بالأمر بالتأمل إلى أن احتمال ذلك لا يكفي في القطع بعموم الإجماع للصورة المذكورة، فضلاً عن كونه إجماعاً تعبدياً حجة يخرج به عن مقتضى الإطلاق. فيلزم التعجيل لعموم حرمة حبس الحق عن أهله.

ومثله في ذلك ما إذا كان الربح كثيرا يعلم بزيادته عن المؤونة، فان مقتضى ما تقدم تعجيل إخراج خمس المقدار المعلوم زيادته على المؤونة. [32]

الدلیل الثاني: السیرة القطعیة

قال السيد محمد سعيد الحكيم: ملاحظة السيرة على عدم الاهتمام بضبط المؤونة و بمعرفة الاحتياج لها وعدمه، ومعرفة وجود الزيادة في الربح عليها - خصوصاً مع أن مقتضى الاستصحاب عدم زيادة المؤنة - يوجب وضوح عموم عدم وجوب تعجيل إخراج الخمس للفرضين المذكورين.[33]

الدلیل الثالث: إطلاق مكاتبة علي بن مهزیار

فإنّ إطلاقه یشمل ما إذا علمنا بعدم الصرف في المؤونة.

قال السيد محمد سعيد الحكيم: يشهد به أيضا صحيح ابن مهزيار الطويل الظاهر في أن المدار في إخراج الخمس على السنة، لا على عدم الاحتياج للمؤنة.[34]

الدلیل الرابع: أصالة براءة الذمة عن الفوریة

قال العلامة في المنتهی: لا يجب في الفوائد المذكورة من الأرباح و المكاسب على الفور، بل يتربّص إلى تمام السنة و يخرج عن الفاضل خمسه، لعدم الدليل الدالّ‌ على الفوريّة مع أصالة براءة الذمّة.[35]

النظریة الثانیة: وجوب الخمس فوراً فیما إذا علم عدم المؤونیة

قال الوحيد البهبهاني: لا يعتبر الحول في غير الأرباح و هو إجماعي، بل قال في «المنتهى» إنّه قول جميع العلماء إلاّ من شذّ ، و يدلّ‌ عليه ظواهر الأخبار. و أمّا الأرباح؛ فهو أيضا كذلك فيما علم زيادته، عن مؤونة السنة.[36]

قال المحقق المیلاني: إذا ربح و علم بزيادته على مؤونة سنته التي يحتاج إليها فيها، كان اللازم إيجاب أداء الخمس فوراً لمطالبة ذي الحق بلسان الحال أو المقال، و ما ذكره المحقق و غيره من الاحتياط إنما هو فيما لا يعلم بزيادته على مؤنة السنة و حيث لا يتمسك بالعام في الشبهة المصداقية و لا يتنجز الحكم ما لم يحرز موضوعه يقال بالاحتياط في حق المالك و تجويز تأخيره. و أما مع العلم بذلك فلا مجال له، فاللازم المصير إلى الفور و لا محيص عنه، إلا أن يدّعى الإجماع على جواز التأخير مطلقا. و فيه عدم ثبوت ذلك، و إطلاق كلامهم منصرف إلى الغالب، و هو عدم العلم بزيادته على ما يحتاج إليه في سنته، فليتدبر جيدا.[37]

و ذهب إليها السيد الشبيري و اعتقد بالفورية في هذه الصورة.[38]

أدلّة فوریة وجوب الأداء:

الدلیل الأول: مطالبة ذي الحقّ

استدلّ بذلك المحقق المیلاني و قال: لمطالبة ذي الحق بلسان الحال أو المقال.[39]

یلاحظ علیه:

لا دلیل علی وقوع المطالبة من ذي الحق بل الدلیل قائم علی أصل التعلّق حین ظهور الربح و الفائدة و أما وجوب الأداء قبل انتهاء السنة أیضاً لا دلیل علیه، كما تقدّم.

الدلیل الثاني: اقتضاء تحقق موضوع الخمس لوجوب الأداء فوراً

قال الشیخ الفیاض: مقتضى القاعدة وجوب خمسها فعلاً، و لا مبرّر لتأخيره إلى نهاية السنة، على أساس أنه علم بتحقق موضوعه في الخارج و هو الفائدة الفاضلة على المؤونة.[40]

یلاحظ علیه:

لا دلیل علی ذلك فإنّ تحقق موضوع الخمس لایدلّ علی فعلیة وجوب الأداء و فوریة وجوبه.

الدلیل الثالث: عدم الدلیل علی جواز التأخیر

استدلّ علیه صاحب المرتقی بأنّه: لا يظهر وجه لجواز التأخير الى آخر السنة، فأشكل علی أدلّة جواز التأخیر.[41]

یلاحظ علیه:

هنا أدلّة علی جواز التأخیر، فإنّ السیرة القطعیة و ظهور مكاتبة علي بن مهزیار و أصالة البرائة عن الوجوب قبل الحول، كلّها تدلّ علی جواز تأخیر أداء الخمس إلی انتهاء السنة.


[12] اگر شخصى در بين سال مبلغى بدست آورد و بداند كه ما زاد بر خرج سال وى مى‌باشد، در اداى خمس ما زاد و يا تأخير آن تا هنگام سال خمسى مخيّر مى‌باشد. مجمع الرسائل، نجفی، محمد حسن، ج1، ص528.
[13] هرگاه شخص در بين سالش وجهى پيدا كرد و مى‌داند تا سر سال بعد از مؤونه سالش زياد مى‌آيد، مخيّر است كه خمس آن را بدهد، يا صبر كند تا سال تمام شود.صراط النجاة (للشیخ الأنصاري.)، ص۲۰۳، م824
[16] منهاج الصالحین، ج1، ص372، م1252.
[17] منهاج الصالحین، ج1، ص464، م1440.
[19] يتعلق الخمس بالربح بمجرد ظهوره إذا كان أكثر من مؤنة السنة و يجوز للمالك تأخير دفعه إلى آخر السنة حتى لو علم بزيادته عن المؤنة. منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص416.
[36] مصابيح الظلام، ج11، ص68.
[37] محاضرات في فقه الإمامیة، ص143.
[38] قال: انسان مى‌تواند در بين سال هر وقت منفعتى به دستش آيد خمس آن را بدهد، بلكه اگر بداند كه منفعت صرف مخارج وى نمى‌گردد، لازم است همان وقت كه منفعت به دست مى‌آورد خمس آن را بدهد، و در صورتى كه نمى‌داند كه منفعت وى از مخارج سال وى زياد مى‌آيد يا نه، جايز است دادن خمس را تا آخر سال تأخير بيندازد، و براى دادن خمس مى‌توان سال شمسى يا سال قمرى را ملاك قرار داد.توضیح المسائل الشبیري.)، ص366
[39] محاضرات في فقه الإمامیة، ص143.
[41] المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص۲۳۷.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo