< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة72؛ المطلب الأول؛ النظریة الرابعة

 

النظرية الرابعة: تعلّق الخمس و وجوبه بعد تمام الحول

قال صاحب المرتقى: «قد عرفت فيما تقدم أن المستفاد من الادلة كون تعلق الخمس بعد نهاية السنة لا من حين حصول الربح».[1]

و قد تقدّم أنّه تراجع عن هذه النظرية و ذهب إلى مقالة المشهور.

النظریة الخامسة: تعلّق الخمس عند ظهور الربح و وجوب الأداء في آخر السنة (و هي المختار)

إنّ المختار هو أنّ تعلّق الخمس بالفوائد یکون حین ظهور الفائدة و حصولها و أمّا وجوب أدائه یکون نهایة السنة و قد مرّ الاستدلال علی ذلک في مناقشاتنا علی النظریات السابقة، و قال بهذه النظرية بعض الأعلام:

قال المحقق النراقي: التحقيق أنّ‌ ثبوت حقّ‌ أرباب الخمس في الفاضل عن مئونة السنة أمر واقعي غير محتاج إلى علم ربّ‌ المال به حينئذ، و لا دليل على تقييد العمومات به، بل تكفي معلوميّته عند اللّه سبحانه، لأنّ‌ تعلّق حقّهم به أمر وضعي غير محتاج إلى علم المكلّف.

نعم، وجوب إخراجه عليه يتوقّف على علمه بالقدر الفاضل، و هو أمر لا سبيل إليه إلاّ بعد مضي السنة. و على هذا، فلو أخرجه قبل الحول، و ظهر بعده أنّه كان مطابقا للواقع، يكون مشروعاً و مجزئاً عنه، و لو أخّره إلى الحول كان جائزاً له و لم يكن عاصياً.

فإن أراد الأول[ابن إدریس] بعدم الوجوب قبل الحول: عدم مشروعيّته و إجزائه لو أخرجه قبله و ظهر كونه فاضلاً - كما صرّح به بعضهم[2] - فهو غير صحيح، لحصول الكشف بتعلّق حقّ‌ الغير به و وصوله إلى أهله، فلا وجه لعدم الإجزاء، و قصدُ القربة اللازمة بعد تجويز تعلّق الحقّ‌ ممكنٌ، سيّما مع ظن الفضلة.

و إن أراد عدم تعلّق وجوب الإخراج على المكلّف، فهو كذلك.

و إن أراد الثاني [نظریة المشهور] بالوجوب الموسّع: أنّه تعلّق به التكليف و إن جاز له التأخير - كصلاة الظهر في أول الوقت - فهو باطل قطعاً، لأنّ‌ شرط وجوب الخمس الزيادة[3] عن المؤنة، و هي غير معلومة، و انتفاء العلم بالشرط يوجب انتفاء العلم بالمشروط، و المفروض أنّ‌ الخمس في الفاضل عن مئونة السنة، و هو لا يعلمها، فكيف يحكم بوجوب إخراجه‌؟!

و إن أرادوا: أنّه و إن لم يجب عليه الإخراج حينئذ و لكن لو أخرجه و انكشف بعده تعلق الخمس به كان مجزئاً، فهو صحيح.[4]

قال السید عبدالله الشيرازي: الأظهر عندي تعلّق الوجوب بعد صرف المؤونة و تمام ‌الحول.[5]

المطلب الثاني: الإسراف

الأمر الأوّل: معنی الإسراف و تحدید موضوعه

التعریف الأول عن المشهور:

إنّ معنی الإسراف هو التجاوز عن حدّ الوسط و الاقتصاد و صرف المال زائداً علی هذا المقدار. أما هذا الحدّ یتفاوت بحسب تفاوت الأحوال و الأشخاص.

جاء في کتاب العین: و الْإِسْرَافُ نقيض الاقتصاد ... و السَّرَفُ: الخطأ.[6]

و في مصباح المنیر: أَسْرَفَ: إِسْرَافاً جَازَ الْقَصْدَ، و السَّرَفُ اسْمٌ مِنْهُ.[7]

و في المفردات: السَّرَفُ: تجاوُزُ الحدّ في كلّ فعل يفعله الإنسان و إن كان ذلك في الإنفاق أشهر.[8]

و في مقاییس اللغة: السين و الراء و الفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تعدِّى الحدّ و الإغفالِ أيضاً للشى‌ء. تقول: فى الأمر سرَفٌ، أى مجاوزَةُ القدر.[9]

و في الفروق اللغویة في بیان الفرق بین التبذیر و الإسراف: قيل: التبذير: إنفاق المال فيما لا ينبغي و الاسراف: صرفه زيادة على ما ينبغي و بعبارة اخرى: الاسراف: تجاوز الحد في صرف المال، والتبذير: اتلافه في غير موضعه ... قيل: وليس الإسراف متعلقاً بالمال فقط، بل بكل شئ وضع في غير موضعه اللائق به.[10]

التعریف الثاني عن المحقق العراقي:

إنّ المحقق العراقي أطلق تعریف الإتلاف عند اللغویین، کما تقدّم في الفروق اللغویة علی الإسراف.

قال المحقّق العراقي: ... الظاهر أنّ المراد من الإسراف هو صرف المال في غير محله و قد يرى العرف صرف بعض الأموال كذلك، كما لو أضاف الفقير كل يوم أو كل أسبوع جماعة من الأغنياء بلا غرض عقلائي مترتب على ذلك.[11]

التعریف الثالث عن المحقق السید محمد سعید الحکیم:

إنّ الإسراف صرف ما زاد على الاعتدال بلحاظ الجهات العقلائية.

ففي کلام السید محمد سعید الحکیم ما یستفاد منه دخالة الأمر العقلائي فیه: أنّ الإسراف عرفا هو صرف ما زاد على الاعتدال في الإنفاق و القصد فيه بلحاظ الجهات العقلائية، كما تشهد به النصوص أيضا، و أنه لا يمكن الالتزام بحرمته على إطلاقه، بل المتيقن هو حرمة ما أضرّ به بالمال و أفسده عرفاً من دون غرض عقلائي ... .[12]


[1] المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص۲۳۲.
[3] في بعض النسخ: العلم بالزيادة.
[5] (العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص160).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo