< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفي الأشرفي‌شاهرودي

44/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الشمس- تعميم التطهير من حيث الموضوع و النجاسة.

الثالث من المطهّرات:

الشمس: و هي تطهّر الأرض و غيرها من كلّ‌ ما لا ينقل كالأبنية و الحيطان و ما يتّصل بها من الأبواب و الأخشاب و الأوتاد و الأشجار و ما عليها من الأوراق و الثمار و الخضروات و النباتات، ما لم تقطع و إن بلغ أوان قطعها، بل و إن صارت يابسة، ما دامت متّصلة بالأرض أو الأشجار و ما عليها من الأوراق و الثمار و الخضروات و النباتات، ما لم تقطع و إن بلغ أوان قطعها، بل و إن صارت يابسة، ما دامت متّصلة بالأرض أو الأشجار، و كذا الظروف المثبتة في الأرض أو الحائط، و كذا ما على الحائط و الأبنية ممّا طلي عليها من جصّ‌ و قير و نحوهما عن نجاسة البول، بل سائر النجاسات و المتنجّسات[1]

استدل الأستاد لتعميم موضوع الحكم بطهارة ما أشرق عليه الشمس من الأرض إلى كل ما لا ينقل كالأبنية و الحيطان و ما يتصل بها من الأبواب و الأخشاب و الأوتاد و الأشجار و ما عليها من الأوراق بصحيحة زرارة[2] و موثقة عمار[3] لأن السؤال في الأول عن الْمَكَانِ‌ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ‌ و في الثانية عَنِ‌ الْمَوْضِعِ‌ الْقَذِرِ الذي يصلى فيه. إطلاقها يشمل مطلق المكان أو الموضع و إن لم يكونا من جنس الأرض و التراب لصدق المكان على المحل المصنوع من مثل الخشب و الحديد و نحوهما المثبتة في الأرض أو المفروشة عليها، فإذا ثبت مطهرية الشمس لمطلق المكان الذي يمكن الصلاة عليه و لو لم يصدق عليه الأرض بمقتضى النص يتعدى إلى غيره مما لا يمكن الصلاة عليه كالأشجار و الأبواب و الأخشاب الموضوعة على الجدار مما لا ينقل لعدم القول بالفصل بين ما يمكن الصلاة عليه من الأمكنة و ما لا يمكن‌ إذ لا يحتمل دخل إمكان الصلاة على الموضع في مطهّرية الشمس له و لذا قلنا في الأمس إنه لا يحتمل و لم يستشكل أحد في مطهّرية الشمس لدكة أو قطعة صغيرة من الأرض إذا لم يمكن الصلاة عليها لصغرها. و بالجملة المدار حسب صحيحة زرارة و موثقة عمار على مطهرية المكان في الجملة و لو لم يصدق عليه إسم الأرض، ثم بضميمة عدم القول بالفصل يتعدى الى مطلق ما لا ينقل، سواء أمكن الصلاة عليه، أو لم يمكن.

و ذكر سيدنا الحكيم لتقريب ذلك بأنه لا مجال لاحتمال التفكيك بين ما عمل من نبات الأرض مما هو منقول و نفس النبات، بحيث تطهر الأول و لا تطهر الثاني. بل يظهر من الشيخ في المبسوط و ابن سعيد في الجامع، الأخذ بعمومها في النبات المنقول. و ذكر سيدنا الحكيم في تصحيح تعميم كلامي الشيخ و ابن سعيد بعد التمسك بعموم رواية الحضرمي و تصحيح سندها: لا مجال للتوقف في سند الرواية ، ولا في وجوب العمل بها.[4]

لكن الأستاد ذكر عدم الاعتماد على تلك الرواية لضعف سندها، مع عدم صحة انجبار ضعفها بعمل المشهور. كما أنه استشكل في دعوى انصرافها إلى غير المنقول بان يكون المراد ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس لثباته، مقابل ما من شأنه أن يوضع فيها تارة و ينحى عنها اخرى، فلا يحتاج في تخصيصها بغير المنقول إلى دليل خارج من إجماع أو روايات.

وجه الاستشكال: إن فعليّة إشراق الشمس على شي‌ء و إن كانت متوقفة على قابليّة ذاك الشي‌ء للاشراق عليه، إلا أنّ القابلية ثابتة في مطلق الأجسام المنقولة و غيرها، فلا وجه لاختصاصها بالثابتات، نعم قد يمنع عن فعليّة الإشراق مانع خارجي، كالسقف و نحوه. هذا يعم المنقول و غيره، فعليه لا وجه للانصراف إلى ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس لثباته‌ في مقابل ما ليس كذلك.

أقول: يمكن دفع اشكال السيد الأستاد بأن القابلية في الأجسام المنقولة، أمر عارضي يحتاج إلى نقل تلك الأجسام إلى محل تشرق عليه الشمس بخلاف مثل الأشجار و النباتات فأن قابليتها لذلك أمر ذاتي لا يحتاج إلى إعمال النقل و الانتقال. فما ذكره الحكيم تبعاً لغيره من الأعلام مطابق للارتكاز العرفي.

نعم ذكر الأستاد و الحكيم بإمكان استفادة الحكم في غير المنقولات من الأشجار و الأبنية بإطلاق المكان و الموضع و السطح المذكورة في النصوص المتقدمة بتقريب ذكره سيدنا الأستاد و نقل التعميم الذي أفاده السيد الماتن مستند إلى خبر الحضرمي.

و أما الثمار ففي جماعة إلحاقها بالأرض مما تقدم. و ذكر شيخنا الحلي بجريان السيرة على عدم تطهيرها ما دامت ثابتة في الأشجار و النباتات بل لا يبعد كون زوالها كاف في الحكم بطهارتها كما في أبدان الحيوانات الطاهرة بالذات.

لكن عن العلامة في النهاية المنع عن طهارة الثمار بإشراق الشمس، و عن المعالم و الذخيرة، التفصيل بين أوان قطعها فمحكوم بالنجاسة و غيره فمحكوم بالطهارة بإشراق الشمس، و لكنه خال عن الدليل. و إطلاق ما تقدم من الأدلة يقتضي عدم الفرق.

قال الماتن: «و كذا الظروف المثبتة في الأرض أو الحائط، و كذا ما على الحائط و الأبنية ممّا طلي عليها من جصّ‌ و قير و نحوهما»

أقول: يكفي في التعميم بالنسبة إلى غير الظروف المثبتة في الأرض، ما تقدم من الأدلة و من السيرة المتشرعة. و لكن الظروف الثابتة في الأرض كالجب و الحب لا نرى فيه كفاية إشراق الشمس في طهارتها بعد ما تقدم من الأدلة الواردة في كيفية تطهيرها بالماء.

ثم ذكر الماتن: إنه لا يفترق في تطهير إشراق الشمس و حصول الجفاف بذلك بين كون النجاسة من البول، أو سائر النجاسات و المتنجّسات.

و الوجه فيه إطلاق بعض الأدلة كموثقة عمار لما فيها من طهارة الموضع القذر و الموضع القذر شامل لكل متنجس. و كذا في صحيح ابن بزيع[5] ‌ إصابة الشمس للسطح الذي يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ‌ وَ مَا أَشْبَهَهُ‌.

و أما صحيح زرارة المذكور فقد فرض فيها تنجس السطح بالبول، لكنه واقع في السؤال و هو لا يدل على الاختصاص نفي الخلاف فيه. و عن الجواهر: «لا أعرف فيه خلافاً إلا من المنتهى». و عن بعضهم الاقتصار في إشراق الشمس بنجاسة البول و لعله من باب المثال و الاختصاص في الحكم.

و ذكر الحكيم عن المنتهى إنه طعن في رواية عمار الدالة على التعميم‌ بأنها ضعيفة السند، و في صحيح‌ ابن بزيع إنه مضمر. و فيه ما لا يخفى، فإن الموثق حجة، كالمضمر من أمثال ابن بزيع.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، الطب‌اطب‌ای‌ي الی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر العاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن الحسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت عليهم السلام لإحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسك العروة الوثقی، الطباطبايي الحکیم السید محسن، المتوفي: ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم المقدسة، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.


[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص451، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح1، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ زُرَارَةَ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْبَوْلِ‌ يَكُونُ‌ عَلَى السَّطْحِ‌ أَوْ فِي الْمَكَانِ‌ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ‌. فَقَالَ:‌ إِذَا جَفَّفَتْهُ‌ الشَّمْسُ‌ فَصَلِّ‌ عَلَيْهِ‌ فَهُوَ طَاهِرٌ.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص452، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح4، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ فَضَّالٍ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ الْمَوْضِعِ‌ الْقَذِرِ يَكُونُ‌ فِي الْبَيْتِ‌ أَوْ غَيْرِهِ‌ فَلاَ تُصِيبُهُ‌ الشَّمْسُ‌ وَ لَكِنَّهُ‌ قَدْ يَبِسَ‌ الْمَوْضِعُ‌ الْقَذِرُ. قَالَ:‌ لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ‌ وَ أَعْلِمْ‌ مَوْضِعَهُ‌ حَتَّى تَغْسِلَهُ‌. وَ عَنِ‌ الشَّمْسِ‌ هَلْ‌ تُطَهِّرُ الْأَرْضَ‌؟ قَالَ:‌ إِذَا كَانَ‌ الْمَوْضِعُ‌ قَذِراً مِنَ‌ الْبَوْلِ‌ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ‌ فَأَصَابَتْهُ‌ الشَّمْسُ‌ ثُمَّ‌ يَبِسَ‌ الْمَوْضِعُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ عَلَى الْمَوْضِعِ‌ جَائِزَةٌ‌ وَ إِنْ‌ أَصَابَتْهُ‌ الشَّمْسُ‌ وَ لَمْ‌ يَيْبَسِ‌ الْمَوْضِعُ‌ الْقَذِرُ وَ كَانَ‌ رَطْباً فَلاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ‌ عَلَيْهِ‌ حَتَّى يَيْبَسَ‌ وَ إِنْ‌ كَانَتْ‌ رِجْلُكَ‌ رَطْبَةً‌ أَوْ جَبْهَتُكَ‌ رَطْبَةً‌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ‌ مِنْكَ‌ مَا يُصِيبُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَوْضِعَ‌ الْقَذِرَ فَلاَ تُصَلِّ‌ عَلَى ذَلِكَ‌ الْمَوْضِعِ‌ حَتَّى يَيْبَسَ‌، وَ إِنْ‌ كَانَ‌ غَيْرُ الشَّمْسِ‌ أَصَابَهُ‌ حَتَّى يَبِسَ‌ فَإِنَّهُ‌ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ‌.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص453، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح7، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّد عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ إِسْمَاعِيلَ‌ بْنِ‌ بَزِيعٍ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الْأَرْضِ‌ وَ السَّطْحِ‌ يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ‌ وَ مَا أَشْبَهَهُ‌ هَلْ‌ تُطَهِّرُهُ‌ الشَّمْسُ‌ مِنْ‌ غَيْرِ مَاءٍ‌ قَالَ‌ كَيْفَ‌ يَطَّهَّرُ مِنْ‌ غَيْرِ مَاءٍ‌. قَالَ‌ اَلشَّيْخُ‌ الْمُرَادُ أَنَّهُ‌ لاَ يَطَّهَّرُ مَا دَامَ‌ رَطْباً إِذَا لَمْ‌ تُجَفِّفْهُ‌ الشَّمْسُ‌ وَ اسْتَدَلَّ‌ بِتَصْرِيحِ‌ حَدِيثِ‌ عَمَّارٍ أَقُولُ‌: وَ يُمْكِنُ‌ أَنْ‌ يُرَادَ بِالْمَاءِ‌ رُطُوبَةُ‌ وَجْهِ‌ الْأَرْضِ‌ إِشَارَةً‌ إِلَى عَدَمِ‌ طَهَارَتِهِ‌ إِذَا طَلَعَتْ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّمْسُ‌ جَافّاً وَ اشْتِرَاطِ رَشِّ‌ الْمَاءِ‌ مَعَ‌ عَدَمِ‌ الرُّطُوبَةِ‌ وَقْتَ‌ الْإِشْرَاقِ‌ وَ يَحْتَمِلُ‌ الْحَمْلُ‌ عَلَى التَّقِيَّةِ‌ لِأَنَّهُ‌ قَوْلُ‌ جَمَاعَةٍ‌ مِنَ‌ اَلْعَامَّةِ‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo