< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفي الأشرفي‌شاهرودي

44/11/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الشمس- تطهير الأرض و غيرها- استناد التجفيف إلى الشمس.

الثالث من المطهّرات:

الشمس: و هي تطهّر الأرض و غيرها من كلّ‌ ما لا ينقل كالأبنية و الحيطان و ما يتّصل بها من الأبواب و الأخشاب و الأوتاد و الأشجار و ما عليها من الأوراق و الثمار و الخضروات و النباتات، ما لم تقطع و إن بلغ أوان قطعها، بل و إن صارت يابسة، ما دامت متّصلة بالأرض أو الأشجار[1]

قد تبين أن احتمال صحت ما ضبطه الوافي و حبل المتين من موثقة عمار الساباطي[2] بعيد من جهات متعددة من حيث سبك العربية و استدلال نفس الشيخ الراوي للحديث المستدل بالحديث على مطهرية الشمس.

كما أن المناقشة في التمسك به لمطهرية الشمس بدعوى عدول الإمام عليه السلام عن الجواب الصريح بكون الموضع الذي أشرقت الشمس عليه إلى الجواب بصحة الصلاة، مدفوعة بأن قرينة السياق في كلا السؤالين تدل على أن المطلوب هو معرفة كيفية تطهير الموضع القذر لأجل الصلاة عليه.

انتهي كلامنا إلى رواية أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليهما السلام «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَشْرَقَتْ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّمْسُ‌ فَقَدْ طَهُرَ»[3] و في رواية أخرى «كُلُّ‌ مَا أَشْرَقَتْ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّمْسُ‌ فَهُوَ طَاهِرٌ»[4] و قد تكلمنا في دلالتها و المناقشة فيها و في سندها و ما عليه الأستاد من دفع القول بصحة الحديث لأجل رواية الأكابر كالمفيد و محمد بن يحيى و سعد و أحمد بن محمد، الظاهر أنه أبي عيسى الأشعري رضوان الله تعالى عليهم.

بقي استدلال الشيخ بالحديث في التهذيب و الخلاف، و الجواب أن دأب الشيخ ذكر الروايات تحت متن المقنعة من الروايات الضعاف و غيرها فليس مجرد ذكرها دليل على صحة الرواية.

بقي في المقام صحيحة ابن بزيع «سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الْأَرْضِ‌ وَ السَّطْحِ‌ يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ‌ وَ مَا أَشْبَهَهُ‌ هَلْ‌ تُطَهِّرُهُ‌ الشَّمْسُ‌ مِنْ‌ غَيْرِ مَاءٍ‌ قَالَ‌ كَيْفَ‌ يَطَّهَّرُ مِنْ‌ غَيْرِ مَاءٍ‌.»[5] بدعوى ظهور الاستفهام في الاستفهام الإنكاري، و إنه لا يكفي الشمس في التطهير بغير ماء.

و أجاب الأستاد منه: بأن مفاد هذه الصحيحة اشتراط الماء في مطهرية الشمس لا نص المطهرية عنها فيكون مفادها إنه لا بد من استناد التجفيف إلى الشمس، و إن مجرد إشراق الشمس لا يجدي إذا كان الأرض يابساً، بل هو مشروط بوجود الرطوبة كي يستند التجفيف إلى الشمس. بل لو كان المراد من ضميمة الماء هو الغسل به لكان السؤال عن مطهرية الشمس لغواً، فيعلم من الحديث ارتكاز مطهرية الشمس في ذهن السائل و الإمام عليه السلام أمضاه، لكن أشار إلى شرط آخر و هو التجفيف بالشمس لأجل ضم الماء إليه لا بمقدار الغسل بالماء.

و لو سلم إرادة الإطلاق في هذه الصحيحة باشتراط صب الماء على المكان، سواء كان يابساً أم لا، كان مقتضى الجمع بينها و بين صحيحة زرارة[6] المتقدمة هو حملها على صورة يبوسة المكان، لأن النسبة بينهما العموم المطلق فتخرج المكان الرطب عن إطلاقها فيكون الباقي تحتها أي تحت صحيحة ابن بزيع للأرض اليابسة، و لا كلام في لزوم رشه بالماء لكن يستنى الجفاف إلى الشمس. و على تقدير المعارضة لا ريب في ترجيح صحيحة زرارة و موثقة عمار لشهرتهما و مخالفتهما لفتوى العامة حيث اتفق المالكية و الحنابلة على عدم تطهير الأرض بالشمس.

قال الماتن: «و هي تطهّر الأرض و غيرها من كلّ‌ ما لا ينقل كالأبنية و الحيطان و ما يتّصل بها من الأبواب و الأخشاب و الأوتاد و الأشجار و ما عليها من الأوراق»

هذه بحث عن موضوع الحكم، ذهب بعضهم إلى اختصاص التطهير بالأرض و من المنقول بالحصر و البواري، و عن بعضهم تخصص التطهير بالبواري و الحصر دون الأرض، و المشهور شمول الحكم لغير المنقول مطلقاً.

إطلاق صحيحة زرارة و موثقة عمار شامل لكل غير منقول لأن السؤال فيهما عن مطلق موضع تلوثه بالنجاسة، لصدق المكان و الموضع على المصنوع من الخشب و غيره مما يمكن الصلاة عليه، و إذا ثبت ذلك في هذا الموضع يتعدى إلى غيره مما لا يمكن الصلاة عليه، و لكنه غير منقول لعدم القول بالفصل، و من هنا لم يفصل أحد بين الدكة و الأرض التي لا يمكن الصلاة عليها لضيقها.

و قد يستدل بإطلاق صحيحة الحضرمي إلا أنه خرج المنقولات بالإجماع و الضرورة بل الروايات الظاهرة في انحصار المطهر لها في الماء و يبقى الباقي تحت هذه الرواية.

و ذكر الحكيم اختصاص رواية الحضرمي بغير المنقول لأن المراد ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس لثباته، في مقابل من شأنه أن يوضع في الشمس و ينحي عنها مرة أخرى.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، الطب‌اطب‌ای‌ي الی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر العاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن الحسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت عليهم السلام لإحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.


[2] باب29 من أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، ح4، ج3، ص452. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ فَضَّالٍ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ الْمَوْضِعِ‌ الْقَذِرِ يَكُونُ‌ فِي الْبَيْتِ‌ أَوْ غَيْرِهِ‌ فَلاَ تُصِيبُهُ‌ الشَّمْسُ‌ وَ لَكِنَّهُ‌ قَدْ يَبِسَ‌ الْمَوْضِعُ‌ الْقَذِرُ. قَالَ:‌ لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ‌ وَ أَعْلِمْ‌ مَوْضِعَهُ‌ حَتَّى تَغْسِلَهُ‌. وَ عَنِ‌ الشَّمْسِ‌ هَلْ‌ تُطَهِّرُ الْأَرْضَ‌؟ قَالَ:‌ إِذَا كَانَ‌ الْمَوْضِعُ‌ قَذِراً مِنَ‌ الْبَوْلِ‌ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ‌ فَأَصَابَتْهُ‌ الشَّمْسُ‌ ثُمَّ‌ يَبِسَ‌ الْمَوْضِعُ‌ فَالصَّلاَةُ‌ عَلَى الْمَوْضِعِ‌ جَائِزَةٌ‌ وَ إِنْ‌ أَصَابَتْهُ‌ الشَّمْسُ‌ وَ لَمْ‌ يَيْبَسِ‌ الْمَوْضِعُ‌ الْقَذِرُ وَ كَانَ‌ رَطْباً فَلاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ‌ عَلَيْهِ‌ حَتَّى يَيْبَسَ‌ وَ إِنْ‌ كَانَتْ‌ رِجْلُكَ‌ رَطْبَةً‌ أَوْ جَبْهَتُكَ‌ رَطْبَةً‌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ‌ مِنْكَ‌ مَا يُصِيبُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَوْضِعَ‌ الْقَذِرَ فَلاَ تُصَلِّ‌ عَلَى ذَلِكَ‌ الْمَوْضِعِ‌ حَتَّى يَيْبَسَ‌، وَ إِنْ‌ كَانَ‌ غَيْرُ الشَّمْسِ‌ أَصَابَهُ‌ حَتَّى يَبِسَ‌ فَإِنَّهُ‌ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ‌.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص452، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح5، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنْ‌ عُثْمَانَ‌ بْنِ‌ عَبْدِ الْمَلِكِ‌ الْحَضْرَمِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَشْرَقَتْ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّمْسُ‌ فَقَدْ طَهُرَ.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص453، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح6، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنْ‌ عُثْمَانَ‌ بْنِ‌ عَبْدِ الْمَلِكِ‌ الْحَضْرَمِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: كُلُّ‌ مَا أَشْرَقَتْ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّمْسُ‌ فَهُوَ طَاهِرٌ.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص453، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح7، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ إِسْمَاعِيلَ‌ بْنِ‌ بَزِيعٍ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الْأَرْضِ‌ وَ السَّطْحِ‌ يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ‌ وَ مَا أَشْبَهَهُ‌ هَلْ‌ تُطَهِّرُهُ‌ الشَّمْسُ‌ مِنْ‌ غَيْرِ مَاءٍ‌ قَالَ‌ كَيْفَ‌ يَطَّهَّرُ مِنْ‌ غَيْرِ مَاءٍ‌. قَالَ‌ اَلشَّيْخُ‌ الْمُرَادُ أَنَّهُ‌ لاَ يَطَّهَّرُ مَا دَامَ‌ رَطْباً إِذَا لَمْ‌ تُجَفِّفْهُ‌ الشَّمْسُ‌ وَ اسْتَدَلَّ‌ بِتَصْرِيحِ‌ حَدِيثِ‌ عَمَّارٍ أَقُولُ‌: وَ يُمْكِنُ‌ أَنْ‌ يُرَادَ بِالْمَاءِ‌ رُطُوبَةُ‌ وَجْهِ‌ الْأَرْضِ‌ إِشَارَةً‌ إِلَى عَدَمِ‌ طَهَارَتِهِ‌ إِذَا طَلَعَتْ‌ عَلَيْهِ‌ الشَّمْسُ‌ جَافّاً وَ اشْتِرَاطِ رَشِّ‌ الْمَاءِ‌ مَعَ‌ عَدَمِ‌ الرُّطُوبَةِ‌ وَقْتَ‌ الْإِشْرَاقِ‌ وَ يَحْتَمِلُ‌ الْحَمْلُ‌ عَلَى التَّقِيَّةِ‌ لِأَنَّهُ‌ قَوْلُ‌ جَمَاعَةٍ‌ مِنَ‌ اَلْعَامَّةِ‌.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص451، أبواب النجاسات و الاوانی و الجلود، باب29، ح1، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ زُرَارَةَ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْبَوْلِ‌ يَكُونُ‌ عَلَى السَّطْحِ‌ أَوْ فِي الْمَكَانِ‌ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ‌. فَقَالَ:‌ إِذَا جَفَّفَتْهُ‌ الشَّمْسُ‌ فَصَلِّ‌ عَلَيْهِ‌ فَهُوَ طَاهِرٌ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo