< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الأرض- اشتراط طهارة الأرض.

و يشترط طهارة الأرض و جفافها. نعم الرطوبة غير المسرية غير مضرة و يلحق بباطن القدم و النعل حواشيهما بالمقدار المتعارف ممّا يلتزق بهما من الطين و التراب حال المشي، و في إلحاق ظاهر القدم أو النعل بباطنهما إذا كان يمشي بهما لاعوجاج في رجله وجه قويّ‌ و إن كان لا يخلو عن إشكال، كما أنّ‌ إلحاق الركبتين و اليدين بالنسبة إلى من يمشي عليهما أيضاً مشكل و كذا نعل الدابّة و كعب عصا الأعرج، و خشبة الأقطع. و لا فرق في النعل بين أقسامها من المصنوع من الجلود و القطن و الخشب و نحوها ممّا هو متعارف. و في الجورب إشكال إلّا إذا تعارف لبسه بدلاً عن النعل.[1]

و أورد الحكيم على دعوى انصراف أدلة مطهرية الأرض إلى خصوص ما تكون طاهرة، بتوسط القاعدة الارتكازية من أن الفاقد للطهارة لا يكون معطياً لها، كما هو الأصل عند العقلاء «إن الفاقد للشيء لا يكون معطياً له» بأن العرف لا ارتكاز له في التطهير بالأرض الذي جعله الشارع أمراً تعبدياً محضاً.

و أورد على الظن الحاصل من الاستقراء بعدم حجية الاستقراء الناقص و الظن الحاصل منه.

و أورد على التمسك بصحيح الأحول في قوله: "فِي الرَّجُلِ‌ يَطَأُ عَلَى الْمَوْضِعِ‌ الَّذِي لَيْسَ‌ بِنَظِيفٍ‌ ثُمَّ‌ يَطَأُ بَعْدَهُ‌ مَكَاناً نَظِيفاً "[2] حيث أن قوله: "مَكَاناً نَظِيفاً" مشعر بلزوم الوطئ على الأرض النظيف لحصول الطهارة، لأن هذا القيد جاء في كلام السائل لا في كلام الإمام عليه السلام، و هضا لا يشعر باعتبار النظافة في الأرض الذي يمشي عليها.

و أورد على التمسك بالنبوي «جُعِلَتْ‌ لِيَ‌ الْأَرْضُ‌ مَسْجِداً وَ طَهُوراً»[3] بعد تفسير الطهور بما يكون طاهراً في نفسه و مطهراً لغيره، بأن هذا الحديث يدل على كون الأرض بنفسها طاهرة و مطهرة و لا يدل على اعتبار وجود الطهارة في مطهريتها، و لعل الأرض كما هي في نفسها طاهرة كذلك في نفسها مطهرة و إن لم تكن طاهرة.

و ناقش فيما عن الوحيد البهبهاني من اعتبار سبق الطهارة في المطهر، بدعوى الاتفاق عليها بأن دعوى الاتفاق عليها ممنوعة، كيف؟ و نسب الخلاف في المقام إلى جماعة، منهم الشهيد الثاني، بل نسبه هو إلى إطلاق النص و الفتوى. ثم صار بصدد توجيه الرجوع في ذلك إلى العرف في قاعدة: "الفاقد لا يعطي" بأن المراد ليس الرجوع العرف في كيفية التطهير، بل من جهة دلالة القاعدة المذكورة على اعتبار الطهارة في المطهّر، كما توجب دلالة الدليل على نجاسة الملاقي كون الملاقى نجساً كما ترى أن الفقهاء يستدلون على نجاسة جملة من الأعيان النجسة بما دل على نجاسة ملاقيها و في المقام يستنبط عرفاً من حصول طهارة القدم و الخف المتنجّسين بملاقاة الأرض كون الأرض طاهراً و هكذا الحال في جميع الموارد التي تضمن الدليل فيها فاعلية شيء لشيء، فإنه يدل بالالتزام العقلي أو العرفي على كونه واجداً لذلك الفعل. فلاحظ.

أقول: هذا ما سكت السيد الحكيم عن المناقشة فيه و لكن يمكن أن يقال: هذا صادق في العلة الفاعلية لا في مثل المقام. لا يقال: المفروض أنه نسب التطهير إلى الأرض في قوله عليه السلام "الْأَرْض يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضاً"[4] فإنه يقال: هذا تنظير مسامحي و إلا من البيّن عدم فاعلية الأرض للتطهير.

ثم أن سيدنا الأستادالخوئي أجاب عن المناقشة في الارتكاز المتشرعي على اعتبار الطهارة في كل مطهّر مؤيداً لذلك بما هو مرتكز عند العقلاء من أن الفاقد لا يعطى، و إنه لا مانع من التمسك بهذا الارتكاز، و كون مطهريتها تعبداً محضاً. و حالها من هذه الجهة تكون كالماء الذي ورد فيه «خَلَقَ‌ اللَّهُ‌ الْمَاءَ‌ طَهُوراً لاَ يُنَجِّسُهُ‌ شَيْ‌ءٌ‌»[5] و بعد الفراغ عن جعلهما مطهراً شرعاً، يتبادر إلى ذهن المتشرعة لزوم طهارتها في نفسها، لأن فاقد الطاهرة لا يعطيها لغيره، و هذا هو الموجب لانصراف الإطلاقات في المقام إلى الأرض الطاهرة.

و تمسك ثانياً لاعتبار طهارة الأرض بصحيحة الأحول حيث نفى البأس عن خصوص ما فرضه السائل من وطئ المكان النظيف، و هذا يكون بمنزلة أخذ القيد المذكور في كلام الإمام عليه السلام فيدل على الاشتراط بعد إرادة الطهارة من النظافة.

هذا مضافاً إلى ان عود الضمير في قوله عليه السلام: «إِذَا كَانَ‌ خَمْسَةَ‌ عَشَرَ ذِرَاعاً» إلى المكان النظيف معلقاً على كونه خمسة عشر ذراعاً الذي أريد به زوال العين، لا التحديد الخاص. يدل على الاشتراط.

أقول: فتأمل فيه فإن القيد المذكور وقع في كلام السائل لا كلام الإمام عليه السلام.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، الطب‌اطب‌ای‌ي الی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر العاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن الحسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.


[2] وسائل‌الشیعة، الباب32 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح1، ج3، ص457. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ جَمِيلِ‌ بْنِ‌ صَالِحٍ‌ عَنِ‌ اَلْأَحْوَلِ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: فِي الرَّجُلِ‌ يَطَأُ عَلَى الْمَوْضِعِ‌ الَّذِي لَيْسَ‌ بِنَظِيفٍ‌ ثُمَّ‌ يَطَأُ بَعْدَهُ‌ مَكَاناً نَظِيفاً. فَقَالَ‌: لاَ بَأْسَ‌ إِذَا كَانَ‌ خَمْسَةَ‌ عَشَرَ ذِرَاعاً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ‌.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص350، أبواب التيمم، باب7، ح2، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ قَالَ‌: قَالَ‌ النَّبِيُّ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌: أُعْطِيتُ‌ خَمْساً لَمْ‌ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلِي جُعِلَتْ‌ لِيَ‌ الْأَرْضُ‌ مَسْجِداً وَ طَهُوراً. اَلْحَدِيثَ‌.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص458، أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، باب32، ح3، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوب عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ إِبْرَاهِيم عَنْ‌ أَبِيهِ‌ عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ جَمِيلِ‌ بْنِ‌ دَرَّاجٍ‌ عَنِ‌ اَلْمُعَلَّى بْنِ‌ خُنَيْسٍ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْخِنْزِيرِ يَخْرُجُ‌ مِنَ‌ الْمَاءِ‌ فَيَمُرُّ عَلَى الطَّرِيقِ‌ فَيَسِيلُ‌ مِنْهُ‌ الْمَاءُ‌. أَمُرُّ عَلَيْهِ‌ حَافِياً؟ فَقَالَ:‌ أَ لَيْسَ‌ وَرَاءَهُ‌ شَيْ‌ءٌ‌ جَافٌّ‌؟ قُلْتُ:‌ بَلَى. قَالَ:‌ فَلاَ بَأْسَ‌ إِنَّ‌ الْأَرْضَ‌ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضاً.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص135، أبواب الماء المطلق، باب1، ح9، ط آل البيت. جَعْفَرُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ الْمُحَقِّقُ‌ فِي اَلْمُعْتَبَرِ قَالَ‌: قَالَ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: خَلَقَ‌ اللَّهُ‌ الْمَاءَ‌ طَهُوراً لاَ يُنَجِّسُهُ‌ شَيْ‌ءٌ‌ إِلاَّ مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ‌ أَوْ طَعْمَهُ‌ أَوْ رِيحَهُ‌. وَ رَوَاهُ‌ اِبْنُ‌ إِدْرِيسَ‌ مُرْسَلاً فِي أَوَّلِ‌ اَلسَّرَائِرِ وَ نَقَلَ‌ أَنَّهُ‌ مُتَّفَقٌ‌ عَلَى رِوَايَتِهِ‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo