< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/08/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- ما يبقى بین الأسنان عند أكل النجس- ملاقاة النجس في الباطن.

مسألة 40: إذا أكل طعاماً نجساً فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته، و يطهر بالمضمضة بدون و أمّا إذا كان الطعام طاهراً فخرج دم من بين أسنانه، فإن لم يلاقه لا يتنجّس، و إن تبلّل بالريق الملاقي للدم؛ لأنّ‌ الريق لا يتنجّس بذلك الدم، و إن لاقاه ففي الحكم بنجاسته إشكال من حيث إنّه لاقى النجس في الباطن. لكنّ‌ الأحوط الاجتناب عنه؛ لأنّ‌ القدر المعلوم أنّ‌ النجس في الباطن لا ينجّس ما يلاقيه ممّا كان في الباطن، لا ما دخل إليه من الخارج، فلو كان في أنفه نقطة دم لا يحكم بتنجّس باطن أنفه، و لا بتنجّس رطوبته بخلاف ما إذا أدخل إصبعه فلاقته فإنّ‌ الأحوط غسله.

مسألة 41: آلات التطهير كاليد و الظرف الّذي يغسل فيه تطهر بالتبع فلا حاجة إلى غسلها، و في الظرف لا يجب غسله ثلاث مرّات بخلاف ما إذا كان نجساً قبل الاستعمال في التطهير، فإنّه يجب غسله ثلاث مرّات كما مرّ.[1]

أما إذا بقي مقدار من الطعام النجس بین الأسنان فهو محکوم بالنجاسة. و لکن إذا استولی ماء الریق علیه بحیث نفذ في داخله فهو یطهر. و لکن الاستاد ذکر في التعلیقة: «بشرط صدق الغسل»[2] فهل الریق مع قلته یصدق علیه الغسل أو أنه مجرد زوال العین و خلطه بالریق.

و أما إذا خرج الدم من بین الأسنان فإن لم یلاق الطعام لا یتنجس و إن تبلل بالریق الملاقي للدم فإن الریق لا یتنجس بالدم الداخل فملاقاة الریق مع الطعام لا یوجب نجاسة الطعام و تفصیل ذلك في المسألة الاولی من فصل النجاسات ذکر الاستاد هناك صوراً اربعة؛[3]

    1. کون المتلاقيين داخليين فيحكم بطهارة الملاقي، کملاقاة البول لمجراه و للمثانة لعدم الدليل على نجاسة البول، و الغائط، و الدم في داخل البدن بل عدم النجاسة لأجل السلب بانتفاء الموضوع، إذ البول في الباطن لا یکون محکوماً بالنجاسة، إذ کل الآثار في الشریعة متفرعة علی البول الخارجي إذ الانفعال مستفاد من ادلة الغسل و کلها ترتب علی البول الخارجي و قد دلت الروایات على عدم وجوب غسل البواطن، كباطن الأنف عند الرعاف[4] و داخل المقعد حین الاستنجاء[5] ، و القول بنجاستها لغو محض.

    2. الصورة الثانية كون المتلاقيین خارجيين، لکن التلاقي في الداخل، و هذا یوجب التنجس کما إذا دخل اصبعه النجس و اصبعه الطاهر في داخل الفم و تلاقيا في داخل الفم، فهذا یوجب النجاسة. أو الخبز المتنجس مع شرب الماء عليه و من ذلك تنجس الأسنان المصنوعیة بواسطة النجاسة الداخلة في الفم، و یدل علیه موثقة عمار: «يَغْسِلَ‌ كُلَّ‌ مَا أَصَابَهُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌».[6]

    3. كون الملاقي داخلياً، و النجس خارجياً، كما إذا شرب الماء النجس، و لاقى اسنانه و فمه، فهذا لا یوجب نجاسة الفم و الریق کما في روایة الواردة طهارة بصاق شارب الخمر[7] أو أکل طعاماً نجساً فانه لم يعهد الأمر بتطهیر الباطن و لو سلم تنجس الباطن، فلا إشکال في حصول الطهارة بزواله.

    4. كون الملاقي خارجياً، و النجس داخلياً، كملاقاة شيشة الاحتقان، أو النوى للغائط، أو ملاقاة إبرة للدم الموجود في العروق. فصل الاستاد بين ما إذا كان النجس ظاهرا لإحدى الحواس، و ما إذا لم يكن كذلك، فيحكم بالنجاسة في الأول دون الثاني. فالأول کما إذا خرج الدم من الأسنان و لاقى طعاماً أو ماءً في داخل الفم فهو يتنجس بملاقاته، لعدم الفرق بين الدم في الخارج على الأرض و الخارج من العروق في داخل الفم، كلاهما دم مسفوح، و خارج عن محله. و من ذلك ملاقاة الأسنان المصنوعة مع الدم الخارج من بین الاسنان.

و أما إذا لم یظهر النجس لإحدی الحواس و لاقاه شيء في الباطن إذ لا دلیل علی نجاسة البول إذا لم یخرج عن محله و کذلك الدم و الغائط، إذ نجاسته یستفاد من الأمر بغسل الملاقي و لا أمر به. فلا طریق إلی استکشاف نجاسة الملاقي. فما دل علی نجاسة الرجل الملاقي للعذرة، ترتب الحکم علی الملاقاة مع العذرة في الخارج. و کذا الأمر بغسل الثیاب الملاقي للمني و البول کله ترتب علی الملاقاة علی هذه الأمور في الخارج.

إذا عرفت هذا فنقول لا إشكال في نجاسة الطعام النجس الباقي في الفم أو بين الأسنان، و ملاقاته مع الريق لا يوجب نجاسة الريق لأن النجس أمر خارجي و لاقي الطاهر في الباطن في الباط، فمع استيلاء الريق الطاهر عليه صار ذلك المتنجس طاهراً و نفس الريق لا يتنجس بملاقاة الطعام النجس. لكن الأستاد فصل في المسألة الاولى من فصل النجاسات بين ما إذا ظهر النجس لإحدى الحواس، كالدم الخارج من بين الأسنان يشمله أدلة النجاسة، و قال: إنه إذا لاقى الدم الخارج من بين الأسنان، الطعام الطاهر أو ماء طاهر في داخل الفم يتنجس بملاقاته، معللاً بأنه لا فرق بين الدم الخارج من بين الأسنان الباقي في الفم، و بين الدم المهراق على الأرض في کون كليهما دماً مسفوحاً، و خارجاً عن محله. و أما ما ذکر الماتن بقوله في الطعام المتنجس في الأسنان بأنّ‌ الريق لا يتنجّس بالدم الخارج من بین الأسنان فهو تام، لأنّ‌ الملاقاة مع الإجزاء الباطنيّة كالريق لا توجب سراية النجاسة. هذا صحیح، و أما ملاقاته مع الدم و هو نجس داخلي فلا دليل على الحکم بسراية النجاسة، لأن مورد الأدلة الدالة علی السرایة إنما هو النجس الخارجي دون النجس الداخلي فإنه لا دلیل علی السرایة و ان كان الملاقي خارجيّاً، كشيشة الاحتقان.

فنقول في توضیح المسألة 40 من هذا الفصل: إن الطعام النجس الوارد في الفم فلا إشکال في اصل نجاسته لکونه قبل ذلك كان نجساً، و مجرد دخوله في الفم لا يخرجه عن النجاسة، و الماتن ذكر: إنه يطهر بالمضمضة. و الأستاد علق عليه: بشرط صدق الغسل. أقول: هل یحصل صدق الطهارة بمضمضة الریق؟ و هل الریق موجب غسل النجس؟ لم یظهر لي وجه صدق الغسل بمضمضة الریق.

ثم ذکر الماتن فرعاً آخر و هو أنه إذا كان الطعام طاهراً فخرج من بين الأسنان دم، فإن لم يلاقه (أي لم يلاق الدم) فلا يتنجس. و هذا واضح لأن شرط التنجس حصول الملاقاة في الخارج دون الملاقاة مع النجس في الباطن، و عليه لا يتنجس الطعام الطاهر لأنه لم يلاق الدم، نعم لاقى الريق الملاقي للدم و لكن الريق لم يتنجس بملاقاته للدم لأن الملاقاة مع الأجزاء كالريق لا توجب سراية النجاسة إلى الريق الملاقي للطعام. أقول: هذا مناف لما أفاده السيد الأستاد في مسألة 1 من فصل النجاسات.

ثم ذكر الماتن: إنه لو لاقی الطعام الداخل في الفم و هو طاهر مع الدم الخارج من بين الأسنان، فاستشکل في طهارته و ذکر: إن الأحوط الاجتناب عنه معللاً بأن القدر المعلوم أن النجس في الباطن لا یتنجس ما یلاقیه مما کان في الباطن لا ما دخل إلیه من الخارج کما إذا أدخل اصبعه الطاهر في داخل أنفه الملوث بالدم.

و الأستاد ذكر: إنه لم يقم دليل على كون النجاسات في الباطن منجسة لملاقيها و من جملتها الدم حيث أن الأدلة الواردة في المنجسة تختص بالدم الخارجي كدم القروح و الجروح و الرعاف. و كما ذكرنا أن الجسم الطاهر إذا دخل الجوف و لاقى في الباطن نجساً، لم يحكم بنجاسته فيما إذا خرج نظيفاً.

أقول: لكن الأستاد فصل في المسألة الاولى من الفصل في النجاسات بين النجاسات الظاهرة عند العرف و غيرها و حكم هناك بنجاسة الدم الخارج من الأسنان.

مسألة 41: آلات التطهير كاليد و الظرف الّذي يغسل فيه تطهر بالتبع.

أنكر الأستاد ثبوت التبعية هنا.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ي ی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن حسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. فقه الشیعة (کتاب الطهارة)، الخوئي، السيد أبوالقاسم، المتوفي: ۱۴۱۳ ه.ق. المحرر: الموسوي الخلخالي، السيد محمد مهدي، المتوفي: 1398ه.ش. مؤسسة الآفاق بقم المقدسة، ۱۴۱۸ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.


[4] وسائل‌الشیعة، الباب24 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح5، ج3، ص438. وَ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ إِدْرِيسَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ رَجُلٍ‌ يَسِيلُ‌ مِنْ‌ أَنْفِهِ‌ الدَّمُ‌ هَلْ‌ عَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَ‌ بَاطِنَهُ‌ يَعْنِي جَوْفَ‌ الْأَنْفِ؟‌ فَقَالَ:‌ إِنَّمَا عَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَ‌ مَا ظَهَرَ مِنْهُ‌. مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى، مِثْلَهُ‌.
[5] وسائل‌الشیعة، الباب24 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح6، ج3، ص438.. وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ‌ عَمَّارٍ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: إِنَّمَا عَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَ‌ مَا ظَهَرَ مِنْهَا يَعْنِي الْمَقْعَدَةَ‌ وَ لَيْسَ‌ عَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَ‌ بَاطِنَهَا
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص142، أبواب الماء المطلق، باب4، ح1، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ عَمَّارِ بْنِ‌ مُوسَى السَّابَاطِيِّ‌: أَنَّهُ‌ سَأَلَ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ رَجُلٍ‌ يَجِدُ فِي إِنَائِهِ‌ فَأْرَةً‌ وَ قَدْ تَوَضَّأَ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ الْإِنَاءِ‌ مِرَاراً أَوِ اغْتَسَلَ‌ مِنْهُ‌ أَوْ غَسَلَ‌ ثِيَابَهُ‌ وَ قَدْ كَانَتِ‌ الْفَأْرَةُ‌ مُتَسَلِّخَةً‌. فَقَالَ:‌ إِنْ‌ كَانَ‌ رَآهَا فِي الْإِنَاءِ‌ قَبْلَ‌ أَنْ‌ يَغْتَسِلَ‌ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ‌ ثِيَابَهُ‌ ثُمَّ‌ فَعَلَ‌ ذَلِكَ‌ بَعْدَ مَا رَآهَا فِي الْإِنَاءِ‌ فَعَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَ‌ ثِيَابَهُ‌ وَ يَغْسِلَ‌ كُلَّ‌ مَا أَصَابَهُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌ وَ يُعِيدَ الْوُضُوءَ‌ وَ الصَّلاَةَ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ إِنَّمَا رَآهَا بَعْدَ مَا فَرَغَ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ وَ فَعَلَهُ‌ فَلاَ يَمَسَّ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءِ‌ شَيْئاً وَ لَيْسَ‌ عَلَيْهِ‌ شَيْ‌ءٌ‌ لِأَنَّهُ‌ لاَ يَعْلَمُ‌ مَتَى سَقَطَتْ‌ فِيهِ.‌ ثُمَّ‌ قَالَ‌: لَعَلَّهُ‌ أَنْ‌ يَكُونَ‌ إِنَّمَا سَقَطَتْ‌ فِيهِ‌ تِلْكَ‌ السَّاعَةَ‌ الَّتِي رَآهَا. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ عَمَّارِ بْنِ‌ مُوسَى، مِثْلَهُ‌ وَ رَوَاهُ‌ أَيْضاً بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ إِسْحَاقَ‌ بْنِ‌ عَمَّارٍ، مِثْلَهُ‌.
[7] وسائل‌الشیعة، الباب39 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح1، ج3، ص473. مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ سَعْدِ بْنِ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ اَلْعَبَّاسِ‌ بْنِ‌ مَعْرُوفٍ‌ وَ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ الصَّلْتِ‌ عَنْ‌ صَفْوَانَ‌ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ إِسْحَاقَ‌ بْنِ‌ عَمَّارٍ عَنْ‌ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ‌ أَبِي الدَّيْلَمِ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: رَجُلٌ‌ يَشْرَبُ‌ الْخَمْرَ فَبَصَقَ‌ فَأَصَابَ‌ ثَوْبِي مِنْ‌ بُصَاقِهِ.‌ قَالَ:‌ لَيْسَ‌ بِشَيْ‌ءٍ‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo