< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- تطهیر الشعر- رؤیة الطین و نحوه بعد غسل الثوب المتنجس- وصول الماء الجاري على المحلّ‌ النجس إلى ما اتّصل به من المحلّ‌ الطاهر.

مسألة 37: في تطهير شعر المرأة و لحية الرجل لا حاجة إلى العصر و إن غسلا بالقليل؛ لانفصال معظم الماء بدون العصر.

مسألة 38: إذا غسل ثوبه المتنجّس، ثمّ‌ رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين أو من دقاق الأشنان الّذي كان متنجّساً، لا يضرّ ذلك بتطهيره بل يحكم بطهارته أيضاً؛ لانغساله بغسل الثوب.

مسألة 39: في حال إجراء الماء على المحلّ‌ النجس من البدن أو الثوب إذا وصل ذلك الماء إلى ما اتّصل به من المحلّ‌ الطاهر على ما هو المتعارف لا يلحقه حكم ملاقي الغسالة حتّى يجب غسله ثانياً، بل يطهر بطهر المحلّ‌ النجس بتلك الغسلة، و كذا إذا كان جزء من الثوب نجساً فغسل مجموعة، فلا يقال: إنّ‌ المقدار الطاهر تنجّس بهذه الغسلة فلا تكفيه، بل الحال كذلك إذا ضمّ‌ مع المتنجّس شيئاً آخر طاهراً، و صبّ‌ الماء على المجموع، فلو كان واحد من أصابعه نجساً فضمّ‌ إليه البقيّة و أجرى الماء عليها بحيث وصل الماء الجاري على النجس منها إلى البقيّة ثمّ‌ انفصل تطهر بطهره، و كذا إذا كان زنده نجساً فأجرى الماء عليه فجرى على كفّه ثمّ‌ انفصل فلا يحتاج إلى غسل الكفّ‌، لوصول ماء الغسالة إليها، و هكذا. نعم لو طفر الماء من المتنجّس حين غسله على محلّ‌ طاهر من يده أو ثوبه يجب غسله، بناءً‌ على نجاسة الغسالة، و كذا لو وصل بعد ما انفصل عن المحلّ‌ إلى طاهر منفصل، و الفرق أنّ‌ المتّصل بالمحلّ‌ النجس يعدّ معه مغسولاً واحداً بخلاف المنفصل.[1]

أقول: لا يخفى أن السيد الاستاد ذكر قبل ذلك عدم شمول الإناء الذي تجب فيه الغسلات الثلاث لمثل التنور و الحب و الحوض، و لكنه هنا وافق الماتن مع عدم ورود نص خاص و لاكر في ذيل قول الماتن في حال تطهير الحوض بالماء القليل و كما قواه في الجواهر[2] مدعياً أن لفظ الإناء الوارد في موثقة عمار[3] و ان كان لا يشملها إلا انها تشبهها في الصورة، و لا فرق في نظر العرف بين الآنية الكبيرة المثبتة في الأرض، و الحوض في أحكام التطهير.

و أما الكلام في مسألة 37 فواضح و قد اصر الوالد المرحوم في كتابه في الطهارة تقريراً لبحث المرحوم آية الله الإصفهاني و استثنى من عدم إلحاقه إلى العصر ما إذا كان كثيفاً بحيث لا تنفصل الغسالة عنه الا بالعصر، لأن العبرة بانفصال الغسالة بنفسه أو بالعصر. أقول: و منه دلك الشعر و مسحه بقوة.

مسألة 38: إذا غسل ثوبه المتنجّس، ثمّ‌ رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين أو من دقاق الأشنان الّذي كان متنجّساً، لا يضرّ ذلك بتطهيره بل يحكم بطهارته أيضاً؛ لانغساله بغسل الثوب.

علله في المستمسك طهارة الثوب بأنه لا يمنع من نفوذ الماء في أعماق الثوب، و لو من الجانب الخالي عنه. أقول: و هذا و أصح. و علل انغسال الطين و الأشنان بأن هذا إذا علم بنفوذ الماء فيه -كما هو المتعارف- و إلّا طهر ظاهره فقط.

لكن سيدنا الاستاد استشكل في حصول طهارة بواطن الطين و الأشنان إذا لم يجفا -كما تقدم في ذيل مسألة 16- لأن الرطوبة النجسة الموجودة فيها لا تطهر بالاتصال بالكثير أو بصب القليل، لان دليل مطهرية الاتصال مختص بالماء، و النافذ في باطن الجسم لا يصدق عليه الماء، بل هي رطوبة محضة، فلا بد من تجفيفه أولاً ثم غسله أو استيلاء الماء الطاهر على باطنه على نحو يوجب خروج الرطوبة المذكورة، فيطهر بذلك، نعم لا يضر بقاء باطنها على النجاسة بطهارة الثوب المغسول لحصول طهارة ظاهرها بمجرد غسل الثوب.

أقول: ذكر سيدنا الاستاد في الجبن و الصابون أو النبات أو العجين المتنجس كفاية نفوذ الماء الطاهر لبواطن هذه الأشياء من دون الإشكال بما ذكره هنا من أن الرطوبة ليست بماء، كما أنه لم يشترط هناك خروج الرطوبات السابقة، و إن كان ظاهر بعض ما مضى، اعتبار الجفاف في ما إذا صارت البواطن متنجسة، لحصول طهارتها بالماء. و بالجملة يعتبر في طهارة الباطن المتنجس، خروج الرطوبة المتنجسة، إما بالتجفيف ثم غسله بالماء الطاهر حتى ينفذ الماء الطاهر في الجوف، أو استيلاء الماء الطاهر على باطن ذلك الشيء المتنجس باطنه على نحو يوجب خروج الرطوبة المذكورة و دخول الرطوبة الطاهرة مكانها، و إلا يبقى الباطن على نجاسته. نعم لو فرضنا عدم استيلاء الماء الطاهر أو الرطوبة الطاهرة في الباطن فلا إشكال في طهارة ئاهر الأشنان و الطين و بذلك لا ينجس الثوب الملاقي مع ظاهر الطين و الأشنان و إن كان باطنهما نجساً. و ذلك لأن الثوب لا يلاقى إلا ظواهر الطين والأشنان، و المفروض أنهما طهرا بالماء الطاهر.

مسألة 39: في حال إجراء الماء على المحلّ‌ النجس من البدن أو الثوب إذا وصل ذلك الماء إلى ما اتّصل به من المحلّ‌ الطاهر على ما هو المتعارف لا يلحقه حكم ملاقي الغسالة حتّى يجب غسله ثانياً، بل يطهر بطهر المحلّ‌ النجس بتلك الغسلة، و كذا إذا كان جزء من الثوب نجساً فغسل مجموعة، فلا يقال: إنّ‌ المقدار الطاهر تنجّس بهذه الغسلة فلا تكفيه، بل الحال كذلك إذا ضمّ‌ مع المتنجّس شيئاً آخر طاهراً، ثم صبّ‌ الماء على المجموع، فلو كان واحد من أصابعه نجساً فضمّ‌ إليه البقيّة و أجرى الماء عليها بحيث وصل الماء الجاري على النجس منها إلى البقيّة ثمّ‌ انفصل تطهر بطهره، و كذا إذا كان زنده نجساً فأجرى الماء عليه فجرى على كفّه ثمّ‌ انفصل فلا يحتاج إلى غسل الكفّ‌، لوصول ماء الغسالة إليها، و هكذا. نعم لو طفر الماء من المتنجّس حين غسله على محلّ‌ طاهر من يده أو ثوبه يجب غسله، بناءً‌ على نجاسة الغسالة، و كذا لو وصل بعد ما انفصل عن المحلّ‌ إلى طاهر منفصل، و الفرق أنّ‌ المتّصل بالمحلّ‌ النجس يعدّ معه مغسولاً واحداً بخلاف المنفصل.

أقول: أما بالنسبة إلى ما تعارف وصول الغسالة الحاصلة من صب الماء على البدن أو غسل موضع النجاسة من الثوب فالشاهد على عدم تنجسه بملاقاة غسالة المحل النجس مع فرض اتصال القسم الطاهر الملاقى للغسالة بموضع المتنجس فالدليل على عدم تنجس المكان الطاهر المتصل بالمحل النجس و الملاقي لغسالة محل المغسول أمور ثلاثة:

الاولى: السيرة القطعية على عدم تطهير ما وصل إليه الغسالة مما تعارف وصولها إليه من أطراف المحل المغسول و الا لما أمكن تطهير الأجسام الكبيرة، كالأرض الصلبة التي تنجس موضع منه حیث أنه تجري الغسالة عن المحل المتنجس إلى أطرافه فإذا تنجس الأطراف بالغسالة یجب تطهیر الأطراف و یدوم الملاقاة من غسالة الأطراف إلی أطراف المغسول و هکذا إلی ما لا نهایة له فیلزم التسلسل في الغسل و قس علیه تطهیر محل النجس من الثوب حیث أن غسالته تجري إلی أطراف نقطة المتنجس و هکذا إلی أن ینتهي تمام الثوب.

الثانیة: یدل علی ذلك أيضاً الروايات الآمرة بصب الماء على ما أصابه البول من البدن مرتين، أو الأمر بغسل الناحية التي علم بنجاستها من الثوب مع قضاء العادة بوصول الغسالة من محل الصبّ‌ و الغسل إلى الأطراف، بعد استحالة الاقتصار على الموضع النجس من دون زيادة أو نقصان، فان لازم الصّب و الغسل هو جريان الماء من المحل المغسول إلى الأطراف الطاهرة عادةً. و مع هذا التعارف الأمر بالغسل أو الصب علی المحل الطاهر بالخصوص لغواً، لعدم إمكان رفع النجاسة عن خصوص محل النجس من دون تعدیه إلی الأطراف فلو کان ذلك موجباً لتنجسها و لزوم غسلها كان اللازم غسل جميع البدن أو الثوب، و لم یقل بذلك أحد.

الثالثة: یمکن الاستدلال أیضاً بالإطلاقات المقاميّة إذ لو وجب غسل محل إصابة الغسالة لزم بیانه بعد جریان العادة علی التجاوز عن محل المغسول و معذلك لم يصرح في الروايات لغسل المتنجس بلزوم غسل ملاقي غسالة المحل النجس. و هذا واضح.

لکن هذه الأدلة الثلاث كلها أدلة لبيّة یجب الاقتصار في دلالتها على المقدار المتيقن، و هو خصوص أطراف الجسم الواحد دون ما إذا ضم النجس إلى الطاهر و صب الماء على الجسم الطاهر کما إذا ضم إصبعه المتنجس بسائر أصابعه أو ضم ثوب طاهر بثوب متنجس و غسل المتنجس مع الضمیمة فإنه لا یجري حکم ما سبق في هذه الضمیمة بعد إمکان فرض عدم الاتصال عادةً مع إمکان غسل المتنجس وحده کما إذا غسل خصوص الإصبع المتنجس من دون انضمام سایر الأصابع به و هکذا لا مجال للحکم بعدم تنجس ما إذا ضم الثوب الطاهر إلی الثوب النجس فأصابت غسالة المتنجس إلی الثوب الطاهر فإنه لا تجري الأدلة اللبیة المتقدمة للحکم بطهارة الضمیمة. و علیه لا یتم ما أفاده الماتن، و بذلك يظهر حكم ما إذا طفر الماء من المتنجّس حين غسله على محلّ‌ طاهر فإنه يجب تطهيره حسب القواعد لعدم جريان الأدلة المتقدمة فيه.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ي ی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن حسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. جواهر الکلام (ط. القدیمة)، صاحب جواهر، الشیخ محمدحسن بن باقر النجفي، المتوفي: ۱۲۶۶ ه.ق. دار إحياء التراث العربي، بیروت، عدد الأجزاء: ۴۳.


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص496، أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، باب52، ح2، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى (عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى ) عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ الْكُوزِ وَ الْإِنَاءِ‌ يَكُونُ‌ قَذِراً كَيْفَ‌ يُغْسَلُ‌؟ وَ كَمْ‌ مَرَّةً‌ يُغْسَلُ‌؟ قَالَ‌: يُغْسَلُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءُ‌ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ وَ قَدْ طَهُرَ. إِلَى أَنْ‌ قَالَ‌: وَ قَالَ:‌ اغْسِلِ‌ الْإِنَاءَ‌ الَّذِي تُصِيبُ‌ فِيهِ‌ الْجُرَذَ مَيِّتاً سَبْعَ‌ مَرَّاتٍ‌. أَقُولُ‌: وَ قَدْ تَقَدَّمَ‌ فِي بَابِ‌ نَجَاسَةِ‌ الْخِنْزِيرِ مَا يَدُلُّ‌ عَلَى غَسْلِ‌ الْإِنَاءِ‌ مِنْهُ‌ سَبْعاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo