< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/08/14

بسم الله الرحمن الرحیم

یوم الثلاثاء 14 شعبان المعظم 1444

رقم الدرس: 96

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- تطهیر الظروف الكبار الّتي لا يمكن نقلها.

مسألة 36: الظروف الكبار الّتي لا يمكن نقلها كالحبّ‌ المثبت في الأرض و نحوه إذا تنجّست يمكن تطهيرها بوجوه أحدها: أن تملأ ماء ثمّ‌ تفرغ ثلاث مرّات. الثاني: أن يجعل فيها الماء، ثمّ‌ يدار إلى أطرافها بإعانة اليد أو غيرها، ثمّ‌ يخرج منها ماء الغسالة ثلاث مرّات. الثالث: أن يدار الماء إلى أطرافها مبتدئاً بالأسفل إلى الأعلى ثمّ‌ يخرج الغسالة المجتمعة، ثلاث مرّات. الرابع: أن يدار كذلك، لكن من أعلاها إلى الأسفل ثمّ‌ يخرج، ثلاث مرّات لا يشكل بأنّ‌ الابتداء من أعلاها يوجب اجتماع الغسالة في أسفلها قبل أن يغسل، و مع اجتماعها لا يمكن إدارة الماء في أسفلها، و ذلك: لأنّ‌ المجموع يعدّ غسلاً واحداً، فالماء الّذي ينزل من الأعلى يغسل كلّ‌ ما جرى عليه إلى الأسفل، و بعد الاجتماع يعدّ المجموع غسالة. و لا يلزم تطهير آلة إخراج الغسالة كلّ‌ مرّة و إن كان أحوط و يلزم المبادرة إلى إخراجها عرفاً في كلّ‌ غسلة، لكن لا يضرّ الفصل بين الغسلات الثلاث، و القطرات الّتي تقطر من الغسالة فيها لا بأس بها، و هذه الوجوه تجري في الظروف غير المثبتة أيضاً، و تزيد بإمكان غمسها في الكرّ أيضاً، و ممّا ذكرنا يظهر حال تطهير الحوض أيضاً بالماء القليل.[1]

تقدم في مسألة 14 ان الوجه الأول مورد لاستشکال صاحب الجواهر مدعیاً: إن «ظاهر موثقة عمار[2] (التي هي المستند للوجوه المذکورة و لتطهیر الإناء و اشباهه) يقتضي عدم الاكتفاء في التطهير بملء الإناء ثم إفراغه، و إن حكاه في الحدائق عن تصريح جماعة من الأصحاب، فتأمل، و انه لا يخلو من إشكال»[3] . و قد عرفت هناك أن المتفاهم من الأمر بتحريك الماء في الإناء ثم إفراغه كما في قوله عليه السلام في الموثقة: «يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءُ‌ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌» انما هو إيصال الماء الى جميع الأطراف و عدم الاكتفاء بمجرد الصبّ‌ في قعره، لا لخصوصيّة تعبديّة في تحريك الماء فيه.

و بالجملة یمکن استفادة الوجوه الأربعة من موثقة عمار المتقدمة مراراً عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ الْكُوزِ وَ الْإِنَاءِ‌ يَكُونُ‌ قَذِراً كَيْفَ‌ يُغْسَلُ‌؟ وَ كَمْ‌ مَرَّةً‌ يُغْسَلُ‌؟ قَالَ‌: يُغْسَلُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءُ‌ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ وَ قَدْ طَهُرَ.

ثم ان السید الماتن أشار إلی عدة أمور نری التعرض لها لما فیها من التأمل و البحث؛

الأول: إنه ذکر في الوجه الثالث الابتداء في الغسل بإدارة الماء مبتدئاً بالأسفل إلى الأعلى. و لعل الوجه فیه دفع توهم تنجس الأسفل بالغسالة الحاصلة من غسل جوانب الحب و اجتماع غسالته في أسفل الحب و تنجس الأسفل بها مع عدم إمکان إیصال الماء الطاهر إلی الأسفل لإحاطة الغسالة إلی جوانب الأسفل. و لذا قدم الأسفل کي یصیر طاهراً قبل وصول الغسالة إلیه، و لکنه دفعه بجواز العکس و هو الابتداء بغسل الأعلی إلى أن وصل إلی الأسفل و أنّ‌ المجموع يعدّ غسلاً واحداً، فحال الأسفل کحال أسفل الید من المرفق إلی رأس الأصابع إذا صبّ الماء من الأعلى إلی الأسفل و عليه یکفي في طهارة الأسفل، جریان الماء علیه من الأعلی قبل أن یجتمع فیه الغسالة و بعد الاجتماع یعد المجموع غسالة، و لا یتنجس الأسفل بماء الغسالة ثانیاً لعدم تنجس الأسفل بماء غسالته.

الثاني: حکم الماتن بعدم لزوم تطهير الآلة كلّ‌ مرّة. و یمکن الاستدلال له؛

تارة بإطلاق موثقة عمار حیث ذکر طهارة الظرف بالغسل ثلاث مرات من دون تقییدها بتطهیر آلات إخراج الغسالة مع ملازمة الإفراغ في الظروف الکبار إلی الآلة.

و أورد علیه سیدنا الاستاد بعدم ورود الموثقة لبيان كيفيّة إفراغ الماء حتی في ما یحتاج إلی آلة التفریغ بل الظاهر عدم الالتفات إلی مثل هذا النوع من الأواني و الظروف، و لذا اکتفی بقوله: «ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌». و من هنا ذكر في الجواهر ان إطلاق الموثقة غير مسوقة لذلك. و من هنا یجري في آلة التفریغ حکم الملاقي للغسالة بما لها من الحکم.

و أخری: ما أشار إليه في الجواهر أيضاً من عدم تنجس المغسول بماء غسالته و الا لكان مقتضاه النجاسة لو فرض التقاطر من تلك الآلة في الإناء، کما هو المتعارف عند التخلیة بالآلة.

و يندفع بما أفاده في الجواهر أیضاً من أن التعارف في تقاطر من الآلة و إن کان متعارفاً و غیر قابل للإنکار لکنه یختص بزمان إفراغ الغسالة لا بعد الانفصال عن الغسالة المجتمعة في الحب، قضاءً للقواعد و عليه إذا انفصلت الغسالة عن المغسول بآلة أو بغيرها ثم عادت إليه و لو بواسطة تلوث آلة الإخراج من خرقة أو ظرف و نحو ذلك لأوجبت تنجس المحل بملاقاتها ثانيا، و علیه لا بد من تطهير آلة الإخراج قبل العود إلی إخراج الغسالة المتأخرة في الغسلتين الاولتین. نعم الغسلة المتعقبة بالطهارة أی طهارة المحل، و هي الغسلة الثالثة لا يعتبر فيها ذلك، لعدم نجاسة تلك الغسالة حينئذ، حتى حال وجودها في المحل.

الثالث: هل يلزم المبادرة إلى إخراج الغسالة في كل مرة من الغسلات‌؟ کما أفتی به الماتن في قوله: «يلزم المبادرة إلى إخراجها عرفاً في كلّ‌ غسلة» کما أنه ذکر في مسألة 28 في قوله: «نعم يعتبر في العصر الفوريّة بعد صبّ‌ الماء على الشيء المتنجّس.» و المقام من ذلك البحث، و الظاهر أن الوجه فیه توهم اعتبار العصر (أعني انفصال الغسالة عن الشيء المتنجس بعد الغسل) فوراً. لکن السید الاستاد ان تأخیر العصر إلی ما قبل جفاف المغسول لا يضر بصدق مفهوم الغسل عرفاً، و يساعده إطلاق موثقة عمار المتقدمة الواردة في كيفيّة غسل الإناء، حتی لم یصرح بفوریة إفراغ الإناء عن الماء الوارد في الإناء. نعم لا بأس بحسن الفورية.

الرابع: إنه لا بأس بالفصل بين الغسلات و قد عرفت الكلام فیه في مسألة 28 استناداً إلی إطلاق الموثقة بعد صدق الغسل ثلاثاً و لو مع التراخي بينها.

الخامس: ذكر الماتن في المقام قوله: «و القطرات الّتي تقطر من الغسالة فيها لا بأس بها». و فيه إشكال، حیث أن الغسالة المحكومة بالنجاسة إذا انفصلت عن المغسول فعودها إليه ثانياً يوجب نجاسته كما هو مقتضى القاعدة الأوليّة في الملاقاة مع النجس أو المتنجس، و انما نقول: ما دام متصلة بالجسم لکونه أمراً متعارفاً بل لا یمکن التطهیر عادتاً لولا ذلك و أما مع انفصالها عن المغسول فلا يلزم من الحكم بنجاسة هذه القطرات أیّ محذور سواء في ذلك المغسول أو غيره، و علیه فلا بد من رعایة عدم التقاطر بعد إتمام إخراج الغسالة.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ي ی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن حسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. جواهر الکلام (ط. القدیمة)، صاحب جواهر، الشیخ محمدحسن بن باقر النجفي، المتوفي: ۱۲۶۶ ه.ق. دار إحياء التراث العربي، بیروت، عدد الأجزاء: ۴۳.


[1] العروة الوثقى، ج1، ص240.
[2] مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى (عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى ) عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ الْكُوزِ وَ الْإِنَاءِ‌ يَكُونُ‌ قَذِراً كَيْفَ‌ يُغْسَلُ‌؟ وَ كَمْ‌ مَرَّةً‌ يُغْسَلُ‌؟ قَالَ‌: يُغْسَلُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءُ‌ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ وَ قَدْ طَهُرَ. إِلَى أَنْ‌ قَالَ‌: وَ قَالَ:‌ اغْسِلِ‌ الْإِنَاءَ‌ الَّذِي تُصِيبُ‌ فِيهِ‌ الْجُرَذَ مَيِّتاً سَبْعَ‌ مَرَّاتٍ‌. أَقُولُ‌: وَ قَدْ تَقَدَّمَ‌ فِي بَابِ‌ نَجَاسَةِ‌ الْخِنْزِيرِ مَا يَدُلُّ‌ عَلَى غَسْلِ‌ الْإِنَاءِ‌ مِنْهُ‌ سَبْعاً. وسائل‌الشیعة، باب53 من أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، ح1، ج3، ص496.
[3] جواهر الکلام، ج6، ص376.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo