< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/08/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- الشك فی نفوذ الماء في المتنجس- تطهیر الدهن و الأرز و اللحم المطبوخ المتنجسین- تطهیر الثوب المتنجس في المرکن أو الإناء.

مسألة 19: قد يقال بطهارة الدهن المتنجّس إذا جعل في الكرّ الحارّ، بحيث اختلط معه، ثمّ‌ أُخذ من فوقه بعد برودته، لكنّه مشكل، لعدم حصول العلم بوصول الماء إلى جميع أجزائه، و إن كان غير بعيد إذا غلى الماء مقداراً من الزمان.

مسألة 20: إذا تنجّس الأرز أو الماش أو نحوهما يجعل في وصلة و يغمس في الكرّ و إن نفذ فيه الماء النجس يصبر حتّى يعلم نفوذ الماء الطاهر إلى المقدار الّذي نفذ فيه الماء النجس، بل لا يبعد تطهيره بالقليل بأن يجعل في ظرف و يصبّ‌ عليه، ثمّ‌ يراق غسالته، و يطهر الظرف أيضاً بالتبع، فلا حاجة إلى التثليث فيه، و إن كان هو الأحوط. نعم لو كان الظرف أيضاً نجساً فلا بدّ من الثلاث.

مسألة 21: الثوب النجس يمكن تطهيره بجعله في طشت و صبّ‌ الماء عليه، ثمّ‌ عصره و إخراج غسالته. و كذا اللحم النجس، و يكفي المرّة في غير البول، و المرّتان فيه إذا لم يكن الطشت نجساً قبل صبّ‌ الماء، و إلّا فلا بدّ من الثلاث و الأحوط التثليث مطلقاً.

مسألة 22: اللحم المطبوخ بالماء النجس أو المتنجّس بعد الطبخ يمكن تطهيره في الكثير، بل و القليل إذا صبّ‌ عليه الماء و نفذ فيه إلى المقدار الّذي وصل إليه الماء النجس.[1]

قد استثنی السید الاستاد من قابلیة تطهیر الدهن المتنجس ما إذا صار أجزاء الدّهن المتنجس بمنزلة العرض الطارئ على الماء، فإنها و ان كانت بالدقة العقلية نفس جوهر الدهن لکن المدار علی النظر العرفی في أعیان النجاسة غسلها کمثل الدسومة الحاصلة علی الید أو اللحم فانها و إن کانت بالدقة العقلية جزء من جوهر الدهن، و لکنها بالنظر العرفي عرض عرض علی الید و اللحم لذا لا یمنعان من وصول الماء إلی بشرة الید و اللحم. و حینئذ لا مانع من الحکم بطهارة هذه الأشیاء الداسمة علی سطح الماء حیث أنها مأخوذة من الماء الطاهر و لعل الماتن إلی ذلك أشار بقوله: «و إن كان غير بعيد إذا غلى الماء مقداراً من الزمان.» الا أن هذه خارجة عن محل الكلام، لأن البحث إنما هو في طهارة الدهن المتنجس مع بقائه علی جوهریة الدهن و المفروض في مثالنا صيرورته من عوارض الماء کعروض الدسومة علی الید. و هذا بخلاف ما إذا القی الدهن المتنجس في الماء الحار و غلی معه ثم اخذ من علی الماء مع بقائه علی جوهریة الدهن من دون أن یصیر من عوارض الماء، فإنه حینئذ لا یمکن الحکم بطهارته، و ذلك لما ذکرنا فی الأمس من أن المطهر لا یصل إلی جمیع أجزاء الدهن مرة واحدة. نعم فیدعی سیدنا الاستاد ان الجزء المتنجس من الدهن خارجاً و إن طهر لاتصاله بالكر، لکنه بالغلیان یدخل الجوف و تنجس بملاقاة الجزء النجس في الداخل و هکذا.[2]

ثم ذکر ان الماتن أشار إلی إمکان تطهیر الدهن المتنجس في المسألة الرابعة و العشرين بأن يلقى الدهن المتنجس على العجين فيطبخ و إذا صار خبزاً سلط الماء عليه بمقدار يصل إلى جميع أجزاء الخبز و جوانبه، حیث أن الدهن حينئذ یصیر من عوارض الخبز لعدم كونه معدوداً من الجواهر عرفاً، و معه إذا طهّرنا الخبز طهرت عوارضه تبعاً لا محالة، و هذه الطریقة تبدیل الجوهر بالعرض عرفاً. أقول: لو فرضنا امتزاج الدهن مع الماء مع غلبة الماء بالنسبة إلی الدهن بکثیر و فرضنا ذوبان الدهن في الماء، فکیف لا یصل الماء الکثیر إلی جمیع جوانب الدهن؟

مسألة 20: إذا تنجّس الأرز أو الماش أو نحوهما يجعل في وصلة و يغمس في الكرّ و إن نفذ فيه الماء النجس يصبر حتّى يعلم نفوذ الماء الطاهر إلى المقدار الّذي نفذ فيه الماء النجس، بل لا يبعد تطهيره بالقليل بأن يجعل في ظرف و يصبّ‌ عليه، ثمّ‌ يراق غسالته، و يطهر الظرف أيضاً بالتبع، فلا حاجة إلى التثليث فيه، و إن كان هو الأحوط. نعم لو كان الظرف أيضاً نجساً فلا بدّ من الثلاث.

أصل المسألة یتضح حكمه ممّا قدمناه في تطهير الصابون و غيره من الأجسام التي ينفذ في جوفها الماء و لا يمكن إخراج غسالتها بالعصر، و قد تقدم کیفیة تطهیرها بإيصال الماء الطاهر إلى جوفها. و انما التعرّض في هذه المسألة لطهارة ظرف المتنجِّس بالتبع و الماتن ذهب إلی طهارة الظرف بتبع طهارة المظروف من دون حاجة إلى تطهير الظرف ثلاثاً، مع انا قدمنا لزوم تطهیر الإناء بغسله ثلاث مرات. و المستند لهذا في المقام صحيحة محمّد بن مسلم في الثوب النجس قال: «اغْسِلْهُ‌ فِي الْمَرْكَنِ‌ مَرَّتَيْنِ‌»[3] و لو بقي الظرف علی النجاسة بعد المرتین لتنجس الثوب المتنجس بعد المرتین بملاقاته للظرف، فسکوت الإمام في مقام البیان عن تطهیر الظرف بعد المرتین، شاهد علی حصول طهارته تبعاً لطهارة المغسول في المرکن. نعم لو کان الظرف نجساً قبل غسل الثوب فیه فاللازم تطهیره ثلاثاً، عملاً بموثقة عمار[4] الواردة في غسل الأواني المتنجسة.

لکن سیدنا الاستاد ذکر ان التبعیة في الطهارة مسلّمة، لکن في المرکن علی ما ورد في صحیحة محمد بن مسلم و لا یشمل ذلك الأواني إذ قد تقدم أن التثلیث في طهارة الظروف مختص بالآنیة و هي الظروف المعدة للأکل و الشرب و المرکن أو الطشت خارج من عنوان الآنیة کالقربة و المطهرة، و علیه لم یقم علی التبعیة في مطلق الظروف الشاملة للأواني، بل التبعیة مختصة بمثل المرکن و الطشت، و في غیرها فالحکم موثقة عمار الآمرة بوجوب غسل الإناء ثلاثاً إذا تنجست بوقوع المتنجسات فیها.

أقول: ما أفاده الاستاد مبتن بناءً علی اختصاص التثلیث بأواني الأکل و الشرب مع عدم شمولها لمثل المرکن. نعم إذا کان الإناء طاهراً فی نفسه و لم یطرأ علیه النجاسة من غیر جهة غسله و کان المغسول مما لا یعتبر فیه التعدد لم یحکم بنجاسة الإناء أصلاً، بناءً علی طهارة الغسالة المتعقبة بالطهارة.

و ظاهر کلام الماتن في هذه المسائل شمول وجوب التثلیث لکل ظرف حتی الدن و الطشت، و خرج المقام بدلیل التبعیة إذا کانت نجاسته مستندة إلی المغسول لا إلی ما قبل وقوع المغسول فیه و الا فلا یشمله التبعیة و الاکتفاء بما دون التثلیث. و بالجملة تکون النتیجة هی ان الارز المتنجس إذا وضع في المرکن الذي هو خارج عن الآنیة و وقع علی الارز ماء طاهر و نفذ في الارز طهر الارز و الظرف من دون حاجة إلی تعدد الغسل الا إذا کانت نجاسة الارز مستندة إلی مثل البول الذي یعتبر في طهارته التعدد. و أما غیره فیطهر بالغسل مرة واحدة بوقوع الماء الطاهر النافذ فیه و یطهر الإناء أیضاً بتبعیته من دون حاجة إلی التثلیث.

و بما ذکرنا فی توضیح المسألة العشرین یظهر الحال في حکم المسألة الحادیة و العشرین، و الوجه في تبعیة الظرف و عدمها.

و أما مسألة 22: اللحم المطبوخ بالماء النجس أو المتنجّس بعد الطبخ يمكن تطهيره في الكثير، بل و القليل إذا صبّ‌ عليه الماء و نفذ فيه إلى المقدار الّذي وصل إليه الماء النجس.

جاء في هامش تقریرات بحث سیدنا الاستاد: إنه حکي عن المشهور بل عن ظاهر الأصحاب من غیر خلاف یعرف القول بکفایة غسل ظاهر اللحم و حصول الطهارة لباطنه من غیر حاجة إلی نفوذ الماء إلی باطنه، و ذهب آخرون منهم الماتن إلی القول بعدم تبعیة الباطن للظاهر.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ي ی‌زدي، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفي: ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم المقدسة، مؤسسة النشر الإسلامي، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملي ال‌م‌ش‌غ‌ري، محمد بن حسن، المتوفي: ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم المقدسة، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.


[2] إذا دخل الجوف تنجس، و إذا خرج طهر فلا يحصل بذلك طهارة الدهن.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص397، أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، باب2، ح1، ط آل البيت.مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى عَنِ‌ اَلسِّنْدِيِّ‌ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ اَلْعَلاَءِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ مُسْلِمٍ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الثَّوْبِ‌ يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ.‌ قَالَ:‌ اغْسِلْهُ‌ فِي الْمَرْكَنِ‌ مَرَّتَيْنِ‌ فَإِنْ‌ غَسَلْتَهُ‌ فِي مَاءٍ‌ جَارٍ فَمَرَّةً‌ وَاحِدَةً‌. قَالَ‌ اَلْجَوْهَرِيُّ‌ الْمَرْكَنُ‌ الْإِجَّانَةُ‌ الَّتِي تُغْسَلُ‌ فِيهَا الثِّيَابُ‌.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص496، أبواب النجاسات و الأوانی و الجلود، باب53، ح1، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى (عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى ) عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ عَنِ‌ الْكُوزِ وَ الْإِنَاءِ‌ يَكُونُ‌ قَذِراً كَيْفَ‌ يُغْسَلُ‌؟ وَ كَمْ‌ مَرَّةً‌ يُغْسَلُ‌؟ قَالَ‌: يُغْسَلُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءُ‌ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌ ثُمَّ‌ يُصَبُّ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌ آخَرُ فَيُحَرَّكُ‌ فِيهِ‌ ثُمَّ‌ يُفْرَغُ‌ مِنْهُ‌ وَ قَدْ طَهُرَ. إِلَى أَنْ‌ قَالَ‌: وَ قَالَ:‌ اغْسِلِ‌ الْإِنَاءَ‌ الَّذِي تُصِيبُ‌ فِيهِ‌ الْجُرَذَ مَيِّتاً سَبْعَ‌ مَرَّاتٍ‌. أَقُولُ‌: وَ قَدْ تَقَدَّمَ‌ فِي بَابِ‌ نَجَاسَةِ‌ الْخِنْزِيرِ مَا يَدُلُّ‌ عَلَى غَسْلِ‌ الْإِنَاءِ‌ مِنْهُ‌ سَبْعاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo