< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- اشتراط انفصال الغسالة فی الغسل بالماء القلیل.

 

مسألة 16: يشترط في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة على المتعارف، ففي مثل البدن و نحوه ممّا لا ينفذ فيه الماء يكفي صبّ‌ الماء عليه، و انفصال معظم الماء و في مثل الثياب و الفرش ممّا ينفذ فيه الماء لا بدّ من عصره أو ما يقوم مقامه، كما إذا داسه برجله أو غمزه بكفّه أو نحو ذلك، و لا يلزم انفصال تمام الماء، و لا يلزم الفرك و الدلك إلّا إذا كان فيه عين النجس أو المتنجّس، و في مثل الصابون و الطين و نحوهما ممّا ينفذ فيه الماء و لا يمكن عصره فيطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، و لا يضرّه بقاء نجاسة الباطن على فرض نفوذها فيه. و أمّا في الغسل بالماء الكثير فلا يعتبر انفصال الغسالة و لا العصر و لا التعدّد و غيره، بل بمجرّد غمسه في الماء بعد زوال العين يطهر، و يكفي في طهارة أعماقه إن وصلت النجاسة إليها نفوذ الماء الطاهر فيه في الكثير، و لا يلزم تجفيفه أوّلاً، نعم لو نفذ فيه عين البول مثلاً مع بقائه فيه يعتبر تجفيفه بمعنى عدم بقاء مائيّته فيه، بخلاف الماء النجس الموجود فيه، فإنّه بالاتّصال بالكثير يطهر فلا حاجة فيه إلى التجفيف[1]

قال الماتن: «يشترط في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة على المتعارف، ففي مثل البدن و نحوه ممّا لا ينفذ فيه الماء يكفي صبّ‌ الماء عليه، و انفصال معظم الماء و في مثل الثياب و الفرش ممّا ينفذ فيه الماء لا بدّ من عصره أو ما يقوم مقامه، كما إذا داسه برجله أو غمزه بكفّه أو نحو ذلك، و لا يلزم انفصال تمام الماء، و لا يلزم الفرك و الدلك إلّا إذا كان فيه عين النجس أو المتنجّس، و في مثل الصابون و الطين و نحوهما ممّا ينفذ فيه الماء و لا يمكن عصره فيطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، و لا يضرّه بقاء نجاسة الباطن على فرض نفوذها فيه»

اشتراط انفصال الغسالة فی الغسل بالماء القلیل هو المشهور بل ربما یدعی علیه الإجماع (کما عن مصباح الفقیه) و عن جماعة من المتأخرين التردد فيه، بل نقل عن بعضهم الجزم بالعدم.

و الوجه في اعتبار انفصال الغسالة فی نظر العرف توقف التطهیر علی ازالة القذارة، و ان نقل بتوقف مفهوم الغسل علی العصر أو علی إزالة القذارة. و الوجه فیه ان منصرف أدلة التطهیر و لو بواسطة ورودها مورد التطهیر و إزالة النفرة و القذارة حیث انه لا یحصل غسل النجس و إزالة القذارة عرفاً الا بانفصال ماء الغسالة. فانه مادام موجوداً لا ترتفع النفرة و القذارة. و من هنا لا بد فی التطهیر بالصب الانفصال ایضاً. فان المغسول اذا لم ینفذ فیه الماء کالبدن، تنفصل عنه الغسالة بنفسها من دون حاجة الی علاج کالعصر و نحوه. و بعبارة اخری لم یعتبر الشارع فی ازالة القذارات الشرعیة أمراً زائداً علی ما هو المرتکز فی اذهان العرف بالنسبة الی إزالة القذارات العرفیة. و بالجملة الأمر بالغسل او الصب فیما لا ینفذ فیه النجس فی مقام التطهیر منزّل علی المرتکز العرفی، و هو تخلیص المتنجس و تنزیهه عن القذارات الحقیقیة او الحکمیة التی جعلها الشارع قذراً او کشف عن قذارته. و لا یتحقق ذلك الا بانفصال الغسالة لأن الغسالة تحمل القذارة عن المغسول و تزیلها عنه فلا بد من انفصالها بنفسها کما فی الاجسام التی لا یرسب فیها الماء كبدن الإنسان أو بعلاج كالعصر و الدق و نحوهما. و من هنا قابل الصب بالغسل فی حسنة حسين بن أبى العلاء «سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الصَّبِيِّ‌ يَبُولُ‌ عَلَى الثَّوْبِ.‌ قَالَ:‌ تَصُبُّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ قَلِيلاً ثُمَّ‌ تَعْصِرُهُ‌.»[2] [3] و ما تقدم من الصحاح من إصابة البول علی الثوب و الجسد فذکر فی الأول الغسل و فی الثانی الصب و علل فی بعضها بأن الملاقی بأن البول الملاقی للجسد ماء ای ان صب الماء علیه یزیل البول الذی هو ماء. یبقی فی المقام احتمال القول بطهارته الغسالة حیث انها لو کانت طاهرة فما هو الموجب لانفصالها عن المغسول. أ لیس هذا ردع لهم فی ارتکازهم للزوم انفصال الغسالة فی مقام التطهیر. و من هنا ذکر شیخنا الحلی ان اعتبار الانفصال ایراد علی القائلین بطهارة الغسالة. و من هنا ظهر الوجه فیما أفاده الماتن من انفصال معظم الماء فی الصب علی النجس و فی مثل الثیاب بالعصر أو ما یقوم مقامه. و أما کفایة صب الماء علی الثوب الذی بال علیه الصبی فی حسنة حسين بن أبى العلاء، فیدفعه انه ان کان المراد بالصبی، الذی یتغذی بالطعام، فقد امر فیه بالعصر لخروج غسالة الماء المطهر. و إن ارید به الرضیع محمل الأمر بالعصر علی الندب.

ثم انه لا یفترق الحال فیه بین الغسل فی القلیل او الکثیر و لا بین اقسام اخراج الغسالة بالعصر او الغمز او الدق او نحو ذلك لوحدة الملاك، و هو انفصال الغسالة من دون اعتبار خروج جمیعه و ذلك لصدق الغسل عرفاً و لو مع بقاء الرطوبة فی المغسول.

قال الماتن: «و لا يلزم الفرك و الدلك إلّا إذا كان فيه عين النجس أو المتنجّس»

حكى عن العلامة في النهاية و التحرير انه اعتبر في طهارة الجسد و نحوه من الأجسام الصلبة الدلك مستدلاً على ذلك في المنتهى بموثقة عمار الواردة في آنية الخمر «عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الدَّنِّ‌ يَكُونُ‌ فِيهِ‌ الْخَمْرُ هَلْ‌ يَصْلُحُ‌ أَنْ‌ يَكُونَ‌ فِيهِ‌ خَلٌّ‌؟ الی ان قال:‌ فِي قَدَحٍ‌ أَوْ إِنَاءٍ‌ يُشْرَبُ‌ فِيهِ‌ الْخَمْرُ. قَالَ:‌ تَغْسِلُهُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌. وَ سُئِلَ‌ أَ يُجْزِيهِ‌ أَنْ‌ يَصُبَّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءَ‌؟ قَالَ:‌ لاَ يُجْزِيهِ‌ حَتَّى يَدْلُكَهُ‌ بِيَدِهِ‌ وَ يَغْسِلَهُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌[4] [5] فان موردها و ان كان قدح الخمر الا انه يتعدى عنه الى مطلق المتنجس بإلغاء خصوصيّة المورد في ملاقيه. و فيه: أنه الدّلك في مورد السؤال لأجل إزالة رسوبات الخمر من الآنیة، لا سيما في الأواني المصنوعة من الخزف أو الخشب كما هو الغالب في عصر صدور الروايات إذ لا تزول اجزاء الصغار من الخمر فی مثل هذه الأوانی الا بالدّلك، فهو لإزالة عين النجس التی لا ننكر في الطهارة ذلك. و الشاهد على كفاية إزالة العين بأي وجه أمكن حسنة الحسين بن أبى العلاء فِي حديث‌ قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام فی الجواب عن إصابة البول يصيب الجسد. قال: «صُبَّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ مَرَّتَيْنِ»‌[6] [7] علله عليه السلام بقوله «فَإِنَّمَا هُوَ مَاءٌ‌» اى انه لا يحتاج في إزالته إلى علاج آخر، بل يكفى الصب، إذ یزول به البول الواقع علی البدن حیث انه أیضاً بمنزلة الماء و من هنا لم يرد في شيء من الروايات الدالة على تطهير المتنجسات ما يدل على كيفية خاصة لازالة أعيان النجاسات عنها.

بقی الکلام فیما ینفذ فیه الماء النجس و لا یکفی اخراجه بالعصر كالصابون و الطين و الفواكه و الحبوبات. و قال الماتن فیها: «و في مثل الصابون و الطين و نحوهما ممّا ينفذ فيه الماء و لا يمكن عصره فيطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، و لا يضرّه بقاء نجاسة الباطن على فرض نفوذها فيه

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.


[3] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ أَبِي الْعَلاَءِ‌ فِي حَدِيثٍ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الصَّبِيِّ‌ يَبُولُ‌ عَلَى الثَّوْبِ‌ قَالَ‌ تَصُبُّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ قَلِيلاً ثُمَّ‌ تَعْصِرُهُ‌. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ، مِثْلَهُ‌.
[5] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ الْحَسَنِ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُصَدِّقِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ عَنْ‌ عَمَّارِ بْنِ‌ مُوسَى عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الدَّنِّ‌ يَكُونُ‌ فِيهِ‌ الْخَمْرُ هَلْ‌ يَصْلُحُ‌ أَنْ‌ يَكُونَ‌ فِيهِ‌ خَلٌّ‌ أَوْ مَاءٌ‌ كَامَخٌ‌ أَوْ زَيْتُونٌ‌؟ قَالَ‌: إِذَا غُسِلَ‌ فَلاَ بَأْسَ‌. وَ عَنِ‌ الْإِبْرِيقِ‌ وَ غَيْرِهِ‌ يَكُونُ‌ فِيهِ‌ خَمْرٌ أَ يَصْلُحُ‌ أَنْ‌ يَكُونَ‌ فِيهِ‌ مَاءٌ‌؟ قَالَ‌: إِذَا غُسِلَ‌ فَلاَ بَأْسَ.‌ وَ قَالَ‌: فِي قَدَحٍ‌ أَوْ إِنَاءٍ‌ يُشْرَبُ‌ فِيهِ‌ الْخَمْرُ. قَالَ:‌ تَغْسِلُهُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌ وَ سُئِلَ‌ أَ يُجْزِيهِ‌ أَنْ‌ يَصُبَّ‌ فِيهِ‌ الْمَاءَ‌؟ قَالَ‌: لاَ يُجْزِيهِ‌ حَتَّى يَدْلُكَهُ‌ بِيَدِهِ‌ وَ يَغْسِلَهُ‌ ثَلاَثَ‌ مَرَّاتٍ‌.
[7] مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَعْقُوبَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحَكَمِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ أَبِي الْعَلاَءِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْبَوْلِ‌ يُصِيبُ‌ الْجَسَدَ. قَالَ:‌ صُبَّ‌ عَلَيْهِ‌ الْمَاءَ‌ مَرَّتَيْنِ‌ فَإِنَّمَا هُوَ مَاءٌ‌. وَ سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الثَّوْبِ‌ يُصِيبُهُ‌ الْبَوْلُ‌. قَالَ:‌ اغْسِلْهُ‌ مَرَّتَيْنِ.‌ الحديث‌. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ يَعْقُوبَ‌، مِثْلَهُ‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo