< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/07/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- الإناء الذی لا يمكن مسحه بالتراب- أقسام الظروف في وجوب التعفير- عدم وجوب تكرّر التعفير بتكرّر الولوغ.

 

مسألة 9: إذا كان الإناء ضيّقاً لا يمكن مسحه بالتراب فالظاهر كفاية جعل التراب فيه و تحريكه إلى أن يصل إلى جميع أطرافه، و أمّا إذا كان ممّا لا يمكن فيه ذلك فالظاهر بقاؤه على النجاسة أبداً إلّا عند من يقول بسقوط التعفير في الغسل بالماء الكثير.

مسألة 10: لا يجري حكم التعفير في غير الظروف ممّا تنجّس بالكلب، و لو بماء ولوغه أو بلطعه، نعم لا فرق بين أقسام الظروف في وجوب التعفير حتّى مثل الدلو لو شرب الكلب منه، بل و القربة و المطهرة و ما أشبه ذلك.

مسألة 11: لا يتكرّر التعفير بتكرّر الولوغ من كلب واحد أو أزيد، بل يكفي التعفير مرّة واحدة.[1]

ذکر المحقق الهمدانی: «السادس: لو تعذر التعفیر لعدم قابلیة الإناء إما لضیق فمه او لرقّته و كونه ممّا يفسده التعفير، أو غير ذلك، قيل: يجتزأ في تطهيره بالغسل بالماء، و إلاّ للزم تعطيل الإناء، و هو ضرر و مشقّة، فينفيه أدلّة نفي الحرج و الضرر. و فيه: النقض بما لو تعذّر غسله بالماء، فإنّه لا يقول أحد بصيرورته طاهرا بدونه. ثم قال: و ربما يوجّه هذا القول بقصور ما دلّ‌ على اعتبار التعفير عن شمول مثل الفرض، فإنّ‌ المتبادر من مثل قوله عليه السّلام: «اغسله بالتراب أوّل مرّة ثمّ‌ بالماء» ليس إلاّ إرادته بالنسبة إلى ما أمكن فيه ذلك، كما هو الغالب فيما يتحقّق فيه الولوغ، فالأوانی التی ليس من شأنها ذلك، خارجة من مورد الرواية. و دعوى أنّ‌ مثل هذه الأوامر مسوقة لبيان الاشتراط، فلا يختصّ‌ موردها بصورة التمكّن من تحصيل الشرط، فهي بمنزلة الإخبار عن أنّ‌ طهارة الإناء المتنجّس بالولوغ مشروطة بالتعفير، سواء أمكن فيها تحصيل الشرط أم لا، غير مجدية بالنسبة إلى المصاديق الخارجة من منصرف الرواية، فحال مثل هذه الأواني حال سائر الأشياء المتنجّسة بالولوغ ممّا لم نقل فيها بوجوب التعفير، فليتأمّل.»[2] انتهی.

اقول: کلام المحقق الهمدانی غیر مطابق لما نسبه مقرر درس الاستاد الیه من سقوط شرطیة الغسل بالتراب فی مثل تلک الأوانی غیر قابلة للتعفیر بالتراب. فافهم و تأمل.

نعم ذکر المقرر بعد بیان دعوی المحقق الهمدانی من ادعاء انصراف النص فی ارادة الأوانی الممكنة التعفير لا متعذرته فی نفسها، فتبقى حينئذ على حكم الأوانی المتنجسة بغير الولوغ، أو غير الأوانی المتنجسة بالولوغ من كفاية الغسل، و لا يفرق في دعوى الانصراف بين كون الأوامر نفسيّة أو إرشادية ذکر ان هذه الدعوى لم يتضح لنا وجهها، إذ عدم إمكان التطهير -سواء كان لعارض خارجي، كفقد التراب، أو داخلي، كضيق فم الإناء- لا يوجب صرف الإطلاق فی الأحكام الوضعيّة كالنجاسة و الطهارة التی هی بمنزلة العوارض الخارجيّة، فالأقوى ما ذكره فی المتن من بقائها على النجاسة إلى الأبد، و إن سقطت عن الفائدة. انتهی.

نعم هذا مجرد فرض لا واقع له، إذ مع عدم إمكان جعل التراب فيه، كيف يمكن ولوغ الكلب بإدخال لسانه.

ثم قال الماتن: «إلّا عند من يقول بسقوط التعفير في الغسل بالماء الكثير.» سیأتی البحث فی مسألة 13 فی الغسل بالماء الکثیر و الجاری. و ما سبق شرط فی الغسل بالماء القلیل.

«مسألة 10: لا يجری حكم التعفير في غير الظروف ممّا تنجّس بالكلب، و لو بماء ولوغه أو بلطعه، نعم لا فرق بين أقسام الظروف في وجوب التعفير حتّى مثل الدلو لو شرب الكلب منه، بل و القربة و المطهرة و ما أشبه ذلك

ذکر الفقهاء ان المدار فی وجوب التعفیر صحیحة البقباق[3] التی سأل الإمام علیه السلام عن الْكَلْبِ‌ فَقَالَ:‌ رِجْسٌ‌ نِجْسٌ‌ لاَ تَتَوَضَّأْ بِفَضْلِهِ‌ وَ اصْبُبْ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءَ‌ وَ اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌ أَوَّلَ‌ مَرَّةٍ‌ ثُمَّ‌ بِالْمَاءِ‌. و الموضوع فیها و إن کان فضل الکلب و هو ما تبقی من شربه فیدل علی نجاسة مطلق ملاقیه سواء کان ظرفاً او غیره و سواء کان الظرف إناءً أی ما یؤکل فیه و یشرب ام لا الّا ان مرجع الضمیر فی قوله «اغْسِلْهُ» مجمل فیحتمل امور ثلاثة:

    1. مطلق ملاقی الكلب و ان کان مثل الثوب و البدن مما لم يقل أحد مضافا الى ظهور قوله علیه السلام «و اصبب ذلك الماء» فی ان موردها ما یتعارف عادتاً شرب الکلب منه و يكون فيه ماء الولوغ.

    2. مطلق الظرف الذی يمكن جعل الماء فيه و لو لم يعدّ للأكل و الشرب كالدّلو و القربة و المطهرة و فیه لصدق عنوان فضل الماء و الإفراغ منه.

    3. خصوص الظرف المعدّ للأكل و الشرب المسمى بالآنیة.

و الاستاد یقول بأن الظاهر خصوص الأخير لجريان العادة على شرب الكلب أو أكله منه فذکر الاختصاص لذلک و علی تقدیر الإجمال یؤخذ بالقدر المتیقن و هو خصوص الإناء فلا یجب التعفیر فی مثل البدن کما اذا شرب من ید الإنسان او الدلو او القربة و کذلک القربة و الدلو.

لکن الجواهر استظهر الشمول للقسم الثانی. و به قال الحکیم حتی فی مثل الحوض الصغیر. نعم الصب قد يقتضی اختصاصه بالظروف العادیة إلا أن يكون المراد به إخلاء الظرف بأی وجه اتفق فیشمل مثل الحیاض الصغار. و خص الاستاد بالأوانی مؤيداً ذلك بالنبويات و الفقه الرضوی. و الانصاف شمول ما فی صحیحة البقباق لمثل الدلو و القربة و المطهرة.

مسألة 11: لا يتكرّر التعفير بتكرّر الولوغ من كلب واحد أو أزيد، بل يكفي التعفير مرّة واحدة.

هکذا الحال فیما اذا تکرر ملاقات النجاسات و الوجه فیه أن الأمر بالتطهير لا يكون حكما تكليفيّاً حتی یقال بتکرر التکلیف لکل مرة من موجبات التکلیف لأن الأصل عدم تداخل في الأسباب و لا المسببات، بل هو إرشاد إلى نجاسة النجس و طهارة الملاقی بالغسل بالماء وحده أو بضميمة التعفير و لا فرق في ذلك بين ملاقاة النجس مرة واحدة أو مرات عديدة، إذ ليست هناك تكليف مولوی کما نقول بالتعدد فی الأوامر المولویة کالأمر بالکفارة إذا جامع في نهار رمضان أو أتى بمفطر آخر (بناءً علی کون العنوان مشیراً الی نفس العمل) و السرّ فیه ان الأوامر الإرشادية بمنزلة الإخبار عن شيء مثل الإخبار عن غسل الإناء فانه ارشاد الی تحقق النجاسة، فان مقتضى الفهم العرفی عدم تكرار النجاسة بتكرار سببها فی محل واحد فان النجس لا يتنجس ثانياً، بنجاسة جدیدة فی نظر العرف کما ان الظاهر لا یتطهر ثانیاً بتکرار الغسل.

هذا مضافاً الی ان موضع الحکم فی المقام عنوان «فضل الکلب» هو اسم جنس لا یفرق فیه بین تعدد الشرب و وحدته.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مصباح الفقیه، الهمدانی، رضا بن محمد هادی، المتوفی: ۱۳۲۲ ه.ق. المؤسسة‌ الجعفریة‌ لأحیا‌ء التراث‌ بقم، ۱۳۷۶ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

 


[1] العروة الوثقى، ج1، ص223.
[2] مصباح الفقیه، ج8، ص414.
[3] وَ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنْ‌ حَرِيز عَنِ‌ اَلْفَضْلِ‌ أَبِي الْعَبَّاسِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ فَضْلِ‌ الْهِرَّةِ‌ وَ الشَّاةِ‌ وَ الْبَقَرَةِ‌ وَ الْإِبِلِ‌ وَ الْحِمَارِ وَ الْخَيْلِ‌ وَ الْبِغَالِ‌ وَ الْوَحْشِ‌ وَ السِّبَاعِ‌ فَلَمْ‌ أَتْرُكْ‌ شَيْئاً إِلاَّ سَأَلْتُهُ‌ عَنْهُ‌ فَقَالَ‌ لاَ بَأْسَ‌ بِهِ‌ حَتَّى انْتَهَيْتُ‌ إِلَى الْكَلْبِ.‌ فَقَالَ‌: رِجْسٌ‌ نِجْسٌ‌ لاَ تَتَوَضَّأْ بِفَضْلِهِ‌ وَ اصْبُبْ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءَ‌ وَ اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌ أَوَّلَ‌ مَرَّةٍ‌ ثُمَّ‌ بِالْمَاءِ‌. وسائل ‌الشیعة، باب1 من أبواب الأسآر، ح4، ج1، ص226.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo