< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- الإناء الذی ولغ فیه الکلب- عدم وجوب طهارة التراب الّذي يعفّر به- الإناء الذی لا يمكن مسحه بالتراب.

 

مسألة 8: التراب الّذي يعفّر به يجب أن يكون طاهراً قبل الاستعمال.

مسألة 9: إذا كان الإناء ضيّقاً لا يمكن مسحه بالتراب فالظاهر كفاية جعل التراب فيه و تحريكه إلى أن يصل إلى جميع أطرافه، و أمّا إذا كان ممّا لا يمكن فيه ذلك فالظاهر بقاؤه على النجاسة أبداً إلّا عند من يقول بسقوط التعفير في الغسل بالماء الكثير.[1]

ذکر الحکیم: انه المشهور بل لم یحک الخلاف فیه الا عن الاردبیلی و بعض من تبعه و العمدة دعوی انصراف النص الیه بنحو یوجب تعينه، لا بنحو يوجب رفع الإطلاق، ليكون المرجع استصحاب مطهرية التراب قبل طروء النجاسة عليه، الحاكم على استصحاب نجاسة الإناء. اللهم إلا أن يقال: استصحاب المطهرية من قبيل الاستصحاب التعليقي و جريانه محل إشكال. إلا أن يقال: العمدة في الاشكال عليه معارضته بالاستصحاب التنجيزي اعنی استصحاب نجاسة الإناء، و بعد التساقط يكون المرجع قاعدة الطهارة. مع أن في كون الاستصحاب المذكور من التعليقي إشكالاً. ثمَّ‌ إن هذا كله مبني على اعتبار عدم المزج بالماء، أما بناءً على اعتبار المزج به، فلا بد من طهارة التراب، إذ مع نجاسته ينجس الماء مع أنه لا ريب في اعتبار طهارة الماء.[2] انتهی.

و السید الاستاد منع من دعوی انصراف النص کقوله علیه السلام «اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌ أَوَّلَ‌ مَرَّةٍ»[3] الی خصوص الظاهر من التراب لمکان اطلاقه. و اما دعوی کون التراب فی المقام مطهراً كالماء و المرتكز فی الأذهان أنّ‌ فاقد الشیء لا يكون معطيا له حتى فی أمثال المقام من الأمور الاعتبارية أعنى الطهارة و النجاسة فیرد علیه عدم ثبوت كون التراب مطهراً في التعفير، بل هو من شرائطه. و ذلک لان المراد من قوله عليه السلام: «اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌» ان کان هو المسح به بان يكون التراب مطهرا للإناء كالماء أمکن القول باشتراط طهارة التراب، إما لأجل القاعدة الماضیة «ان المعطی لشیء لا یکون فاقداً له» و إما لدعوی کون التراب أحد الطهورين. و الطهور، الطاهر بنفسه و المطهر لغيره.

و کلا الأمرین غیر خال عن المناقشة؛

أما الأول: فلإمکان دعوی منع جریان تلک القاعدة فی الأمور الاعتباریة خصوصاً فیما لا یتعقبه طهارة المحل کالتعفیر فی المقام اذ یمکن دعوی کون التعفیر موجباً لتخفیف النجاسة لا حصول الطهارة کما هو واضح اذ الطهارة لا تحصل بمجرد التعفیر و ان امکن دعوی کونه موجباً للتخفیف.

و أما الثانی: فلإمکان دعوی ارادة الطهارة الحدثیة من کون التراب احد الطهورین لا لرفع الخبث و حصول الطهارة. ثم ان هذا الایراد علی تقدیر کون المراد من قوله عليه السلام: «اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌» هو المسح به بأن یکون نفس التراب مطهراً سواء امتزج بالماء ام لم تمزج.

و أما اذا کان المراد من قوله عليه السلام: «اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌» هو الاستعانة بالتراب فی الغسل کما اخترناه بأن یکون التراب من الشرائط الخارجیة لتأثیر الماء فی الطهارة کالورود المتقدم بحثه او اطلاق الماء و نحوهما من الشرائط الدخیلة فی تأثیر الماء فی الطهارة فعلیه لا دلیل علی اشتراط طهارة التراب بل المعتبر طهارة الماء المزیل لأثر التراب. و أما طهارة نفس التراب الذی یمسح به الإناء بالماء الطاهر فلا. و ذلک لأن عملیّة المسح بالتراب تکون من مقدمات التطهیر بالماء و لیست جزء للمطهّر و بالجملة لم یتم دلیل علی اعتبار طهارة نفس التراب.

«مسألة 9: إذا كان الإناء ضيّقاً لا يمكن مسحه بالتراب فالظاهر كفاية جعل التراب فيه و تحريكه إلى أن يصل إلى جميع أطرافه، و أمّا إذا كان ممّا لا يمكن فيه ذلك فالظاهر بقاءها على النجاسة أبداً»

ذکر سیدنا الحکیم: انه بناءً علی ما استظهرناه من ادلة الغسل بالتراب إرادة مزجه بالماء بنحو يصير مائعاً بالعرض فكفایة جعل التراب فیه و تحریکه ظاهرة جداً.

و أما السید الاستاد یحکم بکفایة جعل التراب فی الظرف و صب الماء فیه ثم تحریکه بشدة و عنف الی أن يصل التراب المخلوط بالماء الى جميع جوانب الظرف لصدق التعفير بالتراب حینئذ و لم يرد فی الروايات عنوان المسح باليد و لا بغیرها بل ورد عنوان الغسل بالتراب و هو صادق. فهذا العملیّة و التراب بالمسح بالتراب وقع في كلام الأصحاب.

و أما اذا لم یمکن مثل هکذا العملیّة فی الإناء إما لضیق فمه او لرقته او کونه مما یفسده التراب فهل یسقط التعفیر فیه و یکتفی فیه بالغسل بالماء ام تبقی علی نجاسته الی الأبد؟ الظاهر هو الثانی لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه فتکون حال التعفیر فیه کحال فقدان الماء لتطهیر المتنجس. و دعوی لزوم تعطیل الظرف و هو مشقّة و ضرر فینفی بقاعدة نفی الضرر، مدفوعة؛ اوّلاً: بالنقض بما لو تعذر الغسل بالماء و لم يقل أحد بحصول الطهارة حینئذ. و ثانياً: إن أدلة الحرج و الضرر لا ترفع النجاسة التي هی من الأحكام الوضعيّة و إنّما یرفع بها الأحكام الإلزاميّة التکلیفیة من الوجوب و الحرمة كحرمة الشرب و الأكل في الأوانی الّتی يتحقق الحرج فی ترك استعمالها مع ان المدار علی الضرر الشخصی لا النوعی. و بعبارة أخری لا یختص حکم التعفیر الذی ارشاد الی الطهارة بصورة التمكن من تحصيل الشرط بل هی بمنزلة الاخبار بأن طهارة المتنجّس مشروطة بالتعفير فان المشروط ینتفی بانتفاء شرطه سواء أمكن تحصيل الشرط أم لم یمکن.

و عن المحقق الهمدانی تبعاً لصاحب الجواهر و شیخه کاشف الغطاء دعوی انصراف ادلة اعتبار التعفیر فی مثل الفرض الذی یتعذر التعفیر فیه لا لعارض خارجی کفقد التراب بل لأجل عروض أمر علی أصل وضع الإناء کما فی الأوانی النفیسة التی یفسدها التعفیر او الإناء الضیق الفم الذی يفسد بكسره، فيدّعى ظهور نصوص التعفیر فی الأوانی الممكنة التعفير فیها فتبقى الأوانی المتنجسة بغير الولوغ أو المتنجسة بالولوغ من كفاية الغسل من دون فرق بين كون الأوامر نفسيّة أو إرشادية.

لکن فیه ان عدم إمكان التطهير سواء كان لعارض خارجي كفقد الماء أو داخلی كضيق فم الإناء لا يوجب صرف الإطلاق في الأحكام الوضعيّة كالنجاسة و الطهارة التین هما بمنزلة العوارض الخارجيّة، فالأقوى بقاء نجاستها إلى الأبد. و لکن الذی يسهّل الخطب انه مع هذا الفرض کیف ولغ الکلب فی الإناء.

قال الماتن: «إلّا عند من يقول بسقوط التعفير في الغسل بالماء الكثير

هذا ینافی القول بلزوم التعفیر حتی فی الماء الکثیر. نعم ذکر الوالد المرحوم: «ان اطلاق دلیل «طهارة المطر و کل ما رآه المطر فهو طاهر» یوجب طهارة الإناء.»

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسک العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.

 


[1] العروة الوثقى، ج1، ص223.
[2] مستمسک العروة الوثقی، ج2، ص30.
[3] وَ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ حَمَّادٍ عَنْ‌ حَرِيز عَنِ‌ اَلْفَضْلِ‌ أَبِي الْعَبَّاسِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ فَضْلِ‌ الْهِرَّةِ‌ وَ الشَّاةِ‌ وَ الْبَقَرَةِ‌ وَ الْإِبِلِ‌ وَ الْحِمَارِ وَ الْخَيْلِ‌ وَ الْبِغَالِ‌ وَ الْوَحْشِ‌ وَ السِّبَاعِ‌ فَلَمْ‌ أَتْرُكْ‌ شَيْئاً إِلاَّ سَأَلْتُهُ‌ عَنْهُ‌ فَقَالَ‌ لاَ بَأْسَ‌ بِهِ‌ حَتَّى انْتَهَيْتُ‌ إِلَى الْكَلْبِ‌ فَقَالَ‌ رِجْسٌ‌ نِجْسٌ‌ لاَ تَتَوَضَّأْ بِفَضْلِهِ‌ وَ اصْبُبْ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءَ‌ وَ اغْسِلْهُ‌ بِالتُّرَابِ‌ أَوَّلَ‌ مَرَّةٍ‌ ثُمَّ‌ بِالْمَاءِ‌. وسائل ‌الشیعة، باب1 من أبواب الأسآر، ح4، ج1، ص226.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo